تشابه الأمثال بين الشرق والغرب
تشابه الأمثال بين الشرق والغرب
أحمد بن عبدالرحمن السبيهين
مهما اختلفت الثقافات، وتعدّدت الخصائص الحضارية للبشر، يبقى الإنسان ميّالاً إلى اختزال تجاربه في الحياة والمجتمِع، عبر مقولات وأمثال تبقى خالدة لمئات السنين.
ورغم أن هذه الأمثال والحِكم كثيراً ما تتمحور حول المعاني نفسها على اختلاف الثقافات، إلا أن صياغتها وتركيبها تكون مختلفة باختلاف اللغة. ولذا نجد كثيراً من الأمثال العربية لها نظائر في الآداب الغربية، يحسن بنا أن نستعرض بعضاً منها للفائدة والطرافة.
لعل المتنبي من أكثر شعرائنا الذين تتّفق أمثالهم مع أمثال الإفرنج، وقد يكون مردّ ذلك تأثّره بالحِكم اليونانية، فمن ذلك قوله:
ممّا أضرّ بأهل العشق أنهمُ
هووا وما عرفوا الدنيا وما فطنوا
تفنى عيونهمُ دمعاً، وأنفُسهم
في إثر كل ّقبيحٍ وجهه حسنُ
وتقول الإفرنج في المآل نفسه: "قد يُخفي الوجه الجميل قلباً شرّيراً".
وقولهم: "الكتاب صديق حميم"، معروف لدى أكثر الأُمم، وقد قال المتنبي فيه:
وخير مكاناً في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتابُ
المثل العربي "حبل الكذب قصير"، أصبح عند الأسبان "سيقان الكذب قصيرة"، وعند السويسريين: "لا سيقان للكذب"!
صُوّرت الحقيقة في أمثال أكثر الأُمم عاريةً، في حين أن الرياء صُوّر عندنا وعندهم كاسياً، فقال شاعرنا:
ثوب الرياء يشفّ عمّا تحتهُ
فإذا اكتسيتَ به فإنّك عاري
وقال حكيمهم: "الرياء يجب أن يكون كاسياً أما الحقيقة فتُحبّ أن تسير عاريةً"!
وأما قولهم: "إن الشدائد لا تخلق إنساناً"، فقد كرّر شُعرائنا هذا المعنى، فقال بعضهم:
جزى الله الشدائد كلّ خيرٍ
عرفتُ بها عدوّي من صديقي
ويجد مثَلَهم: "المعروف في غير موضعه خسارة عظيمة"، صداه في بيت مشهور عندنا:
ومن يجعل المعروف في غير أهلهِ
يكُن حمدُه ذمّاً عليه ويندمِ
أما قولهم "بعد العاصفة الهدوء"، فهو ترجمة بتصرّف لقول الفُقهاء: "إذا ضاق الأمر اتّسع".
وقد ألمّوا بمثَلنا القائل: "على نفسها جنَت براقش"، وهو مثَل قائم على قصّة متداولة معروفة، فقالوا بأسلوب آخر: "الغيوم التي تولّدها الشمس تحجب نورها".
والمثل: "مدّ الرجل على قدر البساط أو اللحاف"، دارج مألوف عند الأوروبيين، وإن كان بشكل مُحوّر، فهُم يقولون: "فصّل معطفك على قدر قماشك".
ومثَلهم: "الفاكهة المُحرّمة أحلى الفواكه"، هو مثل قول شاعرنا:
وزادني كلفاً في الحُبّ أن منعتْ
أحبّ شيء إلى الإنسان ما مُنعا
ونقول للكناية عن الضجيج الذي لا طائل تحته: "إنه كالطبل الأجوف"، أما هم فلولعهم بتربية الكلاب، فقد توصّلوا إلى أن: "الكلاب الكثيرة النباح قلّما تعُضّ".
وحين نسمع الإنجليز يقولون: "لكُلّ إنسان قيمته"، لتبرير التفرقة في المعاملة، تقول العرب: "الناس مراتب والرجال مقامات".
وحين يقولون: "ليس كلّ لحمٍ لحمُ غزال"، يقابله في اللغة العربية "ليس كلّ ما يلمع ذهباً".
و"التفاحة الفاسدة تضرّ جارتها"، يُقابله عربياً: "المرء على دِين خليله".
والمثل الإنجليزي: "الغياب يجعل القلب أكثر ولَعاً"، هم مثل قولنا: "زر غبّاً تزدد حُبّاً".
وحين يقولون: "الثناء يجعل الصالحين أفضل، والسيئين أسوأ"، نقول:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتهُ
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
وأخيراً فالمثل الإنجليزي القائل: "أثناء العاصفة البحريّة، أيّ ميناء مُرحّب به"، يقابله المثل العربي: "الغريق يتعلّق بقشّة".
