رمضان الذي نعرفه
رمضان الذي نعرفه
عبدالله السعدون
لا بد من وجود الرغبة والإرادة للاستفادة من هذا الشهر الفضيل بوضع هدف أو أهداف مكتوبة، كالتوفير، وعدم السهر، والتخلص من الوزن الزائد وترك التدخين في شهر رمضان المبارك. وجود هدف واضح وخطة لإنجازه كفيل بتحقيق الهدف بإذن الله..
لست أدري لماذا نجعل من رمضان أكثر شهور السنة كسلاً وسهراً، وأكثرها هدراً للمال والوقت؟ تتدنى فيه الإنتاجية لأبعد حدّ. ليله سهر، ونهاره نوم وكسل. تزداد فيه السمنة بسبب كثرة الأكل وقلة الحركة. تكثر فيه الأمراض والوفيات. رمضان لم يكن كذلك قبل الطفرة والوفرة التي تنعم بها بلادنا. كانت الدراسة منتظمة، والعمل يبدأ مبكراً، والإنتاجية لا تتأثر بهذا الشهر الكريم.
فرض الله الصيام لفوائد كثيرة من أهمها أن نستشعر الجوع فنجود ببعض ما لدينا للجائعين من الفقراء والمساكين، وأن نتعود على الصبر وتحمل الجوع والعطش، أما فوائده الصحية فكثيرة منها تخفيف الوزن، وتحسين النشاط الجسمي ورفع المناعة ومقاومة الأمراض، وتدعيم الوظائف الحيوية وتحسين البشرة، كما أن الصوم يحسن نسبة السكّر التراكمي. فوائد كثيرة نجنيها من هذا الشهر الكريم لو تم استثماره بحكمة وذكاء وانضباط.
المملكة من أكثر الدول على مستوى العالم من حيث الهدر الغذائي، ويزداد الهدر في هذا الشهر الفضيل، مع أن ديننا يحث على الاقتصاد في المأكل والمشرب، وعدم الإسراف والتبذير، بل وصف سبحانه في كتابه المبذرين بإخوان الشياطين. وحثّ على تقدير النعمة قبل زوالها. ومع هذا نجد أننا كمسلمين وفي أفضل شهور السنة نستهلك ونتلف كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات، يذهب معظمها إلى الحاويات في أكياس سوداء لتعبث بها القطط السائبة قبل أن تنقل إلى مكب النفايات ودفنها أو حرقها. هل يعقل أن يكون رمضان، شهر الصيام والصدقات والزكاة هو أكثر الأشهر استهلاكاً وتكلفة مادية على الأسرة والمجتمع؟
ومن المظاهرة السلبية في رمضان كثرة المتسولين، وأكثرهم قدم إلى المملكة بصفة غير قانونية من قبل عصابات تتاجر بالبشر، وعلى الأخص بالنساء والأطفال، ينتشرون في الأسواق والمدارس والمساجد وأمام إشارات المرور، ومحطات الوقود على الطرق السريعة. يتواجدون في الأماكن التي لا يوجد فيها رقابة. والسبب الأول لذلك هو ذلك الشخص الذي يعطيهم، فما ظل يوُجد من يعطي المال، سيوجد المتسول مهما حاولت الجهات المعنية مكافحته. ولذا أرى أنه من أجل نجاح مكافحة التسول، يجب أن يعاقب من يدفع المال لمن لا يعرف مصير هذا المال، وإلى أين سينتهي. وبهذا نسهم في القضاء على هذه الظاهرة التي ارتبطت برمضان..
الدين الإسلامي حثنا على التوفير وعلى اكتساب القوة بكل مقوماتها، ولن نكتسبها إلا بتغيير عاداتنا لكسب المزيد من القوة والصحة وزيادة الإنتاجية، ورمضان يتيح لنا هذه الفرصة لو استثمرناه على الوجه الصحيح، وهذا يتطلب جهوداً كثيرة وخطوات من أهمها:
أولاً. نشر الوعي بين المسلمين ومنه تخصيص خطب الجمعة قبل رمضان وأثنائه للتوعية بأهمية التوفير، وتقدير النعمة وصرفها لمستحقيها داخل المملكة وخارجها بدل إتلافها. مع الاستفادة من هذا الشهر الفضيل بجعله شهر الصحة ومكافحة الأمراض التي سببها زيادة الوزن وما يصاحبه من أمراض مرتبطة بالسمنة، كداء السكري من النوع الثاني، إضافة إلى أمراض القلب والشرايين والعمود الفقري والمفاصل. بل لقد أصبحت السمنة من أهم أسباب الإعاقة لدى كبار السنّ. إضافة إلى ما تتكبده المنظومة الصحية من تكاليف باهظة لعلاج أمراض يمكن تفاديها. تكرار مواضيع خطبة الجمعة لعبادات معروفة يقلل من فوائدها العظيمة..
