بيت أصبح مثلاً
بيت أصبح مثلاً
علي الخزيم
قالت العرب إن الأمثال من أصدق ما يُبرز أخلاق الأمة وفكرها، وينشر تقاليدها وعاداتها، كما أنه يُنير الرؤى حول المجتمع ليصور لنا أسلوب حياته ونمط معيشته، فقد يُمكن القول بأن الأمثال المستنبطة من شعر العرب وآدابهم تُعَد مرآة تعكس حياتهم بجوانبها الاجتماعية والدينية واللغوية وغيرها، والأمثال - لا سيما الشعرية - تَلصَق بالذاكرة وتَحضُر بالأذهان لخفَّتها وبلاغتها وصدق تصويرها للواقع، فالشاعر البليغ الفصيح المُجيد يُطلِق بين أبياته أمثالاً وحكماً دون تصنُّع وبلا تخطيط مسبق، وهذا سر من أسرار بلاغتها ولطفها وخفتها على أذن السامع وامتزاجها بالمشاعر والعقول، وأهل اللغة وصناعة الأدب يصفون الأمثال بأنها تضم معاييراً أربعة لا تجتمع بغيرها من كلام العرب (إصابة المعنى؛ وحسن التشبيه؛ وإيجاز اللفظ؛ وجودة الكتابة) فهي غاية البلاغة، ولأن الأمثال بالشعر والأدب العربي قديمه وحديثه تكون نتيجة قصة أو ثمرة معاناة أو موقف حاسم ومؤثر كانت أحرى لأن يُحتَفظ بها وتُختَزن بالذاكرة العربية، وتتجدَّد بتجدد العصور والثقافات وظروف الحياة المعاشة، هنا نوادر منها:
للشاعر أبو الفضل الميداني:
(وفي الوحول طيور اسمها البجعُ
إن الطيور على أشكالها تقعُ)
وقال لسان الدين الخطيب:
(فَجَاوَبَتْنِي ودَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا
مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ)
وللزير سالم:
(دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلاّ خالي البال
ما بين لحظة عين وانتفاضتها
يغير الله من حال إلى حال)
ولأبي فراس وهو في الأسر:
(وقال أُصَيْحابي: الفِرارُ أو الرَّدى
فقلتُ: هما أمرانِ، أحْلاهُما مُرُّ)
وللفارس الشاعر الكبير عنترة بقصيدته الزاخرة بالحِكَم والأمثال (لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب) قوله:
(إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها
عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ)
وللنابغة الذبياني بمعلقته (يا دار مَيَّة بالعلياء فالسند) قوله:
( أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا
أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ)
لبيد بن ربيعة شاعر مُعلقات فَحْل مدحه الرسول المصطفى؛ من أقواله:
(ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل)
وقوله:
(ما عاتب المرء الكريم كنفسِه
والمرء يُصلحه القرينُ الصالحُ)
وللشاعر الفذ والمفكر السعودي العربي الدكتور غازي القصيبي بقصيدة يناجي بها إحدى العواصم العربية وقد وصلها بعد عقود من الفراق:
(أعود إليكِ والأيام صرعى
تمزّقها السنين ولا تبالي
أنوء إذا وقفت بِحِمل ثوبي
وأعثر حين أمشي بالظِّلالِ)
وأعود لأبي ليلى المهلهل عدي بن ربيعة إذ يقول:
(أَرى طولَ الحَياةِ وَقَد تَوَلّى
كَما قَد يُسلَبُ الشَيءُ المُعارُ)
ومما ينسب لعمران بن حطان فيمن جَبُن عن لقائه:
(أسَدٌ عَلَيَّ وَفي الحُروبِ نَعامَةٌ
رَبْداءُ تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِرِ)
واختم بكلام عذب للشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي:
(تُشير لنا عمَّا تقول بِطَرفِها
وأومِي إليها بالبنان فتفهمُ
إشاراتنا في الحب رمز عيوننا
وكلُّ لبيب بالإشارة يَفهَم)
