دراسة جديدة حول أضرار المضادات الحيوية أثناء الحمل
دراسة جديدة حول أضرار المضادات الحيوية أثناء الحمل
تؤدي إلى ازدياد إصابات الأزمة الربوية لدى الأطفال
د. هاني رمزي عوض
تناول الأدوية خلال فترة الحمل في الأغلب لا يكون أمراً اختيارياً يمكن للأم أن تبتعد عنه أو تستبدله. وتتوفر المعلومات الطبية الخاصة بخطورة تناول أي أدوية أثناء الحمل حتى في أقل المجتمعات وعياً وتقدماً صحياً، خصوصاً إذا كان هذا الاضطرار في الأشهر الأولى.
وتبقى المضادات الحيوية من الأدوية التي قد يتناولها كثير من السيدات الحوامل رغم استخدامها الخاطئ في كثير من الأحيان ورغم التحذيرات بعدم تناولها إلا من خلال وصفات طبية. ولا يزال استخدامها يمثل ظاهرة خطيرة.
وهناك كثير من الدراسات التي ربطت بين تناول المضادات أثناء الحمل وإصابة الأطفال لاحقاً بعد الولادة بأمراض معينة؛ من أهمها الأزمة الربوية.
دراسة جديدة
أحدث هذه الدراسات التي قام بها علماء من «جامعة أرهوس (Aarhus University)» بالدنمارك ونُشرت في مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي بالنسخة الإلكترونية من مجلة «أرشيف أمراض الطفولة (the Archives of Disease in Childhood)»، أشارت إلى احتمالية أن يلعب تناول المضادات الحيوية أثناء الحمل في الأسابيع الوسطى أو الأخيرة دوراً في إصابة الطفل بالأزمة الربوية. وتقسم أشهر الحمل طبياً إلى 3 مراحل؛ موزعة على 3 أشهر لكل مرحلة.
وأوضح العلماء أن نتيجة الدراسة لا تعني أن تناول المضادات بالضرورة يؤدي إلى الأزمة، ولكن الصلة لا تزال قائمة. والحقيقة أن السبب المؤكد لا يمكن وصفه على وجه التحديد، خصوصاً أن الدراسات السابقة أشارت إلى الربط بين إصابة الأم بالعدوى بالأمراض المختلفة أثناء الحمل وإصابة طفلها بالأزمة الربوية لاحقاً.
أشار الباحثون إلى أن بعض الأمور الأخرى تلعب دوراً في احتماليات الإصابة بالأزمة؛ سواء بالسلب وبالإيجاب. وعلى سبيل المثال؛ فإن الرضاعة الطبيعية تقلل من حدوث الأزمة. وربما تزيد بعض العوامل البيئية الأخرى من احتمالات الإصابة. ولكن المضادات تزيد من الإصابات بالفعل، ولذلك ينصح بتجنبها كلما أمكن ذلك، وعدم التسرع في البدء بتناولها، خصوصاً مع إحساس السيدات بالأمان في نهاية أشهر الحمل، بوصف تكوين الجنين قد اكتمل، وبالتالي لن تؤدي الأدوية إلى عيوب خلقية.
ويجب الوضع في الحسبان أن هناك آثاراً جانبية للأدوية يمكن أن تأثر على صحة الجنين حتى لو كانت أمراضاً عادية وغير خلقية مثل الأزمة الربوية. ويجب أن يُنشر الوعي الصحي بشكل عام والتحذير من الإفراط في تناول المضادات الحيوية في غير موضعها، والتأكيد على أهميتها الكبيرة في علاج العدوى، حيث يمكن أن تنقذ حياة الأم. ولكن يجب عدم اللجوء إلى المضاد على أنه علاج لكل داء. وعلى سبيل المثال؛ تناول المضاد بشكل روتيني لنزلة البرد من دون أي دور فعال له حيث إن الإصابة فيروسية وليست بكتيرية.
تأثيرات الأدوية
أجاب العلماء عن السؤال الذي يشغل بال الأمهات: «لماذا يؤثر دواء معين جرى تناوله أثناء الحمل على صحة الطفل بعد سنوات من تناوله؟». والحقيقة أن المضادات الحيوية على وجه التحديد ربما تقوم بتغيير تركيبة ملايين من البكتيريا النافعة الموجودة بشكل طبيعي في جسم الأم (microbiome)؛ مما يؤثر بالتالي بشكل سلبي على تكوين الميكروبات النافعة في جسم الجنين المستمدة بشكل أساسي من الأم.
ومن المعروف أن وجود هذه البكتيريا يعدّ نوعاً من الوقاية للطفل؛ سواء من الأمراض المُعدية، ورفع المناعة بشكل عام، خصوصاً في السنوات الأولى من حياة الطفل، وبذلك تزيد إمكانات إصابته بشكل غير مباشر.
