حصى المرارة وحصى الكلى الإصابة بإحداهما إنذار بالآخر
حصى المرارة وحصى الكلى الإصابة بإحداهما إنذار بالآخر
اختلافهما في طريقة التشكل والأعراض الناتجة عن الإصابة
إعداد: أ. د. صالح بن صالح
من الأسئلة المتكررة ما يتعلق بحصى الكلى وعلاقتها بحصى المرارة أو العكس، وهل حدوث إحداها علامة استباقية لحدوث الأخرى، وقد رأينا أنه من المناسب تخصيص هذه العيادة للحديث عن العلاقة بين هذين النوعين من الحصى الشائعة لدى البشر.
الكليتان والمرارة عند الإنسان:
الكليتان هما أحد أهم مكونات الجهاز البولي في الجسم البشري، وتقومان بتنقية الدم والتخلّص من المواد السامّة التي تنتج من عملية الهضم والتمثيل الغذائي، كما تساهم الكليتان في الحفاظ على التوازن المائي في الجسم، والمحافظة على معادلة الوسط القاعدي بالوسط الحمضي في الدم. ويوجد لدي كل شخص طبيعي كليتان تقعان على طرفي العمود الفقري وتشبهان في شكلهما حبّة الفاصوليا، ويصل وزن الكلية الواحدة إلى 150 غراماً.
من ناحية أخرى فإن المرارة أو الحويصلة الصفراوية أحد أجزاء الجهاز الهضمي، وهي تشبه في شكلها حبّة الكمثرى وتقوم بتخزين الصفراء التي يفرزها الكبد لاستخدامها وقت الحاجة.
وقد تصاب الكلية أو المرارة بتجمع الحصى فيها مسبّبةً عدداً من المشكلات في الجسم، ومن ناحية الأهمية، فقد يستطيع الإنسان أن يتمتع بحياة طبيعية بعد إزالة المرارة من جسمه، حيث إن الكبد يقوم بإفراز مادة تكفي من الصفراء، لإتمام عملية الهضم الطبيعي، وعند إزالة المرارة، تتدفق هذه المادة الصفراء مباشرة نحو الأمعاء الدقيقة عبر القنوات الصفراوية المشتركة، لكن الإنسان حتماً لن يستطيع العيش بدون كلية سليمة واحدة على الأقل أو ما يعوض عمل الكلى مثل جلسات الغسيل الكلوي.
الفرق بين حصى الكلى وحصى المرارة:
تختلف طريقة تشكل الحصى في الكلى عن الحصى التي تتجمع في المرارة، فالحصى في الكلى تتكون من تجمع بلورات الأملاح، لذلك عند تحليلها تظهر بعض الأنواع من الأملاح المكونة لهذه الحصوات مثل: الأوكسالات والسيستين والكالسيوم، وحمض اليوريك، ويعزى وجود الكالسيوم إلى عدم مقدرة الجسم على امتصاصه بسبب خلل في عمليات الأيض مما يؤدي إلى طرحه مع البول للتخلّص منه إلى الخارج وعندئذ قد يتجمع في الكلى.
أما حصى المرارة فيتشكل من تجمع الدهون، لذلك يطلَق عليها حصى الكولسترول، أو يمكن أن تنتج من تجمع المادة الصفراوية ويطلق عليها في تلك الحالة حصى البيليروبين، كما يمكن أن تنتج من تجمّع الدهون والمادة الصفراوية، والكالسيوم، والدهون الفسفورية، والبروتينات الدهنية، ويطلق عليها في تلك الحالة اسم الحصى المزيجية.
وتختلف الأعراض الناتجة عن الإصابة بحصى الكلى عن الأعراض المرافقة لحصى المرارة، حيث يكون الألم في حصى الكلى من الخلف في الخاصرة عند مكان وجود الكلى في الجسم، وقد يمتد هذا الألم إلى الحالب في المنطقة الإربية، وإذا نزلت الحصى في الحالب فإنّ ذلك قد يسبّب احتباس البول في ناحية الكلية المصابة، كما قد يصاحبه نزول دم مع البول، ولا يتأثر هذا الألم بنوعية الغذاء إلا أنه قد يزداد مع تقليل شرب الماء وفقدان التروية في الجسم.
من ناحية أخرى، تختلف أعراض حصوات المرارة حسب وضعها في الجسم من حيث حجمها وعدد الحصى والمدة الزّمنية التي تراكمت وتشكلت فيها، ولكن معظم أعراض المرارة تبدأ مع ألم في منطقة البطن العلوية إما في الجزء العلوي الأيمن أو في الوسط مع الشعور بألم تحت الكتف الأيمن أو الظهر، ويزداد هذا الألم بشكل سيئ بعد تناول وجبات الطعام خاصة الأطعمة الدهنية مثل: البيض، أو اللبن، أو الحليب، مع الشعور بامتلاء البطن وعسر الهضم وزيادة الغازات وأحياناً الإسهال المزمن الذي يحدث عادة بعد وجبات الطعام ويصل إلى عشرة مرات في اليوم الواحد.
