«يالله بحجاك وبرجاك»؟!
«يالله بحجاك وبرجاك»؟!
مساعد العصيمي
بعد أن تصدرت درجات الحرارة المرتفعة أخبار العالم وما يصاحبها من ضحايا لمن لم يعتادوا الحرارة.. نقول اللهم لك الحمد والشكر متعودين، رغم أننا في صيفنا هذا علمنا أن لسنا وحدنا الساخنين؟!، فكل شيء تغير حتى أننا في الرياض عرفنا رطوبة عالية لم نألفها من قبل.
ما نلاحظه على تعاملنا مع أجوائنا الساخنة أن النفوس هادئة ومستقرة، ونحمد الله أيضاً أن من يشكون ويبدون ضيقاً هم ممن "عض شليله" وارتحل خارجياً بحثاً عن البراد، عادوا يشكون وويلا وثبورا.. لندن لا تطاق والمشي في باريس يعني ضربة شمس.. وهلم جرا.. عايشنا الحر بسخونته نهارا وجفافه ليلا، ولم نجزع، لم تقلقنا أخبار الفلكيين الذين يتسابقون لكي يؤكدوا لنا أن صيفنا حارق محرق من شدة حرارته.. ولا توقعات نجوم الاستراحات بأن أجواءنا تشوي الطيور.. وبين هؤلاء وهؤلاء ندعو الله للمتضايقين بالهدوء والطمأنينة ونبشرهم أن زمن رحيله قد اقترب؟!
أكرر الشكر لله على صيفنا الحالي الذي عرفته مختلفاً عن كل صيف خلال العقود الخمسة الماضية، ففيه رطوبة ومطر من شدته أنه اقتلع المكيفات والأشجار من جذورها، ناهيك عن موجات من الغبار العليل الذي غير من أشباهنا، ولم نعهده خلال شدة القيظ.. لكن هي أجواء بيئتنا وتأففنا منها هو نكران للأرض والبيئة والمناخ.. فمثلما لدى آخرين تجمد ينحدر تحت الصفر بأرقام مخيفة.. لدينا أرقام فوق الخمسين لاهبة، وعلينا أن نردد ما يفعله أسلافنا الذي لم يكن لديهم من مكيفات الدنيا سوى الظل و"مهفة الخوص": "يالله بحجاك وبرجاك وبراد الجنة" تعبيراً عن طلب الرحمة من القيظ الكاتم على الأنفاس.
أجيال عظيمة لا تعرف إلا الظل للاحتماء به من الشمس أما اليوم فإن ظلالاً كثيرة نتفيأ بها ولله الحمد والمنة.. جيلنا ومن حضر بعدنا أو قبلنا بقليل فلا بأس إن تنسم بعضاً من الهواء اللاهب وتفيأ ظلال الجدران الساخنة وتغنى بـ"مهفة" يهزها أمام وجهه.
المهم في القول.. إن للصيف فوائد كبيرة مثلما لسخونته قلق وتعب، لكن بين النقيضين، أدرك أنا ومن مثلي ممن يطلق عليهم الجيل القديم أن فيه إيجابيات كبيرة، من أهمها أن الرياض في معظمها تخلو لنا ننتقل في شوارعها بأريحية من فرط هروب كبير عنوانه موجات سفر عاتية، أدعو من قلبي أن تكون في معظمها لمصائف بلادي في عسير والطائف والباحة.. وبعكس جيل اليوم ممن ولدوا مع إطلالة مكيف الشباك ممن لا يعرفون إلا الريموت والاسترخاء، ممن لم يجرب الكد تحت أشعة الشمس اللاهبة، الجيل الذي تنتقل معه أمراض الشتاء إلى الصيف والعكس صحيح من فرط وهن يعاني منه، ولا تجد منه إلا التأفف وتوقع الويل والثبور، وكأن حرارة الصيف إعلان عن الاستنفار لتوديع العباد قبل مغادرة البلاد..
