ويخلق ما لا تعلمون
ويخلق ما لا تعلمون
بكري معتوق عساس
إن أعظم تحول في التاريخ البشري هو ما حصل في نهاية القرن الميلادي الماضي، وتجلَّى ذلك في ظهور مفهوم ما يسمى بالاقتصاد المعرفي (Knowledge Economy)، الذي هو أحد قطاعات الاقتصاد الذي يعتمد على سهولة الوصول للمعلومات بدلًا من استخدام وسائل الإنتاج، نظام يعتمد على رأس المال الفكري بدلًا من المدخلات المادية، وبه تصبح تكاليف العمالة وندرة الموارد من المفاهيم الاقتصادية التقليدية، أقل أهمية مع مرور الوقت.
أدى كل ذلك إلى ظهور مجتمع جديد يختلف تمامًا عن ما سبقه من مجتمعات، مجتمع يعتمد على تطور العلوم، وتحول المعرفة إلى عنصر الإنتاج الرئيس، وظهور التكنولوجيا الراقية المنتجة لسلعٍ ذات محتوى معرفي عالي التطوير، مجتمع يتمتع بمستوى عالٍ من الإدارة والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، مجتمع يشهد تغيُّرات بنيوية جوهرية تُشكِّل في مجملها الأساس لتكوُّن الاقتصاد الجديد الذي يتطوَّر بوتائر متسارعة في مواجهة الاقتصاد التقليدي.
في الواقع، المعرفة بحد ذاتها ليست بالأمر الجديد، بل إن مسار تطوُّر المجتمع البشري على مر العصور ارتبط على الدوام بتطوُّر معارف الإنسان، وذلك من مصاديق قوله تعالى في الآية (8) من سورة النحل: «وَيَخْلُقُ ماَ لا تَعْلَمُونَ».
فالمعرفة رافقت الإنسان منذ أن تفتَّح وعيه، وارتقت معه من مستوياتها البدائية وتطوَّرت إلى أن وصلت لمستويات غير مسبوقة في وقتنا الحاضر، والمعرفة اليوم حاجة بشرية عامة، قبل أن تكون حاجة خاصة بمجتمعٍ ما، ولن يكون للمجتمع البشري كيان حقيقي إلا بالمعرفة.
وعلى مدار التاريخ الإنساني، نجد أن كل مجتمع امتلك في كل حقبة زمنية من فترات تطوره وتقدمه مستوى معينًا من المعرفة، بحيث يمكن القول: إنها كانت في الواقع انعكاسًا لتطوُّر المعرفة المرتبطة بمختلف جوانب حياته في تلك المرحلة.. ويمكننا القول: إن تلك المعرفة أدت دورًا محوريًا في تقدُّم المجتمع، وفي دعم إنجازاته على مختلف الصعد.. فعلى سبيل المثال، كان اكتشاف النار من قِبَل الإنسان القديم محطة «معرفية» عظيمة، حققت قفزة هائلة في تطور الإنسان القديم في تلك المرحلة، ثم جاء بعدها ابتكار المحراث، ليُشكِّل دفعًا عظيمًا للإنتاجية في المجتمع الزراعي.. أما اكتشاف الطاقة البخارية فكان بمثابة الخطوة الأولى الحاسمة لبداية الثورات الصناعية المتتابعة وما رافقها وتلاها من اكتشافات وإبداعات واختراعات وابتكارات.. بيد أن الجديد في عالم اليوم هو المستويات التي لا مثيل لها في تطور تلك المعرفة وحجم تأثيرها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي تبدُّل نمط حياة الإنسان المعاصر عمومًا، وفي تغيُّر طبيعة الإنتاج والاستهلاك.. إن العقل البشري في المبدأ خلاق، مبدع، متطور لا يتوقف، ويعطي بغير حدود، وقادر على صنع المعجزة وتحويلها لمنجز إنساني، وإحداث التحوُّلات الحياتية، وصناعة المفاصل التاريخية.
