• ×
admin

الخلايا السمية الهدبية».. أحدث تطورات علاج فقر الدم المنجلي

الخلايا السمية الهدبية».. أحدث تطورات علاج فقر الدم المنجلي

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة

- فقر الدم المنجلي: «الخلايا السمية الهدبية» أحدث تطورات علاجه
فقر الدم المنجلي (Sickle Cell Anemia) هو شكل موروث من الأنيميا، ينتقل من الآباء الحاملين للمرض أو المصابين به إلى الأطفال. وتعتبر المنطقة الشرقية من أعلى المناطق في المملكة والعالم في معدلات فقر الدم المنجلي، وفحص ما قبل الزواج هو أهم طرق الوقاية من هذا المرض.
عادة، تكون خلايا الدم الحمراء مرنة ومستديرة، وتتحرك بسهولة عبر الأوعية الدموية. أما في حالة أنيميا الخلايا المنجلية، فتصبح خلايا الدم الحمراء جامدة ولزجة، وتتشكل مثل المنجل أو الهلال. يمكن لهذه الخلايا، غير منتظمة الشكل، أن تعلق في أوعية الدم الصغيرة، ما قد يبطئ أو يسد تدفق الدم والأكسجين لأجزاء الجسم.
خلال الأعوام الأخيرة تقدمت العلاجات الدوائية لهذا المرض، فهناك عدد كبير من الأدوية الحديثة التي تلطف وتخفف من شدة أعراض المرض؛ سواء للأطفال أو الكبار، بالإضافة إلى زراعة نخاع العظم الذي يبقى العلاج الشافي والوحيد المتوفر حالياً، أما العلاج بالجينات فما زال في مجال الأبحاث والدراسات.

- فقر الدم المنجلي
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة زينب الموسى (مديرة الشؤون الأكاديمية واستشارية طب الأطفال، رئيسة «مؤتمر أمراض الدم السنوي الأول» الذي انعقد في منطقة الأحساء، وإحدى المتحدثات فيه، والذي عقد مؤخراً بالأحساء) موضحة أن علامات وأعراض فقر الدم المنجلي تختلف من شخص لآخر، وتتغير بمرور الوقت، وتتضمن ما يلي:
> الأنيميا؛ حيث تتكسر الخلايا المنجلية بسهولة وتموت، تاركة الجسم من دون كمية كافية من خلايا الدم الحمراء. وعادة ما تعيش خلايا الدم الحمراء لما يقرب من 120 يوماً قبل أن يتم استبدالها. ولكن عادة ما تموت الخلايا المنجلية في فترة تتراوح بين 10 و20 يوماً، مما يتسبب في حدوث نقص في عدد خلايا الدم الحمراء (فقر الدم)، وعندها لا يمكن أن يحصل الجسم على الأكسجين الذي يحتاج إليه ليشعر بالطاقة، وينتج عن هذا شعور بالتعب.
> نوبات الألم الدورية، وتعرف بالأزمات، وتعتبر أحد الأعراض الكبرى لمرض فقر الدم المنجلي. يتطور الألم عندما تعوق خلايا الدم الحمراء، ذات الشكل المنجلي، تدفق الدم من خلال الأوعية الدموية الدقيقة إلى الصدر والبطن والمفاصل. كما يمكن أن يحدث الألم داخل العظام. تختلف حدة الألم، ويمكن أن يستمر فترة تتراوح بين بضع ساعات وبضعة أسابيع. لا يعاني بعض الأفراد إلا نوبات قليلة من الألم. قد يعاني آخرون اثنتي عشرة أزمة أو أكثر سنوياً. إذا كانت الأزمة حادة بشكل كافٍ، فقد تحتاج إلى دخول المستشفى. يعاني بعض المراهقين والبالغين المصابين بفقر الدم المنجلي ألماً مزمناً، ينتج عن ضرر في المفاصل والعظام وقرح وأسباب أخرى.
> تورم مؤلم في اليدين والقدمين، يحدث بسبب حجب خلايا الدم الحمراء ذات الشكل المنجلي تدفق الدم عن الوصول إلى اليدين والقدمين.
> حالات العدوى المتكررة؛ حيث يمكن أن تتسبب الخلايا المنجلية في حدوث ضرر للعضو الذي يحارب العدوى (الطحال)، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للالتهابات. عادة ما يعطى الرضع والأطفال المصابون بفقر الدم المنجلي لقاحات ومضادات حيوية للوقاية من الإصابة بحالات عدوى، يحتمل أن تشكل تهديداً على الحياة، مثل الالتهاب الرئوي.
> تأخر النمو؛ حيث يمكن لنقص خلايا الدم الحمراء السليمة التي تمد عادة الجسم بالأكسجين والمواد الغذائية اللازمة للنمو، أن يؤخر نمو الرضع والأطفال ويؤخر عملية البلوغ في المراهقين.
> مشكلات في الرؤية، فقد تسد الخلايا المنجلية الأوعية الدموية الدقيقة التي تدعم العينين؛ مما يتسبب في حدوث تلف بالشبكية، وهي الجزء من العين الذي يعالج الصور البصرية، مما يؤدي للإصابة بمشكلات بالرؤية.
> السكتة الدماغية، من أعراضها وجود شلل على جانب واحد من الجسم، أو ضعف في عضلات الوجه أو الذراعين أو الساقين، أو ارتباك، أو صعوبة في المشي، أو التحدث، أو مشكلات مفاجئة في الإبصار، أو تنميل مجهول السبب، أو صداع.

