أفريقيا تحمي تنوعها البيولوجي
أفريقيا تحمي تنوعها البيولوجي
حازم بدر
خلال وباء إيبولا عام 2014 بغرب أفريقيا، حصل الباحثون الأفارقة على حوالي 269 ألف عينة دم من المرضى بغية تشخيصها، وتم شحن آلاف من هذه العينات للخارج، بما في ذلك أوروبا وأميركا الشمالية، ولا يعرف أي من باحثي الجينوم العاملين في أفريقيا أين توجد هذه العينات الآن، ولم يتلق مقدمو هذه العينات نتائج فحصها.
هذه الواقعة وغيرها، تكشف عن أن الغرب مستمر منذ الماضي في نهب ثروات أفريقيا، لكن هذه المرة عبر وضع يده على كنز جديد، وهو التنوع البيولوجي بالقارة الأفريقية، وهو ما دعا باحثين من القارة إلى الانتباه لهذا الخطر، وتدشين مشروع تحت عنوان «الجينوم الأفريقي»، الذي يهدف لإجراء تسلسل لجينومات النباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المستوطنة في أفريقيا، بيد علماء من القارة.
وبعد إطلاقه الرسمي في يونيو (حزيران) من العام الماضي، يتكون المشروع حالياً من 109 علماء أفارقة و22 منظمة أفريقية، يمثلون باحثين ومؤسسات وشركات من جميع المناطق الخمس في الاتحاد الأفريقي، ليكون نواه حقيقية لوضع أفريقيا على الخريطة العالمية لعلم الجينوم.
يقول عبد الله شرف، رئيس اللجنة الفرعية لتسلسل الجينوم بالمشروع، والباحث بمركز الأحياء بجمهورية التشيك وأستاذ مساعد بجامعة عين شمس بمصر لـ«الشرق الأوسط»، «على مدار الـ15 عاماً الماضية، كان هناك 35 مشروعاً ركزت على دراسة وحفظ أو تحسين التنوع البيولوجي في أفريقيا، وتم قيادة 70 في المائة من هذه المشروعات من خارج القارة، وفي مجال الجينومات النباتية التي تم تسلسلها عالمياً على مدار العشرين عاماً الماضية، تم تسلسل جميع الأنواع الأفريقية تقريباً في مكان آخر، وكان بشكل رئيسي في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، ويؤدي هذا النقل للخارج إلى إبطاء عملية بناء الخبرات التي تشتد الحاجة إليها في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في أفريقيا». ويضيف: «مشروعنا يحاول إعادة التوازن بأن تكون القيادة لعلماء القارة عندما يتعلق الأمر بالموارد الجينية لقارة أفريقيا».
ويستهدف المشروع محاولة لتسلسل الجينوم لـ105 آلاف نوع مستوطن من النباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المستوطنة، وسيساعد هذا المخزن من الجينومات المرجعية، الذي سيتم بناؤه في أفريقيا، ومن أجل أفريقيا، مربي النباتات والحيوانات على إنتاج أنظمة غذائية مرنة ومستدامة، وسيعزز ذلك من قدرة أفريقيا على تحقيق أهداف اتفاقية التنوع البيولوجي، أهمها الحفاظ على ما لا يقل عن 90 في المائة من التنوع الجيني لجميع الأنواع المعروفة بحلول عام 2030.
ومنذ تدشين المشروع تحرص إدارته على تقديم أدلة قوية على ضرورة فهم التنوع البيولوجي للقارة من خلال علم الجينوم، وضمان الاستخدام المستدام للنباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المحلية. يقول شرف «على سبيل المثال، لا تزال الموارد الغذائية ذات الخاصية الثقافية للقارة، مثل المحاصيل الفريدة، وغيرها من المواد الغذائية الأساسية ذات الأهمية الحاسمة للأمن الغذائي الإقليمي، بدون تسلسل جيني، وهذه المعلومات الجينية مهمة لحماية التنوع البيولوجي وتحسين الاستجابة الجينية للضغوط البيئية المستقبلية مثل تغير المناخ».
