علاجات السكري والسمنة تختلف باختلاف حالات المرضى
علاجات السكري والسمنة تختلف باختلاف حالات المرضى
خبراء سعوديون ودوليون ناقشوا المستجدات في مؤتمر «الشرق الأوسط ـ 20»
د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
اختتمت، في مدينة جدة السعودية مساء أمس الخميس، جلسات مؤتمر «الشرق الأوسط - 20 للسكري والسمنة» الذي نظمته «الجمعية العلمية السعودية لمرضى السكري» برعاية شركة «نوفو نوردسك» العالمية. وشارك في المؤتمر أطباء وخبراء ومتحدثون من داخل المملكة وخارجها ناقشوا آخر المستجدات في مجالي السكري والسمنة عبر 11 جلسة و3 ورشات.
وأوضح عميد كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز البروفسور محمود شاهين الأحول، في المؤتمر الصحافي الذي حضرته «صحتك» بـ«الشرق الأوسط»، أن السكري والسمنة في السعودية وفي الدول العربية بصفة عامة أصبحا الآن وباءً، وأكد أن علاج هذا الوباء سهل جداً؛ وذلك بالوقاية منه من خلال التحكم في تغيير نمط الحياة من ناحية؛ ونوعية الغذاء والرياضة من ناحية أخرى.
- دليل علاجي
أوضح الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشيخ، رئيس المؤتمر رئيس «الجمعية العلمية السعودية لداء السكري» أستاذ الأمراض الباطنية والغدد الصماء بجامعة الملك عبد العزيز، أنه «تم التركيز على أحدث الوسائل العالمية فاعلية في علاج السمنة والسكري ومدى تأثيرها على المرضى في مجتمعنا». وتفيد بعض الدراسات الرسمية والمحلية بشأن العلاج إلى أن أجسام الناس لا يتشابه بعضها مع بعض، وإنما توجد بينهم اختلافات، فمثلاً تأثير العلاج في الدنمارك أو أميركا يختلف عن تأثير العلاج في السعودية، وهذا ما تطرق له المؤتمر من خلال طرح عدد من الدراسات المحلية.
وأضاف أنه «لا يوجد لدينا في المملكة دليل علاجي للسمنة ولمرض السكري، الأمر الذي يستهدفه هذا المؤتمر بضرورة توافر دليل علاجي لمرضي السكري والسمنة، وقد سلط المؤتمر الضوء على العلاجات المتاحة للسمنة ومدى فائدة وصفها للمرضى في مجتمعنا».
وأفاد بأنه «سيتم نشر بعض الأبحاث التي تم إجراؤها محلياً عن مدى تأثير العلاج السلبي والإيجابي، كما سيتم تنظيم ورشات عمل ومحاضرات عدة لمرضى السمنة والسكري في مجال الوقاية وعلاج المضاعفات في العيون والكلى والأطراف العصبية، ونوعية الخيارات التي يمكن أن يستخدمها الأطباء علاجاً لتلك المضاعفات».
- مؤشرات حديثة
وأوضح لـ«صحتك» الأستاذ الدكتور سعود السفري، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر رئيس قسم الغدد الصماء والسكري في مستشفيات القوات المسلحة بالهدا والطائف، أن «السمنة أصبحت مرضاً منتشراً جداً على المستوى العالمي، فهناك أكثر من 23 في المائة من المصابين إما بزيادة في الوزن أو السمنة. وبالنسبة لمنطقة الخليج، تتجاوز النسبة 30 في المائة بين سمنة وزيادة في الوزن. أما في المملكة، فهناك 34 في المائة من أفراد المجتمع يعانون من السمنة بدرجاتها كافة، ونسبة 40 في المائة أخرى لزيادة الوزن، وعليه؛ فنسبة 74 في المائة تقريباً من المجتمع السعودي تعاني إما من زيادة في الوزن أو مرض السمنة».
