يوم رمضاني
يوم رمضاني
حسين علي حسين
أيامي في شهر رمضان الفضيل تختلف قليلاً عن بقية أيام العام، فلهذا الشهر عندي وغيري عادات وتقاليد لا نمارسها إلا فيه أو خلاله؛ فمنذ يفاعتي وحتى الآن، أحرص على الخروج من المنزل عصراً لشراء الفول و"المقلي" الذي أصبح له أسماء عديدة أبرزها الفلافل والطعمية، ومع هذا المقلي قرص التميز عادياً أو بالسمن أو الحليب، وقد أضيفت في السنوات القليلة الماضية أصناف عديدة حلوة ومالحة، منها: القلابة والشكشوكة، والكنافة والفطائر.
في السابق وفي أيامي العتيقة في المدينة المنورة، كان مشوار مثل هذا يختم بالذهاب إلى "الخان"، وكان المكان الوحيد المخصص لشراء الخضار واللحوم. الذهاب إلى الخان في رمضان بعد الظهر هدفه شراء الكنافة من الصاج لتقوم الوالدة بتجهيزها حسب عاداتها وخبرتها التي تجعل لقمة الكنافة سميكة دسمة، فقد كانت تضع في وسطها سكراً وزبيباً وبيضاً مسلوقاً، وكنا نقبل عليها بشوق، لأننا ببساطة لم نرَ أو نذوق كنافة مختلفة من التي قيل إن نساء حضر المدينة يبرعن في تجهيزها! ومع الكنافة كنا نقف أحياناً أمام باب "الخان" لشراء القطايف التي يجهزها عمنا مبروك يومياً على سطح داره، ويجلس بها في الضحى أمام بوابة الخان منتظراً زبائنه. عمنا مبروك يودع العمل بعد انتهاء رمضان، ولا يعود له إلا في رمضان المقبل، فقد كان الرجل لا يعمل منذ عرفناه إلا في أيام رمضان. والهدف الأخير لزيارتي "الخان" عصر كل يوم رمضاني هو شراء النعناع الحساوي أو المديني، فلا يحلو الشاي في تلك الأيام دون النعناع! هذا جزء من يوم أو بعض يوم رمضاني، في سالف أيام المدينة المنورة. أما لوعدنا إلى يومنا الرمضاني في مدينة ضاجّة بالسكان وحركة المركبات مثل مدينة الرياض، فإن أول ما أنصح نفسي به وأنا خارج من المنزل، الانتباه التام أثناء القيادة، خصوصاً إذا كنت خارجاً من البيت بعد الخامسة عصراً، فهذه الساعة وما بعدها تعتبر ساعة فلتان الأعصاب، ولحالة فلت الأعصاب عدة أسباب، أبرزها: انخفاض النيكوتين والسكر وربما ارتفاع الضغط، أما السبب الثاني فهو التحرك في غير الوقت المناسب لتلبية دعوة على وليمة الإفطار، وربما -وهذا وارد- بسبب فاتورة المقاضي التي تقتضي من حاملها المرور على عدة أماكن! وفي هذه الأيام القليلة الماضية من الشهر الكريم شاهدت عدة حوادث عبثية في شوارع ضيقة وأخرى واسعة، كل واحدة منها، لولا تدخل الشهود، كان من الممكن أن تنتهي في المستشفيات أو مواقف الحجز! لكل ذلك أخذت على نفسي عهداً أن أتجهز للخروج من المنزل لتغطية حاجتنا اليومية من الفول والقلابة والمقلي والتميز من بعد العصر مباشرة، وأن أعود إلى البيت سريعاً لممارسة المشي لبضع دقائق في حيّنا الصغير، وهي عادة أخلفها في بعض الأحيان، وإن كان من شأنها دائماً، إعادة السكون والراحة للبدن، وكل عام ونحن في هذه الديار المباركة بأمن وأمان وصحة وعافية وسعادة.
