• ×
admin

الوظائف.. والموظفون علاقات غامضة!

الوظائف .. والموظفون علاقات غامضة!


جهير بنت عبدالله المساعد

لأن معظمنا يحب الوظيفة اللامعة ولو لم يكن من ذوي الاستحقاق والتأهيل، ولأن معظمنا يتراكضون إلى الكراسي والمناصب بالخف والنواجذ واللسان والوسائط والنفاق وبكل وسيلة ممكنة وغير ممكنة، ولأن الصيت الوظيفي عندنا ليس بالجودة والإتقان وحسن الأداء قدر ما هو بالمنصب والمسمى الوظيفي وبالسلطة والصلاحية التي ليس لها حدود! لأن هذا هو المناخ العملي السائد في جو الوظيفة العامة الغائم! يظن بعض الموظفين الكبار أنهم فوق المحاسبة وفوق الحساب وفوق المساءلة وفوق البشر لا يخطئون ولا ينبغي أن يخطئهم أحد حتى لو كانت أخطاؤهم ملء السمع والبصر! ويظنون أيضا أن أصحاب الوظائف الدنيا ليسوا مثلهم! بل ارتضوا لأنفسهم الحد الأدنى من سلم الوظائف المتاحة ووقفوا عنده كوظيفة حارس (لا أقصد حارس مرمى فهذا معزز مكرم وحلم للكادحين والعاطلين) إنما حارس مبنى أو إدارة حكومية .. أو شيال، أو نادل، أو عامل، أو مستخدم في دائرة حكومية يظنون أن هؤلاء الموظفين الصغار إنما هم مسخرون لهم يتعاملون معهم تعامل السيد للعبد، نادرا ما يسمعون شكرا ونادرا ما يلقون إحسانا وليس عليهم غير السمع والطاعة ولا ينبغي لهم أن يتفوهوا بآهة اعتراضية إذا ظلمهم الكبار، ولا ينبغي لهم أن يقولوا (آه) لو تلقت خدودهم الصفعات المتواليات! ولا ينبغي أن يلتهب عندهم حس الكرامة .. فهؤلاء الكبار وظيفيا على منصب مدير أو رئيس قسم أو رئيس دائرة يتصورون أن الكرامة هي الوظيفة العاليه وماعدا ذلك لا كرامة له! معتقدات بالية لا زالت تسود، ونظرة إجحافية لا زالت تسيطر وتجحف في حقوق الخلق والمستضعفين لأنهم موظفون صغار!! معتقدات لا زالت تنتشر ولا زالت بيننا باقية أعظم من نعرات العصبية القبلية!!
فالمديرون الذين يعانون من تضخم الأنا فوق الجميع ليسوا قلة ولو لم يجدوا أوساطا مهنية تسمح لهم بالبروز ما مارسوا غيهم وقسوتهم وتعنتهم، وإذا كنا اليوم في مجتمعنا السعودي نواجه ما يسمى بالعنف الأسري.. فالعنف الوظيفي لا يقل عنه أهمية وأثرا؛ لذا حان الأوان للالتفات له وفتح ملفه المغلق! ولولا ذلك ما تجرأ مدير للشؤون الصحية أن يصفع حارسه أو بمعنى أصح حارس المديرية فهو يعمل في وظيفة ولا يعمل في ملكية المدير!!
لكن كثيرا من الموظفين الكبار يخلطون بين حقوق الوظيفة وحقوقهم الذاتية!
ويخلطون بين حقوق الموظف لأنه موظف وحقوقه لأنه أجير لديهم!!
والأدهى أن يجد الصافع من يتوسط له حتى لا ينال المصفوع حقه منه! فلا يزال بعض الناس في المجتمع يرون أن الكرامة لها ثمن يشتريها!! لن يتقدم الوطن بلا بيئة وظيفية نقية.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1745