• ×
admin

ومن الأصدقاء من يمنحك السعادة

ومن الأصدقاء من يمنحك السعادة

صالح عبدالعزيز الكريّم

وعدت في نهاية المقال السابق «هناك من لا يستحق الصداقة» بعد أن تحدثت عن الصداقات الرديئة بكل أنواعها وعدت أن أتحدث لكم عن الصداقات الناجحة والموفقة التي تقود إلى الحياة الطيبة والسعادة لذلك قلت في العنوان «ومن الأصدقاء من يمنحك السعادة»، وأطلقت عليهم لقب «مانحي السعادة» وهذا الكلام ليس من عندي لكنه أحد مضامين دراسة عن أسباب السعادة كان أحدها من عنده صديق في حياته مخلص ومحب له ويغليه ويعتبره جزء من حياته فان ذلك الشخص هو من يملك السعادة فعليه بقي أن نحدد من هو الصديق الذي نطلق عليه أنه من مانحي السعادة؟

إن أول الأصدقاء الذين يدخلون السعادة على أصحابهم هن الزوجات فَلَو أن الزوجة التي أطلق عليها القرآن الكريم وصف الصاحب (صاحبته وبنيه) التي تصنف على أنها صديق حياة بل الصديق الدائم والملازم فهي بالنسبة لزوجها بهذا الاعتبار تمثل السعادة كاملة وشروط ذلك أن تحب زوجها من قلبها ولا تنظر الى غيره وتطيعه لان من يحب لمن يحب مطيع لذلك فان القيمة الاعتبارية لهذا النوع من النساء عند الله عظيمة، انهن يدخلن الجنة مقابل هذا الحب والعطاء والصداقة الدائمة طيلة صحبتها لزوجها، وقد وردت عدة أحاديث تؤكد هذا المعنى الإنساني لصداقة الزوجين وهذا النوع من الصداقة تتمثله بعض الشعوب فالزوجة اليابانية مثلا الأولى عالميًا بهذا المعنى والغربية هي الأدنى عالميًا بهذا المعنى، أما النوع الثاني من الأصدقاء «مانحي السعادة» فهو صديق الحياة الذي يصحب صديقه طول عمره كما قال تعالى في صحبة ابوبكر الصديق للرسول صَل الله عليه وسلم (وإذ قال لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) وقوله عليه السلام لأصحابه: هلا تركتم لي صاحبي، من يؤذي أبابكر فقد أذاني وهو ما وصفت به قريش أبا بكر الصديق عندما قالت: إن صاحبك يدعي أنه أسري به الى بيت المقدس؟ فأي صديق من هذا النوع في الحب والحرص على صديقه ويصدقه ويتفقده ويسأل عنه فانه الصديق الذي تكون على يده سعادة صديقه وهذا النوع هو الذي نوهت عنه في المقال السابق بأنه عملة نادرة في هذا الزمن لأنه ذهب غير مغشوش والذهب غالي وهذا النوع من الصداقة يزداد تواجده عندما تكون أحوال الناس على قدها ويقل عندما تنفتح الدنيا على الناس الى درجة ندرته وهو الزمن الذي نعيشه الان ونموذج ازدهار هذا النوع من الصداقة كان أيام صحابة رسول الله صَل الله عليه وسلم، فقد آخى عليه السلام بين الأنصار والمهاجرين إلى درجة كان الأنصار يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومصادر هذا النوع متعددة وكلها تندرج تحت قوله تعالى (والصاحب بالجنب) فزميل الدراسة وزميل العمل وزميل الحياة كلهم أصدقاء، هذا النوع، وأما النوع الثالث من «مانحي السعادة» فهي صداقة الجيرة التي طول عمرك تكون معه ويكون معك فان حلت اتراح أو جاءت أفراح كان معك يأمن بوائقك ويستأمنك على عرضه وحلاله وكل أموره فهذا صديق المكان والزمان فهو يجعلك تعيش السعادة بكل أوصافها وهو نوع جاء التوجيه الإلهي بضرورة صناعته في الحياة (والجار الجنب) ونزل جبريل عليه السلام على الرسول يطلب توضيح هذا النوع من الصداقة كما قال عليه السلام (لازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ومن هذا النوع من الصداقات تنشأ مجتمعات الصداقة ويتحول المجتمع الى حب وايثار وهو كان متوفر في المجتمع في زمن ما قبل النفط واليوم يموت الجار ولا يدري عنه جاره إلا القليل، نه خلل في القيمة الاعتبارية للصداقة المجتمعية.. بقي ننبه إلى أن الصديق كبشر يعتريه النقص والخطأ لان من يبحث عن صديق بدون نقص عاش وحيدًا والمهمة والوصف الحقيقي للصديق هو أن يكون وفيًا.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  261