• ×
admin

النبات يتمتع بآلية لمواجهة خطر التقلبات البيئية

النبات يتمتع بآلية لمواجهة خطر التقلبات البيئية
ينتج بذوراً تنبت في أوقات مختلفة للتحوط

حازم بدر

في بعض البيئات لا توجد طريقة كي تعرف البذرة على وجه اليقين متى يكون أفضل وقت للإنبات، ففي الربيع، قد توحي إشارات مثل الضوء ودرجة الحرارة والماء إلى البذور بأن الظروف مثالية للإنبات، لكن بعد أسبوع من الجفاف أو الصقيع الذي لا يمكن التنبؤ به يمكن أن يتسبب ذلك في قتل الشتلات الناشئة.
إذن كيف يتأكد النبات من أن كل نسله لا يُقتل مرة واحدة بسبب ضغوط بيئية سيئة التوقيت بعد الإنبات؟
هناك أدلة على أن بعض الأنواع النباتية تنتج بذوراً تنبت في أوقات مختلفة للتحوط من هذا الخطر، وتنتج العديد من الأنواع بذوراً يمكن أن تدخل في حالة خمول وتوجد في التربة لعدة سنوات، كما ينتج بعضها أيضاً بذوراً تنبت في أوقات مختلفة خلال الموسم.
هذا يعني أنه في حالة حدوث تقلبات بيئية قاتلة، فإن جزءاً من نسل النبات سيبقى كبذور، والتي يمكن أن تستمر في الإنبات في وقت آخر، ويمكن رؤية هذا التباين في وقت الإنبات حتى مع البذور المتطابقة وراثياً المزروعة في بيئة متطابقة.
في الزراعة، يمكن أن يمثل التباين في وقت الإنبات مشكلة عندما تريد حصاد المحصول بأكمله في الوقت نفسه، وبدلاً من ذلك، يتعين على المزارعين مراقبة نضج محاصيلهم، وأخذ قياسات من عدة نباتات فردية لتقدير أفضل وقت للحصاد. واستخدم العلماء في مختبر سينسبري بجامعة كمبريدج البريطانية، نبات الأرابيدوبسيس (Arabidopsis thaliana)، ليسألوا: ما الذي يجعل البذور المتطابقة وراثياً تنبت في أوقات مختلفة؟
تقول كاتي أبلي، الباحثة الرئيسية بالدراسة التي نشرت في 1 يونيو (حزيران) 2021 بدورية (آي لايف) في تقرير على موقع جامعة كمبريدج: «نعلم بالفعل أن اثنين من الهرمونات النباتية، وهما حمض الأبسيسيك (ABA) الذي يمنع الإنبات، وحمض الجبريليك (GA) الذي يعزز الإنبات، يتفاعلان مع بعضهما بعضاً للتحكم في قرار الإنبات، لكننا أردنا أن نعرف كيف يؤدي هذا التفاعل إلى التباين في الإنبات مرات بين البذور».
وتضيف: «من خلال قياس مستويات التباين في أوقات الإنبات لمئات السلالات المتميزة وراثياً من نبات الأرابيدوبسيس، تمكننا من تحديد منطقتين من الحمض النووي (المواضع الجينية) التي تتحكم في مدى تغير وقت الإنبات، ويحتوي كلا الموقعين على جينات تؤثر على مدى حساسية البذور».
وباستخدام هذه المعلومات الجديدة، أنشأ الباحثون نموذجاً رياضياً لفهم كيف يمكن للتفاعلات بين حمض الأبسيسيك (ABA) وحمض الجبريليك (GA) أن تسبب مجموعة من البذور المتطابقة في مجموعة من أوقات الإنبات، وهو ما قادهم إلى فهم كيف تحدث مستويات مختلفة من التباين في وقت الإنبات.
ويوضح الدكتور باو فورموزا جوردان، الباحث المشارك بالدراسة من معهد ماكس بلانك لأبحاث تربية النباتات في كولونيا بألمانيا: «وجدنا أن تغيير حساسية حمض الأبسيسيك في النموذج يكرر توزيعات وقت الإنبات التجريبية التي لاحظناها».
ويقول: «في النموذج تنبت مجموعات البذور ذات الحساسية العالية لحمض الأبسيسيك بطريقة أكثر انتشاراً لأنه، عند البذر، تعتمد كل واحدة من هذه البذور على التقلبات العشوائية في شبكة التواصل بين حمض الأبسيسيك (ABA) وحمض الجبريليك (GA)، للانتقال من حالة عدم الإنبات إلى حالة الإنبات، والتي تُعرف بسلوك التبديل ثنائي الاستقرار».
ويضيف: «مع ذلك، فإن البذور ذات الحساسية المنخفضة لحمض الأبسيسيك تصل بسرعة وبشكل متزامن إلى حالة الإنبات بعد أن تزرع، دون الحاجة إلى التقلبات العشوائية، ويقترح نموذجنا أن التواصل بين الحمضين يمكن أن يحدث تبايناً في أوقات الإنبات، حيث يتأثر وقت الإنبات بالتقلبات العشوائية في مستويات الهرمونات».
وبينما يتوقع الباحثون أن تكون هناك تأثيرات وراثية وفيزيائية حيوية أخرى تؤثر على التباين في وقت الإنبات، تظهر نتائج الدراسة أن هذه السمة النباتية يتم التحكم فيها وراثياً، وبالتالي يمكن اختيار التباين العالي أو المنخفض في أوقات الإنبات على وجه التحديد في تربية المحاصيل.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  220