• ×
admin

كذب المنجمون..؟!

كذب المنجمون..؟!

علي خضران القرني

كنت وبعض زملائي في التسعينات الهجرية في رحلة إلى دولة عربية شقيقة، وجرت العادة أن نتناول بعض الوجبات في مطعم، وكان يوجد عند المداخل الخارجية لهذا المطعم مجموعة من الباعة، يعرضون العديد من بضائعهم المتنوعة، وكان من بين هؤلاء الباعة سيدات مسنات، وبعد تناولنا طعام الغداء وفي طريق خروجنا استوقفتني أنا وأحد زملائي إحدى هؤلاء البائعات المسنات، عارضة علينا شيئاً من بضاعتها فما رغبنا الشراء، فقالت لنا: (أشوف لكما الفال) فاعتذرت منها لعلمي أن ذلك نوعاً من البدع المحرمة، أما زميلي فقد وافق من قبيل العلم بالشيء ولا الجهل به، مع علمه بعدم جواز ذلك وبعد أن لحق بي قلت له: بشر عسى فالك طيب، قال لي وقد لاحظت على محياه عدم الارتياح سأخبرك فيما بعد!

ومرت ساعات.. وأيام وزميلي ليس كما عهدته بشوشاً، مرحاً، ودائم الاتصال بأبنائه، لكنه في الفترة الأخيرة وبعد (الفال) أصبح دائم التفكير والوسوسة وغير مستقر نفسياً.

وقبل عودتنا للمملكة، قلت له: إن حالتك وخاصة بعد عملية (الفال) لا تعجبني فهلا أفصحت لي؟ فقد أساعدك، قال لي بصراحة: أنا لا أؤمن بما يتم من خزعبلات المشعوذين والمشعوذات ومن سار على نهجهم وآمن بترهاتهم فحصيلتي -بحمد الله- من علوم الدين والعقيدة تحصنني بإذن الله من التصديق بمثل هذه البدع والشعوذة.

فقلت له: لاحظت عليك بعد عملية (الفال) التغيّر في بعض تصرفاتك؟ قال لي أبداً، لكن أشعرتني هذه (المبصرة) بموضوع غريب، قلت ما هو؟ قال (قالت لي إنني سأتزوج من إحدى قريباتي، وسأواجه مشاكل مع زوجتي الأولى وأهلها فقابل الموضوع بالصبر والحكمة) قلت له: هل سألتك أنت متزوج أم لا؟ قال نعم سألتني وقلت لها أنا متزوج: قالت وهل لديك ذرية قلت نعم كلهم بنات؟ قلت له: وهل لديك نية في الزواج قال لي نعم!

خطبت إحدى قريباتنا وعلى وشك نتم الموضوع: على أمل أن يرزقني الله بولد يكون عوناً بعد الله لإخواته بعد رحيلي.

قلت لزميلي: أنا لا أشك في قوة عقيدتك وإيمانك بالله، وعدم تصديقك لما يثير الشكوك والتطيَّر ممن اتخذوا من هذه الخزعبلات والشعوذة رجالاً ونساءً وسيلة للتكسب وجمع الأموال وما أكثرهم في هذا الزمان.

أما عن إجابة (المبصّرة) لك بأنك ستتزوج فقد استوحت ذلك من إجابتك لها بأن ذريتك بنات وليس من علم الغيب، فأوجد ذلك لديك بعض الشكوك المبنية على باطل ولو عدنا جميعاً إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لوجدنا فيهما كل مقومات الحياة ومنها وجود الذرية من عدمها وتنوعها بين ذكور وإناث وعلوم الغيب لا يعلمها إلا الله جلت قدرته وتعالى عظمته، ونتذكر المقولة السائدة (كذب المنجمون ولو صدقوا) والتي أجاب عن عدم صحتها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في بعض فتاويه رحمه الله بقوله: لا أعلم أصلاً لهذا الحديث وإنما الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد).

واقتنع زميلي وتأكد أن إجابة المبصرة كانت مجرد تخمين لا تستند إلى حقيقة أو علم، والتعدد وما في حكمه ليس بدعاً فهو سنة مشروعة أجازها المشرع الحكيم حال القدرة والاستطاعة.. بصرنا الله جميعاً بأمور ديننا ودنيانا، وحمانا من كل دجال وساحر ومشعوذ إنه على كل شيء قدير.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  105