المياه والاقتصاد العالمي!
المياه والاقتصاد العالمي!
د. ملحة عبدالله
يجب أن ينتبه العالم إلى أن نسبة المياه العذبة لا تشكل سوى 1 % من نسبة المياه المالحة، ولذا فإن تزايد التعداد السكاني لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع نسبة المياه بل إنها تتناقص وبالتالي أصبحت مشكلة التزايد العكسي بين السكان والمياه أمراً مخيفاً..
كلما نطالع النشرات الاقتصادية العربية منها والعالمية، نجد ذلك الوحش الكاسر الذي يهدد جموع البشرية، والتي يتزايد تعدادها يوماً بعد يوم بشكل مذهل، وهذه سنّة الوجود في هذه النسب الطردية والحتمية؛ ومما يزيد من خطر هذا التوحش هو ذلك التطور والتحديث في العالم كله، والذي لم يرافقهما تطور مائي بشكل ملحوظ بالرغم من كثرة الاختراعات وكثرة العلماء؛ فنجد أن هذا التطور قد «حاذ على حصة الأسد بنسبة 70 % من الاستهلاك الكلي للمياه. في السنوات الأخيرة، حيث زاد الطلب على المياه نتيجة لزيادة عدد سكان العالم، خاصة في الدول السائرة في طريق النمو، والتي تعاني من أزمة مياه تحد من توفير مياه صالحة للشرب نقية وصحية، كذلك العوامل الاقتصادية، حيث إن المياه تستعمل في عدة قطاعات، مثل قطاع الطاقة الذي يعرف نمواً سريعاً يزيد من استهلاك المياه، كذلك المياه الافتراضية التي تدخل في عملية إنتاج السلع والخدمات، التي تعرف ارتفاعاً مستمراً لأنها تدخل في الإنتاج الزراعي والصناعي» وفي االعقود الأخيرة سيزيد الطلب على المياه الافتراضية خاصة على الموارد المائية عامة، حتى بات البحث في غزو الفضاء! هذا أمر يبدو أنه في تعداد تطلعات الألف سنة المقبلة إذ لم يكن مستحيلاً!
منذ أسبوع كتبنا مقالاً حول الأزمة الاقتصادية العالمية المقبلة، والتي نوه لها كثير من الخبراء الاقتصاديين العالميين والعرب، ويبدو أنها موشكة. وقدر البعض ذلك إلى دخول العالم في أزمة طاقة بحسب ما يراه المحللون، ولكن هناك قطب آخر من أقطاب هذه المشكلة - التي اعتلى الرؤساء والخبراء المنصات للتحذير والتنويه - وهو قطب أزمة المياه! وكل ما يعنينا هنا هو: ما مصير المياه في عالمنا العربي والذي إذا ما تأثر بهذه الأزمة فسوف يتأثر بها العالم كله، لأننا لم نعد بمعزل عن العالم الذي أصبح متداخلاً معنا في كل شيء؟
حقيقة الأمر أن وطننا في الماضي القريب كان يزخر بالأنهار والأمطار، ولذلك فكانت ثقافة العربي لا تتعدى كونه مستمتعاً بها لإرثه القديم في عشق المياه، ولكننا الآن وبعد العديد من المؤتمرات الدولية حول هذا الموضوع والذي تعزيه إلى التلوث البيئي والانبعاثات الحرارية وما إلى ذلك، وعلى ما يبدو أن عوامل الطبيعة كانت أكثر تأثيراً في هذه الانبعاثات من براكين وحرائق غابات شاهدناها في الآونة الأخير أكثر بكثير عما مضى من سنوات، ولذلك أصبح أمر الثلوث البيئي تتحكم فيه الطبيعة أكثر مما يحدثه الإنسان أو قل يساويه على نفس المستوى، ومن هنا باتت المشكلة في أعقد أمورها التي أصبحت الآن في دائرة الاستغاثة والتحذير!
كل هذا الأمر له خبراؤه وعلماؤه الذين يملؤون الدنيا ضجيجاً، ولكن ماذا عن التآزر والتلاحم السياسي العربي تجاه هذه المشكلة؟ شيء غريب أن يحدق الجفاف بالدول العربية، فنجد من يحاول السيطرة على منابع الماء وكأنها محاولات حرب للقتل الجماعي بالرغم من أن كل دولة تستنجد بالأخرى إذا ما أصابتها نائبة. أمر يبعث على التأمل والتفكير في أحوال الوعي والفكر العربي وبنية هذه الشخصيات التي ترجع في تفكيرها إلى القرون الوسطى وحروب القبائل على بئر أو منبع وكأنها جينات تتمدد في خلاياهم بالرغم مما ندعيه من تطور التفكير المنطلق الحر في فضاءات رحبة نحو ثقافة الأنا والآخر!
