• ×
admin

اللهم أنت السلام ومنك السلام

اللهم أنت السلام ومنك السلام

د . فهد الماجد

أجل أنتَ يا ربَّنا السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ومنك - سبحانك - يستمد السلام؛ تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

جَلَّ وتقدَّس وتبارك؛ إذ كان من أسمائه الحسنى: (السلام)؛ لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله، فهو سلام في ذاته وصفاته وأفعاله من كل نقص وعيب، حياته سلام من الموت ومن السِّنة والنوم، وقيوميّته وقدرته سلام من التعب واللّغوب، وعلمه سلام من أن يجهل شيئاً أو ينسى أو يحتاج إلى تذكر، وإرادته سلام من أن تخرج عن الحكمة والمصلحة، وكلماته سلام من الكذب والظلم، وغناه سلام من الحاجة إلى غيره، بل كل ما سواه محتاج إليه، وهو غني عن كل ما سواه، وملكه سلام من منازع فيه، أو مشارك، أو معاون، وإلاهيته سلام من الشريك؛ بل هو الله الذي لا إله إلا هو.

وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه ومسامحته سلام من أن تكون عن حاجة منه أو مجاملة كما تكون بين أهل الدنيا، وكذلك عذابه وانتقامه سلام من أن يكون ظلماً أو تشفياً أو قسوة، بل إن رحم وغفر فبفضله، وإن عاقب فبعدله، ورحمته غلبت غضبه.

وما يقضي به ويقدِّر في هذا الكون الفسيح، والدنيا العريضة، فهو سلام من العبث والجَوْر والظلم، وشرعه ودينه سلام من أن يكون على خلاف مصلحة الناس ورحمتهم والإحسان إليهم، بل شريعته كلها حكمة ورحمة ومصلحة.

وكذلك عطاؤه وإحسانه سلام من أن يكون عن معاوضة أو لحاجة إلى المحسَن إليه، وإذا منع - سبحانه - فمنعه سلام من البخل وخوف الفقر، فعطاؤه إحسان محض، ومنعه عدل محض، وعن حكمة لا يشوبها بخل ولا عجز.

وإذا عرفت ربَّك بهذا الاسم الكريم: «السلام» عرفت أنه سبحانه منه وحده يستمد السلام بمعناه الشامل: سلامة الدنيا والآخرة، وسلامة الدين والدنيا، وسلامة البدن والقلب، وسلامة النفس والأهل والولد والمال، فهو - سبحانه - مصدر السلام والأمان، فكل سلامة منشؤها منه، معزوة إليه، صادرة عنه، فلا تطلب - على الحقيقة والكمال - إلا منه تبارك وتعالى.

أرأيت هذا الكون الفسيح، بأجرامه وكواكبه ونجومه، ومداراته وأفلاكه أرأيت كيف يسيره الله تعالى منذ سنين بعيدة لا يعلم عددها إلا رب الخليقة، يسيره دون أن يقع فيه خلل أو اضطراب؛ كما في الآية الكريمة: (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) فهو سبحانه الحافظ لنظام الكون، الذي بثَّ السلام في أرجائه، كما بثَّ الضياء والظلمة في أنحائه، نشوراً وسكوناً.

ثم هل رأيت هؤلاء البشر يتناسلون ويتوالدون منذ أن خلق الله أباهم آدم عليه السلام، وهم محفوظون - بحفظ الله - وإن اعترتهم الأمراض، وأصابتهم الأوجاع، وإن انتشرت بينهم الأوبئة فترة بعد فترة؛ لحكمة أرادها الله سبحانه، لكن حياتهم تستمر، ونظامهم محفوظ، وعن ذلك يقول الله سبحانه عن الإنسان: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) فالله سبحانه يحفظ هذا الإنسان فرداً ونوعاً بطرق كثيرة، قد نعرف بعضها بالتأمل والتفكر والتدبر، لكن الأكيد أننا نجهل أكثرها؛ لأنه سبحانه «السلام» المسلِّم على عباده.

فتعال يا أخي ويا أختي: ندعو الله تعالى باسمه «السلام» أن يسلِّمنا في الدنيا والآخرة.. نسأله السلامة لقلوبنا من الشكوك حتى تجد برد اليقين، ونسأله السلامة لأبداننا حتى تجد طعم العافية، ونسأله السلامة لأهلنا وأحبابنا حتى نسعد بقربهم والأنس بهم، ونسأله السلامة للمسلمين وللبشرية أجمعين. قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقال عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيراً من: اليقين، والمعافاة، فسلوهما الله عز وجل».

اللهم سلِّم، اللهم سلِّم.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  378