المصالح الشخصية تدمر بيئة العمل
المصالح الشخصية تدمر بيئة العمل
عبود بن علي آل زاحم
يُشكّل تداخل المصالح الشخصية مع قواعد ونظم سير العمل آفةً تدمر المؤسسات في أي مجتمع، فتغيب المعايير الموضوعية لتقييم الأداء ومكافأة المثيب ومعاقبة المقصر، وتحيد بوصلة العمل الجاد عن تحقيق المستهدفات، ويفقد الموظف الهمة والحافز على العطاء لإدراكه أنه مهما بذل من جهد لن يلقى التقدير الملائم.
ويندرج تحت بند تغليب المصالح الشخصية العديد من الممارسات الفاسدة، ومنها الحصول على ترقية غير مستحقة مقابل خدمة، أو إساءة استخدام الصلاحيات الوظيفية من أجل التربح أو تصفية الحسابات أو الانتقام الشخصي، أو تعطيل المعاملات.. وغيرها.
واللافت أن الأشخاص الذين يتبعون ذلك النهج الخبيث يتمتعون بقدرة على التلون وإخفاء حقيقة نياتهم، مما يجعل من عملية الكشف عنهم لحماية الكيان المؤسسي مسألة في غاية الصعوبة، فتتحول المؤسسة على يد هؤلاء إلى ساحة للمزايدات، فمن يستطيع التملق يرتقي، ومن لا يجيد سوى أداء مهام عمله بإخلاص يظل قابعًا في مكانه، كما تؤدي تلك الممارسات إلى خلق بيئة عمل غير صحية يسودها الصراعات.
يمكننا القول إن تفشي تلك الأجواء السلبية في العديد من المؤسسات يرجع إلى جملة من الأسباب، فقد يكون السبب تراخي الإدارة عن الاضطلاع بمسؤوليتها في وضع حدٍ لهذه الصراعات، أو لعدم تفهم كيفية التعامل مع هذا الوضع، لكن الكارثة الأكبر أن يغض قادة المؤسسات الطرف عن طغيان المصالح الشخصية على المصلحة المؤسسية، ولعل الوضع الأكثر خطورة أن يكون تغليب المصلحة الشخصية في مستوى الإدارة العليا التي تمتلك سلطات واسعة، ومن ثم تكون تبعات إساءة استغلال السلطة الوظيفية أكثر فداحة على المؤسسة.
إن المتأمل لهذا المشهد من كل زواياه يجد أن النتيجة تتلخص في مؤسسة تضم فئتين من الموظفين، وهما الخائفون والمتسلقون، واختفاء خطة العمل والأهداف الواضحة لتتحول المؤسسة إلى جبهات متصارعة؛ تضم كل جبهة مراكز قوى تُغلّب المصلحة الشخصية على مصلحة العمل، ما يدمر المؤسسة إن عاجلاً أو آجلاً.
وأخيرًا، يبقى السؤال المُلح هل يمكن حل هذه الإشكالية بالرقابة فقط أم بتغيير ثقافة العمل أو الاثنين معًا؟..
الجزيرة
عبود بن علي آل زاحم
يُشكّل تداخل المصالح الشخصية مع قواعد ونظم سير العمل آفةً تدمر المؤسسات في أي مجتمع، فتغيب المعايير الموضوعية لتقييم الأداء ومكافأة المثيب ومعاقبة المقصر، وتحيد بوصلة العمل الجاد عن تحقيق المستهدفات، ويفقد الموظف الهمة والحافز على العطاء لإدراكه أنه مهما بذل من جهد لن يلقى التقدير الملائم.
ويندرج تحت بند تغليب المصالح الشخصية العديد من الممارسات الفاسدة، ومنها الحصول على ترقية غير مستحقة مقابل خدمة، أو إساءة استخدام الصلاحيات الوظيفية من أجل التربح أو تصفية الحسابات أو الانتقام الشخصي، أو تعطيل المعاملات.. وغيرها.
واللافت أن الأشخاص الذين يتبعون ذلك النهج الخبيث يتمتعون بقدرة على التلون وإخفاء حقيقة نياتهم، مما يجعل من عملية الكشف عنهم لحماية الكيان المؤسسي مسألة في غاية الصعوبة، فتتحول المؤسسة على يد هؤلاء إلى ساحة للمزايدات، فمن يستطيع التملق يرتقي، ومن لا يجيد سوى أداء مهام عمله بإخلاص يظل قابعًا في مكانه، كما تؤدي تلك الممارسات إلى خلق بيئة عمل غير صحية يسودها الصراعات.
يمكننا القول إن تفشي تلك الأجواء السلبية في العديد من المؤسسات يرجع إلى جملة من الأسباب، فقد يكون السبب تراخي الإدارة عن الاضطلاع بمسؤوليتها في وضع حدٍ لهذه الصراعات، أو لعدم تفهم كيفية التعامل مع هذا الوضع، لكن الكارثة الأكبر أن يغض قادة المؤسسات الطرف عن طغيان المصالح الشخصية على المصلحة المؤسسية، ولعل الوضع الأكثر خطورة أن يكون تغليب المصلحة الشخصية في مستوى الإدارة العليا التي تمتلك سلطات واسعة، ومن ثم تكون تبعات إساءة استغلال السلطة الوظيفية أكثر فداحة على المؤسسة.
إن المتأمل لهذا المشهد من كل زواياه يجد أن النتيجة تتلخص في مؤسسة تضم فئتين من الموظفين، وهما الخائفون والمتسلقون، واختفاء خطة العمل والأهداف الواضحة لتتحول المؤسسة إلى جبهات متصارعة؛ تضم كل جبهة مراكز قوى تُغلّب المصلحة الشخصية على مصلحة العمل، ما يدمر المؤسسة إن عاجلاً أو آجلاً.
وأخيرًا، يبقى السؤال المُلح هل يمكن حل هذه الإشكالية بالرقابة فقط أم بتغيير ثقافة العمل أو الاثنين معًا؟..
الجزيرة