• ×
admin

هشاشة العظام.. تحديات المرض وتطورات برامج الوقاية

هشاشة العظام.. تحديات المرض وتطورات برامج الوقاية
«فراكس» برنامج عالمي يكشف احتمالية التعرض له خلال السنوات العشر المقبلة

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة

هشاشة العظام مشكلة عالمية واسعة الانتشار، جذبت كثيراً من الاهتمام في العقدين الماضيين في جميع أنحاء العالم، وأصبحت مصدر قلق خطير على الصحة العامة، كون هشاشة العظام مرضاً صامتاً، لا يتم اكتشافه مبكراً، وينتشر بشكل كبير بين كبار السن من الرجال والنساء، وقد يصيب أيضاً من هم أصغر سناً من متوسطي العمر والشباب.
تشير التقديرات حالياً إلى أن أكثر من 200 مليون شخص يعانون من هشاشة العظام، وأن هناك أكثر من 8.9 مليون كسر سنوياً كل 3 ثوانٍ في جميع أنحاء العالم، بمعدل حالة كسر واحدة بسبب هشاشة العظام. ووفقاً للإحصاءات الأخيرة الصادرة عن مؤسسة هشاشة العظام الدولية (International Osteoporosis Foundation)، فسوف تعاني واحدة من كل 3 نساء، وواحد من كل 5 رجال، يبلغون من العمر 50 عاماً وأكثر، من كسور هشاشة العظام في حياتهم.
وفي المملكة، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة السعودية (2018)، فإن مرض هشاشة العظام ونقص كثافتها ينتشر بنسبة 37.8 في المائة، و28.2 في المائة، بين الرجال والنساء على الترتيب، عند من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً؛ حيث تلعب عوامل نمط الحياة دوراً مهماً في ارتفاع معدل انتشار هذا المرض، ومنها انخفاض تناول الكالسيوم، وقلة النشاط البدني، وزيادة انتشار نقص فيتامين «دي».
وكإجراء وقائي لهذا المرض، قام فريق عمل من وزارة الصحة بوضع خطة وطنية للوقاية من هشاشة العظام وإدارتها في المملكة لعام 2018، تهدف لتحسين إدارة وعلاج هشاشة العظام في المملكة العربية السعودية.


- ندوة طبية
نظمت شركة «ساجا» الصيدلانية التي تأسست بالتعاون المشترك بين شركة الرعاية الصحية السعودية «تمر» واثنتين من شركات الأدوية اليابانية، خلال الأسبوع الماضي، فعالية علمية توعوية عن مرض هشاشة العظام. حضرتها «صحتك» بـ«الشرق الأوسط». شارك في الندوة نخبة من الأطباء العالميين والمحليين المختصين في هشاشة العظام، واستشاريي الطب وخبراء الصحة، وعلى رأسهم الدكتور ديفيد كيندلر، أستاذ طب الغدد الصماء بجامعة كولومبيا البريطانية، فانكوفر– كندا.
تمت مناقشة أحدث تطورات وعلاجات مرض هشاشة العظام الذي يتمثل في حدوث نقص بكتلة العظام واختلال وتدهور بتركيبتها، ما يعرضها إلى الكسور، كما أن النساء هنّ أكثر عرضة لخطر الإصابة بهشاشة العظام؛ حيث تبلغ نسبة الكسور الناجمة عن المرض لديهن ضعفي نسبتها لدى الرجال، وتزداد لدى النساء في سن المحيض وتيرة تضاؤل حجم الأنسجة العظمية، جراء الهبوط الحاد الذي يطرأ على مستوى تركيز هرمون الإستروجين بالدم.


- برنامج «فراكس»
تحدَّث في الندوة الأستاذ الدكتور يوسف الصالح، أستاذ الطب والغدد الصماء، جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية بالرياض؛ مشيراً إلى أن هشاشة العظام تُعد من الأمراض التي هي بحاجة للتوعية بكسور الورك تحديداً، والتي تحد من الحركة، وقد تؤدي للوفاة بنسبة 23 في المائة بعد السنة الأولى من حدوثها، مضيفاً أن نسبة حدوث مرض هشاشة العظام بالمملكة تتراوح بين 35 و46 في المائة عند النساء، بسبب انقطاع الدورة الشهرية، بينما سببه عند الرجال نقص هرمون الذكورة. وعبّر الدكتور يوسف عن تطلعاته للحصول على سجل وطني لهشاشة وكسور العظام؛ مشيراً إلى انضمام المملكة عام 2021 لبرنامج «فراكس» العالمي (FRAX =Fracture Risk Assessment Tool) الذي تم تطويره من قبل منظمة الصحة العالمية، ليكون قابلاً للتطبيق على النساء والرجال بعد سن اليأس الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و90 عاماً. برنامج «FRAX» يتيح إدخال معلومات المريض على الإنترنت وحساب نسبة احتمالية تعرضه لكسور خلال العشر سنوات القادمة، مضيفاً أن انضمام المملكة جاء بعد سنتين من البحث الذي دُرست خلاله نسبة الكسور في 15 مستشفى بالمملكة.
ونوّه الدكتور يوسف الصالح بضرورة الاهتمام بالعظام منذ سن الطفولة، والابتعاد عما يؤثر عليها من عوامل، كالتدخين والمشروبات الغازية، ناصحاً بمزاولة الأنشطة الرياضية.