الرياض
مساعد العصيمي
بعد أن تصدرت درجات الحرارة المرتفعة أخبار العالم وما يصاحبها من ضحايا لمن لم يعتادوا الحرارة.. نقول اللهم لك الحمد والشكر متعودين، رغم أننا في صيفنا هذا علمنا أن لسنا وحدنا الساخنين؟!، فكل شيء تغير حتى أننا في الرياض عرفنا رطوبة عالية لم نألفها من قبل.
ما نلاحظه على تعاملنا مع أجوائنا الساخنة أن النفوس هادئة ومستقرة، ونحمد الله أيضاً أن من يشكون ويبدون ضيقاً هم ممن "عض شليله" وارتحل خارجياً بحثاً عن البراد، عادوا يشكون وويلا وثبورا.. لندن لا تطاق والمشي في باريس يعني ضربة شمس.. وهلم جرا.. عايشنا الحر بسخونته نهارا وجفافه ليلا، ولم نجزع، لم تقلقنا أخبار الفلكيين الذين يتسابقون لكي يؤكدوا لنا أن صيفنا حارق محرق من شدة حرارته.. ولا توقعات نجوم الاستراحات بأن أجواءنا تشوي الطيور.. وبين هؤلاء وهؤلاء ندعو الله للمتضايقين بالهدوء والطمأنينة ونبشرهم أن زمن رحيله قد اقترب؟!
أكرر الشكر لله على صيفنا الحالي الذي عرفته مختلفاً عن كل صيف خلال العقود الخمسة الماضية، ففيه رطوبة ومطر من شدته أنه اقتلع المكيفات والأشجار من جذورها، ناهيك عن موجات من الغبار العليل الذي غير من أشباهنا، ولم نعهده خلال شدة القيظ.. لكن هي أجواء بيئتنا وتأففنا منها هو نكران للأرض والبيئة والمناخ.. فمثلما لدى آخرين تجمد ينحدر تحت الصفر بأرقام مخيفة.. لدينا أرقام فوق الخمسين لاهبة، وعلينا أن نردد ما يفعله أسلافنا الذي لم يكن لديهم من مكيفات الدنيا سوى الظل و"مهفة الخوص": "يالله بحجاك وبرجاك وبراد الجنة" تعبيراً عن طلب الرحمة من القيظ الكاتم على الأنفاس.
أجيال عظيمة لا تعرف إلا الظل للاحتماء به من الشمس أما اليوم فإن ظلالاً كثيرة نتفيأ بها ولله الحمد والمنة.. جيلنا ومن حضر بعدنا أو قبلنا بقليل فلا بأس إن تنسم بعضاً من الهواء اللاهب وتفيأ ظلال الجدران الساخنة وتغنى بـ"مهفة" يهزها أمام وجهه.
المهم في القول.. إن للصيف فوائد كبيرة مثلما لسخونته قلق وتعب، لكن بين النقيضين، أدرك أنا ومن مثلي ممن يطلق عليهم الجيل القديم أن فيه إيجابيات كبيرة، من أهمها أن الرياض في معظمها تخلو لنا ننتقل في شوارعها بأريحية من فرط هروب كبير عنوانه موجات سفر عاتية، أدعو من قلبي أن تكون في معظمها لمصائف بلادي في عسير والطائف والباحة.. وبعكس جيل اليوم ممن ولدوا مع إطلالة مكيف الشباك ممن لا يعرفون إلا الريموت والاسترخاء، ممن لم يجرب الكد تحت أشعة الشمس اللاهبة، الجيل الذي تنتقل معه أمراض الشتاء إلى الصيف والعكس صحيح من فرط وهن يعاني منه، ولا تجد منه إلا التأفف وتوقع الويل والثبور، وكأن حرارة الصيف إعلان عن الاستنفار لتوديع العباد قبل مغادرة البلاد..
الرياض