تحديات السكري لدى المراهقين
تحديات السكري لدى المراهقين
التغيرات الجسدية والهرمونية تضاعف مسؤوليتهم في التحكم بالمرض
د. هاني رمزي عوض
يمثل مرض السكري من النوع الأول تحدياً كبيراً للمراهقين، حيث إن فترة المراهقة تعد بداية الانتقال من الطفولة إلى البلوغ، وبالتالي يبدأ المراهق في تحمل شؤون نفسه بشكل كبير، منها الحفاظ على صحته الجسدية والنفسية في حالة جيدة. ويشكل هذا الأمر مسؤولية إضافية للأطفال مرضى السكري، حيث تتطلب طبيعة مرضهم المزمن مراعاة أمور معينة؛ أهمها الحفاظ على مستوى ثابت من الغلوكوز في الدم حتى لا يتم التعرض لخلل في مستوى السكر في الجسم، سواء بالنقص أو الارتفاع، وكلاهما يؤديان إلى عواقب صحية سيئة وحدوث العديد من المضاعفات، أهمها الغيبوبة، التي يمكن أن تحدث بسهولة في حالة تناول العلاج وعدم تناول الطعام بعدها.
- التعايش مع السكري
يكمن جزء كبير من تحدي التعايش مع مرض السكري في ضرورة الالتزام بنظام معين صحي يضمن ثبات السكر في الدم من خلال تنظيم الوجبات، ممارسة الرياضة، تناول الأنسولين بجرعات يومية يحددها الطبيب، وقياس مستوى الغلوكوز في الدم بانتظام للتأكد من الاستجابة الجيدة للعلاج.
من المعروف أن مرحلة المراهقة هي المرحلة التي يبدأ فيها الطفل في التمرد على التعليمات والأوامر، وهو ما يشكل عبئاً على الأسرة والمراهق، حسب رصد مؤسسة أبحاث سكري الصغار - (Juvenile Diabetes Research Foundation الاسم القديم للنوع الأول)، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بالأطفال والمراهقين المصابين بالمرض بشكل خاص.
أوضح العلماء أن مرحلة البلوغ تحدث فيها تغيرات جسدية كبيرة، ويزيد فيها النمو والإقبال على تناول الطعام بكثرة مما يزيد الحاجة إلى جرعات أكبر من الأنسولين، على سبيل المثال إذا كان الجسم يحتاج إلى وحدة أنسولين فقط لتكون كافية لتناول ما يعادل 30 غراماً من الكربوهيدرات في فترة الطفولة، يحتاج إلى وحدتين، وفي بعض الأحيان 3 وحدات من الأنسولين لتكون مكافئة للكمية نفسها من الكربوهيدرات في المراهقة، مما يتطلب تعديل الجرعة تبعاً لطبيعة الأكل، خصوصاً أن المراهق يبدأ في تناول الطعام خارج المنزل وفي الأغلب يحتوي هذا الطعام على كميات كبيرة من الكربوهيدرات والدهون، وهو ما يفسر عدم انتظام مستوى الجلوكوز في الدم رغم الالتزام بالعلاج.
ويجب الوضع في الحسبان أن مرحلة البلوغ هي المرحلة التي تبدأ فيها هرمونات الجنس في العمل (الإستروجين Estrogen للإناث والتستستيرون Testosterone للذكور)، وكلاهما يعملان بشكل منظم لعمل الأنسولين، لكن في بعض الأحيان التي يحدث فيها خلل في أي هرمون منها يمكن أن يؤدي هذا الخلل إلى حدوث مقاومة الأنسولين (Insulin Resistance)، بمعنى أن تناوله لا يصبح فعالاً مما يستلزم زيادة الجرعة.
بجانب هرمونات الجنس، تشهد مرحلة المراهقة أيضاً عدم ثبات الحالة النفسية وزيادة التوتر والقلق مما يترتب عليه زيادة إفراز هرمون الكورتيزول (Cortisol)، الذي يمكن أن يزيد من نسبة الغلوكوز بالدم مما يؤدي أيضاً إلى الحاجة إلى مزيد من الأنسولين، وهو الأمر الذي يجعل عملية التحكم الدقيق في جرعات العلاج إجراءً بالغ الأهمية، ويجب أن يقوم المراهق بمراقبة السكر باستمرار، وتنظيم تناول السكريات تبعاً لنتيجة القياس، خصوصاً في الأوقات التي يشعر فيها المراهق بالقلق مثل أيام الامتحانات.