وأضاف الأستاذ الدكتور سعود السفري أن «هذا المؤتمر هو السابع، والذي بدأ تجمعاً لدول منطقة الشرق الأوسط عام 2013، وأصبحت مدة المؤتمر الآن 4 أيام بدأت بورشات علمية مختصة في أمراض الغدة الدرقية وطرق علاجها، وأمراض الكولسترول والدهون وتصلب الشرايين وطرق العلاج، وورشة مختصة في مرض السمنة وطرق علاجه المختلفة، بالإضافة إلى أكثر من 32 ورقة علمية وبحثاً تم نقاشها أثناء المؤتمر. وضم المؤتمر نقاشات حوارية فيما يسمى (لقاء الخبراء) الذي شارك فيه 6 خبراء من خارج المملكة، طرحت فيها كثير من المحاور حول السمنة ومشكلاتها وطرق العلاج الحديثة وطرق الوقاية منها، بغية الوصول إلى توصيات في نهاية هذه النقاشات».
- السمنة والخصوبة والإنجاب
وتحدث لـ«صحتك» الدكتور أحمد عبد المجيد، استشاري التوليد وأمراض النساء في «مستشفى فقيه» وأحد المشاركين في المؤتمر، عن أن «للسمنة تأثيراً على صحة المرأة كامرأة؛ وعلى حالة القلب وحالة الأوعية الدموية، ولها علاقة بالضغط وبالسكر وبالأورام النسائية والحالة النفسية والحالة المزاجية للمرأة. كما أن لها تأثيراً قبل حدوث الإنجاب، وحين تأخر الحمل، وأثناء الحمل، وبعد الولادة».
وبالنسبة للحالة الإنجابية للمرأة؛ «فللسمنة دور كبير جداً في بعض المشكلات التي تؤدي إلى تأخر الحمل؛ أولاها انقطاع الطمث، فكلما زاد الوزن بصورة كبيرة جداً؛ أدى ذلك إلى انقطاع الطمث أو اضطرابات الدورة الشهرية، بنسبة طردية. أما تكيس المبيض، فالسمنة تقلل من إفراز بعض البروتينات التي تتم عن طريق الكبد نتيجة ارتفاع نسبة الإنسولين وزيادة هرمونات الذكورة في الدم، وهذا يؤدي إلى اضطراب في وظائف المبيض. ويلاحظ أن تكيس المبيض يزداد انتشاره في الدول التي تنتشر فيها حالات السمنة مثل الولايات المتحدة وتركيا والوطن العربي عموماً ومنه السعودية، بعكس دول مثل الصين حيث تقل السمنة، وبالتالي نجد أن انتشار تكيس المبيض قليل جداً».
وأيضاً «تؤثر زيادة السمنة على مدى استقبال أو استجابة المبيض لمنشطات التبويض لإحداث الحمل. وبعد حدوث الحمل، تعدّ السمنة عاملاً مؤثراً ورئيسياً في حالات ارتفاع ضغط الدم المصاحب للحمل (تسمم الحمل)، ولها علاقة مباشرة بزيادة حجم الجنين وبالتالي زيادة نسبة الولادة القيصرية. أما بعد الحمل، فتعدّ السمنة سبباً مباشراً في زيادة نسبة حدوث التجلطات بعد الولادة بالساقين وانتقالها إلى الرئة، كما أن لها عاملاً مباشراً فيما يسمى «ارتفاع درجة الحرارة بعد الولادة (حمى النفاس)... والمحافظة على الوزن المثالي للمرأة تبدأ من أول فترة البلوغ وخلال فترة انقطاع الطمث وحتى بعد انقطاعه. إننا نستهدف إنقاص الوزن بنسبة 10 في المائة حداً أدنى قبل حدوث الحمل لحماية المرأة من مشكلات السمنة العديدة، كارتفاع الضغط والسكري أثناء الحمل، وتكون حالتها الصحية أثناء الحمل وبعد الولادة أفضل، وأيضاً يكون وضع طفلها أفضل».
