مسارات التعليم ومتطلبات سوق العمل
مسارات التعليم ومتطلبات سوق العمل
طلعت حافظ
منذ انطلاقة رؤية المملكة 2030 والتعليم السعودي بجميع أفرعه ومجالاته يشهد تطوراً وتحديثاً مستمراً كماً ونوعاً، ولعل خير دليل على ذلك، حرص وزارة التعليم على تطوير منظومة التعليم بشكلٍ مستمر باتباع أفضل الممارسات العالمية التي تحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى الارتقاء بالتعليم في المملكة، باعتباره إحدى ركائز التنمية الشاملة والمستدامة.
تهدف وزارة التعليم من وراء الارتقاء بالتعليم في المملكة، الرفع من مستوى التعليم وجودته، إيمانًا منها بأهمية التعليم النوعي الذي ليس فقط يخدم أغراض التنمية الاقتصادية فحسب، وإنما يخدم متطلبات واحتياجات سوق العمل المحلي، سيما وأنه كلما كان مستوى التعليم مجودا مَكّن ذلك من مواكبة التعليم لمتطلبات العصر، نظراً لما سيضيفه التعليم من قيمة ومعرفة ومهارة مهمة للمجتمع.
ومن هذ المنطلق، وبغية تحقيق متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل السعودي، جاء نظام المسارات الثانوي ليساعد بالدفع بمسيرة التنمية على المسار التنموي الصحيح الذي يعمل على إيجاد بدائل وفرص وظيفية مستقبلية أمام الطالب من خلال اختيار المسار الذي يتناسب مع ميوله وقدراته، ويمده في نفس الوقت بالمهارات والكفايات الحديثة، التي تساعده في الإعداد للحياة، وإكمال تعليمه بعد الثانوي، والمشاركة بعد التخرج في سوق العمل.
تضمن نظام المسارات لخمس مسارات رئيسة؛ وهي: المسار العام، ومسار علوم الحاسب والهندسة، ومسار الصحة والحياة، ومسار إدارة الأعمال، والمسار الشرعي، ويقدّم كل مسار فرص تعلّم مختلفة ومتجددة.
تستند فلسفة المسارات بنقل الطالب من متلقٍ سلبي للمعرفة إلى مشارك ومنتج للمعرفة، حيث يُعَد النظام بمثابة محاولة جادة لتقييم أبرز الممارسات في تاريخ التعليم الثانوي في المملكة العربية السعودية، وتقييم الممارسات العالمية في المرحلة الثانوية بشكل عام من أجل الخروج بنموذج مطوّر يجمع بين مطالب العصر، والعلمية والقابلية للتطبيق، كما أنه ينطلق من فلسفة متجددة قائمة على توسيع الفرص ومشاركة الطالب فهي كما تُعد الطالب للحياة ولإكمال تعليمه بعد الثانوي، أيضًا تمنحه فرصة للمشاركة في سوق العمل.
يعول على نظام المسارات تقديم تعليم ثانوي قيمي يحقق الجودة الشاملة والمنافسة العالمية والتهيئة للحياة وسوق العمل وفق مهارات المستقبل من خلال معلم كفء، وقيادة مؤثرة، ومنهج متطور، وبيئة جاذبة.
من حسن الطالع، أنه سبق صدور نظام المسارات، الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة والمطورة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بمساراته الأربعة (الرواد، وإمداد، والبحث والتطوير، وواعد) ، والتي تمثل مرحلة جديدة للابتعاث تُساهم في رفع كفاءة رأس المال البشري في القطاعات الجديدة والواعدة، من خلال ابتعاث الطلاب والطالبات لأفضل المؤسسات التعليمية في العالم في مختلف المجالات والدول حسب التصنيفات العالمية، في إطار رؤية المملكة 2030، سيما وأنها تستهدف تحقيق تطلعات مستقبلية ترتبط بالنمو الاقتصادي وتعزيز مجال البحث والتطوير والابتكار وكذلك تعزيز مكانة المملكة دولياً، كما وأقر مجلس الوزراء مؤخراً بندا ماليا للبحث العلمي ضمن ميزانية التعليم.
برأيي أن هذا التناغم بين أنظمة التعليم وسياساته وتوجهاته، ستولد لنا مهارات ستكون مفضلة لمختلف جهات التوظيف في المملكة، وليس ذلك فحسب، حيث إن الكفاءات المتنوعة التي ستنتج عن تلك الأنظمة، ستكون قادرة ومؤهلة لقيادة عجلة التنمية ليس في المملكة فقط، وإنما حتى على مستوى العالم، كونها يتوقع لها أن تحدث تغييرا في العالم، وبالذات بالنسبة لبرنامج الابتعاث وبند البحث العلمي، اللذين يسعيان إلى إيجاد علماء ومخترعين يعملون بشكل مباشر وغير مباشر على هيئة سفراء، ووسطاء بين موطنهم ودول العالم لخدمة العلم والتنمية العالمية والمحلية على حدٍ سواء.