العلاقة بين حصى الكلى وحصى المرارة:
على الرغم من أنّ طريقة تشكّل الحصى في الكلى يختلف تماماً عن طريقة تشكّل الحصى في المرارة إلّا أنّ الدراسات الحديثة أثبتت أنّ من يعاني من حصى الكلى يكون أكثر عرضةً للإصابة بحصى المرارة، والعكس صحيحٌ أيضاً.
وفي هذا السياق جمع فريق بحثي بقيادة الدكتور إريك تيلور من مركز ماين الطبي ببورتلاند بيانات من ثلاث دراسات مطولة على عينة من الأشخاص ملؤوا قوائم استبيان عن الصحة وأسلوب الحياة، ثم قاموا بتسجيل أية مشكلة صحية جديدة كل عامين بعد ذلك، وتم متابعة ما يقرب من 240 ألف شخص لفترة تراوحت بين 14 إلى 24 سنة. وخلال تلك الفترة، وجد الباحثون أنه كان هنالك ما يقرب من 5100 حالة جديدة مصابة بحصوات الكلى، ونحو 18500 حالة إصابة بحصوات المرارة.
وبينت الدراسة أن الأشخاص الذين كان لديهم تاريخ مرضي مع حصوات المرارة كانوا أكثر عرضة للإصابة بحصوات الكلى بنسبة تتراوح بين 26 - 32 % أكثر من الأشخاص الذين لم يصابوا بحصوات المرارة.
كما بينت الدراسة كذلك العلاقة بين المرضين فى الاتجاه المعاكس، فالأشخاص الذين لهم تاريخ مرضي مع حصوات الكلى كانوا أكثر عرضة للإصابة بحصوات المرارة بنسب تتراوح بين 17- 51 % أكثر ممن لم يصابوا بالمرض، وهذا بعد أخذ عوامل أخرى في الاعتبار، مثل: السن والإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن والنظام الغذائي ومخاطرها على كلا النوعين من الحصوات.
وأرجع الباحثون السبب الارتباطي بين هذين النوعين من الحصوات إلى أنه من الممكن أن يعود إلى حدوث تغير في نوع البكتريا في الأمعاء الدقيقة، مما يعرض الشخص لتكون حصوات الكلى والمرارة معًا.
الرياض
اختلافهما في طريقة التشكل والأعراض الناتجة عن الإصابة
إعداد: أ. د. صالح بن صالح
من الأسئلة المتكررة ما يتعلق بحصى الكلى وعلاقتها بحصى المرارة أو العكس، وهل حدوث إحداها علامة استباقية لحدوث الأخرى، وقد رأينا أنه من المناسب تخصيص هذه العيادة للحديث عن العلاقة بين هذين النوعين من الحصى الشائعة لدى البشر.
الكليتان والمرارة عند الإنسان:
الكليتان هما أحد أهم مكونات الجهاز البولي في الجسم البشري، وتقومان بتنقية الدم والتخلّص من المواد السامّة التي تنتج من عملية الهضم والتمثيل الغذائي، كما تساهم الكليتان في الحفاظ على التوازن المائي في الجسم، والمحافظة على معادلة الوسط القاعدي بالوسط الحمضي في الدم. ويوجد لدي كل شخص طبيعي كليتان تقعان على طرفي العمود الفقري وتشبهان في شكلهما حبّة الفاصوليا، ويصل وزن الكلية الواحدة إلى 150 غراماً.
من ناحية أخرى فإن المرارة أو الحويصلة الصفراوية أحد أجزاء الجهاز الهضمي، وهي تشبه في شكلها حبّة الكمثرى وتقوم بتخزين الصفراء التي يفرزها الكبد لاستخدامها وقت الحاجة.
وقد تصاب الكلية أو المرارة بتجمع الحصى فيها مسبّبةً عدداً من المشكلات في الجسم، ومن ناحية الأهمية، فقد يستطيع الإنسان أن يتمتع بحياة طبيعية بعد إزالة المرارة من جسمه، حيث إن الكبد يقوم بإفراز مادة تكفي من الصفراء، لإتمام عملية الهضم الطبيعي، وعند إزالة المرارة، تتدفق هذه المادة الصفراء مباشرة نحو الأمعاء الدقيقة عبر القنوات الصفراوية المشتركة، لكن الإنسان حتماً لن يستطيع العيش بدون كلية سليمة واحدة على الأقل أو ما يعوض عمل الكلى مثل جلسات الغسيل الكلوي.
