الألفة والحنين
الألفة والحنين
عبدالله الناصر
يقول المتنبي:
خُلِقْتُ ألُوفاً لَوْ رَجعتُ إلى الصّبَا
لَفارَقتُ شَيبي مُوجَعَ القلبِ باكِيَا
الحنين إلى الماضي شيء مطبوع في نفسية الإنسان وذاكرته، وربما أن الإنسان في حالة عدم رضاه عن واقعه يجد في ماضيه عزاء يسند به واقعه، مع أن هذا الماضي الذي يحن إليه قد لا يكون أجمل وأفضل من واقعه الذي يعيشه، ولكنه ذلك الحنين المبهم الذي قد يجد فيه المرء عزاء يركن إليه.
أذكر أن شخصاً من الأثرياء كان يتحدث بشغفٍ عن ماضيه الذي كان يعاني فيه من خصاصة العيش وقلة ذات اليد، ومع ذلك يجد مبرراً لحنينه، فهو يقول: إن للماضي طعماً مختلفاً فالعيش لذيذ، والناس طيبون، والمجتمع كان متماسكاً مترابطاً، ويقول كنا إذا حدثت مناسبة نجد للأكل لذة وطعماً ونعود منها مغتبطين قد امتلأت نفوسنا رضا وقناعة، لكن اليوم يجلس الكثير من الناس على الطعام بلا شهية بل قد تجد من يخرج من جيبه محفظة مليئة بالأدوية، فهذا لديه سكر، وهذا يعاني من الضغط، وهذا من الحموضة، وهكذا فكل شيء متوفر إلا لذة الشبع بعد الجوع، ولذة العطش بعد الظمأ، وتلك هي المعادلة الصعبة، ولذا جاء في الأثر: نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع.. وفي الحديث: كفى المرء لقيمات يقمن صلبه.
فما أجمل الاعتدال وما أقبح التبذير والمباهاة وبالذات في المناسبات كالزواج وغيره، ثم ما أحرى بنا أن نتذكر أن هناك على كوكبنا فقراء قد أنهكهم الجوع وسحقتهم الفاقة! وما أجدرنا أن ننبه أولادنا من عدم الإسراف ومن البطر والأشر ونذكرهم أن على الأرض فقراء بؤساء لا يجدون قوت يومهم!.. فاللهم اجعلنا من الشاكرين الحامدين على آلاء نعمك وفضلك.
الرياض
عبدالله الناصر
يقول المتنبي:
خُلِقْتُ ألُوفاً لَوْ رَجعتُ إلى الصّبَا
لَفارَقتُ شَيبي مُوجَعَ القلبِ باكِيَا
الحنين إلى الماضي شيء مطبوع في نفسية الإنسان وذاكرته، وربما أن الإنسان في حالة عدم رضاه عن واقعه يجد في ماضيه عزاء يسند به واقعه، مع أن هذا الماضي الذي يحن إليه قد لا يكون أجمل وأفضل من واقعه الذي يعيشه، ولكنه ذلك الحنين المبهم الذي قد يجد فيه المرء عزاء يركن إليه.
أذكر أن شخصاً من الأثرياء كان يتحدث بشغفٍ عن ماضيه الذي كان يعاني فيه من خصاصة العيش وقلة ذات اليد، ومع ذلك يجد مبرراً لحنينه، فهو يقول: إن للماضي طعماً مختلفاً فالعيش لذيذ، والناس طيبون، والمجتمع كان متماسكاً مترابطاً، ويقول كنا إذا حدثت مناسبة نجد للأكل لذة وطعماً ونعود منها مغتبطين قد امتلأت نفوسنا رضا وقناعة، لكن اليوم يجلس الكثير من الناس على الطعام بلا شهية بل قد تجد من يخرج من جيبه محفظة مليئة بالأدوية، فهذا لديه سكر، وهذا يعاني من الضغط، وهذا من الحموضة، وهكذا فكل شيء متوفر إلا لذة الشبع بعد الجوع، ولذة العطش بعد الظمأ، وتلك هي المعادلة الصعبة، ولذا جاء في الأثر: نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع.. وفي الحديث: كفى المرء لقيمات يقمن صلبه.
فما أجمل الاعتدال وما أقبح التبذير والمباهاة وبالذات في المناسبات كالزواج وغيره، ثم ما أحرى بنا أن نتذكر أن هناك على كوكبنا فقراء قد أنهكهم الجوع وسحقتهم الفاقة! وما أجدرنا أن ننبه أولادنا من عدم الإسراف ومن البطر والأشر ونذكرهم أن على الأرض فقراء بؤساء لا يجدون قوت يومهم!.. فاللهم اجعلنا من الشاكرين الحامدين على آلاء نعمك وفضلك.
الرياض