يجب أن ينتبه العالم إلى أن نسبة المياه العذبة لا تشكل سوى 1 % من نسبة المياه المالحة، ولذا فإن تزايد التعداد السكاني لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع نسبة المياه بل إنها تتناقص وبالتالي أصبحت مشكلة التزايد العكسي بين السكان والمياه أمراً مخيفاً هذا أولاً.
ثانياً، هذا التسييس للمياه وإدخاله في دائرة السياسة واستعماله سلاح حرب بالرغم من أن المياه دائماً هي رمز البرد والسلام على البشرية، ومن هنا أصبح وطننا العربي على وجه التحديد في مرمى سهام الحروب المائية والتي باتت واقعاً ملموساً لا يخفى على أحد!
فإذا ما تأملنا مياه هذا الوطن سنجد أنها من المحيط إلى الخليج تنذر بالجفاف لما تحاول كل دولة السطو المسلح أو غير المسلح على مياه الدولة الأخرى، وهي لا تعلم أن هلاكها في هلاك جارتها التي يربطها بها عرق ودم. فهذا العراق والذي فيه أعظم نهرين على وجه الأرض دجلة والفرات، والذي بنيت عليهما أعرق الحضارات الإنسانية، والآن نشاهد شكوى أهل العراق نتاج السطو على أنهارهم وبناء السدود على منابعها، وإذا ما اتجهنا إلى الغرب سنجد مشكلة المياه في الجزائر وفي لبنان
وفي سورية وفي سائر الوطن العربي والتي أهمها مشكلة سد النهضة على منابع النيل الخالد في صلف واضح المعالم، وتعنت قائم ينذر بما لا تحمد عقباه من التوترات السياسية بين الدول التي تساهم في تعميق أزمة المياه العالمية لاشتراكها في موارد مائية معينة خاصة الأنهار منها!
الرياض
د. ملحة عبدالله
يجب أن ينتبه العالم إلى أن نسبة المياه العذبة لا تشكل سوى 1 % من نسبة المياه المالحة، ولذا فإن تزايد التعداد السكاني لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع نسبة المياه بل إنها تتناقص وبالتالي أصبحت مشكلة التزايد العكسي بين السكان والمياه أمراً مخيفاً..
كلما نطالع النشرات الاقتصادية العربية منها والعالمية، نجد ذلك الوحش الكاسر الذي يهدد جموع البشرية، والتي يتزايد تعدادها يوماً بعد يوم بشكل مذهل، وهذه سنّة الوجود في هذه النسب الطردية والحتمية؛ ومما يزيد من خطر هذا التوحش هو ذلك التطور والتحديث في العالم كله، والذي لم يرافقهما تطور مائي بشكل ملحوظ بالرغم من كثرة الاختراعات وكثرة العلماء؛ فنجد أن هذا التطور قد «حاذ على حصة الأسد بنسبة 70 % من الاستهلاك الكلي للمياه. في السنوات الأخيرة، حيث زاد الطلب على المياه نتيجة لزيادة عدد سكان العالم، خاصة في الدول السائرة في طريق النمو، والتي تعاني من أزمة مياه تحد من توفير مياه صالحة للشرب نقية وصحية، كذلك العوامل الاقتصادية، حيث إن المياه تستعمل في عدة قطاعات، مثل قطاع الطاقة الذي يعرف نمواً سريعاً يزيد من استهلاك المياه، كذلك المياه الافتراضية التي تدخل في عملية إنتاج السلع والخدمات، التي تعرف ارتفاعاً مستمراً لأنها تدخل في الإنتاج الزراعي والصناعي» وفي االعقود الأخيرة سيزيد الطلب على المياه الافتراضية خاصة على الموارد المائية عامة، حتى بات البحث في غزو الفضاء! هذا أمر يبدو أنه في تعداد تطلعات الألف سنة المقبلة إذ لم يكن مستحيلاً!