ولا ينكر شرف أن تحقيق الأهداف التي يسعى لها المشروع يصطدم ببعض المعوقات، في مقدمتها «التمويل»، يقول: «التكلفة التقديرية لهذا المشروع هي مليار دولار أميركي على مدى 10 سنوات، في حين أن هذا قد يبدو وكأنه مسعى ضخم، فإن مثل هذا الاستثمار لا يفيد فقط قطاع البحث العلمي، ولكن سيكون له مردود مضاعف عدة مرات على التنمية الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة».
وتطمح إدارة المشروع أن تحصل على الدعم المناسب من الحكومات الأفريقية ومفوضية الاتحاد الأفريقي والوكالات الوطنية والإقليمية والشركاء والمنظمات الدولية لتحقيق أهدافه.
وإلى أن يحدث هذا الدعم، فإن المشروع يستفيد - حالياً - من التمويل المتوفر لمشروعات أخرى عالمية واسعة النطاق في مجال الجينوم، بما في ذلك مشروع جينوم 10 آلاف نبتة (10KP)، ومشروع جينوم الفقاريات (VGP)، ومشروع جينوم عالم الحياة (EBP).
ويوضح شرف أن «هذه المشروعات ليست خاصة بقارة أفريقيا وحدها، لكن جزءاً من النباتات والفقاريات التي تدرسها موجودة في أفريقيا، وبدورنا نساعدهم في إجراء تسلسل للجينوم الخاص بهذه الكائنات، وبذلك نكون قد ساعدناهم في تحقيق أهدافهم، وقطعنا شوطاً في طريق تحقيق أهدافنا».
ويضيف: «في إطار هذا التعاون يقوم الباحثون بإجراء تسلسل جيني لـ2500 نوع من الكائنات التي تعيش في أفريقيا، بما في ذلك ثعبان بويل الأعمى ذو المنقار (Rhinotyphlops boylei) من جنوب أفريقيا، وشجرة المنغروف الحمراء (Rhizophora mangle) من نيجيريا».
الشرق الأوسط
حازم بدر
خلال وباء إيبولا عام 2014 بغرب أفريقيا، حصل الباحثون الأفارقة على حوالي 269 ألف عينة دم من المرضى بغية تشخيصها، وتم شحن آلاف من هذه العينات للخارج، بما في ذلك أوروبا وأميركا الشمالية، ولا يعرف أي من باحثي الجينوم العاملين في أفريقيا أين توجد هذه العينات الآن، ولم يتلق مقدمو هذه العينات نتائج فحصها.
هذه الواقعة وغيرها، تكشف عن أن الغرب مستمر منذ الماضي في نهب ثروات أفريقيا، لكن هذه المرة عبر وضع يده على كنز جديد، وهو التنوع البيولوجي بالقارة الأفريقية، وهو ما دعا باحثين من القارة إلى الانتباه لهذا الخطر، وتدشين مشروع تحت عنوان «الجينوم الأفريقي»، الذي يهدف لإجراء تسلسل لجينومات النباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المستوطنة في أفريقيا، بيد علماء من القارة.
وبعد إطلاقه الرسمي في يونيو (حزيران) من العام الماضي، يتكون المشروع حالياً من 109 علماء أفارقة و22 منظمة أفريقية، يمثلون باحثين ومؤسسات وشركات من جميع المناطق الخمس في الاتحاد الأفريقي، ليكون نواه حقيقية لوضع أفريقيا على الخريطة العالمية لعلم الجينوم.
