ونقلب أفئدتهم
ونقلب أفئدتهم
عادل الكلباني
أحوال القلوب أشد تغيرًا، وأكثر تبدّلاً من أحوال الدنيا والتجارات والصناعات، فقد ينجلي عن قلبك همومه وأحزانه بمجرد فكرةٍ وإمعان النظر في قدرة الله على تصريف القلوب..
قد يبهرك أحيانًا ما تراه من تقلب الأحوال، فما بين لحظة وأخرى ينقلب طقس البلد، من صحو إلى ممطر، في لحظات فإذا بالسماء تنهمر، وإذا بالأرض تتزين بزخرفها، وتحيا بعد موتها، وفي الحديث أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وِجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، فقال: يا رسول الله: هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: "اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا" قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب، ولا قزعة ولا شيئًا وما بيننا وبين سلع من بيت، ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء، انتشرت ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائمًا، فقال: يا رسول الله: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال: "اللهم حوالينا، ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر" قال: فانقطعت، وخرجنا نمشي في الشمس".
تلك التحولات التي ينبهر عندها الناظر، لا تنقطع ولا تتوقف عند شيء معين، فأحوال الناس أيضًا هكذا، ما بين لحظة وأخرى تجد ذاك غنيًّا وقد كان مُعدمًا، وذاك متعافيًا صحيحًا وقد كان أشرف على الهلكة، وتلك البلاد كانت غبراء فإذا بها تستقبل أفواج الزائرين المستمتعين بجمالها.
كل تلك التغيرات والتحولات لا تساوي شيئًا عند تغيرات القلب وتحولاته وتقلبه في أحواله، فذاك الحزين المهموم الذي لا يدري كيف يعبر عما يختلج في صدره، فإذا به في لحظة يتهلل وجهه وتبدو أسارير الفرح على ملامحه، بغير عمل ظاهر يقوم به، وما ثم سوى تقلب القلب في البحث عن ما يسره من فكرة وخاطرة، وفي مثل شهرنا هذا فقد كان السلف -رحمهم الله- يقبلون على القرآن قراءةً وتدبّرًا وعملاً، والقرآن سبب من أسباب تقلب القلب إلى حال يسر صاحبه وينشرح به صدره، وفي الحديث: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله عز وجل همه، وأبدله مكان حزنه فرحًا"، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: "أجل، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن"، فمثل هذا الدعاء من أسباب تبدل أحوال القلوب، فأحوال القلوب أشد تغيرًا، وأكثر تبدّلاً من أحوال الدنيا والتجارات والصناعات، فقد ينجلي عن قلبك همومه وأحزانه بمجرد فكرةٍ وإمعان النظر في قدرة الله على تصريف القلوب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك". هذا، والله من وراء القصد.
الرياض
عادل الكلباني
أحوال القلوب أشد تغيرًا، وأكثر تبدّلاً من أحوال الدنيا والتجارات والصناعات، فقد ينجلي عن قلبك همومه وأحزانه بمجرد فكرةٍ وإمعان النظر في قدرة الله على تصريف القلوب..
قد يبهرك أحيانًا ما تراه من تقلب الأحوال، فما بين لحظة وأخرى ينقلب طقس البلد، من صحو إلى ممطر، في لحظات فإذا بالسماء تنهمر، وإذا بالأرض تتزين بزخرفها، وتحيا بعد موتها، وفي الحديث أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وِجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، فقال: يا رسول الله: هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، فقال: "اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا" قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب، ولا قزعة ولا شيئًا وما بيننا وبين سلع من بيت، ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء، انتشرت ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائمًا، فقال: يا رسول الله: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال: "اللهم حوالينا، ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر" قال: فانقطعت، وخرجنا نمشي في الشمس".
تلك التحولات التي ينبهر عندها الناظر، لا تنقطع ولا تتوقف عند شيء معين، فأحوال الناس أيضًا هكذا، ما بين لحظة وأخرى تجد ذاك غنيًّا وقد كان مُعدمًا، وذاك متعافيًا صحيحًا وقد كان أشرف على الهلكة، وتلك البلاد كانت غبراء فإذا بها تستقبل أفواج الزائرين المستمتعين بجمالها.
كل تلك التغيرات والتحولات لا تساوي شيئًا عند تغيرات القلب وتحولاته وتقلبه في أحواله، فذاك الحزين المهموم الذي لا يدري كيف يعبر عما يختلج في صدره، فإذا به في لحظة يتهلل وجهه وتبدو أسارير الفرح على ملامحه، بغير عمل ظاهر يقوم به، وما ثم سوى تقلب القلب في البحث عن ما يسره من فكرة وخاطرة، وفي مثل شهرنا هذا فقد كان السلف -رحمهم الله- يقبلون على القرآن قراءةً وتدبّرًا وعملاً، والقرآن سبب من أسباب تقلب القلب إلى حال يسر صاحبه وينشرح به صدره، وفي الحديث: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله عز وجل همه، وأبدله مكان حزنه فرحًا"، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: "أجل، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن"، فمثل هذا الدعاء من أسباب تبدل أحوال القلوب، فأحوال القلوب أشد تغيرًا، وأكثر تبدّلاً من أحوال الدنيا والتجارات والصناعات، فقد ينجلي عن قلبك همومه وأحزانه بمجرد فكرةٍ وإمعان النظر في قدرة الله على تصريف القلوب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك". هذا، والله من وراء القصد.
الرياض