سيرة الأسهم
سيرة الأسهم
عبدالله الجعيثن
وهي مثل (سيرة الحب).. فالحب يُصيب ويخيب.. وقد يكون حبًّا متبادلاً بين الطرفين.. لكن المشكلة إذا كان الحب من طرف واحد.. من المتداول فقط.. هذه مصيبة:
(وَمِنْ الْبَلِيَّة أنْ تُحِـ ـبَّ وَلاَ يُحِبُّكَ مَن تُحِبُّهْ)
وحب الأسهم من طرف واحد يعني مواصلة المتداول المضاربة على الأسهم رغم أنه يخسر في النهاية.. يحدوه أمل أقرب للوهم.. مثل المحب من طرف واحد لايزال لديه أمل.. يقول لعلّ وعسى.. ويجمع بين الاثنين التوتر والقلق وربما الأرق كما قال المتنبي:
(أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ)
ويبلغ حب الأسهم عند كثيرين أنهم يتضايقون في إجازات السوق، رابحين كانوا أم خاسرين، وكأنهم العاشق الذي لم يعُد يرى محبوبته، فرغم أن رؤيته المحبوبة التي لا تريده، فيها لذة وعذاب، إلّا أن المحب هنا، ومثله المتداول الخاسر، يظل يطارد ما يظنه ماء وهو سراب:
(وأمرُّ ما ألقاهُ من ألَـمِ الهوى قُرْبُ الحبيبِ وما إليه وصولُ
كالعِيْسِ في البيداءِ يَقتلها الظَّما والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ!!)
فهو يرى أسهماً ترتفع بقوة بينما أسهمه خاسرة أو واقفة في مكانها مقيمة ما أقام عسيب..
وسبب هذا الغرام بالأسهم، حتى للخاسرين، هو اعتياد متابعة شاشة الأسهم باستمرار، حتى يتحول ذلك الاعتياد إلى إدمان.. إدمان الأسهم الذي تُغذيه الإثارة ويحدوه أمل صادق أو كذوب.. لا يدري المضارب عن صدق أمله من كذبه حتى تمر فترة طويلة يتأكد فيها أنّ طريقته في التداول والمضاربة صائبة أو خائبة، حسب محصلة الأرباح أو الخسائر مقارنة بالوقت الكثير المهدور، والتوتر الكبير المصحوب بشدة المراقبة وسرعة التنقل بين الأسهم بلا دراسة مستفيضة ولا إحاطة بوضع الشركات التي يشتري فيها، فهذا يشتري سهماً لا شركة، ويحب ويكره على السماع لا على العيان، وربما يتبع توصيات الآخرين، ورسوم التحليل، غافلاً عن الأساسيات التي لها الأولوية دوماً..
اللهم ارزق عاشقي الأسهم المتيّمين وصالاً حلالاً يهنؤون فيه بالأرباح، ويعرفون الطريق السليم، وأرح المضاربين الخاسرين غالباً من (إدمان الأسهم) وحبّها الفاشل الذي لا يجنون منه إلّا القلق والتعب والخسائر.
الرياض
عبدالله الجعيثن
وهي مثل (سيرة الحب).. فالحب يُصيب ويخيب.. وقد يكون حبًّا متبادلاً بين الطرفين.. لكن المشكلة إذا كان الحب من طرف واحد.. من المتداول فقط.. هذه مصيبة:
(وَمِنْ الْبَلِيَّة أنْ تُحِـ ـبَّ وَلاَ يُحِبُّكَ مَن تُحِبُّهْ)
وحب الأسهم من طرف واحد يعني مواصلة المتداول المضاربة على الأسهم رغم أنه يخسر في النهاية.. يحدوه أمل أقرب للوهم.. مثل المحب من طرف واحد لايزال لديه أمل.. يقول لعلّ وعسى.. ويجمع بين الاثنين التوتر والقلق وربما الأرق كما قال المتنبي:
(أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ)
ويبلغ حب الأسهم عند كثيرين أنهم يتضايقون في إجازات السوق، رابحين كانوا أم خاسرين، وكأنهم العاشق الذي لم يعُد يرى محبوبته، فرغم أن رؤيته المحبوبة التي لا تريده، فيها لذة وعذاب، إلّا أن المحب هنا، ومثله المتداول الخاسر، يظل يطارد ما يظنه ماء وهو سراب:
(وأمرُّ ما ألقاهُ من ألَـمِ الهوى قُرْبُ الحبيبِ وما إليه وصولُ
كالعِيْسِ في البيداءِ يَقتلها الظَّما والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ!!)
فهو يرى أسهماً ترتفع بقوة بينما أسهمه خاسرة أو واقفة في مكانها مقيمة ما أقام عسيب..
وسبب هذا الغرام بالأسهم، حتى للخاسرين، هو اعتياد متابعة شاشة الأسهم باستمرار، حتى يتحول ذلك الاعتياد إلى إدمان.. إدمان الأسهم الذي تُغذيه الإثارة ويحدوه أمل صادق أو كذوب.. لا يدري المضارب عن صدق أمله من كذبه حتى تمر فترة طويلة يتأكد فيها أنّ طريقته في التداول والمضاربة صائبة أو خائبة، حسب محصلة الأرباح أو الخسائر مقارنة بالوقت الكثير المهدور، والتوتر الكبير المصحوب بشدة المراقبة وسرعة التنقل بين الأسهم بلا دراسة مستفيضة ولا إحاطة بوضع الشركات التي يشتري فيها، فهذا يشتري سهماً لا شركة، ويحب ويكره على السماع لا على العيان، وربما يتبع توصيات الآخرين، ورسوم التحليل، غافلاً عن الأساسيات التي لها الأولوية دوماً..
اللهم ارزق عاشقي الأسهم المتيّمين وصالاً حلالاً يهنؤون فيه بالأرباح، ويعرفون الطريق السليم، وأرح المضاربين الخاسرين غالباً من (إدمان الأسهم) وحبّها الفاشل الذي لا يجنون منه إلّا القلق والتعب والخسائر.
الرياض