• ×
admin

من غرائب السعادة

من غرائب السعادة

إبراهيم العمار

صنع العالم روبرت نوزك تجربة فكرية شيقة؛ تخيّل أن هناك جهازاً تصل نفسك به ومن ثم تدخل في أي حلم أو تجربة تتخيلها، ويكون الشعور مطابقاً للواقع تماماً، توقن أنك تعيش الحياة الحقيقية بلا أدنى اختلاف، مثلاً تجد نفسك في روضة خضراء وحولك الفواكه الدانية والأشجار الوارفة ويطربك خرير الأنهار وتغريد الطير.

ما رأيك في جهازٍ كهذا؟ هل ستستخدمه بقية حياتك؟ هل ترى أنه نعمة عظيمة؟ ربما في البداية، لكن الذي وجده نوزك أنه لا أحد سيختار هذا النوع من السعادة؛ لأنها ليست سعادة حقيقية بل زائفة ولا أصل لها في الواقع!

لكن ما السعادة أصلاً؟ هل السعادة هي مجرد اختفاء المشكلات؟ هل هي اللذات الحسية؟ الرضا والراحة الروحية؟ الثراء؟ لن تجد شخصين يتفقان على نفس التعريف. كلمة «السعادة» هي مثل كلمة «أصفر»، ليس فقط لوناً بل تجربة. لو أتى كائن من كوكب آخر وطلب منك أن تُعرِّف له كلمة أصفر فماذا ستقول؟ فكّر قليلاً. شيء محير!

يقول العالم دانيل غيلبرت: إننا تعودنا على تمييز الألوان ومعرفتها لدرجة أننا غفلنا عن كونها شيئاً لا يمكن تعريفه ووصفه لشخص لم يرها من قبل. الذي يولد أعمى كيف ستصف له اللون الأصفر؟ ستعجز. عودة للكائن الآتي من كوكب آخر، إذا أردت أن تصف له اللون الأصفر فربما أقرب ما تفعله هو أن تشير إلى حافلة صفراء وإلى ليمونة وتقول «هذه أشياء صفراء»، ولكن هذه محاولات يائسة، فإذا لم يفهم الكائن مقصودك فقد حتَّم هذا أن يظل مفهوم اللون الأصفر - وباقي الألوان – حبيساً في عقلك لا تستطيع له شرحاً.

رغم أنه يصعب تعريفها إلا أن البحث عن السعادة هو أساس الحياة بالنسبة للإنسان، لكنها السعادة الحقيقية وليس فقط شعوراً في عقلك تصنعه التقنية كجهاز نوزك. كل شيء يعمله الإنسان هو للبحث عن السعادة، وحتى الذين ينشدون الألم يفعلون ذلك لأن الألم يسعدهم!

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  225