- كسور العظام
تحدث في الندوة البروفسور ديفيد كيندلر (David Kindler) أستاذ طب الغدد الصماء بجامعة كولومبيا البريطانية، فانكوفر– كندا، مفيداً بأن هشاشة العظام تزيد من احتمالية تعرض الشخص للكسور، وأشار إلى عدة أمثلة لرجال ونساء من كبار السن يعانون من هذه الكسور نتيجة للمرض؛ حيث تُسبب هشاشة العظام ضعف العظام وسهولة انكسارها، فتجعلها هشة لدرجة أن أي سقوط أو حتى المجهود البسيط، مثل الانحناء أو السعال، يُمكن أن يتسبب في الكسور. وتَحدُث حالات الكسر المرتبطة بهشاشة العظام بصورة شائعة، في الوِرك والرسغ والعمود الفقري.
وأكد الدكتور ديفيد على أهمية التوعية بالمرض؛ خصوصاً وسط النساء بعد سن 65 عاماً، موضحاً أهمية التعامل مع أطراف أخرى لمزيد من المعلومات عن هشاشة العظام، مشدداً أيضاً على ضرورة إجراء اختبارات لأي علاجات جديدة للمرض، للتأكد من مدى تأثيرها الإيجابي.
وأبرز علامات كسور العظام:
- يتطور مرض هشاشة العظام وترققها، في كثير من الأحيان، دون علامة أو ملاحظة أو مؤشرات واضحة.
- بعض المرضى يعانون من آلام الظهر فقط، وآخرون يشكون من الشعور بالضعف في منطقة الظهر، والقليل من المرضى من يربط هذه الأعراض بأمراض العظام، إلى أن يحدث الكسر بسبب عفوي أو حركة مفاجئة.
- كسور الفقرات الناتجة عن هشاشة العظام، تكون عادة واضحة، يمكن أن تكون مصحوبة بآلام متوسطة أو شديدة، وقد يؤدي الألم إلى عدم القدرة على الحركة، أو عدم القدرة على الإحساس، و/ أو الشلل الجزئي، وهذا يكون مؤشراً على إصابة النخاع الشوكي.
- إن ملاحظة تقلص طول الجسم السريع بعدة سنتيمترات هو بمثابة مؤشر لكسور ناتجة عن هشاشة العظام.
- ملاحظة اعوجاج في الفقرات الظهرية على شكل قوس، بسبب تأثير وزن الجسم على المدى الطويل.


- عبء اقتصادي
قام فريق من الباحثين بجامعة الملك سعود في الرياض، من أقسام العظام والغدد الصماء والصيدلة الإكلينيكية، ترأسهم الدكتور بندر بلخي، أستاذ مشارك في اقتصاديات وسياسات الصحة، قسم الصيدلة الإكلينيكية، كلية الطب، بإجراء دراسة تحليلية بأثر رجعي في أحد المستشفيات التعليمية بالمملكة، لتقدير تكلفة الرعاية الصحية المباشرة لمرضى هشاشة العظام والكسور المرتبطة بها في المملكة العربية السعودية، نشرت نتائجها في 18 سبتمبر (أيلول) 2021 في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة (International Journal of Environmental Research and Public Health).
اشتملت الدراسة على 511 مريضاً بهشاشة العظام، كان متوسط العمر 68.5 سنة، 93 في المائة منهم من الإناث؛ بلغ إجمالي متوسط التكاليف الطبية المباشرة (975.77)، و(9716.26) دولار أميركي للفرد في السنة، للمرضى من دون كسور وللمرضى الذين يعانون من كسور هشاشة العظام، على التوالي. 56 في المائة من التكاليف تُعزى إلى إجراءات جراحية. ومن دون كسور، كانت مكونات التكلفة الرئيسية هي الأدوية بنسبة 61 في المائة، وزيارات الأطباء بنسبة 18 في المائة.
أشارت نتائج هذه الدراسة إلى الأثر الاقتصادي لهشاشة العظام والكسور المرتبطة بها. ومع شيخوخة السكان في المملكة، يمكن أن يزداد عبء المرض بشكل كبير، مما يبرز أهمية الشروع في استراتيجيات وقائية فعالة، بما في ذلك تعزيز صحة العظام، وتنفيذ برامج التشخيص المبكر، وزيادة الوصول إلى العلاج الفعال لتقليل العبء الاقتصادي لهشاشة العظام، وتقليل التكاليف التي يتكبدها النظام الصحي. هذه النتائج ستخلق أيضاً وعياً حول هذه القضية، يساعد في توجيه السياسات والبحوث المستقبلية، نحو تقييم كل من الفوائد السريرية والاقتصادية للتقنيات الصحية والخيارات الجراحية الجديدة، من أجل تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة.


