من الذي كسر زجاج السيارة؟
من الذي كسر زجاج السيارة؟
د. م. عصام أمان الله بخاري
حضرت اجتماعاً عائلياً هذا الأسبوع في جدة، ومع ازدحام السيارات اضطررت لأن أوقف سيارتي في مكان بعيد نسبياً. وبينما أنا على مائدة الطعام اتصل بي السائق ليخبرني أن أحدهم حطم الزجاج الخلفي لسيارتي بحجر. كان منفعلاً وبدأ يكيل الاتهامات لعمال وحدة سكنية يتم بناؤها بالجوار. في الواقع تزامن ذلك مع اتصال مهم من فريق العمل في الشركة حول ملف طارئ ومستعجل يستدعي تدخلي بشكل فوري. وقعت في حيرة من أمري والسائق يتصل من جديد. في تلك اللحظة انبرى أخي محمد بأعصاب هادئة، يبدو أنه اكتسبها من خبرته في تعلم الطب لسنوات من الألمانيين، وطلب مني أن أريح بالي وأترك الموضوع عنده وأسلمه مفاتيح السيارة.
وفعلاً، قمت باتصالاتي واجتماعاتي عن بعد وتم حل الإشكالية، وبعد نصف ساعة رجع إلي أخي محمد ليقول لي: "انتهت القضية، أخذت السيارة إلى محل مختص وسيتم تركيب الزجاج الجديد خلال ساعة واحدة". وسألته:"ماذا عن الفاعل؟"، فأجابني: "هل لديك وقت تضيعه الآن لتحقق مع جميع العمال في الوحدة السكنية التي تحت الإنشاء وفي الحي؟ كيف ستثبت الواقعة؟ وإن حصل فماذا ستفعل بعد ذلك؟". وبعد ساعة تم استلام السيارة بالزجاج الجديد وتنظيفها وكأن شيئاً لم يكن.
خرجت من هذا الموقف بعدد من الدروس التي أحببت مشاركتها معكم كما يلي:
ترتيب الأولويات: هذا الموقف يمر علينا كثيراً بأشكال متعددة. كل منا يواجه المشكلات والعقبات والتحديات. لكن ننسى أحياناً وراء زحمة الأشغال أن نرتب الاولويات فننشغل بمواضيع تافهة تأخذنا عن القضايا الأساسية. كان من الممكن أن أنزل وأضيع وقتي في البحث عن الجاني دون جدوى ويتعطل عملي ويتأخر إصلاح السيارة مما سيؤثر على مواعيدي التي بعدها. لكن التركيز على الأهم وتجاهل الملفات التي ليست ذات أولوية ساعدني على تجاوز المشكلة بأقل الأضرار.
اختيار الكفاءات الصحيحة: قد لا ينطبق المثل تماماً في القصة خاصة وأن الذي ساعدني كان أخي. ولكن في المنظمات والمشاريع الاحترافية يحتاج القائد دوماً لأكفاء ثقات يستطيعون دعمه ومساعدته بالرأي والمشورة والتنفيذ في مختلف الحالات.
شجاعة التفويض: كل إنسان وقته محدود ولن يستطيع أن يقوم بجميع المهام في نفس التوقيت. وفي مثل هذه الحالات فمن الضروري أن يمتلك القائد الشجاعة والقدرة على تفويض غيره بالمهام المختلفة ويتفرغ للمهام ذات الأهمية القصوى. الأمر هنا يتطلب الجرأة على التفويض والقدرة على تحديد ما يمكن تفويضه وما لا يمكن.
التعلم من المشكلات: إذا كنت سأتحمل مسؤولية في الشيء الذي حصل فلربما هو أنني أوقفت السيارة في مكان بعيد ناهيك عن وجود وحدة سكنية يتم بناؤها مما يرفع احتماليات حصول مثل هذه الحادثة. وكان من الممكن تجاوز هذه المشكلة لو قدمت باكراً إلى الاجتماع وأوقفت السيارة في مكان قريب وتجنبت اختيار مكان مثل هذا لإيقاف السيارة. وربما يكون تركيب كاميرا في السيارة من الحلول المستقبلية التي يمكن تطبيقها كذلك. وعلى نفس الحال، فكل فشل وكل موقف يستطيع الإنسان أن يتعلم منه دروساً تفيده في مستقبل الأيام.
وختاماً، بعض المحن تكون فيها المنح، فيكفيك أن هذه الحادثة وزجاج سيارتي المكسور كان سبب إلهامي لكتابة هذه المقالة.
