3 مسارات للممارسات الصحية مع العودة إلى الحياة الطبيعية
3 مسارات للممارسات الصحية مع العودة إلى الحياة الطبيعية
الحذر والتحلي بالمسؤولية أبرز عنوانين للمرحلة
د. عبير مبارك
تعتبر المرحلة المقبلة للخروج من حالة الإغلاق والاعتزال بسبب فيروس «كورونا المستجد»، مهمة في جانب الاهتمام بالصحة البدنية والنفسية للبالغين والأطفال والمراهقين وكبار السن، وأيضاً للمرضى المصابين بأمراض مزمنة.
ويبقى العنوان الأبرز هو العودة بحذر، والتحلي بالمسؤولية في العمل على العودة إلى الحياة الطبيعية، وذلك عبر ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية لتعزيز الصحة البدنية والنفسية، وللحيلولة دون تسبب الإصابة بأي انتكاسات صحية للمرء نفسه، ولمن يعيشون حوله ومعه.
ورغم معرفة كثيرين بها، فإن تكرار ومداومة التذكير بها يظل أمراً ضرورياً للغاية في هذه المرحلة.
مسارات صحية
وتأتي أهمية تكرار التذكير بتلك الخطوات والإجراءات الوقائية من إدراك حقيقة مهمة، وهي أن نجاح الإصابة بالعدوى الفيروسية لا يتطلب سوى «فرصة واحدة» يكون المرء فيها غافلاً عن تطبيق خطوات الوقاية، وهي كافية للغاية في حصول الإصابة بالمرض الفيروسي.
وتتمثل جوانب الاهتمام بالصحة البدنية والنفسية ضمن ثلاثة مسارات في السلوكيات الصحية لعيش الحياة اليومية وممارسة أنشطتها المختلفة في المنزل وخارجه. وهذه المسارات الصحية هي:
> الوقاية من العدوى؛ بالاهتمام المستمرّ بتطبيق جميع خطوات وسلوكيات الوقاية من الإصابة بالأمراض الفيروسية المُعدية، مع العودة إلى ممارسة أنشطة الحياة الطبيعية.
> تقوية الجسم بطريقة صحية، من خلال وضع برنامج صحي شخصي للممارسات اليومية الهادفة لتحقيق الاهتمام بتعزيز القدرات الصحية للجسم في جانبيه البدني والنفسي، وجعله أعلى قدرة على مقاومة الإصابة بالأمراض المعدية وغير المُعدية.
> ضبط المعالجات للأمراض المزمنة عبر الاهتمام بالمتابعة الطبية لمعالجة حالات الأمراض المزمنة التي قد يُعاني البعض منها للوصول إلى الأهداف العلاجية المنشودة طبياً في كل حالة منها، وتناول أدوية معالجتها، وإجراء الفحوصات الدورية لها.
ولذا فإن سلوك هذه المسارات الثلاثة للاهتمام بالصحة سيكون ذا فائدة عظيمة للمرء في أيامه الحالية ومستقبله، وسيعيد توجيه البوصلة لدى كثيرين، نحو حياة صحية سعيدة.
الوقاية من العدوى
والأساس في الوقاية من العدوى، والسلوكيات الصحية اللازمة لتحقيقها، هو فهم وإدراك دواعي وجدوى كل خطوة من خطوات إجراءات الوقاية الاحترازية ضد الإصابة بالأمراض الميكروبية المُعدية، أياً كان نوع السبب فيها، والاهتمام الشديد والمتواصل بتطبيقها.
> سلوكيات شخصية. وهذه الإجراءات الوقاية تشمل جوانب تتعلق بالسلوكيات الشخصية للعناية بالنفس داخل المنزل وبمنْ يعيشون مع الشخص فيه، وتشمل سلوكيات أخرى عند الخروج من المنزل وعند التعامل مع الآخرين. ومن أهم تلك السلوكيات الصحية التي تتعلق بالعناية بالنفس: غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام. ويكون الاهتمام بذلك على وجه الخصوص في الظروف التالية: قبل وأثناء وبعد إعداد الطعام، وبعد السعال أو العطس، وبعد استخدام دورة المياه، وقبل وبعد رعاية شخص مريض، وبعد تغيير حفاضات الطفل، وبعد لمس القمامة.
