أزمة مالية تحقق نمواً في الثروات
أزمة مالية تحقق نمواً في الثروات
راشد محمد الفوزان
أعلنت مجلة متخصصة بثروات الأغنياء حول العالم - رغم التحفظ على نشراتها كما حدث مؤخرا، إعلانا جديدا يقول ان كارلوس حلو وصلت ثروته الآن ما يقارب 53.5 مليار دولار، وبيل غيتس المسيطر على هذه القائمة حل ثانيا للمرة الثانية بعد سيطرة لأكثر من خمس عشرة سنة، الثروات ارتفعت لدى أغنياء العالم بمقدار 50% أي من مستويات العام السابق.. لن نستعرض هنا الأرقام من الأغنى ومن تقدم أو تراجع، ولكن لننظر للدورس التي تقدم هنا من خلال كيف تحقق نمو للثروات (تقليص الخسائر) من خلال أزمة مالية مازالت مستمرة وعوض من خلالها كارلوس حلو وبيل غيتس وارن بافيت 41.50 مليار من أصل 68 مليارا؟ لماذا تحقق نمو في عدد المليارديرات ليصل الى 1011 بدلا من 793 العام السابق؟ لماذا تحقق نمو في الثروات من 2.4 تريليون دولار إلى 3.6 تريليون دولار العام الحالي؟
الدروس المستفادة على فرضية صحة الأرقام أن ثروات رجال الأعمال تعتمد على السياسة المتبعة لكل منهم والمخاطر المتوقعة لديه أو البدائل، وأيضا حجم الملاءة المالية لدية وهي مهمة في مراحل الأزمات، فالقروض البنكية والتدفقات النقدية وطبيعة النشاط إما مرتبطة بسوق محلي أو دولي، عوامل كثيرة جدا يصعب حصر ظروفها لكي تضع استثماراتك بمأمن من الأزمات المالية، فكل استثمار أو نشاط تعرض أو اقترض بما يفوق قدرته المالية وتطلب السداد لن يكون مصيره التعثر وهو أقل الأضرار بقدر أن يخرج من السوق كليا. وليس كل رجال الأعمال يملكون أنشطة خالصة لهم بل هي \"أسهم وأوراق مالية\" في معظمها، وهنا تأتي أهمية اختيار الاستثمار الجيد الذي يمرض ولا يموت، وأيضا القدرة على توفير \"السيولة\" لضخها وقت الحاجة إما بدعم نفس الاستثمار أو البحث عن فرص جديدة كما فعلها \"بافيت\" خلال الأزمة، رجال الأعمال المعتبرون كما لاحظنا \"لا يبيعون\" ما لم تضطرهم ظروف استحقاقات السداد لأي التزامات مالية، بل هم يزيدون استثماراتهم وقت الأزمات، والأزمة هي الوجه الآخر للفرصة، وادرك تماما أن الأزمات المالية تصنع الثروات لا مراحل الصعود المستمرة، وهنا تأتي مرحلة حصافة وذكاء كل مستثمر أين سيضع أمواله ويضخها من جديد رغم حالة التشاؤم الكبيرة التي قد تسود. سياسية الاستثمار \"الطويل\" هي التي تنجح في النهاية، ولا تقاس النجاحات الاستثنائية، والأهم هو الاختيار الصحيح للاستثمار والمرونة بتغيير المواقع واقتناص الفرص، ولعل ما أفلس كثيرا من المستثمرين خلال المرحلة الماضية هي القروض بلا حدود حتى فاقت القدرة على سدادها لعدة مرات، بل حتى دول مارست هذا السياسة والتي أدت بها لمديونيات تفوق الناتج القومي، حين تصبح مسؤولا عن مالك الذي \"احترقت\" من أجله وأسست ذلك من أول \"ريال أو دولار\" سأثق كثيرا أنك ستكون أكثر تحفظا وحرصا على ثروتك ومالك، حتى وان تعثرت \"مؤقتا\" ستعود أكثر قوة وخبرة وحصافة واقتناصا للفرص، لا ثروات تهب من السماء، فمن لا يحافظ على ثروته التي تكبد العناء من أجلها بتحفظ وتوازن، سنطرح السؤال هل هي أموالك؟
المصدر: صحيفة الرياض