السعودية.. وتحديات الأمن الغذائي
السعودية.. وتحديات الأمن الغذائي
فاتن محمد حسين
لم يكد اقتصاد العالم يتعافى تدريجيا جراء الإغلاق من جائحة كورونا ومشكلات النفط العالمية حتى جاءت الحرب الروسية - الأوكرانية؛ لتعيد الانتكاسة الاقتصادية من جديد، بل وتهدد الأمن الغذائي العالمي.. ففي تقارير مقلقة بأن العالم على حافة الجوع، كما جاء في تقرير مجلة الإيكونومست ؛ حيث أعلنت 23 دولة وفي مقدمتها الهند عن فرض قيود على صادرات الطعام بسبب تعرقل تصدير أوكرانيا وروسيا للحبوب والبذور الزيتية، حيث نسبة إمدادات روسيا وأوكرانيا من القمح تصل إلى 28٪ عالميا ، والشعير 29٪ ، و١٥٪ من الذرة، و٧٥٪ من زيت الذرة.
وإذا كانت هناك -أصلا- مشكلات في دول أخرى مثل الصين -أكبر مُصدِّر للقمح في العالم- بسبب تأخُّر المطر، والهند بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والقرن الإفريقي الذي يواجه أسوأ موجة جفاف نتيجة التغيُّرات المناخية.. فكان لابد من أن يتحرَّك قادة العالم للتعامل مع المعطيات العالمية القادمة؛ في قضية ملحة تحتاج إلى حلولٍ عاجلة.
ولأن وطننا الغالي «السعودية» يضع الإنسان والكوكب من أولوياته؛ فقد شاهدنا تحركاً بيئياً قوياً منذ وضع رؤية 2030، واعتبار الزراعة من أولويات الدولة، ونتيجة ذلك تم إنشاء هيئة الأمن البيئي؛ التي فرضت غرامات على الاحتطاب الجائر، وقطع النبات والصيد، وذلك حمايةً للحياة الفطرية، ووضع غرامات على كل مَن يُخالف تعليمات الأمن البيئي.
كما كان لإعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتي «السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر» دور في التحرك عالمياً؛ للمحافظة على البيئة. ثم إقامة المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجُّر مؤخراً من ٢٩-٣١ مايو 2022 لتنمية الغطاء النباتي، ومكافحة التصحر؛ بالتنسيق والتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة. وقد شارك فيه 90 متحدثاً من كافة أرجاء العالم؛ وهو يستهدف تلاقح الأفكار حول تطوير الزراعة، والمجال البيئي وتقنيات التشجير. وقد تضمَّن المؤتمر مجموعة من المحاور حول تقنيات الري ومصادر المياه، والمشاتل والبذور، وتدوير النفايات البيئية، ومعالجة التربة، وتطوير استثمار الغابات والمتنزهات ومكافحة الآفات النباتية.
كما أفرز المؤتمر إعلان لشركة «نيوم» بزراعة 100 مليون شجرة محلية، وإعادة تأهيل 1.5 مليون هكتار من الأراضي والمحميات الطبيعية.. وفي منتدى دافوس الاقتصادي، وقَّعت المملكة اتفاقيات منها: اتفاقية (الأمن الغذائي) لاستقرار الغذاء والزراعة الذكية مناخياً.. وحتماً كل ذلك يصب في توفير استراتيجية آمنة للبيئة والغذاء للإنسان.
فإذا علمنا أيضاً بجهود كبيرة نحو تحلية مياه البحر، وطموحات لإيجاد حلول لمخاطر نقص المياه، حيث ظروف المملكة الطبوغرافية بعدم وجود أنهار طبيعية، والصحراء تُشكِّل جزء من مساحتها.. فكان لابد من إيجاد حلول إبداعية تساهم في رفع وتيرة السعادة، وتحسين جودة الحياة لإنسان المنطقة.
والمملكة لها خبرات عريقة في تحلية المياه منذ عقود؛ وتوصلت المؤسسة العامة لتحلية المياه إلى ابتكارات جديدة تعمل على خفض تكاليف التحلية، كما أفاد المهندس عبدالله العبدالكريم: «إن تقليص الوقود في التحلية يُوفِّر 9 مليارات ريال سنوياً»، وذلك خلال المؤتمر الدولي الذي عُقد في الفترة من 30 مايو إلى 1 يونيو ٢٠٢٢م في مدينة جدة، وحضره خبراء من أكثر من 20 دولة، لبحث كيفية إدارة التحديات المستقبلية لتوفير الماء، الذي هو أساس الحياة.ما نأمله مع تلك الجهود الضخمة أن يتم تخفيض رسوم المتر المكعب للمستهلك، وأن تكون إستراتيجية التشجير شاملة لمنتجات أساسية كالقمح، والذرة، والشعير، والفواكه والخضروات لمزيد من الاكتفاء الذاتي؛ فالدولة تبذل بسخاء؛ ووزارة البيئة والمياه والزراعة عليها مسؤولية كبيرة في دعم المشروعات التنموية الزراعية، خاصة في المناطق التي هي أصلاً زراعية مثل: جازان، وتبوك، والجوف، والعلا، والطائف وأبها والباحة.. بل ودعم المزارعين في الأرياف والقرى وتوزيع البذور والشتلات، وتطوير مهاراتهم.. كما أن تشجيع الأسر على زراعة حدائقهم بالورقيات والخضروات ذا قيمة عالية.
هناك تخطيط إستراتيجي منهجي من قِبَل الدولة لتطوير الزراعة؛ فلا داعي للقلق من تأثُّر سلاسل الإمدادات العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، ولا داعي لرفع الأسعار من قِبَل التجار، فيُسيئوا للمجتمع بتصرفاتٍ لا مبرر لها.