ويجدر أن تستمر عملية غسل اليدين بالماء والصابون ما يُقارب أربعين ثانية، وهي المدة التي تضمن التخلص من الأوساخ والميكروبات العالقة بأجزاء مختلفة من اليدين. كما يجدر تعميم تنظيف أجزاء اليدين، وليس الكف وظاهره، بل الأصابع كلها وثناياها. وعند عدم توفر الغسل بالماء والصابون، استخدام مُعقّم اليدين الكحولي وتعميم أجزاء اليدين كافة به.
ويجب تجنب لمس العينين والأنف والفم، وخاصة قبل غسل اليدين. وتغطية الفم والأنف عند السعال والعطس، إما باستخدام المناديل الورقية والتخلص منها بأسرع وقت، أو استخدام باطن المرفق عن طريق ثني الذراع. ثم غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون لمدة 40 ثانية. وعدم مشاركة الأدوات الشخصية مع الغير.
> الأطفال والمسنون. وللاهتمام المنزلي بالأطفال، يجدر أولاً تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم، مع إفهامهم خطوات الوقاية تلك ودواعيها ما أمكن كي يكون تطبيقها عادة لديهم ضمن سلوكياتهم اليومية المعتادة. والاهتمام بتقديم التغذية الصحية لهم، وتعقيم ألعابهم والأسطح التي يتكرر لمسها أو استخدامها، وتقليل خروجهم من المنزل، وتجنيبهم لمس الأسطح عند الخروج من المنزل لضرورة، وتجنيبهم القرب من الأشخاص الذين لديهم أعراض تنفسية.
وللاهتمام المنزلي بكبار السن، أو عند زيارتهم، وإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم مع إفهامهم خطوات الوقاية تلك ودواعيها، فإن الغاية الرئيسية تكون هي الاطمئنان عليهم وعلى استقرار حالتهم الصحية لو كانت لديهم أمراض مزمنة، وتوفير الاحتياجات الضرورية لهم، ولا تكون الغاية هي التجمعات والالتقاء مع أكبر عدد من الأقارب في وقت ومكان واحد. ولذا عند زيارة كبار يجدر تحديد موعد لقائهم مسبقاً، ويجدر تجنب الاحتضان والمصافحة، ولا تشارك تناول الطعام بالقرب الشديد منه ولا أدوات تناول الطعام معهم. وكذلك الحرص على التأكد من نظافة وتهوية منازلهم وحجرة نومهم، وتوفير احتياجاتهم من الأغذية والأدوية لمدة شهر على الأقل. وعند الضرورة لخروج كبار السن أولئك، تجدر مرافقتهم والحرص على توفير وسائل الوقاية لهم كالكمامات والمعقّم الكحولي والتأكد من اتباعهم خطوات الوقاية من العدوى.
التعامل مع الآخرين
> الخروج من المنزل. وتشمل السلوكيات الأخرى عند التعامل مع الآخرين أو الخروج من المنزل، الخطوة الوقائية الأهم، وهي: عدم الخروج من المنزل إلاّ للضرورة ولأداء العمل الوظيفي. وأيضاً، عدم اصطحاب كبار السن، والأطفال أقل من 15 سنة، والمُصابين بأمراض مزمنة، ومنْ يُعانون من ارتفاع الحرارة أو ضيق التنفس أو الكحة. والحرص على لبس الكمامة القماشية أو الطبية، وأخذ كمامة إضافية ومعقّم كحولي لليدين. وعدم المصافحة أو العناق. وتجنب الاتصال المباشر مع أي شخص تظهر عليه أعراض أمراض الجهاز التنفسي مثل السعال والعطس. وترك مسافة آمنة بين الشخص والأشخاص الآخرين لا تقل عن مترَيْن. والابتعاد عن التجمعات.
