• ×
admin

سياحة المدينة المنورة

سياحة المدينة المنورة

حسين علي حسين

رغم أنني أزور المدينة المنورة بين وقت وآخر، إلا أنني في هذه المرة تهت أو تعبت حتى وصلت إلى هدفي؛ رغم اعتمادي على مؤشر المواقع! بل إنني في هذه الرحلة، نودي عليّ أكثر من مرة بلقب حاج! رغم أنني ابن هذه المدينة، وألبس لباس غالبية المواطنين؛ لكن كثرة سؤالي عن الطرق أو المواقع والأسواق، أظهرني وكأنني غريب عن الدار، وهي للأسف حقيقة، كنت أجهد نفسي في عدم الاعتراف بها!

لكن المؤكد أن وراء كل هذا الضياع تغيراً حصل في المدينة المنورة بدأ منذ سنوات، وما زال مستمراً، وقد طال هذا التغير أو التطور أوجه الحياة كافة في المدينة النبوية، من الطرق الطويلة المهيأة للمشي أو الرياضة والتي جهزت بالمقاعد المريحة، والأشجار، والحدائق العامة، والمواقف، والإضاءة. لقد طال العمران مساحات شاسعة، وتلك القرى، أو الأطراف التي كنت أسمع عنها، أو أقف عليها، أصبحت الآن في وسط المدينة!

ورغم أن هذه المدينة الطاهرة عرفت السياحة الدينية من مئات السنين، وعرفت الفنادق المتعارف عليها قبل مدن سعودية وخليجية كثيرة، إلا أن أهلها لقناعة قديمة زهاد في فتح أبواب جديدة ضمن منظومة هذه السياحة؛ بل إن المدينة كانت تشهد بعد رحيل زوارها الموسميين في تلك الأيام ما يطلق عليه أيام البصارة! والبصارة لمن يعرفها وجبة تتكون من أقل أنواع العدس جودة، وهي وجبة الناس في تلك الأيام التي تخلو من الزوار فلا لحم ولا خبز؛ بل إن عديداً من أهل المدينة عرفوا الهجرة مبكراً إلى مدن داخلية وخارجية منها الرياض والخرج والمهد والعراق والشام ومصر، بسبب قلة فرص العمل ومحدودية الفرص التي تؤمن القوت لسكانها، لأن هؤلاء السكان اعتادوا على مردود بسيط من السياحة الدينية وأغلب هذا المردود كأن يأتي من تأجير المنازل، بل إن كثيراً من الناس لم يكن يستطيع دفع إيجار منزله لو لم يؤجره في موسم الحج، وكانت الأسرة كلها أثناء هذا التأجير تنام في غرفة على السطح! وهناك من يضع أمامه قالب ثلج أو مجموعة مسابح، وهناك من يقوم بتزوير الزوار في الحرم.

هذا هو المردود من الموسم كله، والسبب هو الزهد أو القناعة أو قلة الأفكار التي تتمخض عنها مشروعات سياحية تفتح فرص العمل أمام الشباب، حتى في العامين الأخيرين عانى أصحاب الفنادق والمطاعم والأسواق من غياب الزوار الذي فرضته كورونا على دول العالم كلها. لكنني في رحلتي الأخيرة في المدينة لمست تطوراً في النظر إلى استثمار ما تزخر به المدينة من معالم دينية وتاريخية ومن تنوع في العادات والتقاليد، من شأنه أن يجعل هذه المدينة مقصداً طوال العام للزوار من الداخل والخارج، من شأنه فتح فرص وظيفية أمام أبنائها.. سمو أمير منطقة المدينة المنورة أصبحت بصمته واضحة في ما يراه زائرها من تطور، طال -كما أسلفنا- كل شيء فيها.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  183