دون أدنى شك، أن الجهود التي تبذلها وزارة التعليم للارتقاء بالمنظمة التعليمية في المملكة، سوف تؤتي أكلها وثمارها خلال السنوات القليلة القادمة، وبالذات فيما يتعلق ويرتبط بتطوير مخرجات التعليم التي تَخدم أغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وليس ذلك فحسب، حيث تستهدف أنظمة وسياسات التعليم الجديدة الارتقاء بالمخرجات التعليمية لخدمة كذلك متطلبات واحتياجات سوق العمل من المؤهلات العلمية التي تلبي الاحتياجات المهنية للسوق.
ولكن برأيي سيظل التحدي قائماً أمامنا على مستوى القطاعين العام والخاص، المتمثل في كيفية قدرتنا للمحافظة على تلك الكفاءات التعليمية وعدم خلق ووضع أمامها العقبات والعراقيل التي تَحول دون مساهمتها الفاعلة في المسيرة التنموية للمملكة، سواء أكان ذلك من حيث عدم القدرة على توفير الوظائف المناسبة للمستوى وللكفاءات التعليمية أو من حيث العوائد المالية والميزات والمنافع الأخرى الملائمة والمناسبة للوظيفة وللتخصص، إذ يتوقع أن تكون منافسة دولياً، ولعلي أذكر في هذا السياق بما قاله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - خلال حواره عبر القناة السعودية "أن لدينا 50 % وظيفة جيدة، والباقي وظائف سيئة".
إن فشلنا في المحافظة على تلك الكفاءات التعليمية، يعنى بكل بساطة تسربها إلى دول العالم المختلفة، التي ستكون حريصة كل الحرص ومرحبة باحتضانها واستقطابها بكل الطرق والوسائل ومنحها كافة الإغراءات المادية والمعنوية الممكنة، وبالذات في مجال البحث العلمي، وهنا ستكون خسارة الوطن عظيمة لفقده لكفاءات وطنية عظيمة ولثروة تعليمية ضخمة.
ومن هذا المنطلق، يتوجب علينا، وبالذات على قطاعنا الخاص أن يستوعب تلك الكفاءات وأن يحتضنها، باعتباره أكبر موظف للمواطنين والمواطنات، وذلك بعدم خلق العراقيل أمامها والتلكك في توظيفها باختلاق أعذار واهية تسعى إلى تطفيشها وهجرتها للخارج.
الرياض
طلعت حافظ
منذ انطلاقة رؤية المملكة 2030 والتعليم السعودي بجميع أفرعه ومجالاته يشهد تطوراً وتحديثاً مستمراً كماً ونوعاً، ولعل خير دليل على ذلك، حرص وزارة التعليم على تطوير منظومة التعليم بشكلٍ مستمر باتباع أفضل الممارسات العالمية التي تحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى الارتقاء بالتعليم في المملكة، باعتباره إحدى ركائز التنمية الشاملة والمستدامة.
تهدف وزارة التعليم من وراء الارتقاء بالتعليم في المملكة، الرفع من مستوى التعليم وجودته، إيمانًا منها بأهمية التعليم النوعي الذي ليس فقط يخدم أغراض التنمية الاقتصادية فحسب، وإنما يخدم متطلبات واحتياجات سوق العمل المحلي، سيما وأنه كلما كان مستوى التعليم مجودا مَكّن ذلك من مواكبة التعليم لمتطلبات العصر، نظراً لما سيضيفه التعليم من قيمة ومعرفة ومهارة مهمة للمجتمع.
ومن هذ المنطلق، وبغية تحقيق متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل السعودي، جاء نظام المسارات الثانوي ليساعد بالدفع بمسيرة التنمية على المسار التنموي الصحيح الذي يعمل على إيجاد بدائل وفرص وظيفية مستقبلية أمام الطالب من خلال اختيار المسار الذي يتناسب مع ميوله وقدراته، ويمده في نفس الوقت بالمهارات والكفايات الحديثة، التي تساعده في الإعداد للحياة، وإكمال تعليمه بعد الثانوي، والمشاركة بعد التخرج في سوق العمل.
تضمن نظام المسارات لخمس مسارات رئيسة؛ وهي: المسار العام، ومسار علوم الحاسب والهندسة، ومسار الصحة والحياة، ومسار إدارة الأعمال، والمسار الشرعي، ويقدّم كل مسار فرص تعلّم مختلفة ومتجددة.