> التسوق: وعند الحاجة لضرورة التسوُّق، يجدر عدم اصطحاب المعرضين لخطورة أكثر عند الإصابة، واتباع الخطوات الوقاية السابقة، مع الحرص على التسوق في أوقت غير مزدحمة، والحرص على غسل اليدين قبل وبعد التسوق، والحذر من لمس الوجه أثناء التسوق، والحرص على تعقيم مقابض سلال وعربات التسوق بالمحارم المعقمة، والحفاظ على مسافة آمنة بينك وبين المتسوقين، واستخدام السلالم بدلاً من المصاعد، والدفع ببطاقة الصراف البنكية، وتعقيم اليدين قبل الخروج من المتجر، وعدم لمس المنتجات التي لن تشتريها، وتطهير السلع قبل الاستهلاك، ومسح المعلبات باستخدام المحارم المعقمة، وغسل الخضار والفواكه.
وعند تسلم طلبات التسوق «أون لاين» عبر استخدام التطبيقات، وبعد التأكُّد من جهة التوصيل، يجدر الحرص على تجنب التسلُّم المباشر للطلبات، والدفع إلكترونياً، وتعقيم الأسطح الصلبة للطلبات، والتخلص من ملحقات الطلب، مع الحرص على غسل الخضار والفواكه جيداً إن كانت من بينهم.
> النقل. وعند الحاجة لضرورة استخدام سيارات الأجرة، يجدر اتباع الخطوات الوقاية السابقة في الاهتمام بالنفس وعند التعامل مع الأخرين، مع الحرص على ركوب المقاعد الخلفية وتجنب لمس الأسطح والاحتفاظ بالنفايات والتخلص منها لاحقاً والدفع إلكترونياً.
وحال الرغبة في تناول الطعام في المطعم، يجدر اتباع الخطوات الوقاية السابقة في الاهتمام بالنفس وعند التعامل مع الأخرين، مع الحرص على إجراء الحجز المسبق والحضور في موعد ذلك، واستخدام أدوات تناول الطعام وتقديمه ذات الاستخدام الواحد، وألا يتجاوز عدد الأشخاص أربعة، مع الدفع إلكترونياً عند الفراغ.
وأثناء البقاء في المنزل يجدر الحرص على النظافة الشخصية، والحرص على نظافة المنزل وتهويته جيداً والتنظيف المستمر، لا سيما تنظيف الأسطح التي يتكرر استخدامها بمحاليل التنظيف المخففة، مع الاهتمام بالصحة النفسية والتقليل من الضغوط والالتزام بنظام صحي متوازن.
خطوات إدارة الأعراض اليومية للأمراض المزمنة
> المرض المزمن هو حالة تتطلب السيطرة عليها، وتلقي العلاج لأكثر من شهور، وربما سنوات أو طوال العمر. وتمر الحالة المرضية المزمنة بأوقات تكون الحالة المرضية منضبطة ومستقرة، وأوقات يحصل فيها اضطراب وعدم استقرار. والأمراض المزمنة لها تكاليف صحية واقتصادية كبيرة في جميع أرجاء العالم، وهي المسؤولة عن التسبب بأعلى الوفيات العالمية. ويشير مركز إدارة معالجة الأمراض المزمنة بجامعة ميشيغان قائلاً: «الأمراض المزمنة هي السبب الرئيسي للوفاة والعجز. والأمراض المزمنة هي حالات طويلة الأمد يمكن معالجتها والسيطرة عليها عادة، ولكن لا يمكن الشفاء منها. وغالباً ما يجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة إدارة التعامل مع الأعراض اليومية التي تؤثر على نوعية حياتهم، كما يُمكن أن يواجهوا مشكلات ومضاعفات صحية حادة».
