سلامًا على روحك الطاهرة ياحبيب عمري
سلامًا على روحك الطاهرة ياحبيب عمري
منى يوسف حمدان
٩ يوليو ٢٠٢٣م اليوم الأصعب والأطول في حياتي كلها، فاضت روح الغالي لباريها بسلام وهدوء وسكينة وطمأنينة..
أعلم يقينًا أن الأقدار بيد الله يكتبها ربي لحكمة يعلمها هو جل في علاه ونجهلها نحن بعقولنا القاصرة التي لا تعي كل ما يحيط بنا.
استيقظت صباح اليوم وقلبي شغوف بسماع صوت حبيب عمري -هكذا اسميه في جوالي منذ أصبح عندي رقم اتحدث به مع العالم-، نعم هو حبيب عمري وتوأم روحي وشريكته في عمره، الفرق بين عمري وعمره لا يتجاوز العشرين عامًا وما حولها.
كان حبيبي يصحبني معه ويستشيرني في كل أموره الخاصة والعامة، كنا نتجول في أحياء المدينة ونذهب للسوق معًا ويستشيرني في كل صغيرة وكبيرة عندما يشتري أرضًا أو مزرعة، ويستشيرني في تسمية المدارس المحدثة التي يتولى قيادتها في تعليم المدينة، حتى مدرسة «ذو الحليفة» لازال في ذاكرتي معالم فصولها وادارتها والفناء الخاص بها، كنت أزورها معه وكنت أرقب تحركاته وقيادته وإدارته الفريدة من نوعها وحبه لعمله.
كنا نذهب للحرم النبوي الشريف معًا وكنا ننتظر الجمعة الأخيرة من رمضان لنصلي الفجر مع الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- حيث يتلو سورة السجدة وكنت أذهب معه مسجد قباء ومسجد القبلتين كنت أحظى بصحبته في كل مكان حتى إذا حان وقت المرض والتعب يختارني الله لأكون معه وأذهب به إلى مستشفى الزهراء في بداية مرضه لكن حينما حانت ساعة الفراق ومغادرة الدنيا يشاء الله أن أكون خارج حدود الوطن ويتعذر عليّ وداعه الأخير، ولكني على يقين تام بأن أقدار الله كلها خير وأن الله لطف بقلبي الذي يتفطر حزنًا وكمدًا ولكن الصبر عند الصدمة الأولى هو وصية النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبتاه لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون».
أبي وحبيب عمري وقلبي وصديقي وسبب وجودي في الدنيا كيف لكلماتي أن تنعيك وأنا بضعة منك، الدم الذي يجري في شراييني هو من دمك أنت، ونبض قلبي هو من نبضات قلبك، والنفس الذي أتنفسه هو من أنفاسك، أتخيلك الآن وانت مع جدي عبدالله الذي غادر الدنيا مبكرًا يحتضنك ويقبلك ويفرح بمقدمك ويقول لك ما أسعدني بك ولدي البار يا من كنت الأب لإخوتك، وأتخيل جدتي مسفرة تستبشر فرحًا وسرورًا بمقدمك وتقول لك عبارتها وتحيتها التي اعتادت قولها لك يامرحب بولدي وتقبلك وتحتضنك وتشم رائحتك الزكية، وأمي أيضاً تنتظرك بلهفة وشوق المحبة وتجهز لك مكاناً يليق بك ياسيد عائلتك وعميد أسرة آل حمدان.
آن الأوان كي ترتاح وحان موعد أن يترجل الفارس عن جواده الذي امتطاه سنين طويلة بدون راحة لكنه قبل أن يغادر ترك بصمة في كل بيت ومع كل رجل وامرأة وشاب وشابة وكل طفل وكل معلم وطالب وكل مدرسة ومع كل أصحابه وأصدقائه ومحبيه.
