المعلم الكفء
المعلم الكفء
بكري معتوق عساس
قبلَ قُرابة ستينَ عاماً كان هناك طالب بريطاني لم يكنْ يميزه عن أقرانه شيء، كان مستواه متوسطاً، وكان أساتذته لا يرون منه إلا جانبه الشقيّ، وحدَهُ أستاذ الرياضيات والفيزياء البريطاني من أصول آسيوية (ذكران طه) هو الذي لاحظ أن وراء هذا الوجه المشاغبِ عقلاً رياضياً فذاً، فصرف همتَه لتطويره وترقيته وتحفيزه.
كانت نتيجة هذه الفراسة أن التحق الطالبُ الذي ظنه أساتذته متوسط المستوى بجامعة أكسفورد البريطانية الشهيرة، وحصل منها على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، ثم أكمل دراسته في جامعة كامبردج حتى حصل على الدكتوراة في علم الكون.
لم تتوقف المسيرة وظلَّ هذا الرجل حتى وفاته عام (2018)، يُتحف الساحة الفيزيائية والرياضية والفلسفية بإبداعاته التي كان على رأسها كتابه الشهير: (تاريخ موجز للزمن)، بيع من هذا الكتاب أكثر من 10 ملايين نسخة! وعده بعضهم ثاني أكثر كتاب قراءةً في أوروبا بعد الإنجيل!
والأغربُ أن هذا الرجل أصيب في مطلع العقد الثالث من عمره بمرض التصلب الضموري الجانبيّ، مما أفقده الكلامَ والحركة، فأصبح بلا صوت! ولم يعد يتحرك منه سوى عضلةِ عينيه! وتوقع له الأطباء ألا يعيش أكثر من ثلاث سنين ولكنّه توفي بعد مرور أكثر من خمسين سنةً على توقع الأطباء.
إنّه ستيفن هوكينج، أحدُ أهم علماءِ الفيزياء في التاريخ البشري، وأحد أعظم عباقرةِ العالمِ، وشاغلُ (الكرسي اللوكاسيّ) للرياضياتِ الذي شغله من قبل العالمُ العظيم: إسحاق نيوتن.
الشاهدُ في هذه القصة هو (الأثر) الكبير الذي تركه المعلم الآسيوي في تلميذه، وتلك الفراسة التي جعلتْه ينتشلُ هذه الموهبة الفذة ويضعها في الطريق الصحيح.
إن الأساتذة الحقيقيين يمتازون بهذه القدرة على اقتناص المواهب ومن ثم وضعها في مسارها الصحيح الذي يلائم عناصر قوتها وتميزها.
لقد بذلت دولتنا الكثير من أجل قطاع العلم والتعليم، ويتوجبُ على كل العاملين في هذا القطاع أن يبذلوا جهدهم لإيجاد (المعلم الكفء) الذي يمارسُ دوره التأثيري الإيجابيّ باقتدار.. وحينئذٍ ستشهَدّ بلادنا المئات من أمثال العالم الفذ (ستيف هوكينج).
قال شوقي في قصيدته عن المعلم:
وإذا المعلمُ ساءَ لحظَ بصيرةٍ
جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُولا
وإذا المعلّمُ لم يكنْ عدلاً مشى
روحُ العدالةِ في الشبابِ ضئيلا
المدينة
بكري معتوق عساس
قبلَ قُرابة ستينَ عاماً كان هناك طالب بريطاني لم يكنْ يميزه عن أقرانه شيء، كان مستواه متوسطاً، وكان أساتذته لا يرون منه إلا جانبه الشقيّ، وحدَهُ أستاذ الرياضيات والفيزياء البريطاني من أصول آسيوية (ذكران طه) هو الذي لاحظ أن وراء هذا الوجه المشاغبِ عقلاً رياضياً فذاً، فصرف همتَه لتطويره وترقيته وتحفيزه.
كانت نتيجة هذه الفراسة أن التحق الطالبُ الذي ظنه أساتذته متوسط المستوى بجامعة أكسفورد البريطانية الشهيرة، وحصل منها على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، ثم أكمل دراسته في جامعة كامبردج حتى حصل على الدكتوراة في علم الكون.
لم تتوقف المسيرة وظلَّ هذا الرجل حتى وفاته عام (2018)، يُتحف الساحة الفيزيائية والرياضية والفلسفية بإبداعاته التي كان على رأسها كتابه الشهير: (تاريخ موجز للزمن)، بيع من هذا الكتاب أكثر من 10 ملايين نسخة! وعده بعضهم ثاني أكثر كتاب قراءةً في أوروبا بعد الإنجيل!
والأغربُ أن هذا الرجل أصيب في مطلع العقد الثالث من عمره بمرض التصلب الضموري الجانبيّ، مما أفقده الكلامَ والحركة، فأصبح بلا صوت! ولم يعد يتحرك منه سوى عضلةِ عينيه! وتوقع له الأطباء ألا يعيش أكثر من ثلاث سنين ولكنّه توفي بعد مرور أكثر من خمسين سنةً على توقع الأطباء.
إنّه ستيفن هوكينج، أحدُ أهم علماءِ الفيزياء في التاريخ البشري، وأحد أعظم عباقرةِ العالمِ، وشاغلُ (الكرسي اللوكاسيّ) للرياضياتِ الذي شغله من قبل العالمُ العظيم: إسحاق نيوتن.
الشاهدُ في هذه القصة هو (الأثر) الكبير الذي تركه المعلم الآسيوي في تلميذه، وتلك الفراسة التي جعلتْه ينتشلُ هذه الموهبة الفذة ويضعها في الطريق الصحيح.
إن الأساتذة الحقيقيين يمتازون بهذه القدرة على اقتناص المواهب ومن ثم وضعها في مسارها الصحيح الذي يلائم عناصر قوتها وتميزها.
لقد بذلت دولتنا الكثير من أجل قطاع العلم والتعليم، ويتوجبُ على كل العاملين في هذا القطاع أن يبذلوا جهدهم لإيجاد (المعلم الكفء) الذي يمارسُ دوره التأثيري الإيجابيّ باقتدار.. وحينئذٍ ستشهَدّ بلادنا المئات من أمثال العالم الفذ (ستيف هوكينج).
قال شوقي في قصيدته عن المعلم:
وإذا المعلمُ ساءَ لحظَ بصيرةٍ
جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُولا
وإذا المعلّمُ لم يكنْ عدلاً مشى
روحُ العدالةِ في الشبابِ ضئيلا
المدينة