- مستجدات العلاج
يقول الدكتور حسين سعد البدوي، استشاري الغدد الصماء والسكري والاستقلاب رئيس قسم الغدد الصماء في «مجمع عيادتي» بجدة وهو أول طبيب سعودي يحصل على البورد الأميركي في علاج السمنة بطرق غير جراحية وأحد المتحدثين في المؤتمر، إن «من بين الأدوية الحديثة العقار الجديد (سيماجلوتايد Semaglutide) لمرض السكري الذي ينظم مستويات السكر في الدم، ويساعد أيضاً الأشخاص على إنقاص وزنهم بشكل كبير. وقد اعتمد مؤخراً من قبل (هيئة الدواء والغذاء السعودية)، علاجاً للسكري من النوع الثاني مع النظام الغذائي والرياضة، بعد أن حقق نجاحاً باهراً في الولايات المتحدة الأميركية خلال السنتين الماضيتين».
ويُصنف هذا الدواء ضمن فصيلة هرمونات «إنكريتين (Incretin)» التي تعمل على مركز الشبع، فالإنسان الطبيعي بعد وصول شحنة من الطعام إلى معدته يبدأ جهازه الهضمي بإفراز بعض الهرمونات التي تذهب إلى مركز الشبع في الدماغ لتقليل عملية الجوع وإيقاف عملية الأكل المستمر. وهذه المادة قبل اكتشافها وتصنيعها عقاراً لداء السكري كانت في البداية قصيرة المفعول، وكانت تحتاج إلى حقنتين في اليوم، ثم أتت شركة أخرى وأصدرت دواء «ليراجلوتايد (liraglutide)» الذي يظل مفعوله لمدة 24 ساعة فيُعطى حقنة يومياً، ثم استمرت الشركة نفسها في تطوير منتجها إلى أن وصلت إلى هذا الدواء المعروف بـ«سيماجلوتايد» والذي يحمل خاصية المفعول طويل المدى الأسبوعي، وبالتالي، فإن الحقنة الواحدة تظل في جسم المريض لما يعادل 7 أيام، مما يقلل عدد الوخز ويساعد المريض على انتظام السكر. ومن خواص عمل هذا الدواء أنه لا يبدأ مفعوله إلا في ظل وجود ارتفاع في مستويات السكر، فيقوم حينها بتحفيز الخلايا المصنّعة للإنسولين الإنساني من البنكرياس للتحكم بكمية السكر. وعند انتظام السكر أو انخفاضه لا يعمل الدواء على خفض السكر فوق أو أقل مما هو عليه فيعطي عنصر أمان للمريض الذي يخشى من الهبوط المتكرر.
ويضيف الأستاذ الدكتور سعود السفري أن «هناك أنواعاً متعددة من طرق عمليات إنقاص الوزن، وطرق مختلفة من التدخل بما يشبه الجراحة لإنقاص الوزن، وأدوية عديدة؛ وآخرها هذا الدواء الفعال (سيماجلوتايد) الذي يُعطى عن طريق الحقن تحت الجلد مرة كل أسبوع، وقد اعتمد مؤخراً في السعودية لعلاج السمنة. تم التباحث في طرق ووسائل السلامة المرتبطة بها. وثبت أن أغلب هذه الإجراءات والأدوية آمنة جداً، وأصبحت الآن في متناول المرضى. ونؤكد على أن الطبيب هو من يحدد العلاج المناسب».
- توصيات المؤتمر
- وضع مؤشر كتلة الجسم بوصفه من العلامات الحيوية التي يتم أخذها لكل مريض يراجع العيادات والمستشفيات وطريقة مثلى للتشخيص المبكر للسمنة، مثله مثل مؤشرات الحرارة وضغط الدم ونبضات القلب.
- تفعيل النشاط البدني ونمط الغذاء الصحي.
- توفير المأكولات الصحية بأسعار في متناول اليد للتغلب على مشكلة ندرة الغذاء الصحي وارتفاع ثمنه مقارنة بالوجبات التي نسميها غير جيدة.
- عدم الأخذ أو التفاعل مع الإعلانات الواردة في وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يتم تداوله بين الناس؛ سواء ما يختص بالأعشاب أو الخلطات التي يسعى الناس لإنقاص وزنهم عن طريقها، والرجوع للطبيب لاختيار العلاج والطريقة المناسبة سواء الجراحية أو الأدوية المخصصة.
- التأكيد على أن السمنة ليست ظاهرة متعلقة بالشكل الجمالي، ولكنها مرض يعادل غيره من الأمراض، وله مضاعفات كثيرة، فبالقضاء على المضاعفات يتم القضاء على المرض.