- ضغط عصبي وعاطفي
وجد الباحثون أن الضغط العصبي والعاطفي على المراهق في بعض الأحيان يؤدي إلى إهمال العلاج، سواء نسيان أخذ جرعات الأنسولين بانتظام، أو نسيان تناول الأدوية المساعدة لمرضى السكري مثل الفيتامينات الخاصة بالتهاب الأعصاب (مشتقات فيتامين بي المركب)، وهي متوفرة في شكل أقراص وأمبولات، وفي الأغلب يفضل المراهقون تناول الأقراص. كذلك يؤدي التوتر إلى عدم الالتزام بتناول بدائل السكر أو الاستغناء عنه بشكل كامل، وفي بعض الأحيان يمكن أن يحدث انخفاض لمستوى السكر في الدم نتيجة للتوتر العصبي، خصوصاً في حالة التأخر عن تناول الطعام مما يؤدي إلى حدوث إغماء. ولذلك يجب أن يحتفظ المراهق بقطع من الحلوى أو الشوكولاته دائماً معه تحسباً لأي انخفاض مفاجئ. يجب أن يكون هناك تواصل دائم مع الطبيب فيما يخص جرعات العلاج ونجاحها في السيطرة على ثبات مستوى السكر بالدم، خصوصاً فيما يتعلق بالأنشطة الرياضية أو الامتحانات بالتعاون مع المدرسة، حيث إن المراهقين في الأغلب لا يريدون أن يعلم الأقران بمرضهم، ولا يرغبون في الشعور بالاختلاف عن زملائهم. ويجب أن يكون المدربون في الأندية أو المدرسة على علم بطبيعة المرض، بحيث يمكن أن يتناول المراهق جرعات أكبر من السكريات قبل المباراة أو تقليل نسبة الأنسولين حتى لا يتعرض للغيبوبة، ويجب على المراهق التوقف عن التمرين أو اللعب في حالة الإحساس بالإرهاق أو الدوار. وأيضاً أثبتت الدراسات أن المراهق الذي يتحكم في مستوى الغلوكوز بنجاح يمكن أن يؤدي دوره كأي لاعب آخر من الأقران.
- يجب على الآباء مراقبة المراهقين بشكل غير مباشر بطبيعة الحال، والتأكد من حرصهم على العلاج، وعدم إهمالهم ودعمهم في المشاركة في الأنشطة المختلفة، بما فيها التي تحتاج إلى مجهود بدني عنيف (مع المشورة الطبية)، والتركيز على عدم اختلافهم عن الآخرين، سواء بدنياً أو نفسياً، ويجب على الآباء التغلب على مخاوفهم من ترك أبنائهم المراهقين بمفردهم في التمرينات والمواقف المختلفة، ولكن يمكن حضور المباريات والأحداث المهمة على سبيل الدعم النفسي لهم.
الشرق الأوسط
التغيرات الجسدية والهرمونية تضاعف مسؤوليتهم في التحكم بالمرض
د. هاني رمزي عوض
يمثل مرض السكري من النوع الأول تحدياً كبيراً للمراهقين، حيث إن فترة المراهقة تعد بداية الانتقال من الطفولة إلى البلوغ، وبالتالي يبدأ المراهق في تحمل شؤون نفسه بشكل كبير، منها الحفاظ على صحته الجسدية والنفسية في حالة جيدة. ويشكل هذا الأمر مسؤولية إضافية للأطفال مرضى السكري، حيث تتطلب طبيعة مرضهم المزمن مراعاة أمور معينة؛ أهمها الحفاظ على مستوى ثابت من الغلوكوز في الدم حتى لا يتم التعرض لخلل في مستوى السكر في الجسم، سواء بالنقص أو الارتفاع، وكلاهما يؤديان إلى عواقب صحية سيئة وحدوث العديد من المضاعفات، أهمها الغيبوبة، التي يمكن أن تحدث بسهولة في حالة تناول العلاج وعدم تناول الطعام بعدها.
- التعايش مع السكري
يكمن جزء كبير من تحدي التعايش مع مرض السكري في ضرورة الالتزام بنظام معين صحي يضمن ثبات السكر في الدم من خلال تنظيم الوجبات، ممارسة الرياضة، تناول الأنسولين بجرعات يومية يحددها الطبيب، وقياس مستوى الغلوكوز في الدم بانتظام للتأكد من الاستجابة الجيدة للعلاج.
من المعروف أن مرحلة المراهقة هي المرحلة التي يبدأ فيها الطفل في التمرد على التعليمات والأوامر، وهو ما يشكل عبئاً على الأسرة والمراهق، حسب رصد مؤسسة أبحاث سكري الصغار - (Juvenile Diabetes Research Foundation الاسم القديم للنوع الأول)، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بالأطفال والمراهقين المصابين بالمرض بشكل خاص.