منذ أسبوع كتبنا مقالاً حول الأزمة الاقتصادية العالمية المقبلة، والتي نوه لها كثير من الخبراء الاقتصاديين العالميين والعرب، ويبدو أنها موشكة. وقدر البعض ذلك إلى دخول العالم في أزمة طاقة بحسب ما يراه المحللون، ولكن هناك قطب آخر من أقطاب هذه المشكلة - التي اعتلى الرؤساء والخبراء المنصات للتحذير والتنويه - وهو قطب أزمة المياه! وكل ما يعنينا هنا هو: ما مصير المياه في عالمنا العربي والذي إذا ما تأثر بهذه الأزمة فسوف يتأثر بها العالم كله، لأننا لم نعد بمعزل عن العالم الذي أصبح متداخلاً معنا في كل شيء؟
حقيقة الأمر أن وطننا في الماضي القريب كان يزخر بالأنهار والأمطار، ولذلك فكانت ثقافة العربي لا تتعدى كونه مستمتعاً بها لإرثه القديم في عشق المياه، ولكننا الآن وبعد العديد من المؤتمرات الدولية حول هذا الموضوع والذي تعزيه إلى التلوث البيئي والانبعاثات الحرارية وما إلى ذلك، وعلى ما يبدو أن عوامل الطبيعة كانت أكثر تأثيراً في هذه الانبعاثات من براكين وحرائق غابات شاهدناها في الآونة الأخير أكثر بكثير عما مضى من سنوات، ولذلك أصبح أمر الثلوث البيئي تتحكم فيه الطبيعة أكثر مما يحدثه الإنسان أو قل يساويه على نفس المستوى، ومن هنا باتت المشكلة في أعقد أمورها التي أصبحت الآن في دائرة الاستغاثة والتحذير!
كل هذا الأمر له خبراؤه وعلماؤه الذين يملؤون الدنيا ضجيجاً، ولكن ماذا عن التآزر والتلاحم السياسي العربي تجاه هذه المشكلة؟ شيء غريب أن يحدق الجفاف بالدول العربية، فنجد من يحاول السيطرة على منابع الماء وكأنها محاولات حرب للقتل الجماعي بالرغم من أن كل دولة تستنجد بالأخرى إذا ما أصابتها نائبة. أمر يبعث على التأمل والتفكير في أحوال الوعي والفكر العربي وبنية هذه الشخصيات التي ترجع في تفكيرها إلى القرون الوسطى وحروب القبائل على بئر أو منبع وكأنها جينات تتمدد في خلاياهم بالرغم مما ندعيه من تطور التفكير المنطلق الحر في فضاءات رحبة نحو ثقافة الأنا والآخر!
يجب أن ينتبه العالم إلى أن نسبة المياه العذبة لا تشكل سوى 1 % من نسبة المياه المالحة، ولذا فإن تزايد التعداد السكاني لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع نسبة المياه بل إنها تتناقص وبالتالي أصبحت مشكلة التزايد العكسي بين السكان والمياه أمراً مخيفاً هذا أولاً.
ثانياً، هذا التسييس للمياه وإدخاله في دائرة السياسة واستعماله سلاح حرب بالرغم من أن المياه دائماً هي رمز البرد والسلام على البشرية، ومن هنا أصبح وطننا العربي على وجه التحديد في مرمى سهام الحروب المائية والتي باتت واقعاً ملموساً لا يخفى على أحد!
فإذا ما تأملنا مياه هذا الوطن سنجد أنها من المحيط إلى الخليج تنذر بالجفاف لما تحاول كل دولة السطو المسلح أو غير المسلح على مياه الدولة الأخرى، وهي لا تعلم أن هلاكها في هلاك جارتها التي يربطها بها عرق ودم. فهذا العراق والذي فيه أعظم نهرين على وجه الأرض دجلة والفرات، والذي بنيت عليهما أعرق الحضارات الإنسانية، والآن نشاهد شكوى أهل العراق نتاج السطو على أنهارهم وبناء السدود على منابعها، وإذا ما اتجهنا إلى الغرب سنجد مشكلة المياه في الجزائر وفي لبنان
وفي سورية وفي سائر الوطن العربي والتي أهمها مشكلة سد النهضة على منابع النيل الخالد في صلف واضح المعالم، وتعنت قائم ينذر بما لا تحمد عقباه من التوترات السياسية بين الدول التي تساهم في تعميق أزمة المياه العالمية لاشتراكها في موارد مائية معينة خاصة الأنهار منها!
الرياض