الرياض
د. م. عصام أمان الله بخاري
حضرت اجتماعاً عائلياً هذا الأسبوع في جدة، ومع ازدحام السيارات اضطررت لأن أوقف سيارتي في مكان بعيد نسبياً. وبينما أنا على مائدة الطعام اتصل بي السائق ليخبرني أن أحدهم حطم الزجاج الخلفي لسيارتي بحجر. كان منفعلاً وبدأ يكيل الاتهامات لعمال وحدة سكنية يتم بناؤها بالجوار. في الواقع تزامن ذلك مع اتصال مهم من فريق العمل في الشركة حول ملف طارئ ومستعجل يستدعي تدخلي بشكل فوري. وقعت في حيرة من أمري والسائق يتصل من جديد. في تلك اللحظة انبرى أخي محمد بأعصاب هادئة، يبدو أنه اكتسبها من خبرته في تعلم الطب لسنوات من الألمانيين، وطلب مني أن أريح بالي وأترك الموضوع عنده وأسلمه مفاتيح السيارة.
وفعلاً، قمت باتصالاتي واجتماعاتي عن بعد وتم حل الإشكالية، وبعد نصف ساعة رجع إلي أخي محمد ليقول لي: "انتهت القضية، أخذت السيارة إلى محل مختص وسيتم تركيب الزجاج الجديد خلال ساعة واحدة". وسألته:"ماذا عن الفاعل؟"، فأجابني: "هل لديك وقت تضيعه الآن لتحقق مع جميع العمال في الوحدة السكنية التي تحت الإنشاء وفي الحي؟ كيف ستثبت الواقعة؟ وإن حصل فماذا ستفعل بعد ذلك؟". وبعد ساعة تم استلام السيارة بالزجاج الجديد وتنظيفها وكأن شيئاً لم يكن.
خرجت من هذا الموقف بعدد من الدروس التي أحببت مشاركتها معكم كما يلي:
ترتيب الأولويات: هذا الموقف يمر علينا كثيراً بأشكال متعددة. كل منا يواجه المشكلات والعقبات والتحديات. لكن ننسى أحياناً وراء زحمة الأشغال أن نرتب الاولويات فننشغل بمواضيع تافهة تأخذنا عن القضايا الأساسية. كان من الممكن أن أنزل وأضيع وقتي في البحث عن الجاني دون جدوى ويتعطل عملي ويتأخر إصلاح السيارة مما سيؤثر على مواعيدي التي بعدها. لكن التركيز على الأهم وتجاهل الملفات التي ليست ذات أولوية ساعدني على تجاوز المشكلة بأقل الأضرار.
اختيار الكفاءات الصحيحة: قد لا ينطبق المثل تماماً في القصة خاصة وأن الذي ساعدني كان أخي. ولكن في المنظمات والمشاريع الاحترافية يحتاج القائد دوماً لأكفاء ثقات يستطيعون دعمه ومساعدته بالرأي والمشورة والتنفيذ في مختلف الحالات.
شجاعة التفويض: كل إنسان وقته محدود ولن يستطيع أن يقوم بجميع المهام في نفس التوقيت. وفي مثل هذه الحالات فمن الضروري أن يمتلك القائد الشجاعة والقدرة على تفويض غيره بالمهام المختلفة ويتفرغ للمهام ذات الأهمية القصوى. الأمر هنا يتطلب الجرأة على التفويض والقدرة على تحديد ما يمكن تفويضه وما لا يمكن.
التعلم من المشكلات: إذا كنت سأتحمل مسؤولية في الشيء الذي حصل فلربما هو أنني أوقفت السيارة في مكان بعيد ناهيك عن وجود وحدة سكنية يتم بناؤها مما يرفع احتماليات حصول مثل هذه الحادثة. وكان من الممكن تجاوز هذه المشكلة لو قدمت باكراً إلى الاجتماع وأوقفت السيارة في مكان قريب وتجنبت اختيار مكان مثل هذا لإيقاف السيارة. وربما يكون تركيب كاميرا في السيارة من الحلول المستقبلية التي يمكن تطبيقها كذلك. وعلى نفس الحال، فكل فشل وكل موقف يستطيع الإنسان أن يتعلم منه دروساً تفيده في مستقبل الأيام.
وختاماً، بعض المحن تكون فيها المنح، فيكفيك أن هذه الحادثة وزجاج سيارتي المكسور كان سبب إلهامي لكتابة هذه المقالة.
الرياض