وتضيف قائلة: «علاوة على ذلك، غالباً ما تكون الحالات المرضية المزمنة هي المحركات الرئيسية لانخفاض الإنتاجية وزيادة تكاليف الرعاية الصحية. وتُظهر بيانات من (منظمة الصحة العالمية) أن الأمراض المزمنة هي السبب الرئيسي للوفاة المبكرة حول العالم، حتى في الأماكن التي تنتشر فيها الأمراض المعدية. ولكن بالمقابل، فإن الخبر السار هو أنه من خلال جهود التغيير الفعالة لسلوكيات الحياة اليومية، وتلقي المتابعة والمعالجة الطبية المناسبة، عبر الرصد الطبي المنتظم لتحديد المشكلات والتداعيات الجديدة في الحالات المزمنة، يمكن في كثير من الأحيان منع تدهور استقرار حالات الأمراض المزمنة وإدارة علاجها بشكل فعّال».
ويمكن للوقاية منها، أو التحكُّم في الأعراض الناجمة عنها، أن تقلل تكاليف معالجتها والتعايش معها. والتكاليف ليس المقصود منها فقط التكاليف المادية، بل أيضاً التكاليف الاجتماعية والنفسية والعاطفية لدى المريض نفسه، ولدى بقية أفراد الأسرة الذين يقومون بالعناية بالمريض وتلبية احتياجاته.
وتشمل المجموعة الرئيسية للأمراض المزمنة كلّاً من:
- أمراض القلب والسكتة الدماغية.
- الأمراض السرطانية.
- مرض السكري.
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض السدد الرئوي المزمن.
- الربو.
- السمنة.
- التهابات المفاصل.
- مجموعة أمراض الخرف والزهايمر.
- أمراض التهابات الكبد المزمنة.
- أمراض ضعف وفشل الكليتين.
- الاكتئاب.
- آلام الظهر المزمنة والآلام المزمنة الأخرى.
وتحدث كثير من الأمراض المزمنة بسبب ممارسة سلوكيات حياتية غير صحية وخطرة. وتقول «منظمة الصحة العالمية»: ««ترتبط أربعة من أبرز الأمراض المزمنة - أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والسكري من النوع الثاني – بسببين. الأول: عوامل الخطر البيولوجية الشائعة التي يمكن الوقاية منها، لا سيما ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وزيادة الوزن، وما يرتبط بها من أمراض رئيسية. والثاني: عوامل الخطر السلوكية: مثل النظام الغذائي غير الصحي، والخمول البدني، وتعاطي التبغ. ويجب أن تركز إجراءات الوقاية من هذه الأمراض المزمنة الرئيسية على السيطرة على هذه العوامل وعوامل الخطر الرئيسية الأخرى بطريقة متكاملة».
ولذا، ومن خلال اتخاذ خيارات صحية في سلوكيات الحياة اليومية، وخيارات صحية في العناية بالنفس طبياً، يمكن للمرء تقليل احتمالية إصابته بمرض مزمن لو كان سليماً منها، وتقليل احتمالية حصول أي انتكاسات صحية لديه نتيجة لعدم استقرارها، وتحسين جودة حياته بضبط السيطرة على الأمراض المزمنة.
وتشمل تلك السلوكيات الوقائية والصحية المجموعة التالية:
- الامتناع عن التدخين.
- تناول الطعام الصحي.
- الحرص على وجبة الإفطار الصحية.
- ممارسة النشاط البدني بشكل يومي منتظم.
- الحرص على تغذية وتقوية عضلات الجسم.
- تقليل التعرض للملوثات البيئية في الهواء الخارجي واستنشاق الهواء النقي.
- إجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن الأمراض
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- ممارسة سلوكيات الاسترخاء الذهني والعاطفي.
- تبني عادة وضع برنامج صحي لليوم التالي.
- الحرص على المتابعة الطبية والحضور في مواعيد العيادة.
- معرفة الخطة العلاجية الطبية للحالة المرضية المزمنة لدى الشخص.
- سؤال الطبيب عن العلامات التحذيرية لأي أعراض تتطلب سرعة طلب المعونة الطبية.
- تناول الأدوية الموصوفة وسؤال الصيدلي عن كل ما يتعلق بها وطريقة تناولها.
- إجراء الفحوصات الطبية التي يطلبها الطبيب.
- الحرص على تلقي التثقيف الصحي بالمعلومات الطبية الصحيحة من مصادر طبية موثوقة.
