الأطفال وأخبار الحروب.. نصائح الطبيب
الأطفال وأخبار الحروب.. نصائح الطبيب
تنمية الإحساس بالآخر والتعاطف الإنساني مع الضحايا
د. هاني رمزي عوض
على الرغم من أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تدور في منطقة محدودة، فإن التداعيات الكثيرة التي ترتبت على تلك الحرب، وأهمها الآثار الاقتصادية، جعلت منها حديث الساعة في معظم دول العالم. ومع توالي الأخبار المتعلقة بها في كل الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي والمخاوف من توسع دائرتها لتشمل أطرافاً أخرى، فإن الأطفال يمكن أن يتأثروا بها بالطبع، ويشعروا بالذعر والقلق anxiety ويتبادر إلى أذهانهم كثير من الأسئلة المتعلقة بالحرب بشكل عام. وهناك نصائح للحديث مع الأطفال حول هذا الموضوع، يمكن الاستفادة منها.
نصائح للأطفال
ينصح العلماء بضرورة طمأنة الأطفال بأنهم في أمان تام وأن المعارك في منطقة جغرافية بعيدة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو للخوف من حدوث دمار مماثل لما يرونه على الشاشات المختلفة ويجب أن يكون الحديث في وقت هادئ دون استعجال. ويفضل أن يكون وقت تناول الطعام وبأسلوب مناسب لعمر الطفل. ويتم استخدام كلمات يستطيع الطفل فهمها، ويجب على الآباء أن يكونوا قدوة لأبنائهم role model في عدم الإحساس بالقلق وإعطاء انطباع يوحي بأنهم مطمئنون (حتى لو عانوا من القلق بالفعل) لأن الأطفال يحتاجون إلى التأكد من أن البالغين حولهم يعرفون جيداً ما يجب عليهم فعله للحفاظ على سلامتهم.
يجب أن يراقب الآباء المدة التي يتعرض أطفالهم فيها لوسائل الإعلام ويقوموا بالحد منها كلما أمكنهم ذلك خاصة الأطفال أقل من عمر الخامسة، لأن العرض المستمر للصور والعناوين الرئيسية المزعجة يعزز من الشعور بعدم الأمان بجانب أن الأطفال الأصغر سناً ربما لا يمكنهم التمييز بين الصور المعروضة على الشاشة والواقع، وقد يعتقدون أنهم في خطر داهم.
ولذلك يجب أن يعرف الآباء من أين يحصل أبناؤهم، خاصة المراهقين الذين يمكنهم التعامل بسهولة مع الإنترنت، على معلوماتهم حتى يمكن تصويب المعلومات التي تحمل أخباراً مفزعة مثل احتمالية التعرض لغازات سامة في حالة الخروج من المنازل أو استخدام الأسلحة النووية، وتوضيح أن هذا الأمر غير حقيقي سواء في البلاد البعيدة عن المعارك حتى البلاد التي تجري بها الحرب.
تعاطف مع الضحايا
ويجب أن يقوم الآباء باستثمار حالة التعاطف الطبيعية مع ضحايا الحروب في تنمية الإحساس بالآخر والتعاطف الإنساني مع أشخاص لا نعرفهم، ويجب تجنب ألفاظ مثل «الأشرار» أو المجرمين والتركيز على العائلات التي اضطرت إلى ترك منازلها والتأكيد على أن الجميع يستحقون العيش في أمان، وتعتبر الحرب فرصة جيدة لبداية تعليم الفكر الموضوعي وتنمية العقل النقدي، من خلال توضيح أن الضحايا يمكن أن يكونوا من الجانبين ومن جميع الأجناس والديانات والألوان، لأن العالم ينقسم لدى الأطفال إلى أبيض أو أسود، والبشر إلى أخيار أو أشرار.
من المهم أن يدرك الآباء أن الأطفال لا يستطيعون دائماً التعبير عن مخاوفهم بالكلمات، لكنهم قد يعبرون عنها من خلال أفعال أخرى مثل البكاء ورفض الذهاب إلى الحضانة أو المدرسة، وأحياناً الامتناع عن تناول الطعام، كما يمكن أن يؤدي القلق الشديد أيضاً إلى حدوث الكوابيس.
وفى حالات الأطفال الأصغر عمراً، ونتيجة للقلق، يمكن أن يحدث تبول لا إرادي (معظم أسباب التبول اللا إرادي نفسية، وليست عضوية) إذا لم يتم الحديث عن الحرب وطمأنة الطفل. لذلك، فللأطفال دون سن الخامسة يجب أن تكون معلومات الحرب محدودة للغاية لهذه الفئة العمرية، ويفضل في حالة السؤال عن الأحداث، الإجابة بشكل عام، مثل: «أحياناً يتشاجر البالغون بين الحين والآخر ويحتاجون إلى شخص ما للتدخل بينهم في بعض الأحيان، ومثلما ينطبق الأمر على الكبار ينطبق على الدول أيضاً»، بدون تفصيلات.
