لنكرم هؤلاء في حياتهم
لنكرم هؤلاء في حياتهم
حسين علي حسين
يوصف الشخص الذي يخدم عمله بجد واجتهاد، بأنه مثل "خيل الحكومة"، يعطي أقصى ما عنده لعمله، دون تفكير في الأجر أو الثواب، لكن هذا الشخص، حالما يصاب بعارض صحي يقعده، يفصل من عمله أو يحال إلى التقاعد، ليتولاه الشارع بما فيه من فراغ وعوز وقلة دخل أو مال..
والحكاية والبداية، أن الحكومات في السابق، قبل السيارات، المتنوعة الأغراض والمهمات، كانت تستخدم الخيل في مهماتها، وأبرزها مهمات الضبط والربط، وملاحقة الحرامية والمهربين، وأرباب السوابق، ونقل كبار الموظفين وأسرهم، إضافة إلى التسرية عن كبار القوم، من خلال ما يعرف بسباق الخيل وقفز الحواجز وتصويب الرصاص. وطالما كان الحصان قوياً وسريعاً، فإن أطايب العلف والخبز والماء المسكر، تقدم له في كل آن، إضافة إلى الإسطبلات الخاصة، والحلاقين والمدلكين، الذين يتعهدون الحصان بكامل الرعاية، لكي يؤدي مهماته على خير وجه. لكن هذا الحصان حالما يدب إليه الوهن أو يصاب أو يشيخ؛ يرمى في الشارع حتى ينفق، وفي بعض الدول، يطلق عليه الرصاص، ليريح ويستريح. وهذا بالضبط ما يتعرض له الكتاب والأدباء والفنانون الذين يجور عليهم الزمن.. وهو سلوك لا تفعله جهة واحدة، ولكن تفعله الجهات المالية والاجتماعية والصحية في عديد من الدول التي من المفروض أن تكون مسؤولة عن رعاية هذه الفئة لما يمثلونه من قيمة فكرية وتنويرية!
لكن بعض الدول تستفيد من هذه الفئات في عديد من المناشط والمهام الاستشارية، في المجالات التي حققوا من خلالها شهرة ومكانة قبل أن تنصرف عنهم الأضواء؛ فتوفر لهم مكاتب وسكرتاريا، وتقدم لهم التذاكر، ليسيحوا في أرض الله، وليكتبوا ويقدموا مرئياتهم في المجالات والمناشط التي برعوا فيها لغرض الاستفادة منها أو تطبيقها في بلدانهم التي أوفدتهم!
كم سيخسر أي منبر إعلامي، لو وظف واحد أو اثنين أو ثلاثة من هذه الفئة؟ هناك وسائل إعلامية تدفع بسخاء لمن يجيدون التعليق على مباريات كرة القدم أو الكتابة في المواضيع الخفيفة، دون أن يخطر لهم التعاقد مع عينة من الأدباء والكتاب والفنانين الذين فقدوا مراكزهم للتعليق على مئوية شكسبير أو أوبرا عايدة أو لوحة لمايكل أنجلو أو معزوفة لتشايكوفسكي، هم لا يفعلون ذلك بحجة أن هؤلاء الصفوة، لا يشكلون ما نسبته 1 % من قراء الروايات البوليسية أو مباريات كرة المضرب أو مغني البوب؟
إن هذه الفئة تحتاج على الدوام إلى من يبلسم جراحها، ويشعرها أنها ليست وحدها، وأن هناك من يشعر بها ويقدر عطاءها، بدراسة حالتها، وتقديم العون الذي تحتاجه، صحياً ومادياً؛ بتوفير السكن الملائم والعلاج والمعاش والتكريم، من خلال إقامة الأمسيات، والندوات الخاصة، ومن خلال تدريس سيرهم وإنتاجهم في المدارس والجامعات، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لمن أفنى عمره لخدمة الثقافة التي ينظر إليها في عديد من الدول كقوة ناعمة موازية للبترول والصناعة والسياحة والذهب.