الشرق الأوسط
الحذر والتحلي بالمسؤولية أبرز عنوانين للمرحلة
د. عبير مبارك
تعتبر المرحلة المقبلة للخروج من حالة الإغلاق والاعتزال بسبب فيروس «كورونا المستجد»، مهمة في جانب الاهتمام بالصحة البدنية والنفسية للبالغين والأطفال والمراهقين وكبار السن، وأيضاً للمرضى المصابين بأمراض مزمنة.
ويبقى العنوان الأبرز هو العودة بحذر، والتحلي بالمسؤولية في العمل على العودة إلى الحياة الطبيعية، وذلك عبر ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية لتعزيز الصحة البدنية والنفسية، وللحيلولة دون تسبب الإصابة بأي انتكاسات صحية للمرء نفسه، ولمن يعيشون حوله ومعه.
ورغم معرفة كثيرين بها، فإن تكرار ومداومة التذكير بها يظل أمراً ضرورياً للغاية في هذه المرحلة.
مسارات صحية
وتأتي أهمية تكرار التذكير بتلك الخطوات والإجراءات الوقائية من إدراك حقيقة مهمة، وهي أن نجاح الإصابة بالعدوى الفيروسية لا يتطلب سوى «فرصة واحدة» يكون المرء فيها غافلاً عن تطبيق خطوات الوقاية، وهي كافية للغاية في حصول الإصابة بالمرض الفيروسي.
وتتمثل جوانب الاهتمام بالصحة البدنية والنفسية ضمن ثلاثة مسارات في السلوكيات الصحية لعيش الحياة اليومية وممارسة أنشطتها المختلفة في المنزل وخارجه. وهذه المسارات الصحية هي:
> الوقاية من العدوى؛ بالاهتمام المستمرّ بتطبيق جميع خطوات وسلوكيات الوقاية من الإصابة بالأمراض الفيروسية المُعدية، مع العودة إلى ممارسة أنشطة الحياة الطبيعية.
> تقوية الجسم بطريقة صحية، من خلال وضع برنامج صحي شخصي للممارسات اليومية الهادفة لتحقيق الاهتمام بتعزيز القدرات الصحية للجسم في جانبيه البدني والنفسي، وجعله أعلى قدرة على مقاومة الإصابة بالأمراض المعدية وغير المُعدية.
> ضبط المعالجات للأمراض المزمنة عبر الاهتمام بالمتابعة الطبية لمعالجة حالات الأمراض المزمنة التي قد يُعاني البعض منها للوصول إلى الأهداف العلاجية المنشودة طبياً في كل حالة منها، وتناول أدوية معالجتها، وإجراء الفحوصات الدورية لها.
ولذا فإن سلوك هذه المسارات الثلاثة للاهتمام بالصحة سيكون ذا فائدة عظيمة للمرء في أيامه الحالية ومستقبله، وسيعيد توجيه البوصلة لدى كثيرين، نحو حياة صحية سعيدة.
الوقاية من العدوى
والأساس في الوقاية من العدوى، والسلوكيات الصحية اللازمة لتحقيقها، هو فهم وإدراك دواعي وجدوى كل خطوة من خطوات إجراءات الوقاية الاحترازية ضد الإصابة بالأمراض الميكروبية المُعدية، أياً كان نوع السبب فيها، والاهتمام الشديد والمتواصل بتطبيقها.
> سلوكيات شخصية. وهذه الإجراءات الوقاية تشمل جوانب تتعلق بالسلوكيات الشخصية للعناية بالنفس داخل المنزل وبمنْ يعيشون مع الشخص فيه، وتشمل سلوكيات أخرى عند الخروج من المنزل وعند التعامل مع الآخرين. ومن أهم تلك السلوكيات الصحية التي تتعلق بالعناية بالنفس: غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام. ويكون الاهتمام بذلك على وجه الخصوص في الظروف التالية: قبل وأثناء وبعد إعداد الطعام، وبعد السعال أو العطس، وبعد استخدام دورة المياه، وقبل وبعد رعاية شخص مريض، وبعد تغيير حفاضات الطفل، وبعد لمس القمامة.
