• ×
admin

وظائف الأنف

وظائف الأنف

حسين حسين

حتى الآن لا تفسير مقنعا لحساسية الأنف، تجاه أشياء معينة؛ تدخل إلى الدار بعد غياب طال أو قصر؛ فينزل عليك عطاس لا ينقطع بسهولة، بينما من هم بصحبتك يدخلون دارك بسلام، وكأنهم فارقوه من لحظة، مع أنهم لم يدخلوه إلا معك! ويدخل عليك بمنزلك صديقك، وربما زوجتك، أو ابنك، وأنت تجلس وحيدا؛ فيتأوهون من رائحة غريبة، في المكان الذي تجلس فيه آمنا، أمامك الشاي والماء، دون أن تتأفف أو تقر برائحة غريبة حولك أو في مكانك!

وعند التحري والبحث عن ممنوعات أو مواد مخدرة، تستعين الشرطة بكلاب تنتشر في المكان، ثم لا تلبث دقائق حتى تدل على أماكن الممنوعات أو الجريمة، وهي مهمة ربما لا يستطيع الإنسان القيام بها بكفاءة الكلب، أو الكلاب المدربة، ما الطريقة التي تتبع لتوجيه أو تخصيص حاسة الشم لدى الكلاب؟ وما الطريقة التي تجعل عديدا من الحيوانات تغير طريقها عندما تشعر أن السير فيه قد يتسبب في القضاء عليها دون أن ترى مكمن الخطر؟

وفي مجال صناعة العطور هناك وظيفة «أنف»؛ مهمة شاغلها التمييز بين روائح العطور بدقة متناهية، وتدفع لهؤلاء رواتب عالية، فهم وحدهم من يستطيعون التمييز والحكم على فرادة النكهة أو الرائحة، وهم وحدهم بيدهم دفع المصانع التي يتعاملون معها إلى الأمام أو إلى الخلف؛ وهذه العينة من الشمامين موجودة في مصانع العطور؛ موجودة في مصانع الدخان بكافة درجاته وأنواعه، خصوصا معامل السيجار والنشوق والسجائر، وهناك متخصصون في نكهات التوابل على مختلف أنواعها، والتي كانت في وقت مضى في مقام البترول يتم البحث عنها والهيمنة على الدول التي تزرع فيها، وأبرز هذه التوابل «القرنفل والهيل والقرفة والكركم»، ما جعل منطقة شرق إفريقيا مطمعا للمستعمرين لسنوات طويلة، حتى انتشرت المواقع التي تزرع فيها التوابل.

وعلى نفس الخط هناك أنوف متخصصة في فرز البخور الجيد من الرديء، هذه الفئة تميز بين أنواع البخور الرخيصة والعالية الجودة، وهذه الفئة من الشمامين المتخصصين تكون رفيقة لتجار البخور في جولاتهم على أراضيه في كمبوديا وغيرها من الدول التي تورد لنا هذا اللون من البخور. وفي أماكن تجهيز الوجبات الجاهزة والمطاعم الراقية يوجد محترفو شم نكهات العصير والمعجنات الحلوة والمالحة، مثلما يوجد متذوقو ما يطبخ في الطواجن والقدور.

وفي رواية «العطر/ قصة قاتل» للفرنسي «باتريك زوسكيند»، حيث تميز بطلها بقدرته على معرفة الأشياء من رائحتها، فقد كانت عنده قدرة عالية، على التمييز بين روائح كافة الأشياء الثابتة والمتحركة. لكل جسد أو كتلة عنده رائحة، ومن ذلك الماء والدم والفضلات والأخشاب وحتى الجدران والسقوف، وقد قرأت هذه الرواية عند ترجمتها ونشرها، وخرجت بسؤال واحد: إلى أي حد فرضيات أو حقائق المؤلف صحيحة؟

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  143