- استراتيجيات علاج السمنة
يقول الدكتور حسين البدوي إن أحدث استراتيجيات علاج السمنة تتلخص في التالي:
> الحمية وزيادة معدل الحركة: خط العلاج الأول لإنقاص الوزن، والذي يحتاج إلى صبر ومثابرة على نمط الحياة الجديد.
> العلاج بالعقاقير والأدوية الحديثة: أهمها ما يختص بتقليل الشهية أو تثبيطها، وأيضاً المساعدة على الشبع المبكر. لقد كانت معظم الأدوية سابقاً تتقصد التخلص من الطاقة الفائضة أو من الدهون المكتسبة من الطعام عن طريق عملية الإخراج السريع، فكانت ضعيفة الفعالية. والمستقبل مبشر من ناحية التطور في علم الصيدلة وفي اكتشاف كثير من المركبات التي بإذن الله سوف تعين مرضى السمنة على التحكم في هذا الداء.
> العلاج الجراحي للسمنة: وهو من العلاجات الموثقة بفعاليتها في التحكم في الوزن على المدى الطويل وفي التحكم في الأمراض المزمنة كالسكري والضغط المستعصي. وتتم إحالة مريض السمنة إلى الجراحة عندما يستعصي وصوله إلى الوزن المناسب أو الوزن المتوقع باستعمال العلاجات والعقاقير المصرح بها والتي تخفض الوزن عادة بنحو 10 في المائة حداً أقصى. إلا إن بعض المرضى يحتاجون لإنقاص أوزانهم بما بين 20 و25 و30 في المائة للتخلص من السمنة. كما تتم إحالة المرضى المصابين بالسمنة الذين لديهم أحد مضاعفات السمنة مثل داء السكري من النوع الثاني. وهناك توصيات من الجمعيات العلمية المختصة بداء السكري والجمعيات العلمية في طب الجراحة تنص على تفضيل العملية الجراحية علاجاً للسمنة على العلاجات بالأدوية التي تصنف في عالم طب السمنة بـ«العلاج اللاجراحي».
الشرق الأوسط
خبراء سعوديون ودوليون ناقشوا المستجدات في مؤتمر «الشرق الأوسط ـ 20»
د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
اختتمت، في مدينة جدة السعودية مساء أمس الخميس، جلسات مؤتمر «الشرق الأوسط - 20 للسكري والسمنة» الذي نظمته «الجمعية العلمية السعودية لمرضى السكري» برعاية شركة «نوفو نوردسك» العالمية. وشارك في المؤتمر أطباء وخبراء ومتحدثون من داخل المملكة وخارجها ناقشوا آخر المستجدات في مجالي السكري والسمنة عبر 11 جلسة و3 ورشات.
وأوضح عميد كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز البروفسور محمود شاهين الأحول، في المؤتمر الصحافي الذي حضرته «صحتك» بـ«الشرق الأوسط»، أن السكري والسمنة في السعودية وفي الدول العربية بصفة عامة أصبحا الآن وباءً، وأكد أن علاج هذا الوباء سهل جداً؛ وذلك بالوقاية منه من خلال التحكم في تغيير نمط الحياة من ناحية؛ ونوعية الغذاء والرياضة من ناحية أخرى.
- دليل علاجي
أوضح الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشيخ، رئيس المؤتمر رئيس «الجمعية العلمية السعودية لداء السكري» أستاذ الأمراض الباطنية والغدد الصماء بجامعة الملك عبد العزيز، أنه «تم التركيز على أحدث الوسائل العالمية فاعلية في علاج السمنة والسكري ومدى تأثيرها على المرضى في مجتمعنا». وتفيد بعض الدراسات الرسمية والمحلية بشأن العلاج إلى أن أجسام الناس لا يتشابه بعضها مع بعض، وإنما توجد بينهم اختلافات، فمثلاً تأثير العلاج في الدنمارك أو أميركا يختلف عن تأثير العلاج في السعودية، وهذا ما تطرق له المؤتمر من خلال طرح عدد من الدراسات المحلية.