ويجدر أن تستمر عملية غسل اليدين بالماء والصابون ما يُقارب أربعين ثانية، وهي المدة التي تضمن التخلص من الأوساخ والميكروبات العالقة بأجزاء مختلفة من اليدين. كما يجدر تعميم تنظيف أجزاء اليدين، وليس الكف وظاهره، بل الأصابع كلها وثناياها. وعند عدم توفر الغسل بالماء والصابون، استخدام مُعقّم اليدين الكحولي وتعميم أجزاء اليدين كافة به.
ويجب تجنب لمس العينين والأنف والفم، وخاصة قبل غسل اليدين. وتغطية الفم والأنف عند السعال والعطس، إما باستخدام المناديل الورقية والتخلص منها بأسرع وقت، أو استخدام باطن المرفق عن طريق ثني الذراع. ثم غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون لمدة 40 ثانية. وعدم مشاركة الأدوات الشخصية مع الغير.
> الأطفال والمسنون. وللاهتمام المنزلي بالأطفال، يجدر أولاً تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم، مع إفهامهم خطوات الوقاية تلك ودواعيها ما أمكن كي يكون تطبيقها عادة لديهم ضمن سلوكياتهم اليومية المعتادة. والاهتمام بتقديم التغذية الصحية لهم، وتعقيم ألعابهم والأسطح التي يتكرر لمسها أو استخدامها، وتقليل خروجهم من المنزل، وتجنيبهم لمس الأسطح عند الخروج من المنزل لضرورة، وتجنيبهم القرب من الأشخاص الذين لديهم أعراض تنفسية.
وللاهتمام المنزلي بكبار السن، أو عند زيارتهم، وإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم مع إفهامهم خطوات الوقاية تلك ودواعيها، فإن الغاية الرئيسية تكون هي الاطمئنان عليهم وعلى استقرار حالتهم الصحية لو كانت لديهم أمراض مزمنة، وتوفير الاحتياجات الضرورية لهم، ولا تكون الغاية هي التجمعات والالتقاء مع أكبر عدد من الأقارب في وقت ومكان واحد. ولذا عند زيارة كبار يجدر تحديد موعد لقائهم مسبقاً، ويجدر تجنب الاحتضان والمصافحة، ولا تشارك تناول الطعام بالقرب الشديد منه ولا أدوات تناول الطعام معهم. وكذلك الحرص على التأكد من نظافة وتهوية منازلهم وحجرة نومهم، وتوفير احتياجاتهم من الأغذية والأدوية لمدة شهر على الأقل. وعند الضرورة لخروج كبار السن أولئك، تجدر مرافقتهم والحرص على توفير وسائل الوقاية لهم كالكمامات والمعقّم الكحولي والتأكد من اتباعهم خطوات الوقاية من العدوى.
التعامل مع الآخرين
> الخروج من المنزل. وتشمل السلوكيات الأخرى عند التعامل مع الآخرين أو الخروج من المنزل، الخطوة الوقائية الأهم، وهي: عدم الخروج من المنزل إلاّ للضرورة ولأداء العمل الوظيفي. وأيضاً، عدم اصطحاب كبار السن، والأطفال أقل من 15 سنة، والمُصابين بأمراض مزمنة، ومنْ يُعانون من ارتفاع الحرارة أو ضيق التنفس أو الكحة. والحرص على لبس الكمامة القماشية أو الطبية، وأخذ كمامة إضافية ومعقّم كحولي لليدين. وعدم المصافحة أو العناق. وتجنب الاتصال المباشر مع أي شخص تظهر عليه أعراض أمراض الجهاز التنفسي مثل السعال والعطس. وترك مسافة آمنة بين الشخص والأشخاص الآخرين لا تقل عن مترَيْن. والابتعاد عن التجمعات.
