{الكورونا} ونوبات الصداع لدى الأطفال
{الكورونا} ونوبات الصداع لدى الأطفال
دراسة تشير لدور العزلة وقلة النشاط البدني في حدوثها
د. هاني رمزي عوض
رغم أن جائحة «كوفيد - 19» لم تعد بنفس الحدة أو الخطورة التي كانت عليها في بدايتها في نهاية عام 2019 فإن الحديث عنها وعن آثارها لم ينتهِ تماماً بعد على المستوى العضوي والنفسي وتأثير ذلك على الأمراض المتعلقة بالأعصاب.
وفي أحدث دراسة تم نشرها في شهر أغسطس (آب) من العام الجاري في النسخة الإلكترونية مجلة علم الأعصاب للأطفال Child Neurology طرح الباحثون سؤالاً هاماً حول احتمال أن تكون الكورونا قد ساهمت في زيادة حدوث نوبات الصداع النصفي للأطفال.
- ازدياد الصداع
قام الباحثون من مستشفى الأطفال الوطني بالعاصمة الأميركية واشنطن Children›s National Hospital in Washington بعمل الدراسة على 107 من الأطفال الأميركيين الذين عانوا قبل الجائحة من نوبات الصداع سواء على فترات متباعدة أو بشكل مستمر. وأجاب هؤلاء الأطفال على أسئلة تضمنها استبيان حول الأعراض التي يعانون منها وإذا كانت تأثرت بحدوث الجائحة من عدمه. وأجريت الدراسة في الفترة الزمنية من يوليو (تموز) 2020 وحتى نهاية فصل الشتاء عام 2021 من أجل تتبع نمط الحياة ورصد أي تغيير يمكن أن يطرأ على روتين حياة هؤلاء الأطفال.
أوضح الباحثون أن العزلة الاجتماعية التي فرضت على الأطفال والشعور المستمر بالقلق فاقم من تكرار نوبات الصداع بالإضافة إلى قلة النشاط البدني والجلوس لوقت طويل أمام الشاشات المختلفة، حيث كانت هناك نسبة كبيرة جداً من الأطفال الذين قضوا أكثر من 6 ساعات يومياً أمام الشاشات بلغت 60 في المائة.
وحسب إجابات الأطفال كانت هناك نسبة بلغت 60 في المائة عانت من الصداع لفترات تقل عن 15 يوماً في الشهر قبل حدوث الوباء ومع الجائحة انخفضت هذه النسبة لتصل إلى 50 في المائة فقط ولكن في المقابل ارتفعت نسبة الأطفال الذين يشكون من صداع يومي مستمر من 22 في المائة قبل الجائحة إلى 36 في المائة. على وجه التقريب ذكر نصف من شملتهم الدراسة أن أعراض الصداع أصبحت أسوأ بعد الجائحة وأيضاً كانت هناك نسبة بلغت 54 في المائة لم يستطيعوا ممارسة الرياضة بالكيفية نفسها التي كانوا يمارسونها قبل الجائحة سواء بسبب العزلة في المنازل أو الأعراض في الأغلب. ويذكر الأطفال وآباؤهم عدم ممارسة الرياضة كمقدمة لحدوث الصداع أو علامة لحدة الأعراض والأمر نفسه مع قضاء وقت أطول أمام الشاشات.
أوضح الباحثون أن معظم الأطفال مرضى الصداع النصفي يعانون من اضطراب المزاج الذي يمكن أن يكون سبباً ونتيجة بمعنى أن القلق واعتلال المزاج يسبب الصداع وفي الوقت نفسه فإن الألم يسبب الضيق وسوء الحالة النفسية ويستمر الأمر في دائرة مفرغة. وذكرت الدراسة أن ألم الصداع يمكن أن ينتج من إجهاد عضلات الرقبة المستمر الناتج عن وضع الرأس في وضع أمامي خاصة مع قضاء أوقات طويلة على الهاتف المحمول أو الكومبيوترات اللوحية فيما يعرف بـ«ألم الرقبة نتيجة للكتابة Text neck syndrome».
أوضحت الدراسة أن بعض الأطفال الذين يعانون من الصداع النصفي وأيضاً من الخجل أو الشعور بالتوتر في مواجهة الآخرين ربما يكونون قد حققوا استفادة طفيفة من زيادة المرونة في جدول الحصص المدرسية وانخفاض الضغط الاجتماعي خلال الفترة الأولى للجائحة في الوقت الذي كانت الدراسة عبر الإنترنت خاصة الأطفال الذين يعانون من التنمر على أحجامهم أو الشكل الخارجي ونوعية ملابسهم. وفي أثناء المدرسة الافتراضية في كثير من الأحيان كان من الممكن متابعة الدروس مع إيقاف تشغيل الكاميرا مما كان يخفف الضغوط عليهم.
