• ×
admin

الترجمة

الترجمة

حسين علي حسين

عقب فوز الكاتب الفرنسي "باتريك مودلياني" بجائزة نوبل قبل سنوات، صدرت ترجمة من الفرنسية للعربية لروايته "مقهى الشباب الضائع"؛ وقد ترجمت هذه الرواية برعاية الملحقية الثقافية السعودية في فرنسا! وقد كتبت في ذلك الوقت تغريدة قلت فيها بالنص "كافة الدول الصاحية والنائمة تحرص على دعم وتشجيع ترجمة مؤلفات كتابها المميزة إلى مختلف اللغات، فلماذا يحدث العكس عندنا، حتى يصل بنا الحال لتجميل غيرنا بدلاً من تجميل أنفسنا!" ولم يرد أحد على كلمتي تلك مفسراً أو مبرراً ذلك الموقف، فربما كان لهم عذر ونحن نلوم؟

إننا من هذا الباب ندعو ونلح في الدعوة للاهتمام بالثقافة والأدب والعلوم والفنون السعودية، ونشرها على أوسع نطاق بالمال والدعاية والاتصالات، ولا عيب في ذلك لأن كافة الدول تفعل ما ندعو أو نشجع عليه؛ الملحقيات الثقافية الفرنسية والروسية والأميركية والإنجليزية والإيطالية وحتى اليابانية والصينية وغيرها تفعل ذلك، بل إنها كثيراً ما تقدم العون والمساعدة لمن يرغب في ترجمة رواية أو ديوان أو مسرحية، وحتى من يكتب عن الموسيقى والتراث الشعبي في تلك الدول؛ وحتى سنوات قليلة ماضية كانت في الاتحاد السوفيتي، دار التقدم ودار رادوغا، المختصتان بترجمة الاعمال الإبداعية والدراسات الأدبية والفكرية والعلمية من اللغة الروسية إلى اللغة العربية، وكان إنتاج هاتين الدارين يباع بأبخس الأثمان، مع أنه يضم نتاج قامات لا تحتاج إلى دعم أو مساعدة؛ يكفي أن من بين هذه الأعمال مؤلفات "تشيكوف وجوجول ودستوفيسكي وتولستوي"! هذا الدعم هو الطريق لفتح آفاق أكبر للتعريف بالحركة الأدبية والعلمية في بلادنا، التي مازالت في الأدبيات العالمية توصف بأنها بلاد الصحراء والنفط!

ترجمة الأعمال المحلية إلى اللغات الأجنبية سوف تساهم في وصول أعمال كتابنا إلى الهيئات العلمية والثقافية، وسوف تفتح الباب أمام كتابنا لدخول أعمالهم في دائرة الجوائز العالمية، في كافة التخصصات العلمية والأدبية؛ حتى الفنون الشعبية والرسوم التشكيلية والنحت وتصاميم الأزياء والأفلام الطويلة والقصيرة، بحاجة إلى طرق تدفع بها إلى المنصات العالمية.

إنني أعرف عن قرب أن وزارة الثقافة اعتباراً من السنوات القليلة الماضية، بدأت في رسم خطوط عريضة في هذا الباب، ربما يتحقق بها ما ننادي به منذ سنوات، وأبرزه أننا لم نقصر في المساهمة ومد يد العون، للعديد من الهيئات العلمية والثقافية والأدبية في الدول التي تنطلق منها هذه الهيئات وأبرزها اليونسكو ومعهد العالم العربي.

إن بلادنا كبيرة وذات تاريخ عريق، وبها تعددية في العادات والتقاليد والثقافات، غير الآثار والمراكز العلمية والجامعات، وكل هذه المزايا تحتاج لمن يحرص على إبرازها بكافة الطرق وأبرزها الترجمة. الترجمة الآن باب من أبواب نشر ثقافة أي بلد، خصوصاً إذا تمت عبر هيئة أو هيئات تبحث وتدقق لتقدم إلى الساحات الثقافية الجديد المختلف عما هو موجود عندهم؛ ونحن عندنا كتابات تحتاج لمن يترجمها خصوصاً تلك التي تنطلق وتعبر عن بيئة بلادنا وإنسانها.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  125