المدينة
بكري معتوق عساس
إن أعظم تحول في التاريخ البشري هو ما حصل في نهاية القرن الميلادي الماضي، وتجلَّى ذلك في ظهور مفهوم ما يسمى بالاقتصاد المعرفي (Knowledge Economy)، الذي هو أحد قطاعات الاقتصاد الذي يعتمد على سهولة الوصول للمعلومات بدلًا من استخدام وسائل الإنتاج، نظام يعتمد على رأس المال الفكري بدلًا من المدخلات المادية، وبه تصبح تكاليف العمالة وندرة الموارد من المفاهيم الاقتصادية التقليدية، أقل أهمية مع مرور الوقت.
أدى كل ذلك إلى ظهور مجتمع جديد يختلف تمامًا عن ما سبقه من مجتمعات، مجتمع يعتمد على تطور العلوم، وتحول المعرفة إلى عنصر الإنتاج الرئيس، وظهور التكنولوجيا الراقية المنتجة لسلعٍ ذات محتوى معرفي عالي التطوير، مجتمع يتمتع بمستوى عالٍ من الإدارة والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، مجتمع يشهد تغيُّرات بنيوية جوهرية تُشكِّل في مجملها الأساس لتكوُّن الاقتصاد الجديد الذي يتطوَّر بوتائر متسارعة في مواجهة الاقتصاد التقليدي.
في الواقع، المعرفة بحد ذاتها ليست بالأمر الجديد، بل إن مسار تطوُّر المجتمع البشري على مر العصور ارتبط على الدوام بتطوُّر معارف الإنسان، وذلك من مصاديق قوله تعالى في الآية (8) من سورة النحل: «وَيَخْلُقُ ماَ لا تَعْلَمُونَ».
فالمعرفة رافقت الإنسان منذ أن تفتَّح وعيه، وارتقت معه من مستوياتها البدائية وتطوَّرت إلى أن وصلت لمستويات غير مسبوقة في وقتنا الحاضر، والمعرفة اليوم حاجة بشرية عامة، قبل أن تكون حاجة خاصة بمجتمعٍ ما، ولن يكون للمجتمع البشري كيان حقيقي إلا بالمعرفة.
وعلى مدار التاريخ الإنساني، نجد أن كل مجتمع امتلك في كل حقبة زمنية من فترات تطوره وتقدمه مستوى معينًا من المعرفة، بحيث يمكن القول: إنها كانت في الواقع انعكاسًا لتطوُّر المعرفة المرتبطة بمختلف جوانب حياته في تلك المرحلة.. ويمكننا القول: إن تلك المعرفة أدت دورًا محوريًا في تقدُّم المجتمع، وفي دعم إنجازاته على مختلف الصعد.. فعلى سبيل المثال، كان اكتشاف النار من قِبَل الإنسان القديم محطة «معرفية» عظيمة، حققت قفزة هائلة في تطور الإنسان القديم في تلك المرحلة، ثم جاء بعدها ابتكار المحراث، ليُشكِّل دفعًا عظيمًا للإنتاجية في المجتمع الزراعي.. أما اكتشاف الطاقة البخارية فكان بمثابة الخطوة الأولى الحاسمة لبداية الثورات الصناعية المتتابعة وما رافقها وتلاها من اكتشافات وإبداعات واختراعات وابتكارات.. بيد أن الجديد في عالم اليوم هو المستويات التي لا مثيل لها في تطور تلك المعرفة وحجم تأثيرها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي تبدُّل نمط حياة الإنسان المعاصر عمومًا، وفي تغيُّر طبيعة الإنتاج والاستهلاك.. إن العقل البشري في المبدأ خلاق، مبدع، متطور لا يتوقف، ويعطي بغير حدود، وقادر على صنع المعجزة وتحويلها لمنجز إنساني، وإحداث التحوُّلات الحياتية، وصناعة المفاصل التاريخية.
المدينة