- الأسباب
تقول الدكتورة زينب الموسى، إن فقر الدم المنجلي ينشأ عن خلل أو طفرة في الجين المسؤول عن تكوين الهيموغلوبين الطبيعي بالجسم، والذي يحمل الأكسجين من الرئتين إلى جميع أجزاء الجسم؛ مما يغير شكل خلايا الدم الحمراء لتصبح لزجة متصلبة وغير مرنة. وينتقل جين الخلية المنجلية من جيل إلى جيل في نمط وراثي يسمى النمط الوراثي الصبغي الجسدي المتنحي. وهذا يعني ضرورة نقل الأم والأب الشكل المعيب للجين لكي يصاب الطفل. أما إذا كان أحد الوالدين فقط حاملاً للجين، فسينقله لأطفاله، وتكون لديهم خلة الخلية المنجلية، وقد يحتوي دمهم على بعض الخلايا المنجلية؛ لكنهم عادة لا يعانون من أعراض، ويعتبرون حاملين للمرض، وقد ينقلون الجينات لأطفالهم.

- التشخيص والعلاج
يقول الدكتور أحمد عنتر، استشاري ورئيس قسم أمراض الدم والأورام، وأحد المتحدثين في المؤتمر، إن التشخيص يتم بفحص الدم للتحقق من وجود الهيموغلوبين إس (Hb S) وهو نوع معيب من الهيموغلوبين، يكمن وراء فقر الدم المنجلي. يمكن تشخيص مرض الخلايا المنجلية في الجنين عن طريق أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين في رحم الأم (السائل السلوي) للتحقق من جين الخلية المنجلية.
ويتم أيضاً تقييم خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، باستخدام جهاز خاص بالموجات فوق الصوتية (عبر الجمجمة)، لقياس تدفق الدم عند الأطفال في عمر السنتين، وهو اختبار غير مؤلم. ويمكن لعمليات نقل الدم المنتظمة أن تقلل من خطر السكتة الدماغية.
أما العلاج فيشمل أولاً أساسيات العلاج. يقول الدكتور عنتر إن زراعة النخاع العظمي التي تعرف كذلك باسم زراعة الخلايا الجذعية، تعتبر العلاج الوحيد حالياً لفقر الدم المنجلي. وعادة ما يتم إجراؤها للأفراد الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً؛ نظراً لازدياد المخاطر بعد هذه السن. ويعد العثور على متبرع أمراً صعباً، كما أن العملية تتسم بمخاطر بالغة قد تصل للوفاة. ونتيجة لذلك، فإن علاج فقر الدم المنجلي يهدف عادة إلى تجنب النوبات والأزمات، والتخفيف من http://np.hhsaudi.com/newspress/app/manage_articles/article_related_imag... الأعراض وتجنب المضاعفات.
ينبغي على المصابين بفقر الدم المنجلي من الرضع والأطفال البالغين من العمر عامين وأقل زيارة الطبيب بصورة متكررة. أما من تزيد أعمارهم عن سنتين والبالغون، فتتم زيارة الطبيب مرة واحدة على الأقل سنوياً، وفقاً لمراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها.