والدي وحبيب عمري يحق لي أنا أرفع صوتي عاليًا أنا ابنة المعلم المربي الأب الحنون والأخ الرؤوم والجد العطوف والصديق الوفي وصاحب أطيب قلب وأكرم نفس وأجمل ابتسامة، لم يكن والدي كثير الكلام ولكن أفعاله تسطر بماء الذهب وتكتب فيها الدواوين، سؤلت يومًا من علمك حب العلم والكتابة والشغف بالمعرفة قلت بدون تردد هو والدي معلمي وقدوتي، فتحت عيني والكتاب رفيقه يتعلم ويعلم، أكمل دراسته الثانوية الليلية ونحن في المرحلة الابتدائية أنا وأخي محمد وأكمل دراسته الجامعية ونحن في المرحلة الثانوية حتى أصبحت عاشقة لمهنة التعليم التي ورثتها من أبي رحمه الله، سأظل أردد بصوت الفخر والاعتزاز أنا ابنة يوسف عبدالله علي حمدان الغامدي، ودعوتي لك دومًا اللهم أكرم أبي أضعاف ما أكرمنا وأسعد أبي أضعاف ما أسعدنا.
اللهم إن عبدك يوسف بين يديك اللهم ثبته بالقول الثابت عند السؤال وأكرم نزله ووسع مدخله واربط على قلوب أبنائه وبناته ومحبيه واجبر كسرنا على فقيد حبيبنا فالمصاب جلل لكنك يا الله رحيم بنا وتعلم حجم مصابنا العظيم فاللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
والدي رحمه الله تعلمت منه الصبر والرضا والتسليم بالقضاء والقدر، معلم الدين الذي قال لي يومًا قلب المؤمن لابد أن يكون عامرًا بالإيمان، فاللهم ألهمني رشدي وثبتني واجعل قلبي عامرًا بحبك والتسليم بقضائك وقدرك.
إلى جنة الخلد ياحبيب عمري وحياتي كلها.. طبت حيًا وميتًا يا والدي الحبيب وجمعني الله بك في مستقر رحمته عند مليك مقتدر، استودعتك عند الله الذي لا تضيع ودائعه في جنات الخلد وبجوار سيد المرسلين.
المدينة
منى يوسف حمدان
٩ يوليو ٢٠٢٣م اليوم الأصعب والأطول في حياتي كلها، فاضت روح الغالي لباريها بسلام وهدوء وسكينة وطمأنينة..
أعلم يقينًا أن الأقدار بيد الله يكتبها ربي لحكمة يعلمها هو جل في علاه ونجهلها نحن بعقولنا القاصرة التي لا تعي كل ما يحيط بنا.
استيقظت صباح اليوم وقلبي شغوف بسماع صوت حبيب عمري -هكذا اسميه في جوالي منذ أصبح عندي رقم اتحدث به مع العالم-، نعم هو حبيب عمري وتوأم روحي وشريكته في عمره، الفرق بين عمري وعمره لا يتجاوز العشرين عامًا وما حولها.
كان حبيبي يصحبني معه ويستشيرني في كل أموره الخاصة والعامة، كنا نتجول في أحياء المدينة ونذهب للسوق معًا ويستشيرني في كل صغيرة وكبيرة عندما يشتري أرضًا أو مزرعة، ويستشيرني في تسمية المدارس المحدثة التي يتولى قيادتها في تعليم المدينة، حتى مدرسة «ذو الحليفة» لازال في ذاكرتي معالم فصولها وادارتها والفناء الخاص بها، كنت أزورها معه وكنت أرقب تحركاته وقيادته وإدارته الفريدة من نوعها وحبه لعمله.
كنا نذهب للحرم النبوي الشريف معًا وكنا ننتظر الجمعة الأخيرة من رمضان لنصلي الفجر مع الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- حيث يتلو سورة السجدة وكنت أذهب معه مسجد قباء ومسجد القبلتين كنت أحظى بصحبته في كل مكان حتى إذا حان وقت المرض والتعب يختارني الله لأكون معه وأذهب به إلى مستشفى الزهراء في بداية مرضه لكن حينما حانت ساعة الفراق ومغادرة الدنيا يشاء الله أن أكون خارج حدود الوطن ويتعذر عليّ وداعه الأخير، ولكني على يقين تام بأن أقدار الله كلها خير وأن الله لطف بقلبي الذي يتفطر حزنًا وكمدًا ولكن الصبر عند الصدمة الأولى هو وصية النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبتاه لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون».
