انخفاض درجات الحرارة في الشتاء وتأثيره على النوم
انخفاض درجات الحرارة في الشتاء وتأثيره على النوم
يكون غير مستقر في الأجواء الباردة ويصاحبه القلق
أ. د. أحمد سالم باهمام
خلال فصل الشتاء تنخفض درجات الحرارة وتتأثر بذلك صحة الإنسان بصور مختلفة ندرك الكثير منها مثل زيادة الإصابة بنزلات البرد والزكام والإنفلونزا، ولكن السؤال الذي لم يناقشه أحد في السابق هل تؤثر درجات الحرارة الخارجية في النوم أو وظائف النوم؟ تؤكد الدراسات العلمية على أنه حتى أثناء النوم، يظل جسم الإنسان حساسًا لدرجة حرارة الهواء المحيط. كما بينت الدراسات أن نوم الشخص شبه عاري ينتج عنه تأثر مراحل النوم بالتعرض للبرد أكثر من التعرض للحرارة.
ويدرك القراء الكرام أن نومهم يكون متقطعًا وغير مستقر في الجو البارد، كما أن الرغبة في التبول تزداد، ولكن هل دُرِس هذا الموضوع بشكل علمي أو هل هناك تفسيرات علمية لهذه الأعراض؟
ورغم أهمية هذا السؤال، إلا أن الأبحاث في هذا المجال مازالت قليلة. ولكني سأحاول في هذا المقال أن استعرض ما نشر في هذا المجال في الدوريات العلمية، وأن أعرض للقارئ الكريم صورة مبسطة ولكن واضحة لما توصل له العلم في هذا المجال.
أجري عدد من الدراسات على نوم الحيوانات في الجو البارد، ولكن هذه الدراسات ربما لا تنطبق على الإنسان لأنها تجرى في أجواء لا يعيشها الإنسان الطبيعي. أما الدراسات التي أجريت على الإنسان في الجو البارد فهي نوعان، دراسات أجريت في المختبر وأخرى في أجواء باردة بالطبيعة مثل القطب المتجمد الجنوبي. وسنحاول أن نستعرض نتائج هذه الدراسات باختصار.
بينت الدراسات أن تأثر النوم بالبرودة يعتمد على المدة الزمنية التي يقضيها الإنسان في الجو البارد؛ فهناك آلية للتكيف حيث يتحسن النوم مع التعود على الأجواء الباردة. ولكن على العموم أظهرت الأبحاث أن النوم يكون غير مستقر في الجو البارد ويصاحب ذلك ازدياد في القلق. أما الدراسات التي قاست النوم موضوعيًا فقد أظهرت نقصًا في مرحلة الأحلام (حركة العينين السريعة REM Sleep) في الجو البارد في حين لم يتأثر النوم العميق (المرحلة الثالثة) كثيرًا. ومرحلة الأحلام مرحلة مهمة لوظائف المخ وهي تساعد على صفاء الذهن والتركيز في النهار. كما حدث زيادة في التبول وإفراز هرمونات التوتر مثل هرمون النورأدرينالين، وهذه هرمونات تزداد في حالات التوتر والإجهاد، كما أنها ترفع ضغط الدم، وهي في العادة تنخفض إلى أدنى مستوياتها خلال النوم. أي أن البرودة تغير فيزيولوجية النوم الطبيعية. ما سبق يبين أن النوم في الجو البارد يعتبر نوعًا من التوتر والإجهاد وهو ما يفسر نقص مرحلة حركة العينين السريعة وزيادة إفراز هرمونات التوتر وهو ما قد يفسر نظريًا زيادة الإصابة بالالتهابات عند النوم في جو بارد. الغريب في الأمر أن كثيرًا من هذا الظواهر تختفي عند تعوّد الإنسان النوم في الجو البارد (أي بعد مرور عدة ليال).
