• ×
admin

لنصف الكوب قصة!

لنصف الكوب قصة!

سهيل بن حسن قاضي

تتردَّد العبارة التحذيرية دوماً: «لا تنظر إلى نصف الكوب الفارغ»، وتُوجَّه في العادة إلى أولئك الذين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها، فلا يتذكرون سوى المواقف السلبية التي مَرُّوا بها والتحديات الصعبة التي لا تخلو سُنن الكون منها.

المرء ينظر دوماً إلى ما أُخذ منه ولا ينظر إلى ما يُعطى، والقصص التي نُسجت عن الكوب الفارغ والممتلئ عديدة جداً، بدءاً من الشخص الذي نظر إلى الكوب فرأى فيه فراغاً كبيراً في الوقت الذي نظر إليه الآخر فرأى أن في الكوب ماءً وفيراً. وكل القصص وإن تعددت رواياتها تبين أن من الناس من يرون ويحمدون المتبقي فيها، وآخرون لا يرون إلّا النصف الفارغ من الكوب. ودورنا جميعاً أن نصحح هذه الجدلية بإيجابية مطلقة.

ولعل القصة الأكثر تردداً هي تلك التي تناولت ذلك الكاتب الذي دخل بيته وأمسك القلم في مكتبه، وبدأ يسرد أحداثاً حصلت له في السنة الماضية، وتذكَّر العملية الجراحية التي أُجريت له، ولازم بسببها الفراش، وكتب أنه بلغ الستين من عمره وترك وظيفته، وتذكّر رسوب ابنه في كلية الطب بسبب حادث سيارة، ووصف ذلك العام بأنه سيئ للغاية، وعندما جاءته زوجته للمكتب لمحت ما كان مُدوناً في تلك الورقة، فذهبت ثم عادت تحمل ورقة مكتوباً فيها:

السنة الماضية شفيتَ من آلام المرارة التي عذّبتك عدة سنوات، وبلغتَ الستين وأنت في تمام الصحة والعافية وتقاعدتَ لترتاح وتتفرغ للكتابة، وبيع مؤلفاتك، كما نجا ابننا من الموت بأعجوبة وخرج من الحادث بدون عاهات، ثم كتبتْ في نهاية الورقة: يا له من عام أكرمنا الله فيه والحمد لله على فضله وإحسانه. كما هو ملاحظ أن زاوية نظر الزوج في القصة تختلف تماماً عن زاوية نظر الزوجة.

هناك من يقول: بيتي ضيق وصغير، وآخر يقول: الحمد لله عندي بيت يؤويني.

وزوجة تشتكي من زوجها وعناده، وأخرى تقول: رغم عناده فهو يحبني. وفتاة تقول: أبي يضيّق على حريتي، وأخرى تقول: الحمد لله أبي يخاف عليّ، وهكذا..

وحتى تهدأ قلوبنا، علينا أن نتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الصحيحين: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم».

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  166