وأضاف أنه «لا يوجد لدينا في المملكة دليل علاجي للسمنة ولمرض السكري، الأمر الذي يستهدفه هذا المؤتمر بضرورة توافر دليل علاجي لمرضي السكري والسمنة، وقد سلط المؤتمر الضوء على العلاجات المتاحة للسمنة ومدى فائدة وصفها للمرضى في مجتمعنا».
وأفاد بأنه «سيتم نشر بعض الأبحاث التي تم إجراؤها محلياً عن مدى تأثير العلاج السلبي والإيجابي، كما سيتم تنظيم ورشات عمل ومحاضرات عدة لمرضى السمنة والسكري في مجال الوقاية وعلاج المضاعفات في العيون والكلى والأطراف العصبية، ونوعية الخيارات التي يمكن أن يستخدمها الأطباء علاجاً لتلك المضاعفات».
- مؤشرات حديثة
وأوضح لـ«صحتك» الأستاذ الدكتور سعود السفري، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر رئيس قسم الغدد الصماء والسكري في مستشفيات القوات المسلحة بالهدا والطائف، أن «السمنة أصبحت مرضاً منتشراً جداً على المستوى العالمي، فهناك أكثر من 23 في المائة من المصابين إما بزيادة في الوزن أو السمنة. وبالنسبة لمنطقة الخليج، تتجاوز النسبة 30 في المائة بين سمنة وزيادة في الوزن. أما في المملكة، فهناك 34 في المائة من أفراد المجتمع يعانون من السمنة بدرجاتها كافة، ونسبة 40 في المائة أخرى لزيادة الوزن، وعليه؛ فنسبة 74 في المائة تقريباً من المجتمع السعودي تعاني إما من زيادة في الوزن أو مرض السمنة».
وأضاف الأستاذ الدكتور سعود السفري أن «هذا المؤتمر هو السابع، والذي بدأ تجمعاً لدول منطقة الشرق الأوسط عام 2013، وأصبحت مدة المؤتمر الآن 4 أيام بدأت بورشات علمية مختصة في أمراض الغدة الدرقية وطرق علاجها، وأمراض الكولسترول والدهون وتصلب الشرايين وطرق العلاج، وورشة مختصة في مرض السمنة وطرق علاجه المختلفة، بالإضافة إلى أكثر من 32 ورقة علمية وبحثاً تم نقاشها أثناء المؤتمر. وضم المؤتمر نقاشات حوارية فيما يسمى (لقاء الخبراء) الذي شارك فيه 6 خبراء من خارج المملكة، طرحت فيها كثير من المحاور حول السمنة ومشكلاتها وطرق العلاج الحديثة وطرق الوقاية منها، بغية الوصول إلى توصيات في نهاية هذه النقاشات».
- السمنة والخصوبة والإنجاب
وتحدث لـ«صحتك» الدكتور أحمد عبد المجيد، استشاري التوليد وأمراض النساء في «مستشفى فقيه» وأحد المشاركين في المؤتمر، عن أن «للسمنة تأثيراً على صحة المرأة كامرأة؛ وعلى حالة القلب وحالة الأوعية الدموية، ولها علاقة بالضغط وبالسكر وبالأورام النسائية والحالة النفسية والحالة المزاجية للمرأة. كما أن لها تأثيراً قبل حدوث الإنجاب، وحين تأخر الحمل، وأثناء الحمل، وبعد الولادة».
وبالنسبة للحالة الإنجابية للمرأة؛ «فللسمنة دور كبير جداً في بعض المشكلات التي تؤدي إلى تأخر الحمل؛ أولاها انقطاع الطمث، فكلما زاد الوزن بصورة كبيرة جداً؛ أدى ذلك إلى انقطاع الطمث أو اضطرابات الدورة الشهرية، بنسبة طردية. أما تكيس المبيض، فالسمنة تقلل من إفراز بعض البروتينات التي تتم عن طريق الكبد نتيجة ارتفاع نسبة الإنسولين وزيادة هرمونات الذكورة في الدم، وهذا يؤدي إلى اضطراب في وظائف المبيض. ويلاحظ أن تكيس المبيض يزداد انتشاره في الدول التي تنتشر فيها حالات السمنة مثل الولايات المتحدة وتركيا والوطن العربي عموماً ومنه السعودية، بعكس دول مثل الصين حيث تقل السمنة، وبالتالي نجد أن انتشار تكيس المبيض قليل جداً».