- ملخص الدراسات
- تفيد دراسة حديثة صادرة عن «مايو كلينك» بأن استخدام الأدوية واتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية، تساعد في الحيلولة دون حدوث هشاشة العظام، وأيضاً في تقوية العظام الضعيفة؛ علماً بأن هشاشة العظام مرض يصيب الرجال والنساء من جميع الأعراق؛ لكنَّ النساء ذوات البشرة البيضاء والآسيويات؛ خصوصاً اللاتي تجاوزن سن المحيض، هنَّ الأكثر عرضة للخطر.
- هشاشة العظام تشيع بنسبة أعلى بين الأشخاص الذين تزيد أو تقل مستويات الهرمونات في دمائهم عما ينبغي، ومن أمثلتها الهرمونات الجنسية ومشكلات الغدة الدرقية.
- انخفاض مستويات هرمون الإستروجين لدى النساء عند انقطاع الطمث، يُعد من بين أحد أقوى عوامل خطر الإصابة بهشاشة العظام، مما يرجح أن تكون علاجات سرطان البروستاتا التي تقلل من مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال، وعلاجات سرطان الثدي التي تقلل من مستويات هرمون الإستروجين لدى النساء، سبباً في تسارع الإصابة بفقدان العظام.
- هناك ارتباط بين الإصابة بهشاشة العظام وفرط نشاط الغدة الجار درقية والغدد الكظرية.
- أشارت معظم الدراسات إلى عدم ظهور أعراض لهشاشة العظام في المراحل المبكرة من انخفاض كثافة العظام، ولكن مع ضعف العظام نتيجة الإصابة بالهشاشة قد تظهر على المريض مؤشرات ألم في الظهر، نتيجة كسر الفقرات العظمية أو تآكلها، وقصر القامة بمرور الوقت، وانحناء الجسم، وسهولة الإصابة بكسور العظام عن المعدل المتوقع.
- أكدت معظم الدراسات أن هناك عوامل خطر تزيد من احتمالية الإصابة بهشاشة العظام، وتشمل: العمر، والعِرق، والخيارات الحياتية الصحية، والحالات الطبية، والعلاجات.
- أشارت الدراسات إلى أن العلاج طويل المدى بأدوية «الكورتيكوستيرويدات»، سواء عن طريق الفم أو الحقن، مثل «البريدنيزون» و«الكورتيزون»، يتعارض مع عملية إعادة بناء العظام.


- علاج بيولوجي حديث
تحدَّث في الندوة الدكتور محمد خليل، الرئيس التنفيذي لشركة «ساجا»، موضحاً أن مرض هشاشة العظام يشهد تنامياً في معدلاته بمنطقة الخليج العربي. ومن بين أسبابه ما يعود إلى نمط الحياة، وعدم التعرض لأشعة الشمس الذي يسبب نقصاً في فيتامين «دي».
وأشار إلى أهمية فحص كثافة العظام للتأكد من التشخيص، وأن الحالة لا تتوجب تعاطي أنواع معينة من العلاجات بهذا الخصوص.
وقال إن هذه الفعالية العلمية خرجت بتوصيات علاجية، قد تفتح المجال أمام مسارات جديدة تخدم التطورات العلاجية لمرض هشاشة العظام، على المستويين المحلي والعالمي.
وعن مستجدات علاج هشاشة العظام، أشار الدكتور محمد خليل إلى وجود مجموعة من الأدوية الجديدة والمختصة بعلاج كثافة العظام، والمساعدة في تقليل خطر التعرض للكسر لدى الجنسين. وأبان أن الشركة بصدد إطلاق خيار علاجي بيولوجي بديل، يساهم في دعم الخيارات العلاجية المتاحة حالياً لعلاج هشاشة العظام، وسيكون علاجاً ذا جودة وفعالية وبسعر مناسب.
والجدير ذكره هنا أن تقنيات التصنيع الدوائي سيتم نقلها إلى المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  87