الرياض
حسين علي حسين
يوصف الشخص الذي يخدم عمله بجد واجتهاد، بأنه مثل "خيل الحكومة"، يعطي أقصى ما عنده لعمله، دون تفكير في الأجر أو الثواب، لكن هذا الشخص، حالما يصاب بعارض صحي يقعده، يفصل من عمله أو يحال إلى التقاعد، ليتولاه الشارع بما فيه من فراغ وعوز وقلة دخل أو مال..
والحكاية والبداية، أن الحكومات في السابق، قبل السيارات، المتنوعة الأغراض والمهمات، كانت تستخدم الخيل في مهماتها، وأبرزها مهمات الضبط والربط، وملاحقة الحرامية والمهربين، وأرباب السوابق، ونقل كبار الموظفين وأسرهم، إضافة إلى التسرية عن كبار القوم، من خلال ما يعرف بسباق الخيل وقفز الحواجز وتصويب الرصاص. وطالما كان الحصان قوياً وسريعاً، فإن أطايب العلف والخبز والماء المسكر، تقدم له في كل آن، إضافة إلى الإسطبلات الخاصة، والحلاقين والمدلكين، الذين يتعهدون الحصان بكامل الرعاية، لكي يؤدي مهماته على خير وجه. لكن هذا الحصان حالما يدب إليه الوهن أو يصاب أو يشيخ؛ يرمى في الشارع حتى ينفق، وفي بعض الدول، يطلق عليه الرصاص، ليريح ويستريح. وهذا بالضبط ما يتعرض له الكتاب والأدباء والفنانون الذين يجور عليهم الزمن.. وهو سلوك لا تفعله جهة واحدة، ولكن تفعله الجهات المالية والاجتماعية والصحية في عديد من الدول التي من المفروض أن تكون مسؤولة عن رعاية هذه الفئة لما يمثلونه من قيمة فكرية وتنويرية!
لكن بعض الدول تستفيد من هذه الفئات في عديد من المناشط والمهام الاستشارية، في المجالات التي حققوا من خلالها شهرة ومكانة قبل أن تنصرف عنهم الأضواء؛ فتوفر لهم مكاتب وسكرتاريا، وتقدم لهم التذاكر، ليسيحوا في أرض الله، وليكتبوا ويقدموا مرئياتهم في المجالات والمناشط التي برعوا فيها لغرض الاستفادة منها أو تطبيقها في بلدانهم التي أوفدتهم!
كم سيخسر أي منبر إعلامي، لو وظف واحد أو اثنين أو ثلاثة من هذه الفئة؟ هناك وسائل إعلامية تدفع بسخاء لمن يجيدون التعليق على مباريات كرة القدم أو الكتابة في المواضيع الخفيفة، دون أن يخطر لهم التعاقد مع عينة من الأدباء والكتاب والفنانين الذين فقدوا مراكزهم للتعليق على مئوية شكسبير أو أوبرا عايدة أو لوحة لمايكل أنجلو أو معزوفة لتشايكوفسكي، هم لا يفعلون ذلك بحجة أن هؤلاء الصفوة، لا يشكلون ما نسبته 1 % من قراء الروايات البوليسية أو مباريات كرة المضرب أو مغني البوب؟
إن هذه الفئة تحتاج على الدوام إلى من يبلسم جراحها، ويشعرها أنها ليست وحدها، وأن هناك من يشعر بها ويقدر عطاءها، بدراسة حالتها، وتقديم العون الذي تحتاجه، صحياً ومادياً؛ بتوفير السكن الملائم والعلاج والمعاش والتكريم، من خلال إقامة الأمسيات، والندوات الخاصة، ومن خلال تدريس سيرهم وإنتاجهم في المدارس والجامعات، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لمن أفنى عمره لخدمة الثقافة التي ينظر إليها في عديد من الدول كقوة ناعمة موازية للبترول والصناعة والسياحة والذهب.
الرياض