• ×
admin

جودة الحياة للجميع

جودة الحياة للجميع

عبدالله السعدون

التعليم الجيد هو صمام الأمان لمستقبل الشعوب، وهو أهم وسائل إخراج الأسر الفقيرة من دائرة الفقر، الاهتمام بالمدارس الموجودة داخل أحياء قليلي الدخل، وتواصلها المستمر مع أولياء الأمور مهم للمتابعة، وضمان عدم التسرب المبكر من المدارس. آلاف الأسر الفقيرة خرجت من دائرة الفقر بفضل التوسع في التعليم العالي وبرنامج الابتعاث الذي قادته المملكة قبل سنوات..

الاقتصاد القوي دليل القوة في كافة المجالات، الاجتماعية والعسكرية والسياسية، لكن علينا أن ندرك أن نسبة النمو الاقتصادي الذي تعلنه الدول ليس كافياً لضمان حسن استثمار الدخل لتحقيق الرخاء وجودة الحياة لكل المواطنين، فكثير من الدول الغنية تتكدس ثرواتها في جيوب قلة من التجار ورؤساء الشركات وكبار الموظفين لا تتجاوز الخمسة في المئة، كما أن الفرق الكبير في المرتبات بين الرتب الكبيرة والصغيرة يجعل من الصعوبة تحقيق العدالة في التوزيع، خصوصاً حين تبنى الزيادات في الرواتب على النسبة المئوية من أساس الراتب كما هو معمول به في الزيادة السنوية أو التي تضاف إلى المرتب بين حين وآخر، ما يجعل الهوة تزداد، فمن مرتبه ثلاثين ألف ريال على سبيل المثال سيزداد مرتبه بمقدار ثلاثة آلاف لو كانت الزيادة 10 %، أما من مرتبه خمسة آلاف فلن يحصل إلا على خمس مئة فقط. رغم أن الأكثر حاجة للزيادة هو صاحب المرتب الأقل، وهو ما يعني أنه من الأفضل أن تكون الزيادة مقطوعة وثابتة لكل المراتب أو تقل كلما زاد المرتب. والمجتمعات المستقرة والتي تنعم بجودة الحياة معظم أفرادها من الطبقة المتوسطة كما هو لدى الدول الإسكندنافية ونيوزيلندا على سبيل المثال، والمملكة يمكن أن تنهض بالفئة الأقل دخلاً من خلال الخطوات الآتية:

أولاً. التعليم الجيد هو صمام الأمان لمستقبل الشعوب، وهو أهم وسائل إخراج الأسر الفقيرة من دائرة الفقر، الاهتمام بالمدارس الموجودة داخل أحياء قليلي الدخل، وتواصلها المستمر مع أولياء الأمور مهم للمتابعة، وضمان عدم التسرب المبكر من المدارس. آلاف الأسر الفقيرة خرجت من دائرة الفقر بفضل التوسع في التعليم العالي وبرنامج الابتعاث الذي قادته المملكة قبل سنوات. في المملكة يوجد أفضل نظام يكفل عدالة تكافؤ الفرص لدخول الجامعة ومواصلة التعليم العالي، فلا يشكل دخول الجامعة عبئاً مالياً على الأسر، بعكس ما هو موجود في معظم الدول المتقدمة، فالجميع يتساوون في القبول متى ما تحققت الشروط. ومن المهم أن تقوم المدارس بأكثر من دور، فصحة الأطفال يمكن أن تراقب وتتابع من خلال الصحة المدرسية والرعاية الصحية الأولية، كما أن المدارس هي الأفضل في اكتساب العادات التي تزيد الطالب قوة كالقراءة والرياضة والثقة بالنفس ومهارات التواصل.

يجب أن تستفيد المدارس من كل ما له علاقة بالصحة والسلوك، فتستعين بالوزارات الأخرى وترحب بتواجدها جنباً إلى جنب مع الإدارة المدرسية خصوصاً وزارة الصحة.

ثانياً. التركيز على تطوير الأحياء خصوصاً أحياء قليلي الدخل وتزويدها بكل وسائل جودة الحياة كالمدارس المتميزة والمراكز الصحية، والحدائق الكبيرة، والضبط الإداري، ومكافحة المخدرات والجريمة سيعطي أبناء هذه الأحياء فرصة التعلم والتهيئة لحياة كريمة وصحية ومنتجة.

ثالثاً. الباحث الاجتماعي المتخصص مهم جداً خصوصاً في الأحياء قليلة الدخل، فالعنف الأسري والمخدرات وسوء تجهيز المساكن من الداخل، خصوصاً لذوي الإعاقة وكبار السن تؤثر كثيراً على جودة الحياة والروح المعنوية للأسرة. ومن الممكن الاستعانة بطالبات وطلاب الجامعة من كليات العلوم الإنسانية والخدمة الاجتماعية للقيام بهذه الدراسات وتحديد الاحتياجات، وهذا دور أصيل للجامعات بالإضافة إلى التعلم والبحث العلمي.

خدمات بسيطة وغير مكلفة مادياً لكنها تعني الكثير للأسر الأقل دخلاً، فالعناية بهم وإخراجهم من دائرة الفقر تعد من أهم أسباب استقرار المجتمعات وترابطها، وتآزرها في سبيل الرقي بالحياة وجودتها.

المملكة مقبلة على نهضة شاملة بإذن الله، والدلائل على ذلك كثيرة، أهمها رغبة القيادة وسعيها لتحقيق ذلك، وإذا رغبت القيادة في شيء ذللت أمامه كل الصعاب، فالقيادة هي المحرك والصانع للمستقبل، وهي التي تسخر جميع الإمكانات لتحقيق ما تطمح إليه. والتاريخ شاهد على ذلك، وقد رأينا ذلك منذ خمس سنوات حيث أصبح الاقتصاد في قلب الرؤية، ومنه تنويع مصادر الدخل وضبط المصروفات وتصحيح أسعار الطاقة لضمان الكفاءة في استخدامها. أما الدليل الثاني على توجه الحكومة للنهوض بكافة المجالات فهو المكافحة المستمرة للفساد بنوعيه الإداري والمالي، ومن الدلائل أيضاً وجود المشاريع العملاقة ومساهمة صندوق الاستثمارات في تمويلها ودخوله كلاعب مهم في تحريك الاقتصاد. ملامح النهضة الشاملة تلوح في الأفق وستتحقق قريباً بإذن الله، وستكون الفائدة أعظم حين تكون النهضة في كل المجالات ولكل المواطنين.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  150