يقول عبد الله شرف، رئيس اللجنة الفرعية لتسلسل الجينوم بالمشروع، والباحث بمركز الأحياء بجمهورية التشيك وأستاذ مساعد بجامعة عين شمس بمصر لـ«الشرق الأوسط»، «على مدار الـ15 عاماً الماضية، كان هناك 35 مشروعاً ركزت على دراسة وحفظ أو تحسين التنوع البيولوجي في أفريقيا، وتم قيادة 70 في المائة من هذه المشروعات من خارج القارة، وفي مجال الجينومات النباتية التي تم تسلسلها عالمياً على مدار العشرين عاماً الماضية، تم تسلسل جميع الأنواع الأفريقية تقريباً في مكان آخر، وكان بشكل رئيسي في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، ويؤدي هذا النقل للخارج إلى إبطاء عملية بناء الخبرات التي تشتد الحاجة إليها في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في أفريقيا». ويضيف: «مشروعنا يحاول إعادة التوازن بأن تكون القيادة لعلماء القارة عندما يتعلق الأمر بالموارد الجينية لقارة أفريقيا».
ويستهدف المشروع محاولة لتسلسل الجينوم لـ105 آلاف نوع مستوطن من النباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المستوطنة، وسيساعد هذا المخزن من الجينومات المرجعية، الذي سيتم بناؤه في أفريقيا، ومن أجل أفريقيا، مربي النباتات والحيوانات على إنتاج أنظمة غذائية مرنة ومستدامة، وسيعزز ذلك من قدرة أفريقيا على تحقيق أهداف اتفاقية التنوع البيولوجي، أهمها الحفاظ على ما لا يقل عن 90 في المائة من التنوع الجيني لجميع الأنواع المعروفة بحلول عام 2030.
ومنذ تدشين المشروع تحرص إدارته على تقديم أدلة قوية على ضرورة فهم التنوع البيولوجي للقارة من خلال علم الجينوم، وضمان الاستخدام المستدام للنباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المحلية. يقول شرف «على سبيل المثال، لا تزال الموارد الغذائية ذات الخاصية الثقافية للقارة، مثل المحاصيل الفريدة، وغيرها من المواد الغذائية الأساسية ذات الأهمية الحاسمة للأمن الغذائي الإقليمي، بدون تسلسل جيني، وهذه المعلومات الجينية مهمة لحماية التنوع البيولوجي وتحسين الاستجابة الجينية للضغوط البيئية المستقبلية مثل تغير المناخ».
ولا ينكر شرف أن تحقيق الأهداف التي يسعى لها المشروع يصطدم ببعض المعوقات، في مقدمتها «التمويل»، يقول: «التكلفة التقديرية لهذا المشروع هي مليار دولار أميركي على مدى 10 سنوات، في حين أن هذا قد يبدو وكأنه مسعى ضخم، فإن مثل هذا الاستثمار لا يفيد فقط قطاع البحث العلمي، ولكن سيكون له مردود مضاعف عدة مرات على التنمية الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة».
وتطمح إدارة المشروع أن تحصل على الدعم المناسب من الحكومات الأفريقية ومفوضية الاتحاد الأفريقي والوكالات الوطنية والإقليمية والشركاء والمنظمات الدولية لتحقيق أهدافه.
وإلى أن يحدث هذا الدعم، فإن المشروع يستفيد - حالياً - من التمويل المتوفر لمشروعات أخرى عالمية واسعة النطاق في مجال الجينوم، بما في ذلك مشروع جينوم 10 آلاف نبتة (10KP)، ومشروع جينوم الفقاريات (VGP)، ومشروع جينوم عالم الحياة (EBP).
ويوضح شرف أن «هذه المشروعات ليست خاصة بقارة أفريقيا وحدها، لكن جزءاً من النباتات والفقاريات التي تدرسها موجودة في أفريقيا، وبدورنا نساعدهم في إجراء تسلسل للجينوم الخاص بهذه الكائنات، وبذلك نكون قد ساعدناهم في تحقيق أهدافهم، وقطعنا شوطاً في طريق تحقيق أهدافنا».
ويضيف: «في إطار هذا التعاون يقوم الباحثون بإجراء تسلسل جيني لـ2500 نوع من الكائنات التي تعيش في أفريقيا، بما في ذلك ثعبان بويل الأعمى ذو المنقار (Rhinotyphlops boylei) من جنوب أفريقيا، وشجرة المنغروف الحمراء (Rhizophora mangle) من نيجيريا».
الشرق الأوسط