نيوزيلندا تكافح لإنقاذ سماء الليل من التلوث الضوئي
نيوزيلندا تكافح لإنقاذ سماء الليل من التلوث الضوئي
إعداد: أ.د. طلال علي زارع
في نهاية عام 2019، أعلنت نيوزيلندا الواقعة في المحيط الهادئ عن خطة لتصبح أول دولة ذات سماء مظلمة في العالم، وكان ذلك خلال مؤتمر نيوزيلندا لضوء النجوم في تيكابو. وعبر المشاركون في المؤتمر من كل أنحاء العالم عن قلقهم بشأن التلوث الضوئي المتصاعد في العالم وآثاره السلبية المؤكدة على صحة الإنسان والحياة البرية الليلية، لكن ما شجعهم فعلا هو روعة الليالي المرصعة بالنجوم في نيوزيلندا ورغبة البلاد المتزايدة للحفاظ على السماء المظلمة. واتفقوا على أن الخطة كانت جريئة، لكنهم اعتقدوا أنه إذا كان في إمكان نيوزيلندا تنفيذ مثل هذه التجربة، فستكون خطة رائدة للعالم.
في أغلب الليالي على مدار العامين الماضيين، كانت بيتمان، التي تعمل مرشدة في مجال الفلك والنجوم في نيوزيلندا، تستعمل مؤشر ليزر أخضر وتلسكوب دوبسونيان القابل للطي لمساعدة الناس أثناء الليل على رؤية السماء في وايرارابا، وهي منطقة ريفية في الركن الجنوبي الشرقي من الجزيرة الشمالية.
وبالنسبة إلي بيتمان، فإن سماء الليل الصافية الخالية من التلوث الضوئي هي واحدة من آخر حدود الطبيعة التي تواجه خطر الانقراض. السماء المظلمة هي آخر شيء طبيعي حقيقي للبشرية، لكن قد يتغير هذا الوضع خلال السنوات المقبلة. فهناك الكثير لنخسره في ظل هوس العالم بسياحة الفضاء.
وعندما يتعلق الأمر بالحفاظ على السماء المظلمة دولباً، فإن الجمعية الدولية للسماء المظلمة هي المنظمة المسؤولة عن ذلك. أنشئت هذه الجمعية في عام 1988، وتدير برنامجًا للحفاظ على السماء المظلمة يُعرف جودتها في العالم باستخدام نظام يعتمد على خمسة محاور. وضمن هذا النظام، تحتل محميات السماء المظلمة المرتبة الأعلى باعتبارها الأماكن النائية والأكثر ظلمة في العالم، تليها المحميات والحدائق والمجتمعات وأماكن السماء الليلية الحضرية. وللحصول على شهادة الجمعية الدولية، ينبغي أن تفي السماء المظلمة بمجموعة من المعايير، بما في ذلك الحماية من التلوث الضوئي، وإمكانية وصول الزوار، والدعم واسع النطاق من السكان.
وفي عام 2012، تقدمت منطقة أوراكي ماكنزي في نيوزيلندا بطلب إلى الجمعية الدولية للسماء المظلمة ونجحت في أن تصبح محمية سماء مظلمة معتمدة. وتعد أوراكي ماكنزي منطقة سهول داخلية، تهيمن عليها مناظر الجبال والبحيرات. وتعد اليوم محمية أوراكي ماكنزي المظلمة التي تبلغ مساحتها 4300 كيلومتر مربع هي الوحيدة من نوعها في نصف الكرة الجنوبي، وواحدة من 18 محمية من هذا النوع في العالم. ومنذ ذلك الحين، انضم مجتمعان في نيوزيلندا - هما جزيرة غريت باريير، وجزيرة راكيورا ستيوارت - إلى قائمة المحميات، كما أصبحت "واي-إيتي"، وهي قطعة أرض مساحتها 135 هكتارًا في منطقة تاسمان، حديقة سماء مظلمة معتمدة من الجمعية الدولية. ويتطلع 20 مجتمعًا آخر من مجتمعات السماء المظلمة في نيوزيلندا إلى أن تحذو حذوها.
