• ×
admin

التشخيص الخاطئ.. يزيد من معاناة المريض

التشخيص الخاطئ ... يزيد من معاناة المريض !
الطبيب الماهر يجنبك هدر الجهد والمال والوقت

د. ياسر بن محمد البحيري

هنالك العديد من الحالات المؤثرة تبين أهمية التشخيص الدقيق ومن تلك الحالات حالة فتاة تشتكي من آلام بسيطة إلى متوسطة في فخذها الأيسر مستمرة شهرين إلى ثلاثة أشهر ولا تستجيب للمسكنات بشكل دائم بل تعود بعد انتهاء مفعول المسكنات وقد زارت هذه المريضة أكثر من طبيب وتم إجراء أشعة للورك(X-Ray) وكانت سليمة ويتم إعطاؤها في كل مرة مسكنات ولكن الآلم يعاودها. هذه الفتاة صغيرة ولأن أعراضها استمرت لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر فالأشعة الحديثة التي تم إجراؤها لعظمة الفخذ كاملة أظهرت بأن عظمة الفخذ فيها تغيرات عند مقارنتها بعظمة الفخذ الأيمن السليمة .هذه التغيرات غير طبيعية وقد تكون دليلاًً على مرضٍ ما يؤدي إلى آلامها المستمرة. وبعد عمل اشعة الرنين المغناطيسي (MRI) لعظمة الفخذ اليسرى تبين أن لديها التهاباً جرثومياً مزمناً لعظمة الفخذ اليسرى(Chronic osteomyelitis) مما أدى إلى استمرار الآلم وبعد ذلك تم اجراء الاجراءات المناسبة لمثل هذه الحالة وهذا دليل على عدم وجود التشخيص الدقيق في البداية حيث أن الفتاة في عمرها الصغير ولديها آلام لهذه الفترة وكان يجب من البداية التشخيص الدقيق وعدم الاكتفاء بإعطائها المسكنات .

وهذه حالة فتاة تم تحويلها إلينا بعد ما أصبحت تعاني من صعوبة في القيام والمشي في الشهور القليلة السابقة وعند استجواب أمها عن تاريخ مرضها أن لديها ثقلا في الرجلين وقد راجعت أحد المستشفيات الحكومية في الرياض وقد تم إجراء الآشعة السينية للطرفين وتم إعطاؤها بعض المسكنات وعند فحص الفتاة سريرياً تبين أن لديها صعوبة في القيام من الكرسي ولديها تغيرات في طريقة المشي تدل على ضعف شديد في الطرفين السفليين. وعند فحصها بدقة من الناحية العصبية تبين وجود ازدياد في المنعكسات العصبية في الركبتين (hyperreflexia) وهو دليل أن هناك مشكلة في النخاع الشوكي الذي يغذي الطرفين السفليين. وعند إجراء أشعة الرنين المغناطيسي تبين أنها تعاني من مرض التهاب النخاع الشوكي (transverse myelitis).

هذا المرض يصيب النخاع الشوكي ويؤدي إلى ضعف وضمور في عضلات الساقين وعندما لا يتم تشخيصه بدقة ويتم إهمال العلاج يؤدي الى الشلل (Paralysis) لا سمح الله. وهذا دليل على التشخيص المناسب لكل حالة.

تقوس في العمود الفقري

هذا طفل عمره اثناعشرعاماً وكان صحيحاً جداً حتى بضعة أيام سابقة حيث بدأ يعاني من الألم أسفل الظهر وشد في الظهر وعند مراجعة أحد المستشفيات تم عمل أشعة سينية بينت وجود ميلان طفيف في أسفل الظهر وقام الطبيب بتشخيص الحالة على أنها حالة جنف (Scoliosis) وقصر في الساق ونصح الأهل بمراجعة طبيب عمود فقري. وعند فحص المريض تبين أنه لا يوجد جنف وإنما يعاني من ميلان بسيط في أسفل الظهر نتيجة تقلص العضلات المحيطة بالعمود الفقري (Paraspinal muscle spasm) وأنه لايوجد قصر في الساق . والأشعات اللازمة ومنها أشعة الرنين المغناطيسي تبين أن هذا الطفل يعاني من بدايات بروز في الغضروف القطني السفلي للفقرات القطنية ( Mild lumbar disk prolapse) وهو ما سبب لديه الألم في أسفل الظهر وتشنجات وتقلصات في العضلات وبالتالي أدى إلى الميلان الطفيف وبالتالي فهو يحتاج إلى الخطة العلاجية الخاصه لهذا البروز الطفيف مثل الادوية المسكنه والأدوية المرخية للعضلات وكذلك التعليمات اللازمة لتفادي الإجهاد على أسفل الظهر . وتم تطمين الأهل بأن هذة الحالة ليست حالة جنف وأن ميلان الناتج نتيجة الشد في العضلة .