> التسوق: وعند الحاجة لضرورة التسوُّق، يجدر عدم اصطحاب المعرضين لخطورة أكثر عند الإصابة، واتباع الخطوات الوقاية السابقة، مع الحرص على التسوق في أوقت غير مزدحمة، والحرص على غسل اليدين قبل وبعد التسوق، والحذر من لمس الوجه أثناء التسوق، والحرص على تعقيم مقابض سلال وعربات التسوق بالمحارم المعقمة، والحفاظ على مسافة آمنة بينك وبين المتسوقين، واستخدام السلالم بدلاً من المصاعد، والدفع ببطاقة الصراف البنكية، وتعقيم اليدين قبل الخروج من المتجر، وعدم لمس المنتجات التي لن تشتريها، وتطهير السلع قبل الاستهلاك، ومسح المعلبات باستخدام المحارم المعقمة، وغسل الخضار والفواكه.
وعند تسلم طلبات التسوق «أون لاين» عبر استخدام التطبيقات، وبعد التأكُّد من جهة التوصيل، يجدر الحرص على تجنب التسلُّم المباشر للطلبات، والدفع إلكترونياً، وتعقيم الأسطح الصلبة للطلبات، والتخلص من ملحقات الطلب، مع الحرص على غسل الخضار والفواكه جيداً إن كانت من بينهم.
> النقل. وعند الحاجة لضرورة استخدام سيارات الأجرة، يجدر اتباع الخطوات الوقاية السابقة في الاهتمام بالنفس وعند التعامل مع الأخرين، مع الحرص على ركوب المقاعد الخلفية وتجنب لمس الأسطح والاحتفاظ بالنفايات والتخلص منها لاحقاً والدفع إلكترونياً.
وحال الرغبة في تناول الطعام في المطعم، يجدر اتباع الخطوات الوقاية السابقة في الاهتمام بالنفس وعند التعامل مع الأخرين، مع الحرص على إجراء الحجز المسبق والحضور في موعد ذلك، واستخدام أدوات تناول الطعام وتقديمه ذات الاستخدام الواحد، وألا يتجاوز عدد الأشخاص أربعة، مع الدفع إلكترونياً عند الفراغ.
وأثناء البقاء في المنزل يجدر الحرص على النظافة الشخصية، والحرص على نظافة المنزل وتهويته جيداً والتنظيف المستمر، لا سيما تنظيف الأسطح التي يتكرر استخدامها بمحاليل التنظيف المخففة، مع الاهتمام بالصحة النفسية والتقليل من الضغوط والالتزام بنظام صحي متوازن.
خطوات إدارة الأعراض اليومية للأمراض المزمنة
> المرض المزمن هو حالة تتطلب السيطرة عليها، وتلقي العلاج لأكثر من شهور، وربما سنوات أو طوال العمر. وتمر الحالة المرضية المزمنة بأوقات تكون الحالة المرضية منضبطة ومستقرة، وأوقات يحصل فيها اضطراب وعدم استقرار. والأمراض المزمنة لها تكاليف صحية واقتصادية كبيرة في جميع أرجاء العالم، وهي المسؤولة عن التسبب بأعلى الوفيات العالمية. ويشير مركز إدارة معالجة الأمراض المزمنة بجامعة ميشيغان قائلاً: «الأمراض المزمنة هي السبب الرئيسي للوفاة والعجز. والأمراض المزمنة هي حالات طويلة الأمد يمكن معالجتها والسيطرة عليها عادة، ولكن لا يمكن الشفاء منها. وغالباً ما يجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة إدارة التعامل مع الأعراض اليومية التي تؤثر على نوعية حياتهم، كما يُمكن أن يواجهوا مشكلات ومضاعفات صحية حادة».