الفرق بين حصى الكلى وحصى المرارة:
تختلف طريقة تشكل الحصى في الكلى عن الحصى التي تتجمع في المرارة، فالحصى في الكلى تتكون من تجمع بلورات الأملاح، لذلك عند تحليلها تظهر بعض الأنواع من الأملاح المكونة لهذه الحصوات مثل: الأوكسالات والسيستين والكالسيوم، وحمض اليوريك، ويعزى وجود الكالسيوم إلى عدم مقدرة الجسم على امتصاصه بسبب خلل في عمليات الأيض مما يؤدي إلى طرحه مع البول للتخلّص منه إلى الخارج وعندئذ قد يتجمع في الكلى.
أما حصى المرارة فيتشكل من تجمع الدهون، لذلك يطلَق عليها حصى الكولسترول، أو يمكن أن تنتج من تجمع المادة الصفراوية ويطلق عليها في تلك الحالة حصى البيليروبين، كما يمكن أن تنتج من تجمّع الدهون والمادة الصفراوية، والكالسيوم، والدهون الفسفورية، والبروتينات الدهنية، ويطلق عليها في تلك الحالة اسم الحصى المزيجية.
وتختلف الأعراض الناتجة عن الإصابة بحصى الكلى عن الأعراض المرافقة لحصى المرارة، حيث يكون الألم في حصى الكلى من الخلف في الخاصرة عند مكان وجود الكلى في الجسم، وقد يمتد هذا الألم إلى الحالب في المنطقة الإربية، وإذا نزلت الحصى في الحالب فإنّ ذلك قد يسبّب احتباس البول في ناحية الكلية المصابة، كما قد يصاحبه نزول دم مع البول، ولا يتأثر هذا الألم بنوعية الغذاء إلا أنه قد يزداد مع تقليل شرب الماء وفقدان التروية في الجسم.
من ناحية أخرى، تختلف أعراض حصوات المرارة حسب وضعها في الجسم من حيث حجمها وعدد الحصى والمدة الزّمنية التي تراكمت وتشكلت فيها، ولكن معظم أعراض المرارة تبدأ مع ألم في منطقة البطن العلوية إما في الجزء العلوي الأيمن أو في الوسط مع الشعور بألم تحت الكتف الأيمن أو الظهر، ويزداد هذا الألم بشكل سيئ بعد تناول وجبات الطعام خاصة الأطعمة الدهنية مثل: البيض، أو اللبن، أو الحليب، مع الشعور بامتلاء البطن وعسر الهضم وزيادة الغازات وأحياناً الإسهال المزمن الذي يحدث عادة بعد وجبات الطعام ويصل إلى عشرة مرات في اليوم الواحد.
العلاقة بين حصى الكلى وحصى المرارة:
على الرغم من أنّ طريقة تشكّل الحصى في الكلى يختلف تماماً عن طريقة تشكّل الحصى في المرارة إلّا أنّ الدراسات الحديثة أثبتت أنّ من يعاني من حصى الكلى يكون أكثر عرضةً للإصابة بحصى المرارة، والعكس صحيحٌ أيضاً.
وفي هذا السياق جمع فريق بحثي بقيادة الدكتور إريك تيلور من مركز ماين الطبي ببورتلاند بيانات من ثلاث دراسات مطولة على عينة من الأشخاص ملؤوا قوائم استبيان عن الصحة وأسلوب الحياة، ثم قاموا بتسجيل أية مشكلة صحية جديدة كل عامين بعد ذلك، وتم متابعة ما يقرب من 240 ألف شخص لفترة تراوحت بين 14 إلى 24 سنة. وخلال تلك الفترة، وجد الباحثون أنه كان هنالك ما يقرب من 5100 حالة جديدة مصابة بحصوات الكلى، ونحو 18500 حالة إصابة بحصوات المرارة.
وبينت الدراسة أن الأشخاص الذين كان لديهم تاريخ مرضي مع حصوات المرارة كانوا أكثر عرضة للإصابة بحصوات الكلى بنسبة تتراوح بين 26 - 32 % أكثر من الأشخاص الذين لم يصابوا بحصوات المرارة.
كما بينت الدراسة كذلك العلاقة بين المرضين فى الاتجاه المعاكس، فالأشخاص الذين لهم تاريخ مرضي مع حصوات الكلى كانوا أكثر عرضة للإصابة بحصوات المرارة بنسب تتراوح بين 17- 51 % أكثر ممن لم يصابوا بالمرض، وهذا بعد أخذ عوامل أخرى في الاعتبار، مثل: السن والإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن والنظام الغذائي ومخاطرها على كلا النوعين من الحصوات.
وأرجع الباحثون السبب الارتباطي بين هذين النوعين من الحصوات إلى أنه من الممكن أن يعود إلى حدوث تغير في نوع البكتريا في الأمعاء الدقيقة، مما يعرض الشخص لتكون حصوات الكلى والمرارة معًا.
الرياض