ولا يجب على الآباء الحديث عن ارتفاع الأسعار أو أي تغييرات متوقعة في روتين الحياة العادية، بل على النقيض يفضل التركيز على الأشياء التي يمكن للطفل التحكم فيها في الوقت الحالي، مثل: «يجب أن تستعد للذهاب إلى المدرسة غداً، أو يجب أن تبلى بلاءً حسناً في المباراة، وأيضاً يجب أن تحرص على تناول الطعام في موعده»، وهو الأمر الذي يُشعر الطفل أن الأمور كالمعتاد، والأخبار التي يراها في الشاشات لا تتعدى الأفلام، ولا داعى للخوف منها، وذلك يمنعهم من البحث باستمرار عن إجابة للسؤال الموجود في أذهانهم: «ما الذي يمكن أن يحدث في المستقبل؟».
يمكن للآباء أن يضربوا مثلاً بشجار الإخوة معاً لمحاولة تفسير أسباب الخلاف وضرورة حلّ هذا الخلاف عن طريق طرف آخر، كما يجب أن يظهر الآباء تفهمهم لمشاعر الذعر لدى الأطفال وعدم الاستخفاف بها أو نهي الطفل عن الحديث في أمور خاصة بالبالغين حتى يستطيع الطفل التخلص من مشاعر الخوف. وفي الأغلب تكون أسئلة الأطفال الكثيرة بغرض الاطمئنان، أكثر منها محاولات لفهم الأمر، ولذلك يجب ألا يضيق الآباء ذرعاً بهذه الأسئلة.
بالنسبة للمراهقين والأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة يجب أن يذكر الآباء أن المعلومات التي تتناقلها وسائل التواصل، حتى بعض القنوات، ليست بالضرورة صحيحة، ويجب عليهم ذكر طرق لكيفية التحقق من مصادر المعلومات الموثوقة، مثل المواقع الرسمية لمحطات التلفزيون أو المواقع الإخبارية المعروفة، مع نصحهم بعدم التركيز فقط على هذه الأخبار، ويمكن تشجيعهم على فعل شيء إيجابي، مثل إرسال رسائل إلكترونية تدين الحرب وتطالب بوقفها للمنظمات الدولية، ما يشعرهم بأهمية الدور الفردي في الشأن العام.
الشرق الأوسط
تنمية الإحساس بالآخر والتعاطف الإنساني مع الضحايا
د. هاني رمزي عوض
على الرغم من أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تدور في منطقة محدودة، فإن التداعيات الكثيرة التي ترتبت على تلك الحرب، وأهمها الآثار الاقتصادية، جعلت منها حديث الساعة في معظم دول العالم. ومع توالي الأخبار المتعلقة بها في كل الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي والمخاوف من توسع دائرتها لتشمل أطرافاً أخرى، فإن الأطفال يمكن أن يتأثروا بها بالطبع، ويشعروا بالذعر والقلق anxiety ويتبادر إلى أذهانهم كثير من الأسئلة المتعلقة بالحرب بشكل عام. وهناك نصائح للحديث مع الأطفال حول هذا الموضوع، يمكن الاستفادة منها.
نصائح للأطفال
ينصح العلماء بضرورة طمأنة الأطفال بأنهم في أمان تام وأن المعارك في منطقة جغرافية بعيدة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو للخوف من حدوث دمار مماثل لما يرونه على الشاشات المختلفة ويجب أن يكون الحديث في وقت هادئ دون استعجال. ويفضل أن يكون وقت تناول الطعام وبأسلوب مناسب لعمر الطفل. ويتم استخدام كلمات يستطيع الطفل فهمها، ويجب على الآباء أن يكونوا قدوة لأبنائهم role model في عدم الإحساس بالقلق وإعطاء انطباع يوحي بأنهم مطمئنون (حتى لو عانوا من القلق بالفعل) لأن الأطفال يحتاجون إلى التأكد من أن البالغين حولهم يعرفون جيداً ما يجب عليهم فعله للحفاظ على سلامتهم.
يجب أن يراقب الآباء المدة التي يتعرض أطفالهم فيها لوسائل الإعلام ويقوموا بالحد منها كلما أمكنهم ذلك خاصة الأطفال أقل من عمر الخامسة، لأن العرض المستمر للصور والعناوين الرئيسية المزعجة يعزز من الشعور بعدم الأمان بجانب أن الأطفال الأصغر سناً ربما لا يمكنهم التمييز بين الصور المعروضة على الشاشة والواقع، وقد يعتقدون أنهم في خطر داهم.