ثانياً، لا بد من وجود الرغبة والإرادة للاستفادة من هذا الشهر الفضيل بوضع هدف أو أهداف مكتوبة، كالتوفير، وعدم السهر، والتخلص من الوزن الزائد وترك التدخين في شهر رمضان المبارك. وجود هدف واضح وخطة لإنجازه كفيل بتحقيق الهدف بإذن الله. الإنسان بحاجة إلى تذكير دائم بما يرغب في تحقيقه، وفي سبيل تحقيق الوزن المثالي لا بد من وجود من يذكره بذلك ويصدقه القول كالميزان في البيت. مع مخاطر السمنة أصبح الميزان من أهم مقتنيات المنزل، ذلك أنه حتى الأطفال أصبحوا عرضة لهذا الداء المنتشر (السمنة).
ثالثاً. ممارسة الرياضة في رمضان عبادة تزيدنا قوة، ومن أجمل الهوايات وأنفعها للكبير والصغير، وأفضلها في هذا الشهر المشي والسباحة، وتكتمل الفائدة حين يشترك أفراد الأسرة في رياضة المشي أو غيرها من الرياضات، والأطفال بصفة خاصة بحاجة إلى الحركة وترك أجهزة الكمبيوتر والهاتف لما يسببه الإدمان عليها من أضرار نفسية وبدنية..
علينا أن نفكر في الفوائد العظيمة التي من أجلها فُرض الصيام ومنها تعلم الصبر والإحسان إلى المحتاجين، وسنضاعف فوائد هذا الشهر بإضافة عبادات تزيدنا قوة وصحة وسعادة، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، العادات التي تزيدنا قوة يمكن أن نكتسبها في رمضان لتبقى معنا بقية شهور العام، وترسيخ العادة في الغالب يحتاج إلى تكرارها عشرين مرة وهذا هو ما يمكن أن يتحقق في هذا الشهر الفضيل.
الرياض
عبدالله السعدون
لا بد من وجود الرغبة والإرادة للاستفادة من هذا الشهر الفضيل بوضع هدف أو أهداف مكتوبة، كالتوفير، وعدم السهر، والتخلص من الوزن الزائد وترك التدخين في شهر رمضان المبارك. وجود هدف واضح وخطة لإنجازه كفيل بتحقيق الهدف بإذن الله..
لست أدري لماذا نجعل من رمضان أكثر شهور السنة كسلاً وسهراً، وأكثرها هدراً للمال والوقت؟ تتدنى فيه الإنتاجية لأبعد حدّ. ليله سهر، ونهاره نوم وكسل. تزداد فيه السمنة بسبب كثرة الأكل وقلة الحركة. تكثر فيه الأمراض والوفيات. رمضان لم يكن كذلك قبل الطفرة والوفرة التي تنعم بها بلادنا. كانت الدراسة منتظمة، والعمل يبدأ مبكراً، والإنتاجية لا تتأثر بهذا الشهر الكريم.
فرض الله الصيام لفوائد كثيرة من أهمها أن نستشعر الجوع فنجود ببعض ما لدينا للجائعين من الفقراء والمساكين، وأن نتعود على الصبر وتحمل الجوع والعطش، أما فوائده الصحية فكثيرة منها تخفيف الوزن، وتحسين النشاط الجسمي ورفع المناعة ومقاومة الأمراض، وتدعيم الوظائف الحيوية وتحسين البشرة، كما أن الصوم يحسن نسبة السكّر التراكمي. فوائد كثيرة نجنيها من هذا الشهر الكريم لو تم استثماره بحكمة وذكاء وانضباط.