وقد قام العلماء بتتبع بيانات 32600 من الأطفال من خلال «المؤسسة الوطنية الدنماركية للولادة (DNBC)» عبر السجلات الطبية للأمهات أثناء فترة الحمل، عن طريق الزيارات الطبية في العيادات خلال أسابيع الحمل «6 و10 أسابيع»، ثم عبر اتصالات هاتفية بالأمهات في الأسبوع الـ16، ثم الأسبوع الـ30، ومرة واحدة بعد الولادة، وقمن بالإجابة عن بعض الأسئلة عبر الإنترنت تتعلق بصحتهن، وأيضاً أجَبن عن أسئلة تتعلق بصحة الأبناء منذ الولادة، وأيضاً حينما كانوا في عمر الحادية عشرة.
ومن جميع الأطفال الذين شملتهم الدراسة كانت هناك نسبة منهم بلغت 17 في المائة تناولت أمهاتهن المضادات الحيوية أثناء الحمل بناء على التقارير الطبية الخاصة بكل سيدة. ومن هذه الفئة كانت هناك نسبة بلغت 14.6 في المائة شُخّصوا بالأزمة الربوية لاحقاً.
أُخذ في الحسبان العوامل الأخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل تدخين الأم، وزيادة الوزن والبدانة، وإذا ما كان هذا الحمل هو الأول من عدمه؛ إذ كان الاحتمال أكبر لدى الأمهات المدخنات واللاتي حملن قبل ذلك مرات عدة، وإذا ما كانت الأم نفسها تعرضت للأزمة الربوية، أو أي فرد من أفراد العائلة أصيب بها. وقد لاحظ العلماء أن هذه الإصابات كانت موجودة فقط بين الأطفال الذين وُلدوا «ولادة طبيعية (born vaginally)»، ورغم أنه لم يحدَّد إذا ما كانت طريقة الولادة نفسها تسبب ذلك من عدمه، فإن حدوث ذلك يرجح نظرية «الميكروبيم» التي تنتقل للجنين خلال مروره من المهبل، بينما لا يتعرض لها الجنين الذي يولد قيصرياً. وأيضاً ارتبط تعرض الأم للمضادات الحيوية مع ولادتها بشكل طبيعي بزيادة احتمالات حدوث نوع أكثر شدة من الأزمة الربوية يستلزم علاجاً قوياً للطفل بنسبة 34 في المائة عن غيره من الأطفال المصابين بالمرض نفسه.
الشرق الأوسط
تؤدي إلى ازدياد إصابات الأزمة الربوية لدى الأطفال
د. هاني رمزي عوض
تناول الأدوية خلال فترة الحمل في الأغلب لا يكون أمراً اختيارياً يمكن للأم أن تبتعد عنه أو تستبدله. وتتوفر المعلومات الطبية الخاصة بخطورة تناول أي أدوية أثناء الحمل حتى في أقل المجتمعات وعياً وتقدماً صحياً، خصوصاً إذا كان هذا الاضطرار في الأشهر الأولى.
وتبقى المضادات الحيوية من الأدوية التي قد يتناولها كثير من السيدات الحوامل رغم استخدامها الخاطئ في كثير من الأحيان ورغم التحذيرات بعدم تناولها إلا من خلال وصفات طبية. ولا يزال استخدامها يمثل ظاهرة خطيرة.
وهناك كثير من الدراسات التي ربطت بين تناول المضادات أثناء الحمل وإصابة الأطفال لاحقاً بعد الولادة بأمراض معينة؛ من أهمها الأزمة الربوية.
دراسة جديدة
أحدث هذه الدراسات التي قام بها علماء من «جامعة أرهوس (Aarhus University)» بالدنمارك ونُشرت في مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي بالنسخة الإلكترونية من مجلة «أرشيف أمراض الطفولة (the Archives of Disease in Childhood)»، أشارت إلى احتمالية أن يلعب تناول المضادات الحيوية أثناء الحمل في الأسابيع الوسطى أو الأخيرة دوراً في إصابة الطفل بالأزمة الربوية. وتقسم أشهر الحمل طبياً إلى 3 مراحل؛ موزعة على 3 أشهر لكل مرحلة.
وأوضح العلماء أن نتيجة الدراسة لا تعني أن تناول المضادات بالضرورة يؤدي إلى الأزمة، ولكن الصلة لا تزال قائمة. والحقيقة أن السبب المؤكد لا يمكن وصفه على وجه التحديد، خصوصاً أن الدراسات السابقة أشارت إلى الربط بين إصابة الأم بالعدوى بالأمراض المختلفة أثناء الحمل وإصابة طفلها بالأزمة الربوية لاحقاً.