- تشخيص الصداع النصفي
من المهم في المقام الأول معرفة إذا كان الطفل يعاني من الصداع النصفي من عدمه خاصة في الأطفال الأصغر عمراً في بعض الأحيان يكون من الصعب التوصل إلى تشخيص الصداع النصفي لأن الأعراض تكون مختلفة عن الشكل المتعارف عليه للصداع مثل ألم فوق العينين بجانب الحساسية من الإضاءة الشديدة وعدم وضوح الرؤية والدوار، وهو الأمر الذي يدفع الآباء إلى التفكير في إصابة معينة في العين أو أي مرض آخر لذلك يجب عرض الطفل على طبيب أعصاب لتحديد التشخيص ومن ثم طريقة العلاج. أكد العلماء أنهم لا يستطيعون الجزم بضرورة حدوث الصداع النصفي كرد فعل للإصابة بالكورونا أو حتى تفاقم الأعراض. ولكن هناك نظريات يمكن أن تفسر تأثير العدوى الفيروسية في مستويات الأكسجين في الخلايا العصبية مما يجعلها أكثر عرضة للشعور. بالصداع وتبعاً لدراسة سابقة في كلية الطب ببيتسبرج Pittsburgh School of Medicineبالولايات المتحدة وتم نشرها في المجلة العلمية نفسها أشارت إلى إصابة 44 في المائة من الأطفال المحجوزين جراء الكورونا بالصداع كعرض أساسي.
أشار الباحثون إلى وجود العديد من الأعراض من بينها الصداع تأخذ شكلاً مزمناً بعد الإصابة بالكورونا فيما يعرف «كوفيد طويل الأمد» يمكن أن تستمر مع المريض فترة طويلة. ومن غير المعروف لأي فترة يمكن أن تستمر هذه الأعراض ولا مدى التلف الذي يمكن أن تسببه لخلايا الجسم، ولكن من المؤكد أن هناك مرضى تمت إصابتهم بأمراض عصبية لم يعانوا منها قبل الكورونا.
نصح العلماء بضرورة الاهتمام بمتابعة الحالة النفسية للأطفال والتأكد من عدم وجود ضغوط نفسية عليهم بالأخبار المتواترة عن الموجات المتتالية لكورونا وطمأنتهم بعودة الحياة إلى طبيعتها والالتزام بالنشاط البدني قدر الإمكان لتفادي حدوث نوبات الصداع.
الشرق الأوسط
دراسة تشير لدور العزلة وقلة النشاط البدني في حدوثها
د. هاني رمزي عوض
رغم أن جائحة «كوفيد - 19» لم تعد بنفس الحدة أو الخطورة التي كانت عليها في بدايتها في نهاية عام 2019 فإن الحديث عنها وعن آثارها لم ينتهِ تماماً بعد على المستوى العضوي والنفسي وتأثير ذلك على الأمراض المتعلقة بالأعصاب.
وفي أحدث دراسة تم نشرها في شهر أغسطس (آب) من العام الجاري في النسخة الإلكترونية مجلة علم الأعصاب للأطفال Child Neurology طرح الباحثون سؤالاً هاماً حول احتمال أن تكون الكورونا قد ساهمت في زيادة حدوث نوبات الصداع النصفي للأطفال.
- ازدياد الصداع
قام الباحثون من مستشفى الأطفال الوطني بالعاصمة الأميركية واشنطن Children›s National Hospital in Washington بعمل الدراسة على 107 من الأطفال الأميركيين الذين عانوا قبل الجائحة من نوبات الصداع سواء على فترات متباعدة أو بشكل مستمر. وأجاب هؤلاء الأطفال على أسئلة تضمنها استبيان حول الأعراض التي يعانون منها وإذا كانت تأثرت بحدوث الجائحة من عدمه. وأجريت الدراسة في الفترة الزمنية من يوليو (تموز) 2020 وحتى نهاية فصل الشتاء عام 2021 من أجل تتبع نمط الحياة ورصد أي تغيير يمكن أن يطرأ على روتين حياة هؤلاء الأطفال.
أوضح الباحثون أن العزلة الاجتماعية التي فرضت على الأطفال والشعور المستمر بالقلق فاقم من تكرار نوبات الصداع بالإضافة إلى قلة النشاط البدني والجلوس لوقت طويل أمام الشاشات المختلفة، حيث كانت هناك نسبة كبيرة جداً من الأطفال الذين قضوا أكثر من 6 ساعات يومياً أمام الشاشات بلغت 60 في المائة.
