أعراض عصبية مرتبطة بـ«كورونا» لدى الأطفال
أعراض عصبية مرتبطة بـ«كورونا» لدى الأطفال
ظهرت لدى نصف المصابين منهم في بريطانيا
د. هاني رمزي عوض
على ما يبدو أن الكثير من المعلومات المتعلقة بجائحة فيروس كورونا المستجد ما زالت غير معروفة حتى الآن، رغم الجهود المبذولة وآلاف الأبحاث التي تناولت كل ما يتعلق بالمرض بداية من طرق نقل العدوى ونهاية بأسباب الوفاة ومحاولات تفادي حدوثها مروراً بالأعراض وآثاره بعيدة المدى.
أحدث دراسة تناولت آثار الجائحة أشارت إلى احتمال أن تتسبب الإصابة بالفيروس لاحقا في حدوث التهاب معين يسبب أعراضا في الجهاز العصبي في الأطفال خاصةً الذين تعرضوا لنوع شديد من العدوى استلزم حجزهم في المستشفيات. وعادة تكون الإصابة في الأطفال في الأغلب بسيطة.
أعراض عصبية
أشارت الدراسة إلى أن هذه الأعراض نادرة الحدوث ولكنها مرصودة ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات على المدى البعيد. وهذه الأعراض ما هي إلا جزء من التهاب في العديد من أجهزة الجسم multisystem inflammatory syndrome.
وفي الأغلب يعاني الطفل من الأعراض الأساسية للجهاز التنفسي بجانب أعراض الجهاز العصبي أو الجهاز الهضمي أو البولي وفي بعض الأحيان القلب والأوعية الدموية. وتكون الأعراض تبعا للجهاز المصاب. والأعراض الخاصة بالجهاز العصبي كانت موجودة في 50 في المائة من الأطفال الذين تم حجزهم في المستشفيات المختلفة في المملكة المتحدة.
أوضح الفريق البحثي بقيادة الدكتور عمر عبد المنان، وهو طبيب بريطاني من أصول عربية، من جامعة كلية «يونيفرسيتي كوليدج لندن» University College London أن الآلية التي تحدث بها أعراض الالتهاب المتعدد ما زالت غير معروفة حتى الآن، وإن كان يعتقد أنها نتيجة لتفاعل مناعي معين في أجهزة الجسم بغرض مقاومة الفيروس والقضاء عليه، ويؤدي إلى تفاعل خلايا الجسم ضد بعضها البعض كما لو كانت خلايا غريبة مما يتسبب في التهاب الخلايا المختلفة ومنها الخلايا العصبية (وما زالت هذه الفرضية غير مؤكدة علمياً ولكنها تعتبر أكثر النظريات قبولا لحدوث الالتهاب المتعدد).
وسوف تعرض هذه المعلومات في الاجتماع الخاص بالأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب American Academy of Neurology في شهر أبريل (نيسان) الجاري من خلال الإنترنت.
وذكر الباحثون أن الأعراض العصبية شملت الجهاز العصبي المركزي وكذلك الأعصاب الطرفية وأنها في الأغلب تحدث بعد مرور شهر على الإصابة الأصلية بكوفيد 19 COVID - 19 والتي تكون شديدة الحدة. والالتهاب المتعدد يسبب خللا في وظيفة العضو المصاب. وعلى سبيل المثال في حالات إصابة الجهاز الهضمي يحدث خلل في وظيفة الامتصاص في الأمعاء يؤدي إلى الإسهال والأمر نفسه ينطبق على الجهاز العصبي المكون من المخ والأعصاب الطرفية التي تتحكم في الحركة والإحساس والالتهاب المتعدد ربما يستلزم الحجز في المستشفيات في بعض الأحيان. ولكن تظل نسب التحسن والعلاج الكامل كبيرة. وما يهم العلماء حقاً هو معرفة هل تترك هذه الأعراض أثراً على وظائف الأجهزة المصابة على المدى البعيد.
حالات إصابة
قام الباحثون بدراسة 46 حالة لأطفال تم حجزهم في مستشفى غريت أورموند ستريت Great Ormond Street Hospital بلندن جراء إصابتهم بالالتهاب المتعدد وجميعهم كانوا أقل من 18 عاما (متوسط العمر كان 10 سنوات) وذلك في الفترة من أبريل (نيسان) وحتى سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. ومن هؤلاء الأطفال كانت هناك نسبة بلغت نصف العينة تقريبا ظهرت لديهم أعراض مختلفة خاصةً بالجهاز العصبي حين تم حجزهم في المستشفى.