أشار الباحثون إلى أن بعض الأمور الأخرى تلعب دوراً في احتماليات الإصابة بالأزمة؛ سواء بالسلب وبالإيجاب. وعلى سبيل المثال؛ فإن الرضاعة الطبيعية تقلل من حدوث الأزمة. وربما تزيد بعض العوامل البيئية الأخرى من احتمالات الإصابة. ولكن المضادات تزيد من الإصابات بالفعل، ولذلك ينصح بتجنبها كلما أمكن ذلك، وعدم التسرع في البدء بتناولها، خصوصاً مع إحساس السيدات بالأمان في نهاية أشهر الحمل، بوصف تكوين الجنين قد اكتمل، وبالتالي لن تؤدي الأدوية إلى عيوب خلقية.
ويجب الوضع في الحسبان أن هناك آثاراً جانبية للأدوية يمكن أن تأثر على صحة الجنين حتى لو كانت أمراضاً عادية وغير خلقية مثل الأزمة الربوية. ويجب أن يُنشر الوعي الصحي بشكل عام والتحذير من الإفراط في تناول المضادات الحيوية في غير موضعها، والتأكيد على أهميتها الكبيرة في علاج العدوى، حيث يمكن أن تنقذ حياة الأم. ولكن يجب عدم اللجوء إلى المضاد على أنه علاج لكل داء. وعلى سبيل المثال؛ تناول المضاد بشكل روتيني لنزلة البرد من دون أي دور فعال له حيث إن الإصابة فيروسية وليست بكتيرية.
تأثيرات الأدوية
أجاب العلماء عن السؤال الذي يشغل بال الأمهات: «لماذا يؤثر دواء معين جرى تناوله أثناء الحمل على صحة الطفل بعد سنوات من تناوله؟». والحقيقة أن المضادات الحيوية على وجه التحديد ربما تقوم بتغيير تركيبة ملايين من البكتيريا النافعة الموجودة بشكل طبيعي في جسم الأم (microbiome)؛ مما يؤثر بالتالي بشكل سلبي على تكوين الميكروبات النافعة في جسم الجنين المستمدة بشكل أساسي من الأم.
ومن المعروف أن وجود هذه البكتيريا يعدّ نوعاً من الوقاية للطفل؛ سواء من الأمراض المُعدية، ورفع المناعة بشكل عام، خصوصاً في السنوات الأولى من حياة الطفل، وبذلك تزيد إمكانات إصابته بشكل غير مباشر.
وقد قام العلماء بتتبع بيانات 32600 من الأطفال من خلال «المؤسسة الوطنية الدنماركية للولادة (DNBC)» عبر السجلات الطبية للأمهات أثناء فترة الحمل، عن طريق الزيارات الطبية في العيادات خلال أسابيع الحمل «6 و10 أسابيع»، ثم عبر اتصالات هاتفية بالأمهات في الأسبوع الـ16، ثم الأسبوع الـ30، ومرة واحدة بعد الولادة، وقمن بالإجابة عن بعض الأسئلة عبر الإنترنت تتعلق بصحتهن، وأيضاً أجَبن عن أسئلة تتعلق بصحة الأبناء منذ الولادة، وأيضاً حينما كانوا في عمر الحادية عشرة.
ومن جميع الأطفال الذين شملتهم الدراسة كانت هناك نسبة منهم بلغت 17 في المائة تناولت أمهاتهن المضادات الحيوية أثناء الحمل بناء على التقارير الطبية الخاصة بكل سيدة. ومن هذه الفئة كانت هناك نسبة بلغت 14.6 في المائة شُخّصوا بالأزمة الربوية لاحقاً.
أُخذ في الحسبان العوامل الأخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل تدخين الأم، وزيادة الوزن والبدانة، وإذا ما كان هذا الحمل هو الأول من عدمه؛ إذ كان الاحتمال أكبر لدى الأمهات المدخنات واللاتي حملن قبل ذلك مرات عدة، وإذا ما كانت الأم نفسها تعرضت للأزمة الربوية، أو أي فرد من أفراد العائلة أصيب بها. وقد لاحظ العلماء أن هذه الإصابات كانت موجودة فقط بين الأطفال الذين وُلدوا «ولادة طبيعية (born vaginally)»، ورغم أنه لم يحدَّد إذا ما كانت طريقة الولادة نفسها تسبب ذلك من عدمه، فإن حدوث ذلك يرجح نظرية «الميكروبيم» التي تنتقل للجنين خلال مروره من المهبل، بينما لا يتعرض لها الجنين الذي يولد قيصرياً. وأيضاً ارتبط تعرض الأم للمضادات الحيوية مع ولادتها بشكل طبيعي بزيادة احتمالات حدوث نوع أكثر شدة من الأزمة الربوية يستلزم علاجاً قوياً للطفل بنسبة 34 في المائة عن غيره من الأطفال المصابين بالمرض نفسه.
الشرق الأوسط