أوضح العلماء أن مرحلة البلوغ تحدث فيها تغيرات جسدية كبيرة، ويزيد فيها النمو والإقبال على تناول الطعام بكثرة مما يزيد الحاجة إلى جرعات أكبر من الأنسولين، على سبيل المثال إذا كان الجسم يحتاج إلى وحدة أنسولين فقط لتكون كافية لتناول ما يعادل 30 غراماً من الكربوهيدرات في فترة الطفولة، يحتاج إلى وحدتين، وفي بعض الأحيان 3 وحدات من الأنسولين لتكون مكافئة للكمية نفسها من الكربوهيدرات في المراهقة، مما يتطلب تعديل الجرعة تبعاً لطبيعة الأكل، خصوصاً أن المراهق يبدأ في تناول الطعام خارج المنزل وفي الأغلب يحتوي هذا الطعام على كميات كبيرة من الكربوهيدرات والدهون، وهو ما يفسر عدم انتظام مستوى الجلوكوز في الدم رغم الالتزام بالعلاج.
ويجب الوضع في الحسبان أن مرحلة البلوغ هي المرحلة التي تبدأ فيها هرمونات الجنس في العمل (الإستروجين Estrogen للإناث والتستستيرون Testosterone للذكور)، وكلاهما يعملان بشكل منظم لعمل الأنسولين، لكن في بعض الأحيان التي يحدث فيها خلل في أي هرمون منها يمكن أن يؤدي هذا الخلل إلى حدوث مقاومة الأنسولين (Insulin Resistance)، بمعنى أن تناوله لا يصبح فعالاً مما يستلزم زيادة الجرعة.
بجانب هرمونات الجنس، تشهد مرحلة المراهقة أيضاً عدم ثبات الحالة النفسية وزيادة التوتر والقلق مما يترتب عليه زيادة إفراز هرمون الكورتيزول (Cortisol)، الذي يمكن أن يزيد من نسبة الغلوكوز بالدم مما يؤدي أيضاً إلى الحاجة إلى مزيد من الأنسولين، وهو الأمر الذي يجعل عملية التحكم الدقيق في جرعات العلاج إجراءً بالغ الأهمية، ويجب أن يقوم المراهق بمراقبة السكر باستمرار، وتنظيم تناول السكريات تبعاً لنتيجة القياس، خصوصاً في الأوقات التي يشعر فيها المراهق بالقلق مثل أيام الامتحانات.
- ضغط عصبي وعاطفي
وجد الباحثون أن الضغط العصبي والعاطفي على المراهق في بعض الأحيان يؤدي إلى إهمال العلاج، سواء نسيان أخذ جرعات الأنسولين بانتظام، أو نسيان تناول الأدوية المساعدة لمرضى السكري مثل الفيتامينات الخاصة بالتهاب الأعصاب (مشتقات فيتامين بي المركب)، وهي متوفرة في شكل أقراص وأمبولات، وفي الأغلب يفضل المراهقون تناول الأقراص. كذلك يؤدي التوتر إلى عدم الالتزام بتناول بدائل السكر أو الاستغناء عنه بشكل كامل، وفي بعض الأحيان يمكن أن يحدث انخفاض لمستوى السكر في الدم نتيجة للتوتر العصبي، خصوصاً في حالة التأخر عن تناول الطعام مما يؤدي إلى حدوث إغماء. ولذلك يجب أن يحتفظ المراهق بقطع من الحلوى أو الشوكولاته دائماً معه تحسباً لأي انخفاض مفاجئ. يجب أن يكون هناك تواصل دائم مع الطبيب فيما يخص جرعات العلاج ونجاحها في السيطرة على ثبات مستوى السكر بالدم، خصوصاً فيما يتعلق بالأنشطة الرياضية أو الامتحانات بالتعاون مع المدرسة، حيث إن المراهقين في الأغلب لا يريدون أن يعلم الأقران بمرضهم، ولا يرغبون في الشعور بالاختلاف عن زملائهم. ويجب أن يكون المدربون في الأندية أو المدرسة على علم بطبيعة المرض، بحيث يمكن أن يتناول المراهق جرعات أكبر من السكريات قبل المباراة أو تقليل نسبة الأنسولين حتى لا يتعرض للغيبوبة، ويجب على المراهق التوقف عن التمرين أو اللعب في حالة الإحساس بالإرهاق أو الدوار. وأيضاً أثبتت الدراسات أن المراهق الذي يتحكم في مستوى الغلوكوز بنجاح يمكن أن يؤدي دوره كأي لاعب آخر من الأقران.
- يجب على الآباء مراقبة المراهقين بشكل غير مباشر بطبيعة الحال، والتأكد من حرصهم على العلاج، وعدم إهمالهم ودعمهم في المشاركة في الأنشطة المختلفة، بما فيها التي تحتاج إلى مجهود بدني عنيف (مع المشورة الطبية)، والتركيز على عدم اختلافهم عن الآخرين، سواء بدنياً أو نفسياً، ويجب على الآباء التغلب على مخاوفهم من ترك أبنائهم المراهقين بمفردهم في التمرينات والمواقف المختلفة، ولكن يمكن حضور المباريات والأحداث المهمة على سبيل الدعم النفسي لهم.
الشرق الأوسط