جنس المولود تحدده النطفة وليست البويضة
جنس المولود تحدده النطفة وليست البويضة
الحمل الرحلة العجيبة تستقر في الرحم المقر الآمن والمكين لنمو الجنين وحمايته الآمن
الحمل الرحلة العجيبة تستقر في الرحم المقر الآمن والمكين لنمو الجنين وحمايته الآمن
أ.د. محمد بن حسن عدار
من اللحظة التي يخترق فيها الحيوان المنوي وحيداً البويضة الناضجة يحدث الاخصاب او الحمل. ولفهم القدرة الربانية في خلق الجنين سوف نوضح عملية الاخصاب العظيمة خلال رحلة النمو من بويضة صغيرة جداُ الى ولادة انسان كامل بارادة الله تعالى.
تنشأ الحيوانات المنوية او النطاف في الخصية والتي تتكون بدورها كما أثبت علم الأجنة من خلايا تقع أسفل الكليتين في الظهر ثم تنزل إلى أسفل البطن في الأسابيع الأخيرة من الحمل في الجنين الذكر وهذا تأكيد لقوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) (الأعراف 172) وهذه إشارة واضحة إلى أن أصل الذرية هي منطقة الظهر حيث مكان تشكل الخصية الجنيني، فسبحان الله أعلم العالمين.. ومني الرجل يحتوي بشكل رئيسي على المكونات التالية: الحيوانات المنوية (النطاف Sperms).. والحيوان المنوي ينسل من الماء المهين (المني) وشكل الحيوان المنوي (النطفة) كالسمكة الطويلة الذيل (وهذا أحد معاني لفظة سلالة). يقول تعالى (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ) (السجدة :7-8) . ويقول أيضاً مبيناً دور النطفة في الخلق (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِماَ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ) (الطارق 5-6) ، ويقول: (خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ) (النحل : 4). ويؤكد البيان الإلهي أن صفات الإنسان تتقرر وتتقدر وهو نطفة ولذلك قال تعالى ( قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ. مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ) ( عبس17-19) .
والنطفة الأمشاج في قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (الإنسان:2) تعبر عن هذا اللإعجاز، فلغوياً هي نطفة (صغيرة كالقطرة) مفردة، ولكن تركيبها مؤلف من أخلاط مجتمعة (أمشاج) وهذا يطابق الملاحظة العلمية حيث أن البويضة الملقحة بالحيوان المنوي هي على شكل قطرة وهي في نفس الوقت خليط من كروموسومات نطفة الرجل وكروموسومات البويضة الانثوية. والحيوانات المنويه يجب أن تكون متدفقة ومتحركة حتى يحدث الإخصاب، ومادة البروستاغلاندينProstaglandin التي تسبب تقلصات في الرحم مما يساعد على نقل الحيوانات المنوية إلى موقع الإخصاب. وتمر الحيونات المنوية برحلة شاقة حيث تسبح الى اعلى الجهاز التناسلي للمرأة الى ان تصل الى البويضة الناضجة ويحدث الاخصاب. ومع أن مئات الملايين (50-150 مليون) من النطاف تدخل عبر المهبل إلى عنق الرحم غير أن نطفة واحدة هي التي تلقح البويضة، قاطعة مسافة طويلة جداً لتصل إلى مكان الإخصاب في قناة فالوب الرحمية Uterine Tube التي تصل المبيض بالرحم، تلك المسافة المحفوفة بكثير من العوائق تعادل ما يمكن تشبيهه بالمسافة التي يقطعها الإنسان ليصل إلى القمر! ويحدث عقب الإلقاح مباشرة تغير سريع في غشاء البويضة مما يمنع دخول بقية الحيوانات المنوية. ان الحيوان المنوي السريع قد يصل الى البويضة خلال نصف ساعة فقط وبعض الحيوانات المنوية قد تستغرق رحلتها ايام. ويعيش الحيوان المنوي ما بين 48 الى 72 ساعة فقط.
إن النطفة تحتوي على 23 كروموسوم (صبغي)، منها كروموسوم واحد لتحديد الجنس وقد يكون (Y ) أو (X) أما البويضة فالكروموسوم الجنسي فيها هو دائماً (X)، فإن التحمت نطفة (Y) مع البويضة (X) فالبويضة الملقحةZygote ستكون ذكراً (XY)، أما إذا التحمت نطفة (X) مع البويضة (X) فالجنين القادم سيكون أنثى (XX)، فالذي سيحدد الجنس إذاً هو النطفة وليس البويضة.
بعد حوالي 5 ساعات على تكون البويضة الملقحة وهي الخلية الإنسانية الأولية الحاوية على 46 كروموسوم تتقدر الصفات الوراثية التي ستسود في المخلوق الجديد والصفات التي ستتنحى فلا تظهر عليه بل يمكنها أن تظهر في بعض أولاده أو أحفاده (مرحلة البرمجة الجنينية)، بعد ذلك تنقسم البويضة الملقحة انقسامات سريعة دون تغير في حجمها متحركة من قناة فالوب (الواصلة بين المبيض والرحم) باتجاه الرحم حيث تنغرس فيه كما تنغرس البذرة في التربة.
والرحم هو مكان تطور ونمو الجنين قبل أن يخرج طفلاً كامل الخلقة وسويّ التكوين. أن الرحم يعتبر مقراً آمناً (ومكيناً) لنمو الجنين وحمايته نجد أن القرآن الكريم يذكر ذلك ويؤكده منذ أكثر من 14 قرناً حيث يقول تعالى (فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) (المرسلات:21-23) وذلك للأسباب التالية:
1- موضع الرحم في حوض المرأة العظمي، وهو محمي أيضاً بأربطة وصفاقات تمسك الرحم من جوانبه وتسمح له أيضاً بالحركة والنمو حتى أن حجمه يتضاعف مئات المرات في نهاية الحمل.
2- عضلات الحوض والعجان تحفظ الرحم في مكانه.
3- ويساهم في استقرار الرحم إفراز هرمون الحمل (البروجسترون) الذي يجعل انقباضات الرحم بطيئة.
4- كما أن الجنين داخل الرحم محاط بأغشية مختلفة تنتج سائلاً أمنيوسياً يسبح فيه الجنين ويمنع عنه تأثير الرضوض الخارجية.
تستمر مرحلة الإلقاح ووصول البويضة الملقحة إلى الرحم حوالي 6 أيام ويستمر انغراسها ونموها في جدار الرحم حتي اليوم 15 حيث تبدأ مرحلة العلقة.
بعد الانغراس تنقسم الخلايا حيث يكون بعضها المشيمة والاخرى تكون الجنين. بعد ثلاثة اسابيع من التبويض يبدا الدماغ والحبل العصبي والقلب وبعض الاعضاء الاخرى في التكوين. وتبدأ نبضات القلب في الاسبوع الخامس. وفي الاسبوع السابع يظهر الحبل السري. و يصل طول الجنين في الاسبوع الثامن تقريباً نصف انش ويستمر نمو الجنين الى ان يكتمل نموه بنهاية الاسبوع السابع والثلاثين وتحدث الولادة في الاسبوع الاربعين من الحمل بمشيئة الله.
المصدر: صحيفة الرياض