وفي مراجعة منهجية للدراسات التي تعرضت لهذا الموضوع نشرتها مؤسسة الصحة العامة إنجلترا عام 2014 https://assets.publishing.service.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/776497/Min_temp_threshold_for_ho mes_in_winter.pdf
وجد الباحثون أن النوم في درجة حرارة أقل من 18 درجة مئوية، له آثار صحية سلبية، مثل الزيادة في ضغط الدم وخطر الإصابة بجلطات الدم التي يمكن أن تؤدي إلى السكتات الدماغية والنوبات القلبية، خاصة عند كبار السن المصابين بأمراض مزمنة.
وأوصى الخبراء بأن لا تقل درجة الحرارة في المنازل أو أماكن العمل عن عتبة 18 درجة مئوية مهمة وخاصة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا أو الذين يعانون من أمراض مزمنة. وذكروا أن وجود درجات حرارة أعلى قليلاً من هذا الحد قد يكون مفيدًا للصحة.
أما بالنسبة لليل، فقد أوصى باحثو المراجعة المنهجية بالحفاظ على درجة حرارة لا تقل عن 18 درجة مئوية ووضحوا أن ذلك قد يكون مفيداً للصحة، خاصة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا أو الذين يعانون من حالات طبية سابقة يجب أن تستمر في استخدامها. كما بينوا ضرورة استخدام ما يكفي من الأغطية والملابس والبطانيات الحرارية أو وسائل التدفئة حسب الحاجة.
ما سبق يظهر أهمية أن تكون غرفة النوم دافئة وخاصة لكبار السن والأطفال لأن التغيرات السابقة قد تكون تأثيراتها أكبر في هذه الفئة السنية. كما أن لبس ملابس تساعد على التدفئة كالبيجامات طويلة الكم الثقيلة واستخدام البطانيات أمر مهم جدًا في الحفاظ على حرارة الجسم. وقد درس باحثون تأثير الملابس في النوم في الجو البارد دراسة علمية ووجدوا أن التغيرات السابقة الذكر تقل عند الذين يرتدون ملابس تحافظ على حرارة الجسم.
الرسالة التي نود إيصالها من خلال هذا المقال هي المحافظة على غرف النوم بصورة دافئة والحرص على ارتداء كبار السن الأطفال ملابس تساعدهم على حفظ حرارة أجسامهم في الليل والنهار.
الرياض
يكون غير مستقر في الأجواء الباردة ويصاحبه القلق
أ. د. أحمد سالم باهمام
خلال فصل الشتاء تنخفض درجات الحرارة وتتأثر بذلك صحة الإنسان بصور مختلفة ندرك الكثير منها مثل زيادة الإصابة بنزلات البرد والزكام والإنفلونزا، ولكن السؤال الذي لم يناقشه أحد في السابق هل تؤثر درجات الحرارة الخارجية في النوم أو وظائف النوم؟ تؤكد الدراسات العلمية على أنه حتى أثناء النوم، يظل جسم الإنسان حساسًا لدرجة حرارة الهواء المحيط. كما بينت الدراسات أن نوم الشخص شبه عاري ينتج عنه تأثر مراحل النوم بالتعرض للبرد أكثر من التعرض للحرارة.
ويدرك القراء الكرام أن نومهم يكون متقطعًا وغير مستقر في الجو البارد، كما أن الرغبة في التبول تزداد، ولكن هل دُرِس هذا الموضوع بشكل علمي أو هل هناك تفسيرات علمية لهذه الأعراض؟
ورغم أهمية هذا السؤال، إلا أن الأبحاث في هذا المجال مازالت قليلة. ولكني سأحاول في هذا المقال أن استعرض ما نشر في هذا المجال في الدوريات العلمية، وأن أعرض للقارئ الكريم صورة مبسطة ولكن واضحة لما توصل له العلم في هذا المجال.
أجري عدد من الدراسات على نوم الحيوانات في الجو البارد، ولكن هذه الدراسات ربما لا تنطبق على الإنسان لأنها تجرى في أجواء لا يعيشها الإنسان الطبيعي. أما الدراسات التي أجريت على الإنسان في الجو البارد فهي نوعان، دراسات أجريت في المختبر وأخرى في أجواء باردة بالطبيعة مثل القطب المتجمد الجنوبي. وسنحاول أن نستعرض نتائج هذه الدراسات باختصار.
