مقلب الإفطار
مقلب الإفطار
عبدالله الناصر
الصيام في الغربة له ذكريات لا تخلوا من الطرافة والإثارة... أذكر أنه مر علينا الشهر الكريم ونحن في مدينة هيوستن في أميركا، وكنا مجموعة من -العزاب- وكنا كل يوم نفطر على حساب زميل وذات مرة كان الدور على أحد الزملاء وكان اليوم طويلاً وشاقاً، ذهبنا إلى الزميل قبل الإفطار بقليل وطرقنا الباب فلم نسمع جواباً فازددنا في الطرق وارتفعت أصواتنا فخرجت علينا عجوز من البيت المجاور وقال بغضب: ماذا تفعلون هنا؟! قلنا: إننا على موعد مع زميلنا.. فقالت: هل أنتم مجانين؟ هل ترون سيارة زميلكم أمام الباب؟ فانتبهنا وأدركنا أن صاحبنا ليس بالبيت، فظلينا حائرين ثم قررنا أن نذهب إلى إحدى البقالات ونشتري ما يمكن أن نفطر عليه لأنه لا يوجد مطعم هناك.. ثم اشترينا بعض المرطبات والبسكويت ثم ملنا جانباً الى أحد الأرصفة وفرشنا جرائد وبدأنا بالإفطار ولكن وعلى غير المتوقع وقفت إلى جانبنا سيارة شرطة ونزل منها ثلاثة أشخاص وقالوا: ماذا تفعلون هنا؟ فقلنا: إننا عرب ومسلمون وصائمون ونتناول إفطارنا... ويبدو أنهم لم يطمئنوا من قولنا فأجروا اتصالاً من أحد الأجهزة التي معهم وبعد دقائق وصلت سيارة ونزل منها جنديان كان أحدهما من أفريقيا، فأقبل إلينا مستفسراً فحدثناه عن أمرنا فضحك وشرح ذلك لرجال الشرطة الآخرين فأخذونا إلى حديقة قريبة وكان بها مكان مهيأ للجلوس وقالوا: يمكن أن تتناولوا أكلكم هنا... وفي اليوم التالي قابلنا صديقنا وكنا غضبانين جداً فوجدناه أشد غضبٍ منا وهو يقول: أين أنتم، لماذا لم تأتوا للموعد.. فقلنا: لقد أتينا فلم نجدك وأخذنا نكيل له الشتائم فصار ينظر إلى أحدنا وقد ظهر عليه الاضطراب وأصفر وجهه، ثم أنه واجهه وقال: ألم أعطك عنواني الجديد..؟ فذهل ولم يجد جواباً ثم أخذ يضرب كفاً بكف ويقول: حقكم علي لقد نسيت فقلنا حقنا أن نفطر على حسابك ثلاثة أيام في مطاعم مختلفة فقال: أبشروا وفي اليوم الأخير زاد في الطلبات حتى امتلأت طاولة الأكل وبعد أن انتهينا أصر على أن نشرب الشاي مع الحلوى فشكرنا له هذا الكرم الزائد ثم أخرج محفظته ولما لم يكن أحد من الخدم حولنا قام بنفسه واتجه نحو المحاسبة ثم أنه دفع وجاء إلينا وقال اسمحوا لي فلدي موعد لابد أن أذهب إليه فقلنا: الله معك، وشكرناه بحرارة. وبعد فترة من الأحاديث قمنا متجهين نحو باب الخروج فلحق بنا أحد عمال المطعم وقال: الحساب؟؟ فقلنا: لقد دفع عنا صاحبنا.. قال: كلا، صاحبكم دفع عن نفسه فقط!!
الرياض
عبدالله الناصر
الصيام في الغربة له ذكريات لا تخلوا من الطرافة والإثارة... أذكر أنه مر علينا الشهر الكريم ونحن في مدينة هيوستن في أميركا، وكنا مجموعة من -العزاب- وكنا كل يوم نفطر على حساب زميل وذات مرة كان الدور على أحد الزملاء وكان اليوم طويلاً وشاقاً، ذهبنا إلى الزميل قبل الإفطار بقليل وطرقنا الباب فلم نسمع جواباً فازددنا في الطرق وارتفعت أصواتنا فخرجت علينا عجوز من البيت المجاور وقال بغضب: ماذا تفعلون هنا؟! قلنا: إننا على موعد مع زميلنا.. فقالت: هل أنتم مجانين؟ هل ترون سيارة زميلكم أمام الباب؟ فانتبهنا وأدركنا أن صاحبنا ليس بالبيت، فظلينا حائرين ثم قررنا أن نذهب إلى إحدى البقالات ونشتري ما يمكن أن نفطر عليه لأنه لا يوجد مطعم هناك.. ثم اشترينا بعض المرطبات والبسكويت ثم ملنا جانباً الى أحد الأرصفة وفرشنا جرائد وبدأنا بالإفطار ولكن وعلى غير المتوقع وقفت إلى جانبنا سيارة شرطة ونزل منها ثلاثة أشخاص وقالوا: ماذا تفعلون هنا؟ فقلنا: إننا عرب ومسلمون وصائمون ونتناول إفطارنا... ويبدو أنهم لم يطمئنوا من قولنا فأجروا اتصالاً من أحد الأجهزة التي معهم وبعد دقائق وصلت سيارة ونزل منها جنديان كان أحدهما من أفريقيا، فأقبل إلينا مستفسراً فحدثناه عن أمرنا فضحك وشرح ذلك لرجال الشرطة الآخرين فأخذونا إلى حديقة قريبة وكان بها مكان مهيأ للجلوس وقالوا: يمكن أن تتناولوا أكلكم هنا... وفي اليوم التالي قابلنا صديقنا وكنا غضبانين جداً فوجدناه أشد غضبٍ منا وهو يقول: أين أنتم، لماذا لم تأتوا للموعد.. فقلنا: لقد أتينا فلم نجدك وأخذنا نكيل له الشتائم فصار ينظر إلى أحدنا وقد ظهر عليه الاضطراب وأصفر وجهه، ثم أنه واجهه وقال: ألم أعطك عنواني الجديد..؟ فذهل ولم يجد جواباً ثم أخذ يضرب كفاً بكف ويقول: حقكم علي لقد نسيت فقلنا حقنا أن نفطر على حسابك ثلاثة أيام في مطاعم مختلفة فقال: أبشروا وفي اليوم الأخير زاد في الطلبات حتى امتلأت طاولة الأكل وبعد أن انتهينا أصر على أن نشرب الشاي مع الحلوى فشكرنا له هذا الكرم الزائد ثم أخرج محفظته ولما لم يكن أحد من الخدم حولنا قام بنفسه واتجه نحو المحاسبة ثم أنه دفع وجاء إلينا وقال اسمحوا لي فلدي موعد لابد أن أذهب إليه فقلنا: الله معك، وشكرناه بحرارة. وبعد فترة من الأحاديث قمنا متجهين نحو باب الخروج فلحق بنا أحد عمال المطعم وقال: الحساب؟؟ فقلنا: لقد دفع عنا صاحبنا.. قال: كلا، صاحبكم دفع عن نفسه فقط!!
الرياض