حساسية الطعام والتنمر
حساسية الطعام والتنمر
الأطفال المصابون بها يكونون الأكثر تعرضاً له
د. هاني رمزي عوض
كشفت دراسة أميركية حديثة عن احتمالية أن يكون الأطفال الذين يعانون من حساسية الطعام (Food Allergies) أكثر عرضة للتنمر عن غيرهم من الأقران. وربما يعود ذلك إلى العادات الغذائية الخاصة والأطعمة التي يجب عليهم تجنبها حتى لا تتسبب في إصابتهم بالحساسية، التي يمكن أن تكون خطيرة ومهددة للحياة في بعض الأحيان.
الحقيقة أن التنمر يزيد من الضغط النفسي الموجود بالفعل لدى هؤلاء الأطفال والمراهقين، لأن الحساسية تشعرهم بالاختلاف عن الآخرين أكثر، وهو الأمر الذي يدفع الكثير منهم إلى الإقدام على تناول تلك الأطعمة، خوفاً من الرفض المجتمعي والسخرية مما يعرضهم للأخطار الصحية.
- مواد مسببة للحساسية
تبعاً للأكاديمية الأميركية (American Academy of Allergy)، يمكن أن يحدث التفاعل المناعي أو (الحساسية) كاستجابة من الجسم لأى مادة مسببة للحساسية (allergen). وهذه المادة ليست بالضرورة ضارة، لكن تأثيرها على شخص معين هو الضار. ويمكن أن تكون مادة كيميائية مثل الروائح النفاذة، أو نتيجة للتعرض لنباتات معينة مثل حبوب اللقاح أثناء تغيير الفصول، أو تكون طعاماً معيناً حتى لو تم تناوله بقدر بسيط، أو حتى بعض الأنواع من الملابس.
وعند التعرض لهذه المواد يقوم الجسم بإفراز مواد معينة لمقاومة الغزو الخارجي، ما يؤدي إلى سلسلة من الأعراض مثل الحكة الجلدية واحمرار العين والعطس والسعال، وفي أحيان قليلة يصل الأمر إلى الدخول لغرفة الطوارئ في حالة حدوث صدمة (anaphylaxis).
الدراسة التي قام بها أطباء من قسم المناعة في المستشفى الوطني في ولاية واشنطن الأميركية، ونشرت في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، في مجلة «علم نفس الأطفال» (the Journal of Pediatric Psychology) أجريت على 121 طفلاً يعانون من حساسية الطعام. وأوضح 31 في المائة منهم أنهم تعرضوا للتنمر بسبب الطعام بشكل أو بآخر، ورغم هذه النسبة الكبيرة التي تصل إلى ثلث العينة، إلا أن 12 في المائة فقط من الآباء كانوا على دراية بتعرض أبنائهم لتلك المضايقات. وهو ما يفسر ببساطة أن الآباء في الكثير من الأحيان لا يدركون حجم الضغوط النفسية على أطفالهم التي تجبرهم على معاودة تناول مأكولات ضارة بصحتهم مهما تم نصحهم.
كانت أعمار الأطفال تتراوح بين التاسعة والخامسة عشرة، وكان كل منهم يعاني من الحساسية من نوع أو أكثر من الأطعمة الشهيرة بحساسية الطعام (الفول السوداني والمكسرات ولبن الأبقار والبيض والقمح وفول الصويا والمحار والأسماك).
وحينما تم سؤال الأطفال إذا كانوا تعرضوا لمضايقات بسبب الطعام بشكل مباشر، وطلب منهم الإجابة فقط بـ«نعم» أو «لا»، أجاب 17 في المائة فقط بنعم. ولكن حينما تم سؤالهم بشكل تفصيلي عما إذا كان قد تم استبعادهم من أي نشاط معين بسبب الطعام مثل الذهاب إلى أحد المطاعم، أو احتفال في النادي، وكذلك إذا كان تم تهديدهم بشكل جدي أو هزلي باستخدام الأطعمة المسببة للحساسية لديهم في طعامهم، أو إرغامهم على تناولها، أو قذفهم بها، ارتفعت النسبة لتصل إلى 31 في المائة.
- تنمر ومضايقات
من النسبة التي تعرضت للتنمر، أوضح 66 في المائة منهم أن المضايقات شملت السخرية اللفظية، وتعرضهم للنقد ومحاولة مضايقتهم عن طريق تناول الأشياء التي حرموا من تناولها بنوع من التظاهر بالنشوة أثناء تناولها. وأعرب نصف هؤلاء عن تعرضهم لمحاولات إلقاء الطعام عليهم، ووضعه عمداً في وجباتهم، أو التلويح بالطعام المسبب للحساسية أمامهم بغرض السخرية.
وأوضح الباحثون أنه في حال تعرض المراهق للتهديد في المدرسة، فإنه يكون أقل عرضة لإخبار الآخرين عن الحساسية الغذائية لديه، مما يجعل المدرسة بيئة غير آمنة بالنسبة له، وربما يمتنع عن تناول الطعام نهائياً خارج المنزل.