المدينة
فاتن محمد حسين
لم يكد اقتصاد العالم يتعافى تدريجيا جراء الإغلاق من جائحة كورونا ومشكلات النفط العالمية حتى جاءت الحرب الروسية - الأوكرانية؛ لتعيد الانتكاسة الاقتصادية من جديد، بل وتهدد الأمن الغذائي العالمي.. ففي تقارير مقلقة بأن العالم على حافة الجوع، كما جاء في تقرير مجلة الإيكونومست ؛ حيث أعلنت 23 دولة وفي مقدمتها الهند عن فرض قيود على صادرات الطعام بسبب تعرقل تصدير أوكرانيا وروسيا للحبوب والبذور الزيتية، حيث نسبة إمدادات روسيا وأوكرانيا من القمح تصل إلى 28٪ عالميا ، والشعير 29٪ ، و١٥٪ من الذرة، و٧٥٪ من زيت الذرة.
وإذا كانت هناك -أصلا- مشكلات في دول أخرى مثل الصين -أكبر مُصدِّر للقمح في العالم- بسبب تأخُّر المطر، والهند بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والقرن الإفريقي الذي يواجه أسوأ موجة جفاف نتيجة التغيُّرات المناخية.. فكان لابد من أن يتحرَّك قادة العالم للتعامل مع المعطيات العالمية القادمة؛ في قضية ملحة تحتاج إلى حلولٍ عاجلة.
ولأن وطننا الغالي «السعودية» يضع الإنسان والكوكب من أولوياته؛ فقد شاهدنا تحركاً بيئياً قوياً منذ وضع رؤية 2030، واعتبار الزراعة من أولويات الدولة، ونتيجة ذلك تم إنشاء هيئة الأمن البيئي؛ التي فرضت غرامات على الاحتطاب الجائر، وقطع النبات والصيد، وذلك حمايةً للحياة الفطرية، ووضع غرامات على كل مَن يُخالف تعليمات الأمن البيئي.
كما كان لإعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتي «السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر» دور في التحرك عالمياً؛ للمحافظة على البيئة. ثم إقامة المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجُّر مؤخراً من ٢٩-٣١ مايو 2022 لتنمية الغطاء النباتي، ومكافحة التصحر؛ بالتنسيق والتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة. وقد شارك فيه 90 متحدثاً من كافة أرجاء العالم؛ وهو يستهدف تلاقح الأفكار حول تطوير الزراعة، والمجال البيئي وتقنيات التشجير. وقد تضمَّن المؤتمر مجموعة من المحاور حول تقنيات الري ومصادر المياه، والمشاتل والبذور، وتدوير النفايات البيئية، ومعالجة التربة، وتطوير استثمار الغابات والمتنزهات ومكافحة الآفات النباتية.
كما أفرز المؤتمر إعلان لشركة «نيوم» بزراعة 100 مليون شجرة محلية، وإعادة تأهيل 1.5 مليون هكتار من الأراضي والمحميات الطبيعية.. وفي منتدى دافوس الاقتصادي، وقَّعت المملكة اتفاقيات منها: اتفاقية (الأمن الغذائي) لاستقرار الغذاء والزراعة الذكية مناخياً.. وحتماً كل ذلك يصب في توفير استراتيجية آمنة للبيئة والغذاء للإنسان.
فإذا علمنا أيضاً بجهود كبيرة نحو تحلية مياه البحر، وطموحات لإيجاد حلول لمخاطر نقص المياه، حيث ظروف المملكة الطبوغرافية بعدم وجود أنهار طبيعية، والصحراء تُشكِّل جزء من مساحتها.. فكان لابد من إيجاد حلول إبداعية تساهم في رفع وتيرة السعادة، وتحسين جودة الحياة لإنسان المنطقة.
والمملكة لها خبرات عريقة في تحلية المياه منذ عقود؛ وتوصلت المؤسسة العامة لتحلية المياه إلى ابتكارات جديدة تعمل على خفض تكاليف التحلية، كما أفاد المهندس عبدالله العبدالكريم: «إن تقليص الوقود في التحلية يُوفِّر 9 مليارات ريال سنوياً»، وذلك خلال المؤتمر الدولي الذي عُقد في الفترة من 30 مايو إلى 1 يونيو ٢٠٢٢م في مدينة جدة، وحضره خبراء من أكثر من 20 دولة، لبحث كيفية إدارة التحديات المستقبلية لتوفير الماء، الذي هو أساس الحياة.ما نأمله مع تلك الجهود الضخمة أن يتم تخفيض رسوم المتر المكعب للمستهلك، وأن تكون إستراتيجية التشجير شاملة لمنتجات أساسية كالقمح، والذرة، والشعير، والفواكه والخضروات لمزيد من الاكتفاء الذاتي؛ فالدولة تبذل بسخاء؛ ووزارة البيئة والمياه والزراعة عليها مسؤولية كبيرة في دعم المشروعات التنموية الزراعية، خاصة في المناطق التي هي أصلاً زراعية مثل: جازان، وتبوك، والجوف، والعلا، والطائف وأبها والباحة.. بل ودعم المزارعين في الأرياف والقرى وتوزيع البذور والشتلات، وتطوير مهاراتهم.. كما أن تشجيع الأسر على زراعة حدائقهم بالورقيات والخضروات ذا قيمة عالية.
هناك تخطيط إستراتيجي منهجي من قِبَل الدولة لتطوير الزراعة؛ فلا داعي للقلق من تأثُّر سلاسل الإمدادات العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، ولا داعي لرفع الأسعار من قِبَل التجار، فيُسيئوا للمجتمع بتصرفاتٍ لا مبرر لها.
المدينة