ثم تأتي خطوات العلاج التي تتضمن أدوية للحد من الألم وتجنب المضاعفات، ونقل الدم، وزراعة النخاع العظمي.
> الأدوية: تشمل ما يلي:
- المضادات الحيوية: قد يبدأ الأطفال المصابون بفقر الدم المنجلي في تناول البنسلين كمضاد حيوي بدءاً من عمر شهرين وإلى سن 5 سنوات على الأقل، للوقاية من الإصابة بالعدوى، مثل الالتهاب الرئوي الذي يمكن أن يكون مصدراً مهدداً لحياة الرضيع أو الطفل المصاب بفقر الدم المنجلي.
- الأدوية المسكنة: يصفها الطبيب لتخفيف الألم أثناء نوبات فقر الدم المنجلي.
- الهيدروكسي يوريا: يستخدم يومياً ليساعد في التقليل من تكرار النوبات المؤلمة، وقد يقلل أيضاً من الحاجة لإجراء عمليات نقل الدم والإقامة في المستشفى؛ حيث إن هيدروكسي يوريا يعمل على تحفيز إنتاج الهيموغلوبين الجنيني (نوع من الهيموغلوبين الموجود في الأطفال حديثي الولادة والذي يساعد في منع تكوين الخلايا المنجلية). وهناك بعض المخاوف من أن استخدام هذا الدواء على المدى الطويل قد يؤدي إلى مشكلات في وقت لاحق من الحياة، وأنه قد يزيد من خطر الإصابة بالعدوى، إلا أن عديداً من الدراسات أثبت أن الفائدة الناتجة عن العلاج بالهيدروكسي يوريا لمرضى فقر الدم المنجلي كبيرة جداً، وأن الطبيب هو من يحدد ذلك. ويمنع تناوله خلال الحمل.
> التطعيمات: مهمة لجميع الأطفال للوقاية من الأمراض، وهي أكثر أهمية للمصابين بفقر الدم المنجلي؛ حيث إن إصابتهم تكون شديدة.
> نقل الدم: في حالة نقل خلايا الدم الحمراء، تتم إزالة خلايا الدم الحمراء من دم المتبرع ثم تحقن وريدياً في جسم الشخص المصاب بفقر الدم المنجلي، ويزيد نقل الدم عدد خلايا الدم الحمراء في الدورة الدموية، مما يساعد في علاج فقر الدم. وفي الأطفال المصابين بفقر الدم المنجلي الذين يعانون من ارتفاع خطورة الإصابة بالسكتة الدماغية، يمكن أن تقلل عمليات نقل الدم المنظمة تلك المخاطر، ويمكن الاعتماد على عمليات نقل الدم أيضاً لعلاج مضاعفات فقر الدم المنجلي. تنطوي عمليات نقل الدم على بعض المخاطر، والتي تتضمن العدوى وزيادة تراكم الحديد في الجسم الذي يمكن أن يتلف القلب والكبد والأعضاء الأخرى، وعليه فقد يحتاج هؤلاء المرضى لأخذ علاج لتقليل مستويات الحديد.