الرياض
أحمد بن عبدالرحمن السبيهين
مهما اختلفت الثقافات، وتعدّدت الخصائص الحضارية للبشر، يبقى الإنسان ميّالاً إلى اختزال تجاربه في الحياة والمجتمِع، عبر مقولات وأمثال تبقى خالدة لمئات السنين.
ورغم أن هذه الأمثال والحِكم كثيراً ما تتمحور حول المعاني نفسها على اختلاف الثقافات، إلا أن صياغتها وتركيبها تكون مختلفة باختلاف اللغة. ولذا نجد كثيراً من الأمثال العربية لها نظائر في الآداب الغربية، يحسن بنا أن نستعرض بعضاً منها للفائدة والطرافة.
لعل المتنبي من أكثر شعرائنا الذين تتّفق أمثالهم مع أمثال الإفرنج، وقد يكون مردّ ذلك تأثّره بالحِكم اليونانية، فمن ذلك قوله:
ممّا أضرّ بأهل العشق أنهمُ
هووا وما عرفوا الدنيا وما فطنوا
تفنى عيونهمُ دمعاً، وأنفُسهم
في إثر كل ّقبيحٍ وجهه حسنُ
وتقول الإفرنج في المآل نفسه: "قد يُخفي الوجه الجميل قلباً شرّيراً".
وقولهم: "الكتاب صديق حميم"، معروف لدى أكثر الأُمم، وقد قال المتنبي فيه:
وخير مكاناً في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتابُ
المثل العربي "حبل الكذب قصير"، أصبح عند الأسبان "سيقان الكذب قصيرة"، وعند السويسريين: "لا سيقان للكذب"!
صُوّرت الحقيقة في أمثال أكثر الأُمم عاريةً، في حين أن الرياء صُوّر عندنا وعندهم كاسياً، فقال شاعرنا:
ثوب الرياء يشفّ عمّا تحتهُ
فإذا اكتسيتَ به فإنّك عاري
وقال حكيمهم: "الرياء يجب أن يكون كاسياً أما الحقيقة فتُحبّ أن تسير عاريةً"!
وأما قولهم: "إن الشدائد لا تخلق إنساناً"، فقد كرّر شُعرائنا هذا المعنى، فقال بعضهم:
جزى الله الشدائد كلّ خيرٍ
عرفتُ بها عدوّي من صديقي
ويجد مثَلَهم: "المعروف في غير موضعه خسارة عظيمة"، صداه في بيت مشهور عندنا:
ومن يجعل المعروف في غير أهلهِ
يكُن حمدُه ذمّاً عليه ويندمِ
أما قولهم "بعد العاصفة الهدوء"، فهو ترجمة بتصرّف لقول الفُقهاء: "إذا ضاق الأمر اتّسع".
وقد ألمّوا بمثَلنا القائل: "على نفسها جنَت براقش"، وهو مثَل قائم على قصّة متداولة معروفة، فقالوا بأسلوب آخر: "الغيوم التي تولّدها الشمس تحجب نورها".
والمثل: "مدّ الرجل على قدر البساط أو اللحاف"، دارج مألوف عند الأوروبيين، وإن كان بشكل مُحوّر، فهُم يقولون: "فصّل معطفك على قدر قماشك".
ومثَلهم: "الفاكهة المُحرّمة أحلى الفواكه"، هو مثل قول شاعرنا:
وزادني كلفاً في الحُبّ أن منعتْ
أحبّ شيء إلى الإنسان ما مُنعا
ونقول للكناية عن الضجيج الذي لا طائل تحته: "إنه كالطبل الأجوف"، أما هم فلولعهم بتربية الكلاب، فقد توصّلوا إلى أن: "الكلاب الكثيرة النباح قلّما تعُضّ".
وحين نسمع الإنجليز يقولون: "لكُلّ إنسان قيمته"، لتبرير التفرقة في المعاملة، تقول العرب: "الناس مراتب والرجال مقامات".
وحين يقولون: "ليس كلّ لحمٍ لحمُ غزال"، يقابله في اللغة العربية "ليس كلّ ما يلمع ذهباً".
و"التفاحة الفاسدة تضرّ جارتها"، يُقابله عربياً: "المرء على دِين خليله".
والمثل الإنجليزي: "الغياب يجعل القلب أكثر ولَعاً"، هم مثل قولنا: "زر غبّاً تزدد حُبّاً".
وحين يقولون: "الثناء يجعل الصالحين أفضل، والسيئين أسوأ"، نقول:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتهُ
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
وأخيراً فالمثل الإنجليزي القائل: "أثناء العاصفة البحريّة، أيّ ميناء مُرحّب به"، يقابله المثل العربي: "الغريق يتعلّق بقشّة".
الرياض