كان مدير مجموعة السماء المظلمة في الجمعية الفلكية الملكية لنيوزيلندا، ستيف باتلر، هو الذي أعلن بجرأة في عام 2019 عن خطط لتصبح نيوزيلندا أول دولة ذات سماء مظلمة في العالم. وأوضح أن: "شعب نيوزيلندا يعيش في الهواء الطلق ويتمتع بسهولة الوصول إلى السماء المظلمة الطبيعية في نصف الكرة الجنوبي. لقد نشأ عدد قليل جدًا منا دون أن يشعر بالذهول من سماء نيوزيلندا أثناء الليل، لا سيما تلك التي تراها في المتنزهات الوطنية مثل أوراكي ماكنزي أو جزيرة راكيورا ستيوارت. بالتأكيد، لا نعرف جميعًا كيفية العثور على الصليب الجنوبي، لكننا بعيدون كل البعد عن 80 في المئة من سكان العالم الذين لا يستطيعون حتى رؤية نجوم السماء ليلاً". هذا هو السبب في أنه عندما طُلب من النيوزيلنديين الامتثال للمتطلبات الصارمة للجمعية الدولية للسماء المظلمة لتقييد الإضاءة الخارجية والتحول إلى الإضاءة الصفراء منخفضة الطاقة في مناطق مثل أوراكي ماكنزي وأماكن أخرى، التزموا على الفور، كما أوضح باتلر. ولذا يثق باتلر أنه حتى المراكز الحضرية في البلاد، بمرور الوقت، ستجد طرقًا للحد من تسرب الضوء الاصطناعي إلى المناطق الطبيعية وتقليل استخدام الضوء بشكل عام. وهذا أيضًا يعد سبباً لانضمام المزيد والمزيد من النيوزيلنديين إلى الجهود العالمية لإنقاذ سماء الليل في العالم.
الصحة والحياة
إعداد: أ.د. طلال علي زارع
في نهاية عام 2019، أعلنت نيوزيلندا الواقعة في المحيط الهادئ عن خطة لتصبح أول دولة ذات سماء مظلمة في العالم، وكان ذلك خلال مؤتمر نيوزيلندا لضوء النجوم في تيكابو. وعبر المشاركون في المؤتمر من كل أنحاء العالم عن قلقهم بشأن التلوث الضوئي المتصاعد في العالم وآثاره السلبية المؤكدة على صحة الإنسان والحياة البرية الليلية، لكن ما شجعهم فعلا هو روعة الليالي المرصعة بالنجوم في نيوزيلندا ورغبة البلاد المتزايدة للحفاظ على السماء المظلمة. واتفقوا على أن الخطة كانت جريئة، لكنهم اعتقدوا أنه إذا كان في إمكان نيوزيلندا تنفيذ مثل هذه التجربة، فستكون خطة رائدة للعالم.
في أغلب الليالي على مدار العامين الماضيين، كانت بيتمان، التي تعمل مرشدة في مجال الفلك والنجوم في نيوزيلندا، تستعمل مؤشر ليزر أخضر وتلسكوب دوبسونيان القابل للطي لمساعدة الناس أثناء الليل على رؤية السماء في وايرارابا، وهي منطقة ريفية في الركن الجنوبي الشرقي من الجزيرة الشمالية.
وبالنسبة إلي بيتمان، فإن سماء الليل الصافية الخالية من التلوث الضوئي هي واحدة من آخر حدود الطبيعة التي تواجه خطر الانقراض. السماء المظلمة هي آخر شيء طبيعي حقيقي للبشرية، لكن قد يتغير هذا الوضع خلال السنوات المقبلة. فهناك الكثير لنخسره في ظل هوس العالم بسياحة الفضاء.
