• ×
admin

«ولا تسرفوا»

«ولا تسرفوا»

مساعد العصيمي

بعد نحو يومين من دخول شهر رمضان المبارك شملنا الله وإياكم بفضله ومغفرته.. ما زالت طوابير التزاحم عنواناً للأسواق.. وكأن هذا الشهر المبارك متنفساً لجائعين فُكت شهواتهم مع انطلاقة الشهر الكريم.. لتكون عادة الاندفاع الشرائي لما لذ وط خلال رمضان.. ثقافة لا تتسم بالعقلانية والرشاد،لأن السلوك خلالها مختلف عما عليه الشهور الأخرى.. رغم أن الأمر الإلهي العظيم والتوجيه النبوي الكريم يشيران إلى أن هذا الشهر للعبادة والتقرب لله أكثر، وليس لملء البطون وإفراغ الأسواق من محتوياتها الغذائية.

كنّا نعتقد أن هذه العادة ستخف كثيراً مع تفاقم وباء كورونا، وزيادة الحالات، ومع التحذيرات والإعلانات، إلا أن الأمر يبدو مختلفاً وكأن الناس يتقربون إلى الله بزيادة الأكل والشرب رغم إيماني أن نسبة كبيرة مما يحضرونه لرمضان لا يحتاجونه أبداً ويبقى فائضاً قد يكون مصيره حاويات القمامة.. فلم تمنع كورونا من التزاحم في الأسواق، وكأن الناس مقبلون على مجاعة أو ظروف استثنائية ستقل فيها الأرزاق.. يحدث هذا في وقت كورونا واعتقادنا بأن الناس قد تعلمت كثيراً من الحجر القسري ما تحتاج، وما لا تحتاج، الفرق بين الإسراف والعقلانية التبذير والتقتير.. لأن جميعها كانت درساً لأجل ضبط النفس.. والانقياد للواقع..

هل وعينا إلى ما نحتاجه وإلى ما لا نحتاجه.. مما تعلمناه من كورونا أيام العزل المنزلي ومنع الخروج.. علمتنا أن نكون قادرين ومسيطرين على رغباتنا وشهواتنا.. فما بالنا الآن انطلقنا كالمنقطعين نتسابق على كل ما ثقل وزنه أو خف وغلا ثمنه؟!.. عدنا كالسابق غير قادرين على السيطرة وكأن حياتنا لا تستقيم إلا بتلك الفائضات.

في خضم الاندفاع تساءلت مع آخرين عن كيفية كبح جماح تلك العادات.. التي لا ينعكس أثرها على من قام بها فقط.. بل على السلوك العام واقتصاد البلاد والأفراد من هدر مباشر لأنعام، كثيرون بحاجة لها.. من يستطيع تغيير تلك العادات؟!.. ومن قادر على تغيير المفهوم العام للتعامل مع رمضان بإعادة كثيرين إلى صوابهم أنه شهر عبادة وليس شهر أكل وإسراف.. مشكلتنا هذه مستمرة والبحث عن حلول لها قائمة والهدر في الماديات كما هو الهدر في الضحايا والزينة خلال العيدين.. كترسيخ "العقلانية الشرائية" غير المنضبطة.

نسأل: الأمر مسؤولية من يكبح جماحها؟ هل هو دور الخطباء أم التعليم؟ ويبدو أنهم فعلوا باستحياء.. لكن وفي زمننا الجاري أتمنى أن يكون هناك حملات إعلامية وطنية وفردية.. عامة وخاصة مكثفة تسبق رمضان والأعياد للتنوير في هذا الجانب لأننا نحتاج إلى توجيه العادات والأنماط الاستهلاكية سواء التكميلية أو الغذائية، وبما يجعل سلوكنا الاستهلاكي الفردي أو الجماعي يتسم بالتعقل والاتزان، وحسن التدبر وبحيث تكون مدفوعاتنا حسب ما نحتاجه، ووفق التوجيه الإسلامي الكريم الذي ينبذ الإسراف ويحذر منه.. قال تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين".

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  189