نصحت الدراسة الآباء بضرورة محاورة أطفالهم بشأن تجاربهم مع أقرانهم في المدرسة، خصوصاً في المواقف التي ترتبط بالطعام، سواء داخل المدرسة أو خارجها، ويجب أن يكون هناك حوار بين الآباء وأطفالهم، ولا يكتفون بمجرد السؤال العابر، مثل: هل تعرضت للمضايقة بسبب حساسيتك؟ بل يفضل الحديث الودي حتى يمكن معرفة التفاصيل الدقيقة، التي ربما تكون غائبة حتى عن المراهق، لكنها تشعره بالاختلاف والنبذ. ولذلك فإن الحوار يجعل الآباء يتفهمون سبب عدم التزام الطفل بتعليمات الطبيب، ويتعاطفون معه بدلاً من إلقاء اللوم عليه.
أوضحت الدراسة أن الطلبة مرضى الحساسية في الأغلب يتعرضون للتنمر من زملائهم في الدراسة، لكن في بعض الأحيان يتعرضون للتنمر من قبل البالغين مثل المدرسين أو عمال المطاعم أو الأقارب في العائلة. وحذرت من التعامل مع الأمر وكأنه دعابة من قبل البعض، خصوصاً أن نسبة الأطفال الذين يعانون من الحساسية حوالي 9 في المائة تقريباً من أطفال الولايات المتحدة. وتعد الحساسية مشكلة حقيقية تستحق التعاطف، وليس السخرية، وهو الأمر الذي يوضح الحملة التي أطلقتها منظمة غير ربحية أميركية مهتمة بأبحاث المناعة تحت شعار «إنها ليست مزحة» (It’s Not a Joke) للتوعية بخطورة التنمر.
وأوصت الدراسة بضرورة نشر الوعي الصحي بين المرضى والمتعاملين معهم، على حد سواء، وتوضيح أن أي كمية مهما كانت صغيرة من الطعام المسبب للحساسية يمكن أن تكون عواقبها سيئة، ولا يجب التهاون في تناولها لمجرد مسايرة الآخرين. ويجب أن يقوم الأطفال الذين يتعرضون للتنمر بإبلاغ الآباء أو المشرفين في المدرسة. ويجب أيضاً أن تكون هناك جلسات نفسية للأطفال ضحايا التنمر، وتوضيح أن الحساسية مرض مثل أي مرض آخر ولا داعي للإحساس بالاختلاف أو الخجل منها.
الشرق الأوسط
الأطفال المصابون بها يكونون الأكثر تعرضاً له
د. هاني رمزي عوض
كشفت دراسة أميركية حديثة عن احتمالية أن يكون الأطفال الذين يعانون من حساسية الطعام (Food Allergies) أكثر عرضة للتنمر عن غيرهم من الأقران. وربما يعود ذلك إلى العادات الغذائية الخاصة والأطعمة التي يجب عليهم تجنبها حتى لا تتسبب في إصابتهم بالحساسية، التي يمكن أن تكون خطيرة ومهددة للحياة في بعض الأحيان.
الحقيقة أن التنمر يزيد من الضغط النفسي الموجود بالفعل لدى هؤلاء الأطفال والمراهقين، لأن الحساسية تشعرهم بالاختلاف عن الآخرين أكثر، وهو الأمر الذي يدفع الكثير منهم إلى الإقدام على تناول تلك الأطعمة، خوفاً من الرفض المجتمعي والسخرية مما يعرضهم للأخطار الصحية.
- مواد مسببة للحساسية
تبعاً للأكاديمية الأميركية (American Academy of Allergy)، يمكن أن يحدث التفاعل المناعي أو (الحساسية) كاستجابة من الجسم لأى مادة مسببة للحساسية (allergen). وهذه المادة ليست بالضرورة ضارة، لكن تأثيرها على شخص معين هو الضار. ويمكن أن تكون مادة كيميائية مثل الروائح النفاذة، أو نتيجة للتعرض لنباتات معينة مثل حبوب اللقاح أثناء تغيير الفصول، أو تكون طعاماً معيناً حتى لو تم تناوله بقدر بسيط، أو حتى بعض الأنواع من الملابس.
وعند التعرض لهذه المواد يقوم الجسم بإفراز مواد معينة لمقاومة الغزو الخارجي، ما يؤدي إلى سلسلة من الأعراض مثل الحكة الجلدية واحمرار العين والعطس والسعال، وفي أحيان قليلة يصل الأمر إلى الدخول لغرفة الطوارئ في حالة حدوث صدمة (anaphylaxis).