وتضيف قائلة: «علاوة على ذلك، غالباً ما تكون الحالات المرضية المزمنة هي المحركات الرئيسية لانخفاض الإنتاجية وزيادة تكاليف الرعاية الصحية. وتُظهر بيانات من (منظمة الصحة العالمية) أن الأمراض المزمنة هي السبب الرئيسي للوفاة المبكرة حول العالم، حتى في الأماكن التي تنتشر فيها الأمراض المعدية. ولكن بالمقابل، فإن الخبر السار هو أنه من خلال جهود التغيير الفعالة لسلوكيات الحياة اليومية، وتلقي المتابعة والمعالجة الطبية المناسبة، عبر الرصد الطبي المنتظم لتحديد المشكلات والتداعيات الجديدة في الحالات المزمنة، يمكن في كثير من الأحيان منع تدهور استقرار حالات الأمراض المزمنة وإدارة علاجها بشكل فعّال».
ويمكن للوقاية منها، أو التحكُّم في الأعراض الناجمة عنها، أن تقلل تكاليف معالجتها والتعايش معها. والتكاليف ليس المقصود منها فقط التكاليف المادية، بل أيضاً التكاليف الاجتماعية والنفسية والعاطفية لدى المريض نفسه، ولدى بقية أفراد الأسرة الذين يقومون بالعناية بالمريض وتلبية احتياجاته.
وتشمل المجموعة الرئيسية للأمراض المزمنة كلّاً من:
- أمراض القلب والسكتة الدماغية.
- الأمراض السرطانية.
- مرض السكري.
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض السدد الرئوي المزمن.
- الربو.
- السمنة.
- التهابات المفاصل.
- مجموعة أمراض الخرف والزهايمر.
- أمراض التهابات الكبد المزمنة.
- أمراض ضعف وفشل الكليتين.
- الاكتئاب.
- آلام الظهر المزمنة والآلام المزمنة الأخرى.
وتحدث كثير من الأمراض المزمنة بسبب ممارسة سلوكيات حياتية غير صحية وخطرة. وتقول «منظمة الصحة العالمية»: ««ترتبط أربعة من أبرز الأمراض المزمنة - أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والسكري من النوع الثاني – بسببين. الأول: عوامل الخطر البيولوجية الشائعة التي يمكن الوقاية منها، لا سيما ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وزيادة الوزن، وما يرتبط بها من أمراض رئيسية. والثاني: عوامل الخطر السلوكية: مثل النظام الغذائي غير الصحي، والخمول البدني، وتعاطي التبغ. ويجب أن تركز إجراءات الوقاية من هذه الأمراض المزمنة الرئيسية على السيطرة على هذه العوامل وعوامل الخطر الرئيسية الأخرى بطريقة متكاملة».
ولذا، ومن خلال اتخاذ خيارات صحية في سلوكيات الحياة اليومية، وخيارات صحية في العناية بالنفس طبياً، يمكن للمرء تقليل احتمالية إصابته بمرض مزمن لو كان سليماً منها، وتقليل احتمالية حصول أي انتكاسات صحية لديه نتيجة لعدم استقرارها، وتحسين جودة حياته بضبط السيطرة على الأمراض المزمنة.
وتشمل تلك السلوكيات الوقائية والصحية المجموعة التالية:
- الامتناع عن التدخين.
- تناول الطعام الصحي.
- الحرص على وجبة الإفطار الصحية.
- ممارسة النشاط البدني بشكل يومي منتظم.
- الحرص على تغذية وتقوية عضلات الجسم.
- تقليل التعرض للملوثات البيئية في الهواء الخارجي واستنشاق الهواء النقي.
- إجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن الأمراض
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- ممارسة سلوكيات الاسترخاء الذهني والعاطفي.
- تبني عادة وضع برنامج صحي لليوم التالي.
- الحرص على المتابعة الطبية والحضور في مواعيد العيادة.
- معرفة الخطة العلاجية الطبية للحالة المرضية المزمنة لدى الشخص.
- سؤال الطبيب عن العلامات التحذيرية لأي أعراض تتطلب سرعة طلب المعونة الطبية.
- تناول الأدوية الموصوفة وسؤال الصيدلي عن كل ما يتعلق بها وطريقة تناولها.
- إجراء الفحوصات الطبية التي يطلبها الطبيب.
- الحرص على تلقي التثقيف الصحي بالمعلومات الطبية الصحيحة من مصادر طبية موثوقة.
الشرق الأوسط