• ×
admin

في مُعضلة الوقت

في مُعضلة الوقت

د. أيمن بدر كريّم

- تكمن معضلةٌ لا واعية مؤرّقة للإنسان، في أنه لا يمكنه العودة بالوقت إلى الوراء.. ومن هنا يتشكّل وعي الإنسان بالخوفِ من الفناء، فمرورُ الوقت عليه؛ يعني استمرار أنشطة الفقدِ والهدْم بصورةٍ تُنغّص عليه حياته، وتُقرّبه أكثر إلى المحطّة النهائية.

- حياتك مشروعٌ مستقلٌّ بذاته يخصّك وحدك، لا تتوقّع أن يُكمل أبناؤك ما بدأته بالضرورة بعد موتك، فهذا ليس دورهم، كما يُنبّهنا الفيلسوف الوجودي (سارتر). لديك وقتٌ قصيرٌ جدّا؛ لتُحقّق آمالك الخاصة، وتستمتع بإنجازاتك الشّخصية، وليس مُوكلاً لأبنائك أو غيرهم تبنّيها وإكمالها.

- نحنُ مجرّد شخوصٍ مؤقّتة في حياة بعضنا البعض، وعلاقاتنا بصورةٍ عامّة محكومة بالوقت، فلا تستغرب إن اختفى أحدُهم من حياتك فجأةً أو بالتدريج، فقد يكون وقتهُ في المسرحية الهزليّة لحياتك قد انتهى.

- السّعادةُ أن يتوفر لك الوقتُ الكافي لمُمارسةِ ما تُحب مع مَن تُحب. لذلك يرى فيلسوفُ السّعادة والأخلاق والمنطق، وأستاذ الرياضيات، أكبر فلاسفة القرن العشرين (برتراند راسل)، أنّ الوقتَ الكافي والمناسب للعمل اليومي، هو (4) ساعات دوامٍ يومياً فقط، وهو ما يترك مجالاً لأوقاتٍ ضرورية للثراء النفسي والازدهارِ الفكري، والنومِ الجيّد!.

- في حال استمرارِ احتياجاته المادّية والغريزية غير مُجابةٍ بصورةٍ كافية لحياةٍ كريمة، لا يجد الإنسانُ الوقتَ المُناسب والفراغ الكافي للتأمّل والتفكّر والملاحظةِ والتساؤلِ والاندهاش.. وبهذا، يتمّ القضاء على أصلِ المعرفة الإنسانية، الفلسفة.. فالفلسفةُ تخرج من رحِم أوقاتِ الفراغ.

- الوقتُ الذي تقضيه في ضبطِ مِزاجك وتشافيك الروحي وتعافيك النفسي، متأمّلا في هدوء وسكينة أو حتى نائماً، وقتٌ غير ضائعٍ على الإطلاق. فالاستنزافُ النفسي قد يضطرّك إلى تغيير رؤيتك وضبطِ تفكيرك وتعديلِ سلوكك، وتقدير أوقاتك، والتخلّص من بعض الأعباء، ومن كثيرٍ من الناس، وقد تستغني حتّى عن مُطاردة «الشّغف».. إذ يُصبح الشّغف مجرّد سرابٍ خادعٍ في طريق الحياة.

- الحياة لا تنتظر أحداً.. الزمن لا يجامل إنساناً.. كلنا معرضون للتغيير.. جميعنا قابلون للاستبدال.. لا ضمانات أبداً.. استمتع.. الوقت الحاضر هو كل ما لديك.. زمنك قصير.. ووقتك ضيق جداً.. في واقع الأمر، لا يوجد وقت.. حظاً طيباً!.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  84