أحب ما تعمل لكي تعمل ما تحب
أحب ما تعمل لكي تعمل ما تحب!!
د. عادل بن أحمد بن يوسف الصالح
يقضي كل منا قرابة ثلث حياته أو يزيد في عمله، فدوام يومي قرابة 8 ساعات، إضافة إلى ما يحتله عملك من وقت - خارج نطاق العمل الرسمي - من تفكير وحديثك سواء مع الزملاء أو الأصدقاء أو الأهل، وبالطبع هذا الوقت الكبير الذي يحتله العمل في حياتنا سيؤثر في حياة كل منا سلبا أم إيجابا - بحسب ما إذا كان كل منا يحب الوظيفة التي يقوم بها أم لا؟، وهذا يتوقف على ما إذا كانت تلك الوظيفة تناسب شخصيتنا وإمكانياتنا ومهاراتنا وتفكيرنا واهتماماتنا وقيمنا، وغالبا ما يسعى كل إنسان منذ البداية لأن يبحث عن هذا التوفيق من خلال انتقاء الوظيفة، التي تناسبه ويجد نفسه فيها، ولكن في المقابل قد تفرض ظروف الحياة نفسها على أي شخص فيقبل بأي وظيفة قد لا تتوافق مع طموحه - تحت أي ظرف، حينها أمامه طريق من اثنين .. أما أن يظل يشعر بقهر الظروف وضغوط الواقع دائما، فحينها سيكون الفشل هو النتيجة المنتظرة وبالتالي الإقالة أم الاستقالة، ناهيك عما يكلف هذا أي مؤسسة من ضياع للوقت والجهد والمال، أما الطريق الثاني فهو أن يحاول أن يتأقلم مع الوظيفة الجديدة ويدير بوصلة طموحه قليلا ليستطيع أن يوفق في عمله، ومن الذكاء أن يعتبر الشخص أن حصوله على تلك الوظيفة ليس نهاية المطاف؛ ولكنه جسر تعبر من خلاله لما تريد الوصول له في حياتك المهنية، دون أن يعني هذا عدم اهتمامك بالعمل بل بمعنى ان تنظر للنصف المملوء من الكوب، فمثلا يجب أن تدرك أنك تقوم بإضافة تجارب وخبرات جديدة لسيرتك الذاتية تجعلك تبدو شخصا ذا خبرات متكاملة ومتعددة.
ونظرا لأهمية أن تكون الوظيفة مناسبة لكل شخص فقد قام متخصصون في مجال التنمية البشرية وعلم النفس بوضع مجموعة اختبارات لتكون مؤشرًا عن طبيعة الشخصية أو القيم أو الاهتمامات وتساعد تلك الاختبارات كل شخص في التعرف على شخصيته ومهاراته وبالتالي ما إذا كان مناسبًا للوظيفة أم لا، ونظرًا لأنه من الصعوبة بمكان أن تقوم كل شركة أو مؤسسة أو جهة بجعل كل شخص يمرّ بهذه الاختبارات فإنه على الأقل يجب أن تقوم إدارة الموارد البشرية في أي مؤسسة بوضع بعض من البنود (كاختبار) في كل طلب وظيفي، حينها تستطيع على الأقل تحديد مدى استعداد كل شخص للعمل في الوظيفة الجديدة، ليس بالضرورة أن يكون ملائما بنسبة 100% للعمل المطلوب لكن على الأقل لديه استعداد للإستجابة، وهذه تكون خطوة أولية لاستبعاد أي فشل محتمل، وفي هذا الأمر تكون هناك مرونة من الجانبين (طالب الوظيفة وجهة العمل)، وغالبا ما تكون فترة الاختبار هي الفيصل بين الطرفين.
وهذا يتوافق مع ما سبق أن تناولته في مقال سابق ومفاده أنه ينبغي على كل شاب أن يكتشف مهاراته وقدراته وإمكانياته وتحديد مؤهلاته بدقة حتى يستطيع أن يسوّق نفسه، وبناء على هذه المهارات يستطيع أن يعرف ماذا تريد أن يعمل وفي أي مجال، وماذا سيستفيد العمل منك، وهذا سيساعدك في تحديد هدفك الوظيفي بدقة، وفي الوقت نفسه يجب أن يتمتع بالمرونة فإن لم يستطع العثور على عمل، فيمكن أن يعمل على تغيير خططه أو يعيد تقييم هدفه الوظيفي.
وختاما فنصيحتي لكل فرد: اختر وظيفة تناسب شخصيتك، فإن لم تناسب الوظيفة شخصيتك فأعد هيكلة قدراتك ومهاراتك لتتلاءم مع الوظيفة الجديدة عبر التكيف النفسي أولا، ثم العمل على إعادة تأهيل نفسك من خلال الدورات التدريبية والاستفادة من تجارب الآخرين، وهذا لن يتأتي إلا إذا أحببت ما تعمل، «فأحب ما تعمل لكي تعمل ما تحب».
المصدر: صحيفة اليوم