وأيضاً «تؤثر زيادة السمنة على مدى استقبال أو استجابة المبيض لمنشطات التبويض لإحداث الحمل. وبعد حدوث الحمل، تعدّ السمنة عاملاً مؤثراً ورئيسياً في حالات ارتفاع ضغط الدم المصاحب للحمل (تسمم الحمل)، ولها علاقة مباشرة بزيادة حجم الجنين وبالتالي زيادة نسبة الولادة القيصرية. أما بعد الحمل، فتعدّ السمنة سبباً مباشراً في زيادة نسبة حدوث التجلطات بعد الولادة بالساقين وانتقالها إلى الرئة، كما أن لها عاملاً مباشراً فيما يسمى «ارتفاع درجة الحرارة بعد الولادة (حمى النفاس)... والمحافظة على الوزن المثالي للمرأة تبدأ من أول فترة البلوغ وخلال فترة انقطاع الطمث وحتى بعد انقطاعه. إننا نستهدف إنقاص الوزن بنسبة 10 في المائة حداً أدنى قبل حدوث الحمل لحماية المرأة من مشكلات السمنة العديدة، كارتفاع الضغط والسكري أثناء الحمل، وتكون حالتها الصحية أثناء الحمل وبعد الولادة أفضل، وأيضاً يكون وضع طفلها أفضل».
- مستجدات العلاج
يقول الدكتور حسين سعد البدوي، استشاري الغدد الصماء والسكري والاستقلاب رئيس قسم الغدد الصماء في «مجمع عيادتي» بجدة وهو أول طبيب سعودي يحصل على البورد الأميركي في علاج السمنة بطرق غير جراحية وأحد المتحدثين في المؤتمر، إن «من بين الأدوية الحديثة العقار الجديد (سيماجلوتايد Semaglutide) لمرض السكري الذي ينظم مستويات السكر في الدم، ويساعد أيضاً الأشخاص على إنقاص وزنهم بشكل كبير. وقد اعتمد مؤخراً من قبل (هيئة الدواء والغذاء السعودية)، علاجاً للسكري من النوع الثاني مع النظام الغذائي والرياضة، بعد أن حقق نجاحاً باهراً في الولايات المتحدة الأميركية خلال السنتين الماضيتين».
ويُصنف هذا الدواء ضمن فصيلة هرمونات «إنكريتين (Incretin)» التي تعمل على مركز الشبع، فالإنسان الطبيعي بعد وصول شحنة من الطعام إلى معدته يبدأ جهازه الهضمي بإفراز بعض الهرمونات التي تذهب إلى مركز الشبع في الدماغ لتقليل عملية الجوع وإيقاف عملية الأكل المستمر. وهذه المادة قبل اكتشافها وتصنيعها عقاراً لداء السكري كانت في البداية قصيرة المفعول، وكانت تحتاج إلى حقنتين في اليوم، ثم أتت شركة أخرى وأصدرت دواء «ليراجلوتايد (liraglutide)» الذي يظل مفعوله لمدة 24 ساعة فيُعطى حقنة يومياً، ثم استمرت الشركة نفسها في تطوير منتجها إلى أن وصلت إلى هذا الدواء المعروف بـ«سيماجلوتايد» والذي يحمل خاصية المفعول طويل المدى الأسبوعي، وبالتالي، فإن الحقنة الواحدة تظل في جسم المريض لما يعادل 7 أيام، مما يقلل عدد الوخز ويساعد المريض على انتظام السكر. ومن خواص عمل هذا الدواء أنه لا يبدأ مفعوله إلا في ظل وجود ارتفاع في مستويات السكر، فيقوم حينها بتحفيز الخلايا المصنّعة للإنسولين الإنساني من البنكرياس للتحكم بكمية السكر. وعند انتظام السكر أو انخفاضه لا يعمل الدواء على خفض السكر فوق أو أقل مما هو عليه فيعطي عنصر أمان للمريض الذي يخشى من الهبوط المتكرر.