أصيب 24 طفلا بالصداع و14 طفلا عانوا من اعتلال وخلل في وظائف المخ encephalopathy و6 أطفال عانوا من تغير في الصوت وأصبح الصوت خافتا وغير واضح وأقرب للهمس hoarseness، وكان هناك 6 أطفال عانوا من الهلاوس سواء سمعية أو بصرية و5 أطفال عانوا من خلل في التوافق الحركي والعصبي ataxia (يعاني مرضى الخلل الحركي من عدم القدرة على الأداء الحركي المنتظم الإرادي مثل المشي حيث يكون هناك خلل واضح في الخطوات بين القدمين). وأيضا كان هناك 3 أطفال عانوا من التهاب الأعصاب الطرفية (يمكن أن يشمل الخدر أو الشعور بإحساس معين على الجلد مثل الحرارة الشديدة أو وجود مياه على الجلد أو وخز بالإبر) ولم يعانِ من حدوث تشنجات كاملة إلا طفل واحد فقط.
لاحظ العلماء أن الأطفال الذين عانوا من الأعراض العصبية كانوا أصحاب الإصابات الأسوأ من الالتهاب المتعدد مقارنة بإصابات الأجهزة الأخرى. وبعضهم احتاج إلى جهاز التنفس الصناعي والبعض الآخر احتاج إلى الأدوية لتنظيم الدورة الدموية ولذلك يجب متابعتهم لفترات طويلة لمعرفة إذا كانت الإصابة تركت أثراً على الجهاز العصبي سواء على المستوى الإدراكي أو الحركي أو الحسي ومتابعتهم برسم المخ والفحوصات المختلفة لمعرفة احتمالية حدوث تشنجات وأمراض عقلية أو فقدان لوظيفة طرف من الأطراف.
تأتي أهمية هذه الدراسة من أنها تلقي الضوء على أعراض ربما تكون بعيدة تماما عن «كورونا» وتحدث بعدها بفترة ولكنها مرتبطة بها، ولذلك يجب أن يتم وضع هذه النتائج في الحسبان حينما يحدث إصابة لطفل بالمرض ويتم الكشف بعناية على الجهاز العصبي ومتابعته بشكل جيد خاصةً أن هذا الارتباط يعيد إلى الأذهان ارتباط الكورونا بحدوث مرض آخر يصيب الأوعية الدموية (مرض كاواساكي Kawasaki) في العام الماضي في إيطاليا في ذروة انتشار «كورونا» فيها. ورغم ندرة المصابين بهذه الأمراض سواء كاواساكي أو الأمراض العصبية إلا أنها تعتبر من المضاعفات شديدة الخطورة.
الشرق الأوسط
ظهرت لدى نصف المصابين منهم في بريطانيا
د. هاني رمزي عوض
على ما يبدو أن الكثير من المعلومات المتعلقة بجائحة فيروس كورونا المستجد ما زالت غير معروفة حتى الآن، رغم الجهود المبذولة وآلاف الأبحاث التي تناولت كل ما يتعلق بالمرض بداية من طرق نقل العدوى ونهاية بأسباب الوفاة ومحاولات تفادي حدوثها مروراً بالأعراض وآثاره بعيدة المدى.
أحدث دراسة تناولت آثار الجائحة أشارت إلى احتمال أن تتسبب الإصابة بالفيروس لاحقا في حدوث التهاب معين يسبب أعراضا في الجهاز العصبي في الأطفال خاصةً الذين تعرضوا لنوع شديد من العدوى استلزم حجزهم في المستشفيات. وعادة تكون الإصابة في الأطفال في الأغلب بسيطة.
أعراض عصبية
أشارت الدراسة إلى أن هذه الأعراض نادرة الحدوث ولكنها مرصودة ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات على المدى البعيد. وهذه الأعراض ما هي إلا جزء من التهاب في العديد من أجهزة الجسم multisystem inflammatory syndrome.
وفي الأغلب يعاني الطفل من الأعراض الأساسية للجهاز التنفسي بجانب أعراض الجهاز العصبي أو الجهاز الهضمي أو البولي وفي بعض الأحيان القلب والأوعية الدموية. وتكون الأعراض تبعا للجهاز المصاب. والأعراض الخاصة بالجهاز العصبي كانت موجودة في 50 في المائة من الأطفال الذين تم حجزهم في المستشفيات المختلفة في المملكة المتحدة.
أوضح الفريق البحثي بقيادة الدكتور عمر عبد المنان، وهو طبيب بريطاني من أصول عربية، من جامعة كلية «يونيفرسيتي كوليدج لندن» University College London أن الآلية التي تحدث بها أعراض الالتهاب المتعدد ما زالت غير معروفة حتى الآن، وإن كان يعتقد أنها نتيجة لتفاعل مناعي معين في أجهزة الجسم بغرض مقاومة الفيروس والقضاء عليه، ويؤدي إلى تفاعل خلايا الجسم ضد بعضها البعض كما لو كانت خلايا غريبة مما يتسبب في التهاب الخلايا المختلفة ومنها الخلايا العصبية (وما زالت هذه الفرضية غير مؤكدة علمياً ولكنها تعتبر أكثر النظريات قبولا لحدوث الالتهاب المتعدد).