تستند فلسفة المسارات بنقل الطالب من متلقٍ سلبي للمعرفة إلى مشارك ومنتج للمعرفة، حيث يُعَد النظام بمثابة محاولة جادة لتقييم أبرز الممارسات في تاريخ التعليم الثانوي في المملكة العربية السعودية، وتقييم الممارسات العالمية في المرحلة الثانوية بشكل عام من أجل الخروج بنموذج مطوّر يجمع بين مطالب العصر، والعلمية والقابلية للتطبيق، كما أنه ينطلق من فلسفة متجددة قائمة على توسيع الفرص ومشاركة الطالب فهي كما تُعد الطالب للحياة ولإكمال تعليمه بعد الثانوي، أيضًا تمنحه فرصة للمشاركة في سوق العمل.
يعول على نظام المسارات تقديم تعليم ثانوي قيمي يحقق الجودة الشاملة والمنافسة العالمية والتهيئة للحياة وسوق العمل وفق مهارات المستقبل من خلال معلم كفء، وقيادة مؤثرة، ومنهج متطور، وبيئة جاذبة.
من حسن الطالع، أنه سبق صدور نظام المسارات، الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة والمطورة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بمساراته الأربعة (الرواد، وإمداد، والبحث والتطوير، وواعد) ، والتي تمثل مرحلة جديدة للابتعاث تُساهم في رفع كفاءة رأس المال البشري في القطاعات الجديدة والواعدة، من خلال ابتعاث الطلاب والطالبات لأفضل المؤسسات التعليمية في العالم في مختلف المجالات والدول حسب التصنيفات العالمية، في إطار رؤية المملكة 2030، سيما وأنها تستهدف تحقيق تطلعات مستقبلية ترتبط بالنمو الاقتصادي وتعزيز مجال البحث والتطوير والابتكار وكذلك تعزيز مكانة المملكة دولياً، كما وأقر مجلس الوزراء مؤخراً بندا ماليا للبحث العلمي ضمن ميزانية التعليم.
برأيي أن هذا التناغم بين أنظمة التعليم وسياساته وتوجهاته، ستولد لنا مهارات ستكون مفضلة لمختلف جهات التوظيف في المملكة، وليس ذلك فحسب، حيث إن الكفاءات المتنوعة التي ستنتج عن تلك الأنظمة، ستكون قادرة ومؤهلة لقيادة عجلة التنمية ليس في المملكة فقط، وإنما حتى على مستوى العالم، كونها يتوقع لها أن تحدث تغييرا في العالم، وبالذات بالنسبة لبرنامج الابتعاث وبند البحث العلمي، اللذين يسعيان إلى إيجاد علماء ومخترعين يعملون بشكل مباشر وغير مباشر على هيئة سفراء، ووسطاء بين موطنهم ودول العالم لخدمة العلم والتنمية العالمية والمحلية على حدٍ سواء.
دون أدنى شك، أن الجهود التي تبذلها وزارة التعليم للارتقاء بالمنظمة التعليمية في المملكة، سوف تؤتي أكلها وثمارها خلال السنوات القليلة القادمة، وبالذات فيما يتعلق ويرتبط بتطوير مخرجات التعليم التي تَخدم أغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وليس ذلك فحسب، حيث تستهدف أنظمة وسياسات التعليم الجديدة الارتقاء بالمخرجات التعليمية لخدمة كذلك متطلبات واحتياجات سوق العمل من المؤهلات العلمية التي تلبي الاحتياجات المهنية للسوق.
ولكن برأيي سيظل التحدي قائماً أمامنا على مستوى القطاعين العام والخاص، المتمثل في كيفية قدرتنا للمحافظة على تلك الكفاءات التعليمية وعدم خلق ووضع أمامها العقبات والعراقيل التي تَحول دون مساهمتها الفاعلة في المسيرة التنموية للمملكة، سواء أكان ذلك من حيث عدم القدرة على توفير الوظائف المناسبة للمستوى وللكفاءات التعليمية أو من حيث العوائد المالية والميزات والمنافع الأخرى الملائمة والمناسبة للوظيفة وللتخصص، إذ يتوقع أن تكون منافسة دولياً، ولعلي أذكر في هذا السياق بما قاله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - خلال حواره عبر القناة السعودية "أن لدينا 50 % وظيفة جيدة، والباقي وظائف سيئة".
إن فشلنا في المحافظة على تلك الكفاءات التعليمية، يعنى بكل بساطة تسربها إلى دول العالم المختلفة، التي ستكون حريصة كل الحرص ومرحبة باحتضانها واستقطابها بكل الطرق والوسائل ومنحها كافة الإغراءات المادية والمعنوية الممكنة، وبالذات في مجال البحث العلمي، وهنا ستكون خسارة الوطن عظيمة لفقده لكفاءات وطنية عظيمة ولثروة تعليمية ضخمة.
ومن هذا المنطلق، يتوجب علينا، وبالذات على قطاعنا الخاص أن يستوعب تلك الكفاءات وأن يحتضنها، باعتباره أكبر موظف للمواطنين والمواطنات، وذلك بعدم خلق العراقيل أمامها والتلكك في توظيفها باختلاق أعذار واهية تسعى إلى تطفيشها وهجرتها للخارج.
الرياض