بينت الدراسات أن تأثر النوم بالبرودة يعتمد على المدة الزمنية التي يقضيها الإنسان في الجو البارد؛ فهناك آلية للتكيف حيث يتحسن النوم مع التعود على الأجواء الباردة. ولكن على العموم أظهرت الأبحاث أن النوم يكون غير مستقر في الجو البارد ويصاحب ذلك ازدياد في القلق. أما الدراسات التي قاست النوم موضوعيًا فقد أظهرت نقصًا في مرحلة الأحلام (حركة العينين السريعة REM Sleep) في الجو البارد في حين لم يتأثر النوم العميق (المرحلة الثالثة) كثيرًا. ومرحلة الأحلام مرحلة مهمة لوظائف المخ وهي تساعد على صفاء الذهن والتركيز في النهار. كما حدث زيادة في التبول وإفراز هرمونات التوتر مثل هرمون النورأدرينالين، وهذه هرمونات تزداد في حالات التوتر والإجهاد، كما أنها ترفع ضغط الدم، وهي في العادة تنخفض إلى أدنى مستوياتها خلال النوم. أي أن البرودة تغير فيزيولوجية النوم الطبيعية. ما سبق يبين أن النوم في الجو البارد يعتبر نوعًا من التوتر والإجهاد وهو ما يفسر نقص مرحلة حركة العينين السريعة وزيادة إفراز هرمونات التوتر وهو ما قد يفسر نظريًا زيادة الإصابة بالالتهابات عند النوم في جو بارد. الغريب في الأمر أن كثيرًا من هذا الظواهر تختفي عند تعوّد الإنسان النوم في الجو البارد (أي بعد مرور عدة ليال).
وفي مراجعة منهجية للدراسات التي تعرضت لهذا الموضوع نشرتها مؤسسة الصحة العامة إنجلترا عام 2014 https://assets.publishing.service.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/776497/Min_temp_threshold_for_ho mes_in_winter.pdf
وجد الباحثون أن النوم في درجة حرارة أقل من 18 درجة مئوية، له آثار صحية سلبية، مثل الزيادة في ضغط الدم وخطر الإصابة بجلطات الدم التي يمكن أن تؤدي إلى السكتات الدماغية والنوبات القلبية، خاصة عند كبار السن المصابين بأمراض مزمنة.
وأوصى الخبراء بأن لا تقل درجة الحرارة في المنازل أو أماكن العمل عن عتبة 18 درجة مئوية مهمة وخاصة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا أو الذين يعانون من أمراض مزمنة. وذكروا أن وجود درجات حرارة أعلى قليلاً من هذا الحد قد يكون مفيدًا للصحة.
أما بالنسبة لليل، فقد أوصى باحثو المراجعة المنهجية بالحفاظ على درجة حرارة لا تقل عن 18 درجة مئوية ووضحوا أن ذلك قد يكون مفيداً للصحة، خاصة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا أو الذين يعانون من حالات طبية سابقة يجب أن تستمر في استخدامها. كما بينوا ضرورة استخدام ما يكفي من الأغطية والملابس والبطانيات الحرارية أو وسائل التدفئة حسب الحاجة.
ما سبق يظهر أهمية أن تكون غرفة النوم دافئة وخاصة لكبار السن والأطفال لأن التغيرات السابقة قد تكون تأثيراتها أكبر في هذه الفئة السنية. كما أن لبس ملابس تساعد على التدفئة كالبيجامات طويلة الكم الثقيلة واستخدام البطانيات أمر مهم جدًا في الحفاظ على حرارة الجسم. وقد درس باحثون تأثير الملابس في النوم في الجو البارد دراسة علمية ووجدوا أن التغيرات السابقة الذكر تقل عند الذين يرتدون ملابس تحافظ على حرارة الجسم.
الرسالة التي نود إيصالها من خلال هذا المقال هي المحافظة على غرف النوم بصورة دافئة والحرص على ارتداء كبار السن الأطفال ملابس تساعدهم على حفظ حرارة أجسامهم في الليل والنهار.
الرياض