ويضيف الأستاذ الدكتور سعود السفري أن «هناك أنواعاً متعددة من طرق عمليات إنقاص الوزن، وطرق مختلفة من التدخل بما يشبه الجراحة لإنقاص الوزن، وأدوية عديدة؛ وآخرها هذا الدواء الفعال (سيماجلوتايد) الذي يُعطى عن طريق الحقن تحت الجلد مرة كل أسبوع، وقد اعتمد مؤخراً في السعودية لعلاج السمنة. تم التباحث في طرق ووسائل السلامة المرتبطة بها. وثبت أن أغلب هذه الإجراءات والأدوية آمنة جداً، وأصبحت الآن في متناول المرضى. ونؤكد على أن الطبيب هو من يحدد العلاج المناسب».
- توصيات المؤتمر
- وضع مؤشر كتلة الجسم بوصفه من العلامات الحيوية التي يتم أخذها لكل مريض يراجع العيادات والمستشفيات وطريقة مثلى للتشخيص المبكر للسمنة، مثله مثل مؤشرات الحرارة وضغط الدم ونبضات القلب.
- تفعيل النشاط البدني ونمط الغذاء الصحي.
- توفير المأكولات الصحية بأسعار في متناول اليد للتغلب على مشكلة ندرة الغذاء الصحي وارتفاع ثمنه مقارنة بالوجبات التي نسميها غير جيدة.
- عدم الأخذ أو التفاعل مع الإعلانات الواردة في وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يتم تداوله بين الناس؛ سواء ما يختص بالأعشاب أو الخلطات التي يسعى الناس لإنقاص وزنهم عن طريقها، والرجوع للطبيب لاختيار العلاج والطريقة المناسبة سواء الجراحية أو الأدوية المخصصة.
- التأكيد على أن السمنة ليست ظاهرة متعلقة بالشكل الجمالي، ولكنها مرض يعادل غيره من الأمراض، وله مضاعفات كثيرة، فبالقضاء على المضاعفات يتم القضاء على المرض.
- استراتيجيات علاج السمنة
يقول الدكتور حسين البدوي إن أحدث استراتيجيات علاج السمنة تتلخص في التالي:
> الحمية وزيادة معدل الحركة: خط العلاج الأول لإنقاص الوزن، والذي يحتاج إلى صبر ومثابرة على نمط الحياة الجديد.
> العلاج بالعقاقير والأدوية الحديثة: أهمها ما يختص بتقليل الشهية أو تثبيطها، وأيضاً المساعدة على الشبع المبكر. لقد كانت معظم الأدوية سابقاً تتقصد التخلص من الطاقة الفائضة أو من الدهون المكتسبة من الطعام عن طريق عملية الإخراج السريع، فكانت ضعيفة الفعالية. والمستقبل مبشر من ناحية التطور في علم الصيدلة وفي اكتشاف كثير من المركبات التي بإذن الله سوف تعين مرضى السمنة على التحكم في هذا الداء.
> العلاج الجراحي للسمنة: وهو من العلاجات الموثقة بفعاليتها في التحكم في الوزن على المدى الطويل وفي التحكم في الأمراض المزمنة كالسكري والضغط المستعصي. وتتم إحالة مريض السمنة إلى الجراحة عندما يستعصي وصوله إلى الوزن المناسب أو الوزن المتوقع باستعمال العلاجات والعقاقير المصرح بها والتي تخفض الوزن عادة بنحو 10 في المائة حداً أقصى. إلا إن بعض المرضى يحتاجون لإنقاص أوزانهم بما بين 20 و25 و30 في المائة للتخلص من السمنة. كما تتم إحالة المرضى المصابين بالسمنة الذين لديهم أحد مضاعفات السمنة مثل داء السكري من النوع الثاني. وهناك توصيات من الجمعيات العلمية المختصة بداء السكري والجمعيات العلمية في طب الجراحة تنص على تفضيل العملية الجراحية علاجاً للسمنة على العلاجات بالأدوية التي تصنف في عالم طب السمنة بـ«العلاج اللاجراحي».
الشرق الأوسط