وسوف تعرض هذه المعلومات في الاجتماع الخاص بالأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب American Academy of Neurology في شهر أبريل (نيسان) الجاري من خلال الإنترنت.
وذكر الباحثون أن الأعراض العصبية شملت الجهاز العصبي المركزي وكذلك الأعصاب الطرفية وأنها في الأغلب تحدث بعد مرور شهر على الإصابة الأصلية بكوفيد 19 COVID - 19 والتي تكون شديدة الحدة. والالتهاب المتعدد يسبب خللا في وظيفة العضو المصاب. وعلى سبيل المثال في حالات إصابة الجهاز الهضمي يحدث خلل في وظيفة الامتصاص في الأمعاء يؤدي إلى الإسهال والأمر نفسه ينطبق على الجهاز العصبي المكون من المخ والأعصاب الطرفية التي تتحكم في الحركة والإحساس والالتهاب المتعدد ربما يستلزم الحجز في المستشفيات في بعض الأحيان. ولكن تظل نسب التحسن والعلاج الكامل كبيرة. وما يهم العلماء حقاً هو معرفة هل تترك هذه الأعراض أثراً على وظائف الأجهزة المصابة على المدى البعيد.
حالات إصابة
قام الباحثون بدراسة 46 حالة لأطفال تم حجزهم في مستشفى غريت أورموند ستريت Great Ormond Street Hospital بلندن جراء إصابتهم بالالتهاب المتعدد وجميعهم كانوا أقل من 18 عاما (متوسط العمر كان 10 سنوات) وذلك في الفترة من أبريل (نيسان) وحتى سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. ومن هؤلاء الأطفال كانت هناك نسبة بلغت نصف العينة تقريبا ظهرت لديهم أعراض مختلفة خاصةً بالجهاز العصبي حين تم حجزهم في المستشفى.
أصيب 24 طفلا بالصداع و14 طفلا عانوا من اعتلال وخلل في وظائف المخ encephalopathy و6 أطفال عانوا من تغير في الصوت وأصبح الصوت خافتا وغير واضح وأقرب للهمس hoarseness، وكان هناك 6 أطفال عانوا من الهلاوس سواء سمعية أو بصرية و5 أطفال عانوا من خلل في التوافق الحركي والعصبي ataxia (يعاني مرضى الخلل الحركي من عدم القدرة على الأداء الحركي المنتظم الإرادي مثل المشي حيث يكون هناك خلل واضح في الخطوات بين القدمين). وأيضا كان هناك 3 أطفال عانوا من التهاب الأعصاب الطرفية (يمكن أن يشمل الخدر أو الشعور بإحساس معين على الجلد مثل الحرارة الشديدة أو وجود مياه على الجلد أو وخز بالإبر) ولم يعانِ من حدوث تشنجات كاملة إلا طفل واحد فقط.
لاحظ العلماء أن الأطفال الذين عانوا من الأعراض العصبية كانوا أصحاب الإصابات الأسوأ من الالتهاب المتعدد مقارنة بإصابات الأجهزة الأخرى. وبعضهم احتاج إلى جهاز التنفس الصناعي والبعض الآخر احتاج إلى الأدوية لتنظيم الدورة الدموية ولذلك يجب متابعتهم لفترات طويلة لمعرفة إذا كانت الإصابة تركت أثراً على الجهاز العصبي سواء على المستوى الإدراكي أو الحركي أو الحسي ومتابعتهم برسم المخ والفحوصات المختلفة لمعرفة احتمالية حدوث تشنجات وأمراض عقلية أو فقدان لوظيفة طرف من الأطراف.
تأتي أهمية هذه الدراسة من أنها تلقي الضوء على أعراض ربما تكون بعيدة تماما عن «كورونا» وتحدث بعدها بفترة ولكنها مرتبطة بها، ولذلك يجب أن يتم وضع هذه النتائج في الحسبان حينما يحدث إصابة لطفل بالمرض ويتم الكشف بعناية على الجهاز العصبي ومتابعته بشكل جيد خاصةً أن هذا الارتباط يعيد إلى الأذهان ارتباط الكورونا بحدوث مرض آخر يصيب الأوعية الدموية (مرض كاواساكي Kawasaki) في العام الماضي في إيطاليا في ذروة انتشار «كورونا» فيها. ورغم ندرة المصابين بهذه الأمراض سواء كاواساكي أو الأمراض العصبية إلا أنها تعتبر من المضاعفات شديدة الخطورة.
الشرق الأوسط