الرياض
حسين علي حسين
أيامي في شهر رمضان الفضيل تختلف قليلاً عن بقية أيام العام، فلهذا الشهر عندي وغيري عادات وتقاليد لا نمارسها إلا فيه أو خلاله؛ فمنذ يفاعتي وحتى الآن، أحرص على الخروج من المنزل عصراً لشراء الفول و"المقلي" الذي أصبح له أسماء عديدة أبرزها الفلافل والطعمية، ومع هذا المقلي قرص التميز عادياً أو بالسمن أو الحليب، وقد أضيفت في السنوات القليلة الماضية أصناف عديدة حلوة ومالحة، منها: القلابة والشكشوكة، والكنافة والفطائر.
في السابق وفي أيامي العتيقة في المدينة المنورة، كان مشوار مثل هذا يختم بالذهاب إلى "الخان"، وكان المكان الوحيد المخصص لشراء الخضار واللحوم. الذهاب إلى الخان في رمضان بعد الظهر هدفه شراء الكنافة من الصاج لتقوم الوالدة بتجهيزها حسب عاداتها وخبرتها التي تجعل لقمة الكنافة سميكة دسمة، فقد كانت تضع في وسطها سكراً وزبيباً وبيضاً مسلوقاً، وكنا نقبل عليها بشوق، لأننا ببساطة لم نرَ أو نذوق كنافة مختلفة من التي قيل إن نساء حضر المدينة يبرعن في تجهيزها! ومع الكنافة كنا نقف أحياناً أمام باب "الخان" لشراء القطايف التي يجهزها عمنا مبروك يومياً على سطح داره، ويجلس بها في الضحى أمام بوابة الخان منتظراً زبائنه. عمنا مبروك يودع العمل بعد انتهاء رمضان، ولا يعود له إلا في رمضان المقبل، فقد كان الرجل لا يعمل منذ عرفناه إلا في أيام رمضان. والهدف الأخير لزيارتي "الخان" عصر كل يوم رمضاني هو شراء النعناع الحساوي أو المديني، فلا يحلو الشاي في تلك الأيام دون النعناع! هذا جزء من يوم أو بعض يوم رمضاني، في سالف أيام المدينة المنورة. أما لوعدنا إلى يومنا الرمضاني في مدينة ضاجّة بالسكان وحركة المركبات مثل مدينة الرياض، فإن أول ما أنصح نفسي به وأنا خارج من المنزل، الانتباه التام أثناء القيادة، خصوصاً إذا كنت خارجاً من البيت بعد الخامسة عصراً، فهذه الساعة وما بعدها تعتبر ساعة فلتان الأعصاب، ولحالة فلت الأعصاب عدة أسباب، أبرزها: انخفاض النيكوتين والسكر وربما ارتفاع الضغط، أما السبب الثاني فهو التحرك في غير الوقت المناسب لتلبية دعوة على وليمة الإفطار، وربما -وهذا وارد- بسبب فاتورة المقاضي التي تقتضي من حاملها المرور على عدة أماكن! وفي هذه الأيام القليلة الماضية من الشهر الكريم شاهدت عدة حوادث عبثية في شوارع ضيقة وأخرى واسعة، كل واحدة منها، لولا تدخل الشهود، كان من الممكن أن تنتهي في المستشفيات أو مواقف الحجز! لكل ذلك أخذت على نفسي عهداً أن أتجهز للخروج من المنزل لتغطية حاجتنا اليومية من الفول والقلابة والمقلي والتميز من بعد العصر مباشرة، وأن أعود إلى البيت سريعاً لممارسة المشي لبضع دقائق في حيّنا الصغير، وهي عادة أخلفها في بعض الأحيان، وإن كان من شأنها دائماً، إعادة السكون والراحة للبدن، وكل عام ونحن في هذه الديار المباركة بأمن وأمان وصحة وعافية وسعادة.
الرياض