أبي وحبيب عمري وقلبي وصديقي وسبب وجودي في الدنيا كيف لكلماتي أن تنعيك وأنا بضعة منك، الدم الذي يجري في شراييني هو من دمك أنت، ونبض قلبي هو من نبضات قلبك، والنفس الذي أتنفسه هو من أنفاسك، أتخيلك الآن وانت مع جدي عبدالله الذي غادر الدنيا مبكرًا يحتضنك ويقبلك ويفرح بمقدمك ويقول لك ما أسعدني بك ولدي البار يا من كنت الأب لإخوتك، وأتخيل جدتي مسفرة تستبشر فرحًا وسرورًا بمقدمك وتقول لك عبارتها وتحيتها التي اعتادت قولها لك يامرحب بولدي وتقبلك وتحتضنك وتشم رائحتك الزكية، وأمي أيضاً تنتظرك بلهفة وشوق المحبة وتجهز لك مكاناً يليق بك ياسيد عائلتك وعميد أسرة آل حمدان.
آن الأوان كي ترتاح وحان موعد أن يترجل الفارس عن جواده الذي امتطاه سنين طويلة بدون راحة لكنه قبل أن يغادر ترك بصمة في كل بيت ومع كل رجل وامرأة وشاب وشابة وكل طفل وكل معلم وطالب وكل مدرسة ومع كل أصحابه وأصدقائه ومحبيه.
والدي وحبيب عمري يحق لي أنا أرفع صوتي عاليًا أنا ابنة المعلم المربي الأب الحنون والأخ الرؤوم والجد العطوف والصديق الوفي وصاحب أطيب قلب وأكرم نفس وأجمل ابتسامة، لم يكن والدي كثير الكلام ولكن أفعاله تسطر بماء الذهب وتكتب فيها الدواوين، سؤلت يومًا من علمك حب العلم والكتابة والشغف بالمعرفة قلت بدون تردد هو والدي معلمي وقدوتي، فتحت عيني والكتاب رفيقه يتعلم ويعلم، أكمل دراسته الثانوية الليلية ونحن في المرحلة الابتدائية أنا وأخي محمد وأكمل دراسته الجامعية ونحن في المرحلة الثانوية حتى أصبحت عاشقة لمهنة التعليم التي ورثتها من أبي رحمه الله، سأظل أردد بصوت الفخر والاعتزاز أنا ابنة يوسف عبدالله علي حمدان الغامدي، ودعوتي لك دومًا اللهم أكرم أبي أضعاف ما أكرمنا وأسعد أبي أضعاف ما أسعدنا.
اللهم إن عبدك يوسف بين يديك اللهم ثبته بالقول الثابت عند السؤال وأكرم نزله ووسع مدخله واربط على قلوب أبنائه وبناته ومحبيه واجبر كسرنا على فقيد حبيبنا فالمصاب جلل لكنك يا الله رحيم بنا وتعلم حجم مصابنا العظيم فاللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
والدي رحمه الله تعلمت منه الصبر والرضا والتسليم بالقضاء والقدر، معلم الدين الذي قال لي يومًا قلب المؤمن لابد أن يكون عامرًا بالإيمان، فاللهم ألهمني رشدي وثبتني واجعل قلبي عامرًا بحبك والتسليم بقضائك وقدرك.
إلى جنة الخلد ياحبيب عمري وحياتي كلها.. طبت حيًا وميتًا يا والدي الحبيب وجمعني الله بك في مستقر رحمته عند مليك مقتدر، استودعتك عند الله الذي لا تضيع ودائعه في جنات الخلد وبجوار سيد المرسلين.
المدينة