المملكة من أكثر الدول على مستوى العالم من حيث الهدر الغذائي، ويزداد الهدر في هذا الشهر الفضيل، مع أن ديننا يحث على الاقتصاد في المأكل والمشرب، وعدم الإسراف والتبذير، بل وصف سبحانه في كتابه المبذرين بإخوان الشياطين. وحثّ على تقدير النعمة قبل زوالها. ومع هذا نجد أننا كمسلمين وفي أفضل شهور السنة نستهلك ونتلف كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات، يذهب معظمها إلى الحاويات في أكياس سوداء لتعبث بها القطط السائبة قبل أن تنقل إلى مكب النفايات ودفنها أو حرقها. هل يعقل أن يكون رمضان، شهر الصيام والصدقات والزكاة هو أكثر الأشهر استهلاكاً وتكلفة مادية على الأسرة والمجتمع؟
ومن المظاهرة السلبية في رمضان كثرة المتسولين، وأكثرهم قدم إلى المملكة بصفة غير قانونية من قبل عصابات تتاجر بالبشر، وعلى الأخص بالنساء والأطفال، ينتشرون في الأسواق والمدارس والمساجد وأمام إشارات المرور، ومحطات الوقود على الطرق السريعة. يتواجدون في الأماكن التي لا يوجد فيها رقابة. والسبب الأول لذلك هو ذلك الشخص الذي يعطيهم، فما ظل يوُجد من يعطي المال، سيوجد المتسول مهما حاولت الجهات المعنية مكافحته. ولذا أرى أنه من أجل نجاح مكافحة التسول، يجب أن يعاقب من يدفع المال لمن لا يعرف مصير هذا المال، وإلى أين سينتهي. وبهذا نسهم في القضاء على هذه الظاهرة التي ارتبطت برمضان..
الدين الإسلامي حثنا على التوفير وعلى اكتساب القوة بكل مقوماتها، ولن نكتسبها إلا بتغيير عاداتنا لكسب المزيد من القوة والصحة وزيادة الإنتاجية، ورمضان يتيح لنا هذه الفرصة لو استثمرناه على الوجه الصحيح، وهذا يتطلب جهوداً كثيرة وخطوات من أهمها:
أولاً. نشر الوعي بين المسلمين ومنه تخصيص خطب الجمعة قبل رمضان وأثنائه للتوعية بأهمية التوفير، وتقدير النعمة وصرفها لمستحقيها داخل المملكة وخارجها بدل إتلافها. مع الاستفادة من هذا الشهر الفضيل بجعله شهر الصحة ومكافحة الأمراض التي سببها زيادة الوزن وما يصاحبه من أمراض مرتبطة بالسمنة، كداء السكري من النوع الثاني، إضافة إلى أمراض القلب والشرايين والعمود الفقري والمفاصل. بل لقد أصبحت السمنة من أهم أسباب الإعاقة لدى كبار السنّ. إضافة إلى ما تتكبده المنظومة الصحية من تكاليف باهظة لعلاج أمراض يمكن تفاديها. تكرار مواضيع خطبة الجمعة لعبادات معروفة يقلل من فوائدها العظيمة..
ثانياً، لا بد من وجود الرغبة والإرادة للاستفادة من هذا الشهر الفضيل بوضع هدف أو أهداف مكتوبة، كالتوفير، وعدم السهر، والتخلص من الوزن الزائد وترك التدخين في شهر رمضان المبارك. وجود هدف واضح وخطة لإنجازه كفيل بتحقيق الهدف بإذن الله. الإنسان بحاجة إلى تذكير دائم بما يرغب في تحقيقه، وفي سبيل تحقيق الوزن المثالي لا بد من وجود من يذكره بذلك ويصدقه القول كالميزان في البيت. مع مخاطر السمنة أصبح الميزان من أهم مقتنيات المنزل، ذلك أنه حتى الأطفال أصبحوا عرضة لهذا الداء المنتشر (السمنة).
ثالثاً. ممارسة الرياضة في رمضان عبادة تزيدنا قوة، ومن أجمل الهوايات وأنفعها للكبير والصغير، وأفضلها في هذا الشهر المشي والسباحة، وتكتمل الفائدة حين يشترك أفراد الأسرة في رياضة المشي أو غيرها من الرياضات، والأطفال بصفة خاصة بحاجة إلى الحركة وترك أجهزة الكمبيوتر والهاتف لما يسببه الإدمان عليها من أضرار نفسية وبدنية..
علينا أن نفكر في الفوائد العظيمة التي من أجلها فُرض الصيام ومنها تعلم الصبر والإحسان إلى المحتاجين، وسنضاعف فوائد هذا الشهر بإضافة عبادات تزيدنا قوة وصحة وسعادة، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، العادات التي تزيدنا قوة يمكن أن نكتسبها في رمضان لتبقى معنا بقية شهور العام، وترسيخ العادة في الغالب يحتاج إلى تكرارها عشرين مرة وهذا هو ما يمكن أن يتحقق في هذا الشهر الفضيل.
الرياض