وعندما يتعلق الأمر بالحفاظ على السماء المظلمة دولباً، فإن الجمعية الدولية للسماء المظلمة هي المنظمة المسؤولة عن ذلك. أنشئت هذه الجمعية في عام 1988، وتدير برنامجًا للحفاظ على السماء المظلمة يُعرف جودتها في العالم باستخدام نظام يعتمد على خمسة محاور. وضمن هذا النظام، تحتل محميات السماء المظلمة المرتبة الأعلى باعتبارها الأماكن النائية والأكثر ظلمة في العالم، تليها المحميات والحدائق والمجتمعات وأماكن السماء الليلية الحضرية. وللحصول على شهادة الجمعية الدولية، ينبغي أن تفي السماء المظلمة بمجموعة من المعايير، بما في ذلك الحماية من التلوث الضوئي، وإمكانية وصول الزوار، والدعم واسع النطاق من السكان.
وفي عام 2012، تقدمت منطقة أوراكي ماكنزي في نيوزيلندا بطلب إلى الجمعية الدولية للسماء المظلمة ونجحت في أن تصبح محمية سماء مظلمة معتمدة. وتعد أوراكي ماكنزي منطقة سهول داخلية، تهيمن عليها مناظر الجبال والبحيرات. وتعد اليوم محمية أوراكي ماكنزي المظلمة التي تبلغ مساحتها 4300 كيلومتر مربع هي الوحيدة من نوعها في نصف الكرة الجنوبي، وواحدة من 18 محمية من هذا النوع في العالم. ومنذ ذلك الحين، انضم مجتمعان في نيوزيلندا - هما جزيرة غريت باريير، وجزيرة راكيورا ستيوارت - إلى قائمة المحميات، كما أصبحت "واي-إيتي"، وهي قطعة أرض مساحتها 135 هكتارًا في منطقة تاسمان، حديقة سماء مظلمة معتمدة من الجمعية الدولية. ويتطلع 20 مجتمعًا آخر من مجتمعات السماء المظلمة في نيوزيلندا إلى أن تحذو حذوها.
كان مدير مجموعة السماء المظلمة في الجمعية الفلكية الملكية لنيوزيلندا، ستيف باتلر، هو الذي أعلن بجرأة في عام 2019 عن خطط لتصبح نيوزيلندا أول دولة ذات سماء مظلمة في العالم. وأوضح أن: "شعب نيوزيلندا يعيش في الهواء الطلق ويتمتع بسهولة الوصول إلى السماء المظلمة الطبيعية في نصف الكرة الجنوبي. لقد نشأ عدد قليل جدًا منا دون أن يشعر بالذهول من سماء نيوزيلندا أثناء الليل، لا سيما تلك التي تراها في المتنزهات الوطنية مثل أوراكي ماكنزي أو جزيرة راكيورا ستيوارت. بالتأكيد، لا نعرف جميعًا كيفية العثور على الصليب الجنوبي، لكننا بعيدون كل البعد عن 80 في المئة من سكان العالم الذين لا يستطيعون حتى رؤية نجوم السماء ليلاً". هذا هو السبب في أنه عندما طُلب من النيوزيلنديين الامتثال للمتطلبات الصارمة للجمعية الدولية للسماء المظلمة لتقييد الإضاءة الخارجية والتحول إلى الإضاءة الصفراء منخفضة الطاقة في مناطق مثل أوراكي ماكنزي وأماكن أخرى، التزموا على الفور، كما أوضح باتلر. ولذا يثق باتلر أنه حتى المراكز الحضرية في البلاد، بمرور الوقت، ستجد طرقًا للحد من تسرب الضوء الاصطناعي إلى المناطق الطبيعية وتقليل استخدام الضوء بشكل عام. وهذا أيضًا يعد سبباً لانضمام المزيد والمزيد من النيوزيلنديين إلى الجهود العالمية لإنقاذ سماء الليل في العالم.
الصحة والحياة