وحسب إجابات الأطفال كانت هناك نسبة بلغت 60 في المائة عانت من الصداع لفترات تقل عن 15 يوماً في الشهر قبل حدوث الوباء ومع الجائحة انخفضت هذه النسبة لتصل إلى 50 في المائة فقط ولكن في المقابل ارتفعت نسبة الأطفال الذين يشكون من صداع يومي مستمر من 22 في المائة قبل الجائحة إلى 36 في المائة. على وجه التقريب ذكر نصف من شملتهم الدراسة أن أعراض الصداع أصبحت أسوأ بعد الجائحة وأيضاً كانت هناك نسبة بلغت 54 في المائة لم يستطيعوا ممارسة الرياضة بالكيفية نفسها التي كانوا يمارسونها قبل الجائحة سواء بسبب العزلة في المنازل أو الأعراض في الأغلب. ويذكر الأطفال وآباؤهم عدم ممارسة الرياضة كمقدمة لحدوث الصداع أو علامة لحدة الأعراض والأمر نفسه مع قضاء وقت أطول أمام الشاشات.
أوضح الباحثون أن معظم الأطفال مرضى الصداع النصفي يعانون من اضطراب المزاج الذي يمكن أن يكون سبباً ونتيجة بمعنى أن القلق واعتلال المزاج يسبب الصداع وفي الوقت نفسه فإن الألم يسبب الضيق وسوء الحالة النفسية ويستمر الأمر في دائرة مفرغة. وذكرت الدراسة أن ألم الصداع يمكن أن ينتج من إجهاد عضلات الرقبة المستمر الناتج عن وضع الرأس في وضع أمامي خاصة مع قضاء أوقات طويلة على الهاتف المحمول أو الكومبيوترات اللوحية فيما يعرف بـ«ألم الرقبة نتيجة للكتابة Text neck syndrome».
أوضحت الدراسة أن بعض الأطفال الذين يعانون من الصداع النصفي وأيضاً من الخجل أو الشعور بالتوتر في مواجهة الآخرين ربما يكونون قد حققوا استفادة طفيفة من زيادة المرونة في جدول الحصص المدرسية وانخفاض الضغط الاجتماعي خلال الفترة الأولى للجائحة في الوقت الذي كانت الدراسة عبر الإنترنت خاصة الأطفال الذين يعانون من التنمر على أحجامهم أو الشكل الخارجي ونوعية ملابسهم. وفي أثناء المدرسة الافتراضية في كثير من الأحيان كان من الممكن متابعة الدروس مع إيقاف تشغيل الكاميرا مما كان يخفف الضغوط عليهم.
- تشخيص الصداع النصفي
من المهم في المقام الأول معرفة إذا كان الطفل يعاني من الصداع النصفي من عدمه خاصة في الأطفال الأصغر عمراً في بعض الأحيان يكون من الصعب التوصل إلى تشخيص الصداع النصفي لأن الأعراض تكون مختلفة عن الشكل المتعارف عليه للصداع مثل ألم فوق العينين بجانب الحساسية من الإضاءة الشديدة وعدم وضوح الرؤية والدوار، وهو الأمر الذي يدفع الآباء إلى التفكير في إصابة معينة في العين أو أي مرض آخر لذلك يجب عرض الطفل على طبيب أعصاب لتحديد التشخيص ومن ثم طريقة العلاج. أكد العلماء أنهم لا يستطيعون الجزم بضرورة حدوث الصداع النصفي كرد فعل للإصابة بالكورونا أو حتى تفاقم الأعراض. ولكن هناك نظريات يمكن أن تفسر تأثير العدوى الفيروسية في مستويات الأكسجين في الخلايا العصبية مما يجعلها أكثر عرضة للشعور. بالصداع وتبعاً لدراسة سابقة في كلية الطب ببيتسبرج Pittsburgh School of Medicineبالولايات المتحدة وتم نشرها في المجلة العلمية نفسها أشارت إلى إصابة 44 في المائة من الأطفال المحجوزين جراء الكورونا بالصداع كعرض أساسي.
أشار الباحثون إلى وجود العديد من الأعراض من بينها الصداع تأخذ شكلاً مزمناً بعد الإصابة بالكورونا فيما يعرف «كوفيد طويل الأمد» يمكن أن تستمر مع المريض فترة طويلة. ومن غير المعروف لأي فترة يمكن أن تستمر هذه الأعراض ولا مدى التلف الذي يمكن أن تسببه لخلايا الجسم، ولكن من المؤكد أن هناك مرضى تمت إصابتهم بأمراض عصبية لم يعانوا منها قبل الكورونا.
نصح العلماء بضرورة الاهتمام بمتابعة الحالة النفسية للأطفال والتأكد من عدم وجود ضغوط نفسية عليهم بالأخبار المتواترة عن الموجات المتتالية لكورونا وطمأنتهم بعودة الحياة إلى طبيعتها والالتزام بالنشاط البدني قدر الإمكان لتفادي حدوث نوبات الصداع.
الشرق الأوسط