الجزيرة
علي الخزيم
قالت العرب إن الأمثال من أصدق ما يُبرز أخلاق الأمة وفكرها، وينشر تقاليدها وعاداتها، كما أنه يُنير الرؤى حول المجتمع ليصور لنا أسلوب حياته ونمط معيشته، فقد يُمكن القول بأن الأمثال المستنبطة من شعر العرب وآدابهم تُعَد مرآة تعكس حياتهم بجوانبها الاجتماعية والدينية واللغوية وغيرها، والأمثال - لا سيما الشعرية - تَلصَق بالذاكرة وتَحضُر بالأذهان لخفَّتها وبلاغتها وصدق تصويرها للواقع، فالشاعر البليغ الفصيح المُجيد يُطلِق بين أبياته أمثالاً وحكماً دون تصنُّع وبلا تخطيط مسبق، وهذا سر من أسرار بلاغتها ولطفها وخفتها على أذن السامع وامتزاجها بالمشاعر والعقول، وأهل اللغة وصناعة الأدب يصفون الأمثال بأنها تضم معاييراً أربعة لا تجتمع بغيرها من كلام العرب (إصابة المعنى؛ وحسن التشبيه؛ وإيجاز اللفظ؛ وجودة الكتابة) فهي غاية البلاغة، ولأن الأمثال بالشعر والأدب العربي قديمه وحديثه تكون نتيجة قصة أو ثمرة معاناة أو موقف حاسم ومؤثر كانت أحرى لأن يُحتَفظ بها وتُختَزن بالذاكرة العربية، وتتجدَّد بتجدد العصور والثقافات وظروف الحياة المعاشة، هنا نوادر منها:
للشاعر أبو الفضل الميداني:
(وفي الوحول طيور اسمها البجعُ
إن الطيور على أشكالها تقعُ)
وقال لسان الدين الخطيب:
(فَجَاوَبَتْنِي ودَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا
مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ)
وللزير سالم:
(دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلاّ خالي البال
ما بين لحظة عين وانتفاضتها
يغير الله من حال إلى حال)
ولأبي فراس وهو في الأسر:
(وقال أُصَيْحابي: الفِرارُ أو الرَّدى
فقلتُ: هما أمرانِ، أحْلاهُما مُرُّ)
وللفارس الشاعر الكبير عنترة بقصيدته الزاخرة بالحِكَم والأمثال (لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب) قوله:
(إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها
عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ)
وللنابغة الذبياني بمعلقته (يا دار مَيَّة بالعلياء فالسند) قوله:
( أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا
أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ)
لبيد بن ربيعة شاعر مُعلقات فَحْل مدحه الرسول المصطفى؛ من أقواله:
(ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل)
وقوله:
(ما عاتب المرء الكريم كنفسِه
والمرء يُصلحه القرينُ الصالحُ)
وللشاعر الفذ والمفكر السعودي العربي الدكتور غازي القصيبي بقصيدة يناجي بها إحدى العواصم العربية وقد وصلها بعد عقود من الفراق:
(أعود إليكِ والأيام صرعى
تمزّقها السنين ولا تبالي
أنوء إذا وقفت بِحِمل ثوبي
وأعثر حين أمشي بالظِّلالِ)
وأعود لأبي ليلى المهلهل عدي بن ربيعة إذ يقول:
(أَرى طولَ الحَياةِ وَقَد تَوَلّى
كَما قَد يُسلَبُ الشَيءُ المُعارُ)
ومما ينسب لعمران بن حطان فيمن جَبُن عن لقائه:
(أسَدٌ عَلَيَّ وَفي الحُروبِ نَعامَةٌ
رَبْداءُ تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِرِ)
واختم بكلام عذب للشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي:
(تُشير لنا عمَّا تقول بِطَرفِها
وأومِي إليها بالبنان فتفهمُ
إشاراتنا في الحب رمز عيوننا
وكلُّ لبيب بالإشارة يَفهَم)
الجزيرة