> زراعة نخاع العظم: تتضمن عملية زراعة نخاع العظم إزالة نخاع العظم المتأثر بفقر الدم المنجلي، وزرع نخاع عظمي سليم من متبرع يكون متطابقاً، مثل أحد الإخوة الذين لا يعانون من فقر الدم المنجلي. ينصح بهذا الإجراء فقط للأطفال المصابين بأعراض ومشكلات كبيرة من فقر الدم المنجلي، لوجود مخاطر مرتبطة بزراعة نخاع العظم. فبعد العثور على المتبرع المتطابق يتم إعطاء المريض إشعاعاً أو علاجاً كيميائياً لتدمير الخلايا الجذعية بالنخاع العظمي أو تخفيضها، ثم يتم حقن الخلايا الجذعية السليمة من المتبرع للشخص المصاب عن طريق الوريد في مجرى الدم، لتصل إلى نخاع العظم وتبدأ في تكوين خلايا دم جديدة. يتطلب هذا الإجراء المكوث طويلاً في المستشفى بعد الزراعة، لتلقي أدوية تساعد على الوقاية من رفض الخلايا الجذعية المتبرع بها. ورغم ذلك قد يرفض الجسم الزراعة، الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة.
> التقنية الحديثة: للعلاج بالخلايا السمية الهدبية (كار - تي - سيل).
مستشفى في الرياض يقود العلاج بـ«الخلايا السمية» السمية > عقد أخيراً مؤتمر أمراض الدم السنوي الأول في مستشفى «الموسى التخصصي» بالأحساء، بمشاركة أكثر من 20 استشارياً وباحثاً في مجال أمراض الدم عند الأطفال والكبار، من خلال أكثر من 25 ورقة بحثية ومحاضرة علمية ركزت على أمراض الدم الوراثية؛ خصوصاً فقر الدم المنجلي، وفقر الدم الفولي، والثلاسيميا، وأمراض الصفائح الدموية والتخثر الدموي، والهيموفيليا.
في هذا المؤتمر، تحدث الدكتور علي الأحمري، استشاري أمراض الدم والأورام عند الأطفال بمستشفى «الملك فيصل التخصصي» بالرياض، ورئيس برنامج العلاج بالخلايا السمية الهدبية (كار - تي - سيل Chimeric Antigen Receptor (CAR) T - cell therapy)، حول تجربة مستشفى «الملك فيصل التخصصي» الذي يعتبر أول مركز في الشرق الأوسط أدخل هذه التقنية الحديثة والمعقدة جداً إلى المملكة. تعتمد التقنية على استخراج الخلايا اللمفاوية (الخلايا التائية) للمريض. ومن خلال عملية معقدة تتم هندسة وتعديل جيني لهذه الخلايا، وينتج عنها خلايا شديدة الانتقائية والسمية للخلايا السرطانية المعاندة على العلاج الكيميائي. وقد تم علاج عشرات الحالات (بعضها محال من دول الجوار) مما يجعل المملكة من أفضل الدول في المنطقة من الناحية الطبية والبحثية.
وعلى هامش المؤتمر، عقدت محاضرات توعوية للمرضى، لتعريفهم بآخر ما توصل إليه الطب في علاج أمراض الدم الوراثية المنتشرة في منطقة الأحساء، وخصوصاً فقر الدم المنجلي وفقر الدم الفولي، مباشرة من الاستشاريين المشاركين في المؤتمر إلى المرضى وذويهم، وفتح المجال للأسئلة المباشرة، وتمت الإجابة عن أسئلتهم المتعلقة بالعلاجات الحديثة المتوفرة في المملكة وفي العالم؛ خصوصاً ما يتعلق بزراعة نخاع العظم والتقنية الحديثة لتجربة مستشفى «الملك فيصل التخصصي» بالرياض.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  134