الخلط بين الانزلاق الغضروفي وبين التهاب عضلات الكتف

هذه حالة مرضية راجع العيادة بأنه مريض انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية (Cervical disk herniation) وأعطى المريض تاريخا مرضيا بأنه يعاني من الألم في ناحية الرقبة اليمنى والكتف والذراع لمدة ثلاثة أسابيع وأنها تزداد مع الحركة وتؤلمه عند النوم على كتفه وأنه راجع الطبيب وتم إجراء أشعة رنين مغناطيسي (MRI) للفقرات العنقية وتم تشخيصه على أنه انزلاق غضروفي بين الفقرات الخامسة والسادسة ونصح بعملية جراحية لاستئصال الانزلاق الغضروفي . هذا المريض لم يقتنع وطلب رأيا آخر وتبين أن حركة العنق سليمة وأن فحص اليدين سليم وأن فحص الكتف الأيمن يدل على احتمال كبير لوجود التهاب أو تمزق في عضلات الكتف الأيمن. وفي هذه الحالة تم إجراء تخطيط الأعصاب في اليد اليمنى والذراع اليمنى (nerve conduction study) وتبين أنه لا توجد آثار الضغط على الأعصاب وانه انزلاق غضروفي قديم في الرقبة لايسبب له الأعراض التي يعاني منها الآن. وعند عمل أشعة رنين مغناطيسي تبين أن لديه تمزقا والتهابا في اوتار الكتف التي يعاني منها في الأسابيع الماضية (Rotator cuff tendenitis). وفي هذه الحالة يتم إعطاء المريض الأدوية اللازمه المضادة للالتهاب وعمل جلسات العلاج الطبيعي . وهذه الحالة تبين أهمية التشخيص الدقيق حيث ان هذا المريض لو اجرى عملية استئصال غضروفي في الرقبة فهو لن يشعر بتحسن لأن الاعراض ناتجة عن الالتهاب في الكتف وليس الانزلاق الغضروفي .

التوصيات والنصائح

هذه أمثلة قليلة مما يسببة التشخيص الخاطئ من آثار سلبية قد تؤدي إلى تطور حالات المرض. ان الطبيب الماهر يستطيع التمييز بين الحالات حتى تستوجب الكثير من الفحوصات والأشعات لكي يتم تشخيصها بدقة والحالات البسيطة التي لا تستدعي إهدار الوقت والمال وتعريض المريض للأشعة غير اللازمه لكي يتم التشخيص. والذي ننصح به هو أن يعطي المريض أو المريضة طبيبه المعالج تاريخاً مفصلاً عن حالته وأن يقوم بالالتزام بالخطة العلاجية التي يضعها الطبيب . أما في حالة عدم اقتناع المريض بهذه الخطة العلاجية فانه لايضر أبدا ًبأن يقوم بأخذ رأي طبيب آخر (second opinion) ليتأكد من دقة التشخيص وسلامة الاجراءات العلاجية في حالته . كما يجب على الطبيب شرح حالة المرض والتشخيص للمريض وأيضاً أن يقوم بمحاولة توضيحها على الاشعات لكي يفهم المريض مشكلته حيث أن فهم المشكلة يكون جزءاً مهماً من الخطة العلاجية ويضمن تعاون المريض مع طبيبه ويساعد في الخطة العلاجية ويجب على الطبيب شرح كل جزء من الخطه العلاجية . مثلاً عند إرسال المريض للعلاج الطبيعي يجب عليه أن يشرح له الهدف من العلاج الطبيعي سواء كان تقليل الألم أو عمل التمرينات . أما في حالة الوصول إلى قرار تدخل جراحي بإجراء عملية أياً كان نوعها ممكن للمريض أخذ رأي ثان وثالث ورابع حتى يكون مقتنعاً بالعملية الجراحية .

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1792