الدراسة التي قام بها أطباء من قسم المناعة في المستشفى الوطني في ولاية واشنطن الأميركية، ونشرت في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، في مجلة «علم نفس الأطفال» (the Journal of Pediatric Psychology) أجريت على 121 طفلاً يعانون من حساسية الطعام. وأوضح 31 في المائة منهم أنهم تعرضوا للتنمر بسبب الطعام بشكل أو بآخر، ورغم هذه النسبة الكبيرة التي تصل إلى ثلث العينة، إلا أن 12 في المائة فقط من الآباء كانوا على دراية بتعرض أبنائهم لتلك المضايقات. وهو ما يفسر ببساطة أن الآباء في الكثير من الأحيان لا يدركون حجم الضغوط النفسية على أطفالهم التي تجبرهم على معاودة تناول مأكولات ضارة بصحتهم مهما تم نصحهم.
كانت أعمار الأطفال تتراوح بين التاسعة والخامسة عشرة، وكان كل منهم يعاني من الحساسية من نوع أو أكثر من الأطعمة الشهيرة بحساسية الطعام (الفول السوداني والمكسرات ولبن الأبقار والبيض والقمح وفول الصويا والمحار والأسماك).
وحينما تم سؤال الأطفال إذا كانوا تعرضوا لمضايقات بسبب الطعام بشكل مباشر، وطلب منهم الإجابة فقط بـ«نعم» أو «لا»، أجاب 17 في المائة فقط بنعم. ولكن حينما تم سؤالهم بشكل تفصيلي عما إذا كان قد تم استبعادهم من أي نشاط معين بسبب الطعام مثل الذهاب إلى أحد المطاعم، أو احتفال في النادي، وكذلك إذا كان تم تهديدهم بشكل جدي أو هزلي باستخدام الأطعمة المسببة للحساسية لديهم في طعامهم، أو إرغامهم على تناولها، أو قذفهم بها، ارتفعت النسبة لتصل إلى 31 في المائة.
- تنمر ومضايقات
من النسبة التي تعرضت للتنمر، أوضح 66 في المائة منهم أن المضايقات شملت السخرية اللفظية، وتعرضهم للنقد ومحاولة مضايقتهم عن طريق تناول الأشياء التي حرموا من تناولها بنوع من التظاهر بالنشوة أثناء تناولها. وأعرب نصف هؤلاء عن تعرضهم لمحاولات إلقاء الطعام عليهم، ووضعه عمداً في وجباتهم، أو التلويح بالطعام المسبب للحساسية أمامهم بغرض السخرية.
وأوضح الباحثون أنه في حال تعرض المراهق للتهديد في المدرسة، فإنه يكون أقل عرضة لإخبار الآخرين عن الحساسية الغذائية لديه، مما يجعل المدرسة بيئة غير آمنة بالنسبة له، وربما يمتنع عن تناول الطعام نهائياً خارج المنزل.
نصحت الدراسة الآباء بضرورة محاورة أطفالهم بشأن تجاربهم مع أقرانهم في المدرسة، خصوصاً في المواقف التي ترتبط بالطعام، سواء داخل المدرسة أو خارجها، ويجب أن يكون هناك حوار بين الآباء وأطفالهم، ولا يكتفون بمجرد السؤال العابر، مثل: هل تعرضت للمضايقة بسبب حساسيتك؟ بل يفضل الحديث الودي حتى يمكن معرفة التفاصيل الدقيقة، التي ربما تكون غائبة حتى عن المراهق، لكنها تشعره بالاختلاف والنبذ. ولذلك فإن الحوار يجعل الآباء يتفهمون سبب عدم التزام الطفل بتعليمات الطبيب، ويتعاطفون معه بدلاً من إلقاء اللوم عليه.
أوضحت الدراسة أن الطلبة مرضى الحساسية في الأغلب يتعرضون للتنمر من زملائهم في الدراسة، لكن في بعض الأحيان يتعرضون للتنمر من قبل البالغين مثل المدرسين أو عمال المطاعم أو الأقارب في العائلة. وحذرت من التعامل مع الأمر وكأنه دعابة من قبل البعض، خصوصاً أن نسبة الأطفال الذين يعانون من الحساسية حوالي 9 في المائة تقريباً من أطفال الولايات المتحدة. وتعد الحساسية مشكلة حقيقية تستحق التعاطف، وليس السخرية، وهو الأمر الذي يوضح الحملة التي أطلقتها منظمة غير ربحية أميركية مهتمة بأبحاث المناعة تحت شعار «إنها ليست مزحة» (It’s Not a Joke) للتوعية بخطورة التنمر.
وأوصت الدراسة بضرورة نشر الوعي الصحي بين المرضى والمتعاملين معهم، على حد سواء، وتوضيح أن أي كمية مهما كانت صغيرة من الطعام المسبب للحساسية يمكن أن تكون عواقبها سيئة، ولا يجب التهاون في تناولها لمجرد مسايرة الآخرين. ويجب أن يقوم الأطفال الذين يتعرضون للتنمر بإبلاغ الآباء أو المشرفين في المدرسة. ويجب أيضاً أن تكون هناك جلسات نفسية للأطفال ضحايا التنمر، وتوضيح أن الحساسية مرض مثل أي مرض آخر ولا داعي للإحساس بالاختلاف أو الخجل منها.
الشرق الأوسط