ولذلك يجب أن يعرف الآباء من أين يحصل أبناؤهم، خاصة المراهقين الذين يمكنهم التعامل بسهولة مع الإنترنت، على معلوماتهم حتى يمكن تصويب المعلومات التي تحمل أخباراً مفزعة مثل احتمالية التعرض لغازات سامة في حالة الخروج من المنازل أو استخدام الأسلحة النووية، وتوضيح أن هذا الأمر غير حقيقي سواء في البلاد البعيدة عن المعارك حتى البلاد التي تجري بها الحرب.
تعاطف مع الضحايا
ويجب أن يقوم الآباء باستثمار حالة التعاطف الطبيعية مع ضحايا الحروب في تنمية الإحساس بالآخر والتعاطف الإنساني مع أشخاص لا نعرفهم، ويجب تجنب ألفاظ مثل «الأشرار» أو المجرمين والتركيز على العائلات التي اضطرت إلى ترك منازلها والتأكيد على أن الجميع يستحقون العيش في أمان، وتعتبر الحرب فرصة جيدة لبداية تعليم الفكر الموضوعي وتنمية العقل النقدي، من خلال توضيح أن الضحايا يمكن أن يكونوا من الجانبين ومن جميع الأجناس والديانات والألوان، لأن العالم ينقسم لدى الأطفال إلى أبيض أو أسود، والبشر إلى أخيار أو أشرار.
من المهم أن يدرك الآباء أن الأطفال لا يستطيعون دائماً التعبير عن مخاوفهم بالكلمات، لكنهم قد يعبرون عنها من خلال أفعال أخرى مثل البكاء ورفض الذهاب إلى الحضانة أو المدرسة، وأحياناً الامتناع عن تناول الطعام، كما يمكن أن يؤدي القلق الشديد أيضاً إلى حدوث الكوابيس.
وفى حالات الأطفال الأصغر عمراً، ونتيجة للقلق، يمكن أن يحدث تبول لا إرادي (معظم أسباب التبول اللا إرادي نفسية، وليست عضوية) إذا لم يتم الحديث عن الحرب وطمأنة الطفل. لذلك، فللأطفال دون سن الخامسة يجب أن تكون معلومات الحرب محدودة للغاية لهذه الفئة العمرية، ويفضل في حالة السؤال عن الأحداث، الإجابة بشكل عام، مثل: «أحياناً يتشاجر البالغون بين الحين والآخر ويحتاجون إلى شخص ما للتدخل بينهم في بعض الأحيان، ومثلما ينطبق الأمر على الكبار ينطبق على الدول أيضاً»، بدون تفصيلات.
ولا يجب على الآباء الحديث عن ارتفاع الأسعار أو أي تغييرات متوقعة في روتين الحياة العادية، بل على النقيض يفضل التركيز على الأشياء التي يمكن للطفل التحكم فيها في الوقت الحالي، مثل: «يجب أن تستعد للذهاب إلى المدرسة غداً، أو يجب أن تبلى بلاءً حسناً في المباراة، وأيضاً يجب أن تحرص على تناول الطعام في موعده»، وهو الأمر الذي يُشعر الطفل أن الأمور كالمعتاد، والأخبار التي يراها في الشاشات لا تتعدى الأفلام، ولا داعى للخوف منها، وذلك يمنعهم من البحث باستمرار عن إجابة للسؤال الموجود في أذهانهم: «ما الذي يمكن أن يحدث في المستقبل؟».
يمكن للآباء أن يضربوا مثلاً بشجار الإخوة معاً لمحاولة تفسير أسباب الخلاف وضرورة حلّ هذا الخلاف عن طريق طرف آخر، كما يجب أن يظهر الآباء تفهمهم لمشاعر الذعر لدى الأطفال وعدم الاستخفاف بها أو نهي الطفل عن الحديث في أمور خاصة بالبالغين حتى يستطيع الطفل التخلص من مشاعر الخوف. وفي الأغلب تكون أسئلة الأطفال الكثيرة بغرض الاطمئنان، أكثر منها محاولات لفهم الأمر، ولذلك يجب ألا يضيق الآباء ذرعاً بهذه الأسئلة.
بالنسبة للمراهقين والأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة يجب أن يذكر الآباء أن المعلومات التي تتناقلها وسائل التواصل، حتى بعض القنوات، ليست بالضرورة صحيحة، ويجب عليهم ذكر طرق لكيفية التحقق من مصادر المعلومات الموثوقة، مثل المواقع الرسمية لمحطات التلفزيون أو المواقع الإخبارية المعروفة، مع نصحهم بعدم التركيز فقط على هذه الأخبار، ويمكن تشجيعهم على فعل شيء إيجابي، مثل إرسال رسائل إلكترونية تدين الحرب وتطالب بوقفها للمنظمات الدولية، ما يشعرهم بأهمية الدور الفردي في الشأن العام.
الشرق الأوسط