• ×
admin

الراحلون في صمت

الراحلون في صمت

أحمد المغلوث

كثيرون من الذين رحلوا في بلادنا وغير بلادنا. خلال الشهور الماضية. الشهور الصعبة. على العالم كل العالم. رحلوا في صمت. القليل القليل من أسرهم ومعارفهم كانوا في وداعهم الأخير.. علماء. أطباء. مشاهير في مختلف المجالات. أثرياء. الجميع رحلوا دون أن يلقي من أحبوه وبادلهم نفس الحب. والكثير منهم احتضن هموم وطنه وعمل مخلصًا من أجله. وفي مجاله أكان في العمل العام أو الخاص.. ومع هذا وبناءً على قرارات وإجراءات الاحترازات الصحية. كانت أعداد التي شاركت في وداع ضحايا «كورونا المستجد» تعد على أصابع اليد الواحدة في مختلف مدن العالم وبالتالي أقل من ذلك من قال له وداعًا في صمت. بعض الضحايا من المشاهير والذين كان كل واحد منهم يملأ المكان والزمان حياة وفعلاً وعطاء. بل كان بعضهم يعيش بين أفراد أسرته ومحبيه حياة مفعمة بالحيوية والنشاط.. والآلاف من الضحايا عملوا في مجالاتهم بحب وإخلاص نادر وبعزيمة لا حدود لها مما جعل بعضهم يحقق ثروات طائلة. ومع هذا لم تنفعه هذه الثروة في الحصول على الهواء الذي يعيد الحياة لرئتيه على الرغم من وجود أجهزة الأكسجين المساعدة والدافعة للأكسجين إلى داخل رئتيه، فلقد تمكنت «فيروسات كورونا اللعينة» من السيطرة على جهازه التنفسي. وكان مصيره مثل الملايين الذين سقطوا ضحايا لهذا الوباء الفتَّاك.. وجميعنا شاهد ما نقلته وتنقله لنا وسائل الإعلام المختلفة من صور الوداع الأخير.. صور بائسة يائسة لمن رصد هذا الوداع. فكم من عزيز على أهله ومحبيه لم يستطع بعضهم الحضور لوداعه خلال تشييع نعشه إلى مثواه.. وذلك بسبب الإجراءات وللحفاظ عليهم من العدوى. وليكونوا بعيدًا عنها بصورة فيها الكثير من الأمان الصحي. ولا شك أن هذا الإجراء يعتبر أمرًا محمودًا ومقبولاً في مثل هذه «الجائحة اللعينة»، ومع هذا استطاعت التقنية المساهمة ولو بشكل محدود في نقل مراسم الوداع لبعض الضحايا من خلال تطبيق «زوم» الذي أتاح الفرصة لبعض أهالي الضحايا مشاهدة جنازة أقاربهم الذين رحلوا.. لقد تسببت فيروسات «كورونا» في وفاة أكثر من مليوني إنسان في مختلف دول العالم.. ومن هنا نجد صعوبة وفاجعة عدم مشاركة جميع من له علاقة بكل ضحية من ضحايا «كورونا» ولا يمكن بعد ذلك ولا قبل ذلك تصور مدى الحزن والألم الشديدين اللذين يتملكان كل من له قرابة حميمة بقريب أو عزيز لم يستطع توديعه الوداع المستحق.. وإنه لأمر محزن للغاية أن نودع أحبتنا وعض من أفراد أسرنا وداعاً شبه صامت.. ولقد شاهدنا ومن خلال الصور الإعلامية كيف وضعت مئات جثث ضحايا الفيروس الكوروني في مقابر جماعية، بل دول أخرى دفنت الموتى في خفية. وبعيدًا عن وسائل الإعلام.. ودون وجود أقاربهم أو أصدقائهم. ودول أخرى راحت تحرق جثث الضحايا؛ لمزيد من الاحتياطات والاحترازات إضافة إلى أن عاداتهم وتقاليدهم تسمح بذلك.. وننتهي من هذا كله لنقول إن من الأمور الصعبة أنك لا تستطيع أن تودع من تحب. وتكتفي فقط باتصال هاتفي.. وأنت تخنقك العبرة. على الراحل العزيز في صمت..

الجزيرة
بواسطة : admin
 0  0  146